يوم العمال العالمي وجزء من تاريخ الحركة العمالية العالمية

صباح الطشاني
2004 / 5 / 10 - 05:45     

يشكل يوم العمال العالمي (اليوم الاممي) الذي يحتفل فيه العمال في جميع أنحاء العالم, تتجدد علينا هذه المناسبة والطبقة العاملة في جميع أنحاء المعمورة والبحرين, وهى تجد نفسها في وضع جديد من عملية الصراع ومهددة في قوتها اليومي المعيشي والصحي, وذلك نتيجة لتراكمات السياسات الخاطئة مع بداية التشكيل الطبقي العمالي, ونهب الثروة النفطية منذ اليوم الأول من اكتشافها, ومن ثم التحول في سياسات الدول الاستعمارية من التواجد العسكري المباشر إلى غير المباشر عن طريق الشركات الكبيرة تحت مسميات: مساعدات اقتصادية, بناء وخبراء يعملون في مختلف الحقول لتقديم المشورة ومنها الاقتصادية، وعملية الإسراع في الخصخصة وفتح الأبواب للشركات الأجنبية وبالتالي التأثير على إرادات الدول وجنى الأرباح على حساب الطبقة الفقيرة في المجتمع وانعكاس هذه الوضعية المدمرة على النشء الجديد لانحدار غالبية هذا الجيل من هذه الطبقة المكونة الاساسيه للواقع الطبقي في بلادنا. سوف تطل علينا هذه المناسبة العزيزة ولأول مرة بعد تشكيل الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وانعقاد مؤتمره التأسيسي وخروجه شامخا نتيجة لاصطفاف الغالبية الكبيرة من قبل العمال والموظفين وراء هذا الصرح الجديد, كما جاء انعقاد المؤتمر في ظل ظروف غير عادية على كل الأصعدة, إلا أن المؤتمرين والغالبية من الطبقة العاملة أبت الانكسار وتحدى الصعوبات ومنها تداعيات خروج رفاق فترة العمل الصعب من الحلبة الأمامية. ولما يشكل هذا الخروج من خسارة و تبديد للعمل النضالي, في هذه المرحلة كما يعطى هذا الخروج أيضا فرصة ليتمكن من ورائها المتربصين من النيل من جسم الاتحاد الفتى.
يحدث الانسحاب (أتمنئ وكما يتمنى الآخرون أن يكون وقتي) إبان التأسيس التاريخي لأول اتحاد لعمال البحرين والذي ما فتاء الصف الأول من النقابيين بتقديم التضحيات الجسام والاستشهاد في سبيل نيل هذه الحقوق منذ سبعين عاما تقريبا, ومواصلة هذه المسيرة من قبل النقابيين والعمال.
يفترق الاخوة تحت دعوى تسييس العمل النقابي أو خرق النظام الأساسي للاتحاد وذلك بخلق منصب جديد, أو التشبيه بالاتحاد الوطني لطلبة البحرين من حيث الممارسة في العمل , هذا الاتحاد الذي وقف بكل صلابة ومارس العمل النقابي والوطني الوحدوي بكل جذوة.
بعودة إلى الوراء والبحث في مكونات تاريخ الحركة النقابية في مختلف أنحاء العالم. نجد أن التأثير السياسي على الحركة العمالية في بريطانيا منذ العام 1874م ومؤتمر الاتحادات الذي يجمع ممثلي أكثر من مليون منتسب أخذ يزيد من الضغط على البرلمان من أجل تحسين وضع التشريع الاجتماعي. وفى عام 1892م تم انتخاب ستة عشر عاملاً في مجالس المقاطعات من بينهم (كير هاردي), الذي أسس فيما بعد حزب العمال البريطاني. وفى عام 1903م ضم المؤتمر ممثلي (165) اتحاداً يتكلمون باسم المنتسبين، فتقرر الخوض في المعترك السياسي. أسفرت الترشيحات العمالية عام 1906م عن انتخاب (29) عضواً في مجلس العموم وفى نهاية تلك السنة تأسس حزب العمال من أجل التعبير عن الحركة النقابية تحت قبة البرلمان وأمام الرأي العام. وفي الدانمارك انتهت الحركة العمالية عام 1898م إلى إنشاء اتحاد عام للعمل ذي ميول اشتراكية وفى نفس السنة تكونت النقابة المركزية 58 % منهم نقابيون, حيث كان عضوان منها يشتركان في المجلس العام للحزب الاشتراكي, وفي بلجيكا توزعت النقابات بعد 1902م إلى ثلاثة اتجاهات:
الحزب العمالي البلجيكي والكاثوليك والليبراليون, وفى النمسا سادت تشكيله لنقابية الاجتماعية سنة 1910م كان (400) ألف من أصل (450) ألف منتسب إلى لجنة النمسا ذات اتصال بالحزب الاشتراكي الديمقراطي, كما يأخذ الفرنسيون على الألمان عدم اهتمامهم الجدي بالمنظمات النقابية الشديدة الحماس والقليلة الاتباع.
أما على الصعيد الأمريكي وافق الاتحاد الأمريكي للعمل على الدفاع الوطني وطلب بصورة خاصة أن يكون له مقعد في المجالس التي تشكلت من أجل الحرب, وأن يكون له الحق في تمثيل كل العمال. وتشكلت لجنه من قبل رئيس الولايات المتحدة من أجل تسوية المشاكل الصناعية تضم ممثلين عن الاتحاد وممثلين عن أرباب العمل ودخلوا في مكاتب تحكمية. والحال كذلك في روسيا سرعان ما اتجهت الحركة العمالية في أواخر القرن التاسع عشر نحو العمل السياسي. فقامت بإضرابات في سان بترسبورغ و في موسكو كلها تطبع بطابع ثورة 1905م, تشكل أول المجالس السوفيتية من مندوبين عماليين يطالبون بتشكيل حكومة مؤقتة وبانتخاب جمعية تأسيسية وبإقامة النظام الديمقراطي ولم يكن غريبا أن ترى الرجعية القيصرية النقابات بؤرات خطرة.
إن النهوض وتحصين العمل النقابي من الداخل يتطلب منا عمل مضني في هذه المؤسسة الوليدة والتصدي إلى من يعكر الأجواء والعمل على تطوير العمل التقني والعلمي للأيدي العاملة لمواكبة التطور السريع في عالم التكنولوجية الحديثة، وليس العمل على تأسيس مؤسسات عمالية أخرى, وذلك لعدم استيعاب الساحة المزيد من التشتت لحجم الطبقة العاملة وسياسة التطفيش بالنسبة إلى العمالة الوطنية وإمكانية تهجيرها إلى الدول المجاورة وتغريبها، وكأن لا توجد فرص للعمل على الساحة, والأجدى زرع الطمأنينة والاستقرار الوظيفي للعمالة الوطنية, والتصدي لسياسة خلخلة البيت العمالي عن طريق جلب العمالة الأجنبية لما لهذا من تأثير سلبي خطير على كل الأصعدة, والتجاوزات التي حصلت في الهيئتين العامتين لصندوقي التأمينات والتقاعد خير دليل على أهمية قيام الحركة النقابية بمواجبها للدفاع عن حقوق وممتلكات الطبقة العاملة البحرينية.