عصا -التنمية البشرية- تقمع وتعتقل وتسجن ببومالن دادس


المناضل-ة
2008 / 2 / 1 - 11:19     

دفعت عقود متتالية من الحرمان والتهميش سكان قرى مغربية عديدة إلى التمرد على سياسة طبقية تناوبت على إذلال أجيال متعاقبة منهم، ودفعتهم إلى العيش في أوضاع تحت إنسانية. فمن قبائل زاوية أحنصال بإقليم أزيلال، إلى إملشيل بالراشدية، إلى الضفة الشرقية لمنطقة بومالن دادس ودواويرمن جماعة إغيل نومكون، وصولا إلى قلعة تلمي المكافحة التابعة لقيادة أمسمرير بإقليم ورزازات: عاقبت الجماهير القروية المحرومة والمهمشة نظام الحكم البورجوازي وأحزابه بمقاطعتها لانتخاباتهم التشريعية التي جرت يوم 07 شتنبر2007 . ولما حاصرتهم الثلوج بداية يناير2008وعزلتهم داخل قراهم النائية عن العالم الخارجي طيلة أيام، ولجوء السلطات بدورها إلى انتهازها فرصة للانتقام منهم والإمعان في تجويعهم عبر إطالة أمد الحصار ،رد سكان القرى المهمشة المحاصرة بتصعيد احتجاجي آخر بلغ ذروته بمنطقة بومالن دادس، وكعادتهم لم يجد دعاة "التنمية البشرية" المزيفة ما يقدمونه للمحتجين سوى القمع العنيف والاعتقالات العشوائية والمحاكمات .

الربط بالشبكة الطرقية على رأس المطالب

لقد فقدت جماهير القرى على طول مناطق الجنوب الشرقي من بوعرفة إلى طاطا الثقة في وعود ظلت تسمعها من الحكام منذ فجر الاستقلال الشكلي كطمأنة السكان بقرب بناء الطريق لفك العزلة عن قراهم الجبلية . وعندما حاصرتهم الثلوج وعزلتهم ، لم يراهنوا سوى على قواهم الذاتية ، فخرجوا في مسيرات تقطع عشرات الكلمترات ، كما فعل سكان املشيل الذين ساروا باحتجاجهم نحو مقر عمالة الراشدية مشيا على الأقدام ، متحملين كل أنواع بطش السلطات القمعية من درك وقادة محليين و قساوة الظروف الطبيعية وبرد قارس، وكما فعل سكان قرية أيت عدي بزاوية أحنصال بأزيلال الذين قاموا بمسيرات احتجاجية عدة مرات للاحتجاج على التهميش و الحرمان وللمطالبة بربطهم بالشبكة الطرقية ، بعد أن حاصرتهم الثلوج بدورهم لأزيد من أسبوعين . وأخيرا ، ولن يكون الآخر ، المعركة التي خاضها قرويو بومالن دادس بعد أن حاصرتهم الثلوج بداية يناير 2008.

احتجاجات بومالن دادس 1- السياق العام :

تأتي احتجاجات قرويي بومالن دادس يومي 05 و06 يناير 2008 في سياق عام يتجسد في النضالات التي بادر بها طلبة إقليم ورزازات أواخر دجنبر 2007 وبداية 2008 بكل من بومالن و قلعة أمكونة وتنغير وسكورة ، من مسيرات ووقفات احتجاجية ونقاشات بمشاركة فاعلة للمعطلين والتلاميذ ، وهو تقليد دأب طلبة الإقليم ومعطلوه على ترسيخه كل سنة بالتزامن مع عطلة عيد الأضحى احتجاجا على التهميش والحرمان، والمطالبة بتوفير النقل المجاني إلى المدن الجامعية (أكادير، مراكش والراشدية ) و المنح ، والسكن الجامعي .

خلال هذا النضال ، يندد الطلبة و المعطلون بالنظام الرأسمالي التبعي ، و يبرزون تناقضاته و من تجلياتها وجود الثروة و الغنى الفاحش جنبا الى جنب مع الفقر المذقع ، هذا مع أن الأمراض والفقروالبطالة ، التي تدمر حياة آلاف الأسر الورزازية ، سببها لا يأتي من شح الثروات أو ضعف المؤهلات المادية للإقليم ، بل الفقر يأتي والثروات متضخمة وتكاد لا تحضى . فورزازات أول إقليم لاستخراج الكنوز المعدنية لباطن الأرض ، لما تتوفر عليه من مناجم (اميضر، اميني ، بوازار ، بوسكور وتيويت سابقا) وأول إقليم من حيث المداخيل التي تذرها السينما (200 مليون دولار سنويا حسب احصائيات رسمية) . ما مصير هذه الثروات ؟ هل تساهم في تحسين ظروف عيش السكان؟ كلا . انها تذهب الى جيوب القوى البرجوازية الماسكة بزمام الحكم في الدولة ، والبرجوازية الطفيلية . هذه القوى لا تتردد في استخدام القوة للحفاظ على هذا الوضع، وقمع كل احتجاج للفئات المحرومة أو تمرد قد يهدد مصالح الطبقات السائدة .

في سياق هذه التعبئة النضالية لشبيبة الإقليم و ما تطلقه من نقاشات تكشف حقيقة ما يسمى "التنمية البشرية " ، تأتي المعركة الإحتجاجية لقرويي بومالن دادس ، التي كان مجمل المشاركين فيها من الشباب . كما تأتي من جهة أخرى بعد أشهر قليلة على المسيرة الإحتجاجية التي فضل سكان تلمي القيام بها بدل التوجه الى صناديق الاقتراع التي قاطعوها بنسبة تقارب ، ان لم نقل تصل ، 100% تاركين 09 صناديق فارغة بالكامل احتجاجا على التهميش و الحرمان .

2- معركة بومالن دادس: حصار و قمع و اعتقالات و محاكمات

أدى تساقط الثلوج و الأحوال الجوية المتقلبة الى قطع الطريق الجهوية الرابطة بين مركز بومالن دادس و جماعة تلمي أسفل الجبل مرورا بقيادة امسمرير ، فنتج عن ذلك محاصرة 20 ألف نسمة ( عدد سكان القيادة ككل) وعزلها نهائيا عن العالم الخارجي طيلة أيام وتركها محرومة من المؤونة و المواد الغذائية، وتعطل شبكة الاتصالات من هاتف تابث و محمول و قطع التيار الكهربائي و الماء . جاء رد السكان المحاصرين على شكل مسيرة احتجاجية بمركز امسمرير ، شارك بها أربعون قرويا ومعهم تلاث سياح أجانب محاصرين اضافة الى مغاربة آخرين .قطعت المسيرة مسافة الكيلومتر الفاصلة بين السوق ومقر القيادة ذهابا و إيابا مرددة شعارات احتجاج ، و ذلك يوم السبت 05 يناير 2008 . في اليوم الموالي سيبادر بعض سكان امسمرير المحاصرين في الجهة الأخرى بالعودة الى مركز بومالن قصد مطالبة السلطات بفتح الطريق ، لكن هذه الأخيرة تعاملت معهم باستخفاف ، مما دفعهم الى القيام باحتجاج سلمي بعد أن حالت الثلوج بينهم و بين عودتهم الى ديارهم حيث تظاهروا بجانب الطريق الرئيسية الرابطة بين ورزازات والراشدية مؤازرين بشبيبة مركز بومالن دادس من الساعة الثانية الى حلول الظلام ، رافعين شعارات مطلبية احتجاجية للتنديد بالتهميش و الاقصاء والمطالبة باصلاح الطريق الرابطة بين مناطقهم الجبلية وبومالن دادس ، والتي تقطعها الثلوج وانزلاقات الأتربة والصخور خلال فصل الشتاء.

استمر التظاهر بشكل سلمي . تدخل باشا المدينة محاولا ثني المتظاهرين عن حقهم في الاحتجاج ، لكن رئيس دائرة بومالن،وفي اطار تناوب قادة السلطة على لعب نفس الدور، لجأ الى أسلوب الاستفزازتجاه المحتجين ، بشكل يذكرنا باستفزاز عميد الشرطة بصفروضد المحتجين ، مما سيؤدي الى تفجر الوضع، ذلك أن رئيس الدائرة هدد المحتجين بأن "يد المخزن طويلة أماكتعياش"وطلب من صاحب شاحنة كبيرة أن يقوم بدهسهم. سيؤدي تزايد الاستفزازات الى مواجهات بين المتظاهرين وقوات القمع التي جرى تعزيزها بقوات استقدمت من ورزازات و الراشدية . لجأت الأجهزة المذكورة الى تشديد القمع ما سينتج عنه سقوط عشرات المصابين من الكادحين . في اليوم الموالي ، الاثنين 07 يناير 2008 استمرت عمليات مداهمة منازل عدد من الشبان واعتقال بعضهم من داخل ثانوية بومالن دادس، وعسكرة المدينة بالدرك و الانزالات البوليسية التي رابطت بكل الأزقة وفرضت مراقبة صارمة على السكان استمرت الى يوم 14/01/2008. أحيل 10من الأربعين معتقلا (تسعة +01قاصر)على قاضي التحقيق باستئنافية ورزازات و توبعوا ب 1)جناية:عرقة المرور في طريق عام ومضايقته 2)جنح: -أ-اهانة علم المملكة ورموزها –ب-التجمهر المسلح بطريق عمومية -ج- العصيان –د- اهانة موظفين عموميين و الاعتداء عليهم أثناء قيامهم بعملهم 3)مخالفة:الحاق خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير.

تأتي هذه التهم الجائرة بعد محضر تمهيدي للدرك ، و بعد المثول أمام قاضي التحقيق يومي 08 و 17 يناير بحضور دفاع المعتقلين. خلال جلسة يوم 17يناير عمدت أجهزة السلطة السرية و العلنية الى تطويق المحكمة ومنع المناضلين و الأقارب من الولوج الى قاعة المحكمة .أما العائلات فصرحت بعد زيارتها للمعتقلين بالسجن ، أن أبناءها تعرضوا للتعذيب خلال التحقيق معهم يوم 07بناير2008 على يد رجال الدرك بورزازات .

التضامن الواجب

بتأسيسهم" للجنة المحلية لدعم معتقلي أحداث بومالن دادس "يوم 26يناير 2008 يكون مناضلو المنطقة ، من نقابيين وجمعويين وسياسيين ومناهضين للعولمة الرأسمالية ، قد قاموا بما يمليه واجب التضامن العمالي مع أبناء طبقتنا ، يضاف اليهم بعض أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الانسان بورزازات . وقد طالبت لجنة التضامن مع المعتقلين المظلومين باطلاق سراحهم فورا كما عبرت عن عزمها على مساندة العائلات بمختلف الأشكال النضالية الى حين الافراج عن أبنائها ، هذا دون اغفال ترك اللجنة مفتوحة لمن لديه استعداد للنضال ، كما نددت باعتماد الحاكمين المقاربة الامنية ، لعجزهم عن تقديم مقاربة تنموية حقيقية ،الشيء الذي يفضح مرة ثلو الأخرى زيف شعارات "التنمية" و" محاربة الفقر" و" النهوض بالعالم القروي". -" فالى النضال أيها الكادحون فلا منقذ غيره "

-المجد لنضالات الجماهير القروية بومالن دادس

-عاش التضامن العمالي

مناضلون عماليون ببومالن دادس في26/01/2008