تونس بمناسبة انعقاد مؤتمر قطاع التعليم الأساسي البيروقراطية النقابية هي التي تتحكم في كل أوراق المؤتمر


بشير الحامدي
2009 / 6 / 22 - 05:04     

مؤتمر قطاع التعليم الأساسي الذي سينعقد يومي 24 و25 جوان الجاري والذي من المفروض أن يكون محطة للخروج من حالة الفراغ التي تردّى فيها القطاع ومناسبة لتصحيح المسار الذي تردّى فيه العمل النقابي قطاعيا يبدو أنه لن يكون في حجم هذه التحديات وهذه الرهانات! وأن البيروقراطية النقابية هي التي تتحكم في كل أوراقه.
فما هي المؤشرات التي بنينا عليها رأينا هذا؟
أحد أهم المؤشرات هو غياب معارضة نقابية في القطاع. لقد عجز قطاع التعليم الأساسي في السنوات الأخيرة وتحديدا بعد إضراب 29 ماي 2009 على معارضة التجاوزات والانتهاكات التي أتاها جهاز البيروقراطية النقابية في حق القطاع والدفاع عن استقلالية القرار القطاعي. إن مسؤولية هذا العجز وهذا الركون لإرادة البيروقراطية هي في الحقيقة مسؤولية كل هياكل القطاع من النقابات الأساسية إلى النقابات الجهوية إلى النقابة العامة والتي تتحمل الوزر الأكبر.
هياكل قطاع التعليم الأساسي من النقابات الأساسية إلى النقابة العامة لم تعارض جهاز البيروقراطية لما أفشل نضالات سنة 2007 ولم تعارض اتفاقية 8 أوت 2007 المخزية التي نسفت مطالب القطاع وأدخلته في حالة فراغ وكرست موقف الوزارة حول الحركة النظامية ومنحة بداية السنة الدراسية والساعات الزائدة بدون أجر والتي يقوم بها المعلمات والمعلمون الذين بلغت أقدميتهم في المهنة 20 سنة.
هياكل القطاع لم تتصدّ للهجمة التي استهدفت مناضلي القطاع الذين أحيلوا على [لجنة النظام] وسلطت عليهم عقوبات جائرة لمجرد أنهم نددوا بسكوت [جهاز البيروقراطية] عما تعرض له معلمو جهة القصرين من قمع بوليسي وطالبوا برفع وصاية المركزية النقابية على قطاع التعليم الأساسي وشددوا على التمسك باستقلالية قراره وأعلنوا أن المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل وبعد إضرابي سنة 2007 لم يساند القطاع وأنه ناور مع الوزارة وأوقف نضالاتهم من أجل تحقيق مطالبهم.
هياكل القطاع سكتت على المنشور 83 سيء الذكر وعلى موقف البيروقراطية من انتفاضة الحوض المنجمي وسكتت على الزيادات الهزيلة التي وقع إقرارها بعنوان زيادات في الأجر والتي كانت دون تتطلعات المعلمين ولا تعوض عن تدهور مقدرتهم الشرائية.
البيروقراطية النقابية قامت بكل ما قامت به في حق قطاع التعليم الأساسي وتمادت طليقة الأيدي لما لم تجد من يقول لها لا. ويرفع صوته ضدها عاليا .ويجند القطاع للدفاع عن استقلاليته.
الجميع صمتوا وركنوا واستسلموا. لقد أحرق الجميع مراكبهم بتولية وجوهم عن القاعدة وبالاستسلام. ولأن لا شيء يأتي من فراغ عكست خارطة تجديد الهياكل الأساسية التي وقعت في ظل هذه الهيمنة حالة التردي التي بلغها القطاع حيث كانت النسبة الكبرى من النقابات الأساسية تحت إمرة الجهاز وصنيعته. لقد تناسى الذين ركنوا وسايروا أن البيروقراطية تحظر لإقصائهم هم أيضا ولن يشفع لهم ركونهم وسكوتهم. وها هي الآن وبمناسبة هذا المؤتمر ستسكمل خطتها وستزيحهم بهدوء ودون ضجة. إنها ستقوم الآن وبشكل قانوني بما أرادت أن تقوم به سنة 2007 بشكل سافر وتراجعت عنه بإقامة ندوة نابل التي استعرضت فيها قوتها واستعملتها كفزاعة للتخويف والتي ردت بها على تجمع 5 جويلية 2007 المستقل والمناضل والذي انبثقت عنه عريضة الـ 200 هيكل نقابي التي قبرت ما إن ولدت واختفي حتى من أمضاها.
المؤشر الثاني هو واقع قديم ومستمر في القطاع وهو تناحر حساسيات اليسار النقابي التي تقول في [التراكن] أنها معارضة للبيروقراطية. لماذا نقول في التراكن؟ لسنا نتحامل على أي طرف إننا ننطلق من رصد لواقع هذه الحساسيات. هذه الحساسيات التي تنسب نفسها لليسار النقابي من منها عارض البيروقراطية في كل ما أتته من تجاوزات في حق القطاع؟ ومن منها أصدر موقفا ومارس ممارسة أعلن فيها عن تباينه عن البيروقراطية سواء حول الاتفاقية المخزية أو حول حملة التجريد أو حول المنشور 83 أو حول الفساد المالي المستشري الآن في الإتحاد أو حول موقف البيروقراطية من انتفاضة الحوض المنجمي أو حول استقلالية قرار القطاع أو حول الديمقراطية النقابية. الكل كان يرصد ويسكت. الكل كان الموقع أهم له من الموقف.
ثالث المؤشرات هوإنخراط الجميع في الصراع على المواقع وإلا بماذا نفسر حالة الصمت المخيمة على مؤتمر تفصلنا ثلاثة أيام على انعقاده. لماذا لم تعلن الأطراف التي تقول عن نفسها أنها تعارض سياسة البيروقراطية عن مواقفها؟ هل المؤتمر سري ؟ أم أن معارضة البيروقراطية هي السرية؟
الجواب بسيط وهو. إن معارضة البيروقراطية هي السرية لأن الرهان هو ضمان أكثر ما يمكن من الحظوظ للمرور من تحت قنطرتها أي التواجد ضمن قائمتها.
أيمكن أن نقول بعد كل هذا أن البيروقراطية لا تتحكم في كل أوراق اللعبة في مؤتمر قطاع التعليم الأساسي؟
واهم فعلا من يعتقد بغير ذلك!
ـــــــــــــ
بشير الحامدي
تونس في 21 جوان 2009