يا عمال غزة اتحدوا ....... من أجل مستقبل اطفالكم


سلامه ابو زعيتر
2009 / 5 / 7 - 08:57     

بعد عدة أيام علي احتفالات العمال في كل أنحاء العالم بمناسبة الأول من أيار عيد العمال العالمي الهادفة للفت الأنظار حول قضاياهم ومعاناتهم ، والعمل على تامين متطلباتهم بالعيش الكريم نظير ما يقدموا من جهود أثناء عملهم ، فبهذه المناسبة يجتهد العمال في كل مكان علي هذه القاعدة لإثبات وحدتهم وقوتهم أمام كافة اشكال الاستغلال والاستبداد والانتهاك لحقوقهم التي ينتهجها النظام الرأسمالي العالمي خاصة بسبب الازمة الاقتصادية التي يتعرض لها العالم والتي سعى خلالها لتحميل تبعاتها للعمال والفئات الاجتماعية الفقيرة ...
وعمال فلسطين حالهم كالاخرين احتفلوا برغم إمكانياتهم المحدودة والبسيطة بالأول من أيار ضمن فعاليات هنا وهناك , ارتفع صوتهم برسائل الي اصحاب القرار ، ورفعوا شعارات منها :- كفى جوع وحرمان وفقر ، كفى امتهان لكرامة العمال ومتاجرة بقضيتهم ، نعم لفرص عمل كريمة ، نعم للتكافل الاجتماعي الحقيقي ، نعم لوحدة الحركة النقابية ولا للتفرقة والخلاف ، نعم لوحدة الوطن وإنهاء الانقسام ...........
نشد العمال العديد من الهتافات والشعارات وعلت أصواتهم وهتافاتهم المنددة بالحصار و العدوان وطالبوا بقلوب صادقة بالوحدة الوطنية ، والحياة الكريمة لهم ولابناءهم ، نادوا بحق ابنائهم بالتعليم المجاني ، والرعاية الصحية المجانية ، نادوا بالعدالة في توزيع المعونات والمساعدات الاجتماعية ، طالبوا المسئولين بعمل خطط تنموية تستهدف خلق فرص عمل لهم وتحسن من اوضاعهم، طالبوا بقوانين وتشريعات تحمي مصالحهم ، كثرت المطالب والشعارات في هذا اليوم العمالي العظيم ،والتي نادى بها عمال فلسطين وخاصة العمال في قطاع غزة ، هذه البقعة الجغرافية المحاصرة منذ اكثر من ثلاثة أعوام حصار كامل ، حتى باتت سجن كبير يعتقل فيه أكثر من مليون ونصف إنسان يعانون جميعا وبتفاوت أعتى وأقصى الوان الظلم,والحرمان من كل أشكال الخدمات والرعاية الصحية والانسانية والمدنية ، وقد تفاقمت معاناتهم وزادت بعد الاجتياح والعدوان الاخير على قطاع غزة والذي طال كل مقومات الحياة من بشر وحجر وشجر ومساجد ومؤسسات صحية واجتماعية وانسانية ،وقتل للابرياء ؛ أكثرهم من الاطفال والنساء ، وهدم المنشأت الاقتصادية والصناعية وتجريف الاراضي الزراعية والمزارع واستمرار اغلاق المعابر أمام المواد الخام وخاصة مواد البناء وغيرها من المواد الاساسية والتي نحتاجها لاعادة اعمار ما دمره الاحتلال ، وقد كان نصيب العمال من هذا العدوان ضرر مضاعف فقد عانوا كما يعاني شعبنا الفلسطيني ، ويضاف عليه معانتهم الخاصة من الحرمان والفقر والحاجة والعوز والفاقة الشديدة ، أمام جشع التجار والغلاء الفاحش بالاسعار ، والبطالة كل يوم تزيد حيث بلغت أكثر من 65% ومعدل الفقر في ارتفاع وبلغ أكثر من 80% وأصبح أكثر من 85 % من سكان قطاع غزة يعتمدون علي المساعدات الاغاثية والانسانية التي تقدمها مؤسسات وجمعيات خيرية وإغاثية ، ووكالة الغوث الدولية وبرنامج الغذاء العالمي وغيرها ..... ، وأصبحت الكبونة ضمن ثقافة الحياة في غزة ، فخلقت الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية برغم أنها في الظاهر لها بعدها الإغاثي والإنساني ، وهذا يعتمد علي طرق توزيعها واليات استهدافها والمستفيد منها ، وقد قدرت الاحصاءات الاقتصادية أن ما يقارب من 200 الف عامل فلسطيني في غزة عاطل عن العمل وهذا نتاج العديد من العوامل أهمها الحصار واغلاق المعابر والذي أدى الي توقف الحياة الاقتصادية بشكل كامل وحرمان العمال من العمل .
خرج عمال غزة عبر مؤسساتهم النقابية وكتلهم العمالية والنقابية لإيصال صوتهم وتحميل المسئوليه لاصحاب القرار ، تعالت صرخاتهم في الاول من ايار معبرين عن مرارة واقعهم وظروف حياتهم الصعبة ، فاتجهوا تارة إلي هيئة الأمم والمتحدة ، وتارة أخرى للمجلس التشريعي ، واعتصموا في ساحة الجندي المجهول ، وساروا بمسيرات حاشدة ، وقرؤوا البيانات وحددوا المطالب ، ولم يجدوا من يغيثهم أو ينصفهم ، نفذت فعالياتهم بخجل من الواقع المشوه والمعقد والتي حددت أولوياته بالقضايا الاخرى لاسيما السياسية منها ، وحالة الانقسام ، وكانت قضايا العمال أقلها أهمية - معادلة غير عادلة وغير واقعية - وهذا ما جعل التأثير ضعيف ، ولم تحقق فعاليات العمال أي مكاسب أو انجازات تحسب لصالحهم ، وهذا كان واضحا ، فلم نسمع من أي جهة ترى في نفسها مسئولية عن الشعب الفلسطيني ، أي مقترحات أو برامج لتخفيف معاناة العمال ، ومعالجة مشاكلهم وقضاياهم وهمومهم المتراكمة ، ( عند الالتزام يتنصل الجميع من مسؤولياته ) ، وهنا أريد أن أشير ليس تجنيا علي احد أن الجهد المبعثر وغير المنظم وغير الموحد للفعاليات النقابية والعمالية ؛ لن يحدث التغيير المنشود والمباشر والملموس ، وهذا ما ندعوه بضرورة إعادة العمل تحت شعار " يا عمال غزة اتحدوا " وهذا انسجاما مع الشعار العالمي " يا عمال العالم اتحدوا " فالتغيير يحتاج جهود العمال متضامنة متحدة تحت مظلة مطالبها ومصالحها وطموحاتها لدحر همومها ومعاناتها وآلامها التي ثقلت ، وأصبحت صعبة أن تحمل مبعثرة وبجهود متفرقة ، فإن أراد العمال أن يكونوا علي جدول الإعمال وعلى أجندت المسئولين في كل تحركاتهم ، يجب أن توحد جهودهم وتتضاعف نشاطاتهم وفعالياتهم بشكل هادف ومنظم ومخطط جيدا ، فالنهوض بواقعهم يأتي من خلال التالي :
- توحد كل الفعاليات والأنشطة العمالية تحت مظلة الحركة النقابية الفلسطينية بمقوماتها وبنائها النقابي وأن تسير بخطى ثابته لتحقق وحدتها ، فبالوحدة يمكن إحداث التغيير المطلوب .
- مشاركة العمال عبر مؤسساتهم النقابية في رسم السياسات وتحديد مشاكلهم والتخطيط لحلها عبر البرامج والخطط التنموية الفعالة الصادقة والنابعة من احتياجات وإمكانيات المجتمع الفلسطيني .
- تكامل الأدوار بين المؤسسات الاجتماعية والإغاثية والنقابية لضمان تقديم المساعدات للعمال المستحقين والمتضررين بما يكفل العدالة في التوزيع ويساهم في تخفيف معاناة العمال وأعباء الحياة عليهم .
- وعلى النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته تحمل مسؤولياته تجاه العمال وضرورة العمل الجدي لتوفير فرص عمل وحياة كريمة لهم أو توفير راتب شهري يكفل لهم حياة كريمة ومناسبة لحين الفرج ، ولا يعقل ان تظل قضيتهم مرهونة بالانقسام والحوار الذي لا ينتهي وطال انتظاره ، ونأمل انجازه فهو أصبح حلمنا الجديد ......
- تفعيل صندوق التشغيل والذي تم إنشاؤه ولم يستمر تفعيله ؛ وذلك لأهميته في دعم المشاريع الصغير والاعمال اليدوية وانعاش القطاع الخاص ومساندة أي نشاط اقتصادي تنموى يساهم في تخفيف البطالة ويخلق فرص عمل .
- أصبح من الحتمي والضروري العمل علي وضع خطط تنموية وخطط بديلة للنهوض بواقع العمال وخلق فرص عمل لهم ، فإهمال هذه الفئة العريضة من المجتمع هو تكريس لثقافة التبعية والاتكالية وسلب للارادة والمقدرات والطاقات البشرية .
هناك العديد من الأفكار والطروحات التي يمكن إضافتها والعمل بها ولكن المهم ان نبدأ بجدية والنظر للعمال بعين واقعية ومسئولية ؛ فبالأمس كنا نسمع وعود ونلمس بعض التحركات والاجراءات لتخفيف المعاناة ولكننا اليوم لا نرى ولا نسمع أي تحرك جدي وكأن العمال مرتاحين والحياة لا يوجد بها مشاكل ، برغم كل ما يعانيه العمال ، فمن الأمراض الجسدية والنفسية والاجتماعية التي ترتبت علي قلة العمل ؛ إلي سرقة الحقوق من قبل الاحتلال للعمال الذين عملوا لدى مشغلين إسرائيليين ،فقد أعفت حكومة الاحتلال نفسها ، ومشغليها من أي التزامات وحقوق تجاه عمال قطاع غزة متحججة بمبررات سياسية وأمنية وكان أخرها التعامل مع قطاع غزة كيان معادي ، وبرغم ذلك لم نسمع سوى أصوات خافته هنا أو هناك تندد بذلك ولا تتحرك لاستعادت حقوق العمال ، كما وقد ضعف التضامن الدولي والنقابي تجاه قضايا العمال بعد ما مرت به الحركة النقابية من ظروف صعبة بدءً من مصادرة مقراتها في غزة وتقويض تحركاتها وحرياتها النقابية على الأرض ، بالإضافة للخلافات الداخلية بين القيادات النقابية والتي أصبحت مربوطة بالمصالح الفردية والخاصة عند البعض والبعيدة عن هموم ومصالح الحركة العمالية ، وكأن هذا مخطط يستهدف النيل من العمال وحركتهم النقابية والتمثيلية ، وهذا يعيدنا مرة أخرى لنفس الشعار الذي يدعو للوحدة والاتحاد ، فإذا أرادت القيادات النقابية الفلسطينية العمال وخدمة مصالحهم يجب التوحد تحت مظلة مشاكلهم وقضاياهم والترفع عن مصالح الفئوية والفردية ، فبالوحدة والقوة يمكن إحداث تغيير ايجابي والتأثير علي صناع القرار ، ومن يحمل مسؤولية العمال والشعب الفلسطيني ، فشعارنا الحتمي لا محالة " يا عمال غزة اتحدوا ، يا عمال فلسطين اتحدوا , يا عمال العالم اتحدوا " فلن يعلو صوتكم ولن تسمع كلمتكم بدون وحدتكم ، فهذه كلماتي ورسالتي اوجهها لإخواني العمال ، ولكل أحرار العالم والمناضلين في الحركة النقابية والعمالية الفلسطينية والقوى السياسية والاجتماعية التي تسعى لنصرة العمال بمناسبة الأول من أيار ، فعمالنا مغلوب علي أمرهم ؛ فكلهم شهداء مع وقف التنفيذ ، فالحياة بدون عمل ليس لها قيمة ؛ ولا يوجد كرامة لجائع يعجز عن توفير أدنى متطلبات أبنائه واحتياجات أسرته ....
عاش الأول من أيار عيد العمال العالمي .... الأمل هو ما يرجوه العمال
وكل عام وعمالنا في كل مكان بخير

بقلم : سلامه أبو زعيتر
رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية
أيار 2009