محاكمة قيادات انتفاضة الحوض المنجمي في تونس محاكمة غير عادلة وأحكام جاهزة للترهيب


بشير الحامدي
2008 / 12 / 16 - 08:04     

محاكمة قيادات انتفاضة الحوض المنجمي في تونس
محاكمة غير عادلة وأحكام جاهزة للترهيب

يوم 11 ديسمبر 2008 أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بقفصة بالجنوب الغربي التونسي أين تقع منطقة الحوض المنجمي للفسقاط والتي تشهد منذ جانفي الفارط انتفاضة شعبية وتحركات واحتجاجات شارك فيها كل مواطني تلك البلدات [ الرديف ـ المتلوي ـ أم العرائس ـ المظيلة ] تطالب بالحق في الشغل وفي نصيب من الثروة الوطنية أحكاما قاسية [ بين 10 سنوات وعامين سجنا ] في حق 38 مواطنا وقع إيقافهم و الزج بهم في السجن منذ أشهر على خلفية هذه الأحداث [أنظر الأحكام في آخر المقال].
المحاكمة بإجماع عديد المتابعين لم تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة فقد هضمت فيها حقوق المتهمين وكذلك حقوق الدفاع برفض هيئة المحكمة استنطاق المتهمين ورفض مطالب الدفاع الذي طالب بضرورة الاستماع إلى الشهود واستكمال الأبحاث وعرض المتهمين على الفحص الطبي والنظر في حالات انتزاع الاعترافات بوسائل الضغط والتعذيب.

عديد الملاحظين أشاروا كذلك إلى مناخ القمع والترهيب الذي خيم على المحاكمة وعلى مدينة قفصة ككل يوم المحاكمة حيث انتشرت فيها قوات ضخمة من البوليس حاصرت كل الأنهج والممرات المؤدية لمقر المحكمة ومنعت عددا كبيرا من المواطنين و أقارب المتهمين وبعض النقابيين ونشطاء حقوق الإنسان من حضور المحاكمة.
محاكمة الـ 38 من قيادات انتفاضة الحوض المنجمي والذين نجد من بينهم عديد العناصر النقابية المنتمية للإتحاد العام التونسي للشغل هي ليست المحاكمة الأولى التي تنظمها السلطة ضد مناضلي انتفاضة الحوض المنجمي لقد سبقتها محاكمة أولى يومي 5 و6 نوفمبر 2008 لمواطنين من برج العكارمة من معتمدية المظيلة ومواطنين من بلدة المتلوي وقد سلطت عليهم هم أيضا أحكام قاسية تراوحت بين 5 و9 سنوات.

الأحكام الترهيبية التي صدرت في حق مواطني انتفاضة المناجم سواء في محاكمة نوفمبر أو محاكمة ديسمبر ما هي في الحقيقة إلا تتويج للنهج القمعي الذي سلكته السلطة في معالجة ملف الانتفاضة التي انطلقت في هذه البلدات منذ جانفي الماضي.
وللتذكير فإن هذه الانتفاضة انطلقت في بادئ الأمر في شكل احتجاج قام بعض شباب منطقة الرديّف المعطلين عن العمل على المحسوبية وعدم الشفافية في عملية انتداب قامت به شركة فسفاط قفصة الشركة المستثمرة لمناجم الفسفاط وأمام لامبالاة السلطة وعدم الاستجابة لمطالب هؤلاء المعطلين تطورت هذه التحركات وتحولت إلى حركة احتجاج محلية ضد سياسات الدولة ورأس المال وشاركت فيها شرائح عديدة من مواطني الحوض المنجمي المفقرين و شملت كل البلدات المنجمية [ المظيلة ـ أم العرائس ـ الرديف المتلوي] تحت شعار من أجل الحق في الشغل ومن أجل حياة كريمة.
وعوض الاستماع إلى مطالب هؤلاء المواطنين وطرح ملف التشغيل وملف التنمية الجهوية ونصيب تلك الجهة من خيرات البلاد وتلبية مطالب الأهالي رفضت السلطة ذلك وخيرت الحل القمعي والترهيب فعزلت المنطقة وحاصرتها بأعداد غفيرة من قوات البوليس والجيش وبدأت في تصعيد المواجهة مع المواطنين المنتفضين شيئا فشيئا إلى أن بلغ هذا التصعيد والقمع والترهيب ذروته في أواخر شهر جوان الماضي حيث داهمت قوات البوليس والجيش البيوت ونكلت بالمواطنين مستعملة كل وسائل القمع بما فيها إطلاق الرصاص الحي متسببة في حصول قتيل وعشرات والجرحى وأتبعت ذلك بحملة اعتقالات لرموز هذه الانتفاضة وقياداتها وللعديد من المواطنين الذين أرادت التنكيل بهم ومعاقبتهم.

الأحكام القاسية والتي تصل مجمّعة إلى أكثر من 140 سنة سجنا بالنسبة لمجموعة الـ 38 من مناضلي انتفاضة الحوض المنجمي والتي أصدرتها محكمة قفصة يوم 11 ديسمبر 2008 يقول المتابعون للشأن السياسي والحقوقي في تونس أنها مسعى [ترهيبي] اتخذته السلطة لقطع الطريق أمام أي محاولة أخرى للانتفاض سواء في منطقة الحوض المنجمي نفسها أو في مناطق أخرى من البلاد لا تختلف أوضاع الجماهير الشعبية فيها عن الأوضاع السائدة في منطقة الحوض المنجمي من حيث التفقير والاستغلال والتهميش وارتفاع نسب البطالة وانخفاض مستوى الدخل الفردي وانسداد الآفاق ويضيف هؤلاء كذلك إنه ما كان بإمكان السلطة أن تنهج خيار الحسم باستعمال القمع لو تحملت عديد القوى وخصوصا النقابيين في الإتحاد العام التونسي مسؤولياتهم في مساندة الانتفاضة المساندة الفعالة التي تتجاوز مجرد إصدار المواقف والبيانات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحكام الصادرة على مناضلي انتفاضة الحوض المنجمي
10 سنوات وشهر واحد
عدنان الحاجي ـ البشير عبيدي ـ الطيب بن عثمان ـ طارق حليمي ـ عادل جيار
حسن بن عبد الله ـ ماهر فجراوي
6 سنوات وشهر واحد
فيصل بن عمرـ سامي بن أحمد ـ هارون الحليمي ـ غانم شريطي ـ مظفر العبيدي رضا عز الدين ـ عبد السلام الهلالي ـ عبيد خلايفي ـ رشيد عبداوي ـ الفاهم بوكدوس
4 سنوات وشهر
بوبكر بن بوبكر ـ حفناوي بن عثمان ـ محمود الردّادي ـ الهادي بوصلاحي
سنتان غيابيا مع النفاذ العاجل
محي الدين شربيب :
سنتان مع تأجيل التنفيذ
معاذ أحمدي ـ عبد الله فجراوي ـ محمد البلدي ـ رضوان بوزيّان ـ عثمان بن عثمان محمود هلالي ـ محسن عميدي ـ مكرم ماجدي ـ رضا عميدي ـ عصام فجراوي ـ ثامر المغزاوي
عدم سماع الدعوى
بوجمعة شريطي ـ حبيب خذيري ـ لزهربن عبد الملك ـ علي الجديدي ـ إسماعيل الجوهري