أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - عبدالخالق حسين - متى كانت السعودية نصيرة لثورات الشعوب؟















المزيد.....

متى كانت السعودية نصيرة لثورات الشعوب؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 6431 - 2019 / 12 / 7 - 11:40
المحور: ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية
    


نحن نعيش اليوم في عالم مقلوب واقف على رأسه، أو سميه عالم اللامعقول(surrealism)، عالم فجأة تحولت فيه المملكة العربية السعودية الوهابية من دولة تصدر الإرهاب الوهابي لقتل الشعوب، وبالأخص إلى شعبنا العراقي، إلى دولة نصيرة لثورات الشعوب، وبالأخص لشعبنا العراقي أيضاً، والأكثر غرابة أنها تناصر ثورة تقوم بها شيعة العراق. فسبحان مغيِّر الأحوال من حال إلى حال!!!. عجبي، كيف صار الشيطان نبياً؟

وأخيراً طلعت شمس الحقيقة على ما يجري في العراق منذ الأول من تشرين الأول 2019، من حراك جماهيري، أطلقوا عليه شتى التوصيفات والأسماء الثورية الرومانسية بغية جلب الشباب إليها. وكلنا نقر ونعترف أن العراق ومنذ تحريره من حكم البعث الفاشي، تعاقبت فيه حكومات فاسدة، أساءت التصرف، وسرقت الأموال، وتساهلت مع اللصوص، وهناك تقصير فاضح في الخدمات، و تصاعد نسبة البطالة، في بلد يعتبر الرابع في الثروة النفطية في العالم، وكل هذه الأسباب تبرر ثورة شعب مظلوم ومحروم من التمتع بثرواته. ولكن هل يعقل أن الظلم الذي شمل كل الشعب العراقي وبكل مكوناته دون استثناء، من شماله إلى جنوبه، تقتصر الثورة على مكوَّن واحد وهم الشيعة فقط؟ ومنطقة جغرافية واحدة فقط، وهي بغداد ومحافظات الوسط والجنوب ذات الغالبية الشيعية؟

فمنذ البدء، قالوا لنا أن هذه التظاهرات سلمية وعفوية، لأن بلغ السيل الزبي، ضد حكومة تمادت في الفساد، وفعلاً شاهدنا فيديو لتظاهرة نسائية سلمية في البصرة، لذلك أيدناها بكل قوة وحماس، و ثبتنا موقفنا هذا في مقال لنا بعنوان: (لتكن تظاهرة البصرة السلمية نموذجاً يحتذى به)(1).

ولكن سرعان ما انكشفت الحقيقة، وتبين لكل ذي عقل سليم، وحس وطني صادق، وضمير حي، أن أصحاب المقاصد السيئة من حكومات خارجية مثل أمريكا وحلفائها في المنطقة (السعودية، والإمارت، وإسرائيل)، قد استغلوا معاناة الشعب العراقي من فساد حكومته، فتم تجيير الغضب الشعبي، وبمنتهى الدهاء، لأغراض لا علاقة لها إطلاقاً بمعالجة الفساد، وتحسين الخدمات، وإيجاد العمل للعاطلين، تلك الشعارات التي رُفِعت في الأيام الأولى من هذه التظاهرات، وسرعان ما تم استبدالها بشعارات ثأرية انتقامية تسقيطية للمسؤولين الشيعة فقط، والتركيز على شعار واحد وهو (إيران برة برة)... الخ، علما بأن الفساد يشمل جميع المشاركين في السلطة من شيعة وسنة، وكرد وغيرهم، وكذلك هناك تدخل في الشأن العراقي من قبل أمريكا، وحلفائها في المنطقة مثل السعودية والإمارات، والأردن، وتركيا وغيرها، فلماذا التركيز على شريحة الشيعة فقط، وعلى إيران فقط؟ فلو عرفنا السبب لبطل العجب.

إذ بات واضحاً لكل ذي بصر وبصيرة أن هذه "الانتفاضة المعجزة" كما يسميها البعض، مدعومة من أمريكا وحلفائها في المنطقة مثل السعودية والإمارات وإسرائيل، وما يجري من تخريب وفرض الإضرابات بالقوة على المؤسسات الخدمية، والاقتصادية الحيوية مثل الموانئ والنفط، تشير إلى دور السعودية للإنتقام من العراق، كرد على ما حصل من ضرب المنشآت النفطية السعودية في أبقيق في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، بطائرات مسيرة (درونات) أحدثت أضراراً بليغة بالاقتصاد السعودي، ونقص في تصدير النفط إلى العالم، قُّدر بخمسة ملايين برميل يومياً، ولفترة قد تطول لعدة أشهر. وادعى الحوثيون في اليمن بأنهم هم وراء تلك الضربة الماحقة، إلا إن السعودية لم تصدقهم لأنهم يفتقرون إلى هكذا تقنية متطورة، والدقة في ضرب الأهداف، واعتبرت هذه الصواريخ أو الدرونات جاءت من الشمال، أي من العراق، وبالذات بواسطة المليشيات الموالية لإيران.(2)
لذلك يركز المندسون المخربون في هذه التظاهرات على تعطيل عمل المؤسسات الاقتصادية، وخاصة عمل الموانئ وتخريب المؤسسات النفطية في جنوب العراق وفق أوامر تأتيهم من وراء الحدود. وما هذه الأعمال إلا عمليات ثأرية من السعودية ضد العراق.
وما يؤكد ذلك هو آخر تقرير في هذا الخصوص نشرته قناة (الحرة) الأمريكية بعنوان: (هل يستهدف متظاهرو العراق قطاع النفط؟ تقرير يحذر العالم من العواقب)(3)، جاء فيه:
((قال تقرير نشره موقع متخصص في مجال الطاقة إن الأحداث في العراق يمكن أن تؤثر بشكل كبير على إمدادات النفط العالمية، فيما لو أقدم المحتجون الغاضبون على استهداف المنشآت النفطية جنوب البلاد، إن لم يتم الاستجابة لمطالبهم. وذكر التقرير الذي نشر في موقع "أويل برايس" أن العراق يشكل التهديد الأكبر لأسواق النفط العالمية باعتبار أن استمرار الاحتجاجات وتصاعد حدتها يمكن أن يؤثر على نحو خمسة ملايين برميل من النفط هي حجم ما ينتجه العراق يوميا من حقوله النفطية. وقال كاتب التقرير إن السؤال الأبرز الذي يطرح حاليا هو هل يجرؤ المحتجون على التحرك باتجاه النفط العراقي؟ ويضيف أن كل الدلائل تشير إلى أنهم سيفعلون، بل هم أقدموا على ذلك بالفعل عندما أغلقوا الطرق المؤدية إلى خمسة حقول نفطية في البصرة في وقت سابق من الشهر الماضي. ويتابع أن المحتجين كانوا جريئين بما يكفي لإحراق قنصلية إيرانية ومهاجمة مبنى أمني موالي لإيران، وهم يعرفون جيدا أن رد الفعل سيكون عنيفا للغاية)). انتهى الاقتباس.
وهذا يدل بدون أدنى شك أن السعودية وراء هذه "الثورة" لتدمير العراق.

كذلك هناك محاولات للهجوم على سجن الحوت في محافظة ذي قار، وما أدراك ما سجن الحوت؟ إنه سجن فيه نحو ستة آلاف إرهابي، أغلبهم من السعودية، محكوم عليهم بالاعدام. لذلك يركز أعوان السعودية من المندسين المخربين، وبتخطيط من قياداتهم في خارج الحدود، على محافظة ذي قار وإشعال الحرائق في دوائر الدولة، وبيوت المسؤولين فيها، وحرق الإطارات في الشوارع، والقيام بعدة أعمال تخريبية في عدة أماكن في آن واحد لتشتيت جهود القوى الأمنية، وتضليلهم، وبالتالي تسهيل الهجوم على سجن الحوت لإطلاق سراح آلاف الدواعش السعوديين وغير السعوديين. وعندها يمكن تسليح هؤلاء السجناء لمواصلة "الثورة"، وإكمالها لتحويل المدن ذات الأغلبية الشيعية إلى خرائب وأنقاض كما عملوا في المدن السنية من قبل. وهذا هو الثأر البدوي الذي تريد تحقيقه السعودية ومرتزقتها فلول البعث، والصخريون والخراسانيون، والشيرازيون، وغيرهم من تنظيمات ذات أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، من فئات منحرفة بأسماء وذرائع دينية باطلة، وهي في الحقيقة من فلول وأيتام البعث السائبة التي تعرض خدماتها لكل من يدفع لها، ويدغدغ آمالها الفنطازية بالعودة للسلطة.

وإذا كانت كل هذه الأدلة لا تكفي لإقناع ذوي النوايا الحسنة أن قوى خارجية وخاصة السعودية هي التي تدير هذه التظاهرات، و مازالوا ينفون التدخل الخارجي، والمخربين المندسين فيها، نقدم شهادة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، السيدة هنيس بلاسخارت في تقريرها الذي ألقته في مجلس الأمن الدولي، حذرت فيه ممن وصفتهم بالقوى الديناميكية التي تسعى إلى اختطاف المظاهرات السلمية. وقالت إن "أفعال العنف المدفوعة بأسباب سياسية أو انتماءات خارجية تضع العراق على مسار خطير وتخطيط الفوضى والاضطراب. وأضافت أن "هذا يقوّض المطالب المشروعة للشعب العراقي ويعقّد عمل قوات الأمن ويمنح مبررات لاستخدام العنف لقمع المظاهرات السلمية."(4)
فيا ترى، من هي القوى الديناميكية التي تسعى إلى اختطاف المظاهرات السلمية غير السعودية وحليفاتها في المنطقة ومرتزقتها في الداخل؟

أيها العراقيون، يا من تدَّعون أنكم تقرؤون الممحي وما بين الأسطر، أفيقوا من نومكم وغفلتكم، فـ(الطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة). لقد بات دور السعودية والإمارات وإسرائيل وأمريكا واضحاً في هذه "الانتفاضة المعجزة". إذ كما يعرف الجميع، أنه لا يمكن تفجير الثورات في أي بلد من قبل حكومات معروفة بعدائها حتى لشعوبها مثل السعودية. والسؤال هنا: كيف ومتى، والحالة هذه، صارت السعودية الوهابية التكفيرية نصيرة لثورات الشعوب المضطهدة حتى تقف اليوم نصيرة لانتفاضة الشيعة؟ إنها مهزلة والله.
تصوروا لو هذا الحراك الجماهيري قد حصل في السعودية، أو في العراق في عهد حكم البعث الصدامي، فماذا كان مصير الجماهير؟ لا شك إبادة جماعية.
نعم هناك فساد، وشعب مظلوم ومحروم من ثرواته، إلا إن الذين يحركون هذه "الثورة" من وراء الحدود ليست غايتهم حل مشاكل هذا الشعب الثائر، بل تدمير العراق والانتقام من شعبه، واجتثات النفوذ الإيراني المنافس لأمريكا وحلفائها، إذ كما قال الكاتب خضير العواد في مقاله القيم: (كيف نصلح الفساد بأفسد منه؟)(5).

العراق مهدد بكارثة حقيقية ماحقة، والسبب هو موقف الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2005، التي يهيمن عليها الشيعة، أنهم وبدوافع أيديولوجية، ربطوا مصير العراق بإيران. وكما ذكرنا وحذرنا مراراً أن العراق ليس بإمكانه الدخول في حرب مع أمريكا أو حلفائها في المنطقة، لذلك على العراق الحفاظ على علاقة ودية مع أمريكا ودون العداء لإيران. لأن بإمكان أمريكا والسعودية تدمير العراق وعن طريق العراقيين أنفسهم، وتحت مختلف المبررات المشروعة، وبما يسمى بـ(الحرب الناعمة). فما يجري الآن في العراق هو ليس لمحاربة الفساد، بل لإسقاط الحكومة المنتخبة، والعملية السياسية برمتها، والمجيئ بنظام دكتاتوري يتسلل من خلاله حزب البعث الفاشي إلى قمة السلطة كما عمل من قبل حيث هيمن على السلطة بتسلقه على أكتاف الآخرين.
فهل من يسمع؟
[email protected]
ــــــــــــــــ
روابط مقالات ذات صلة
1- د. عبد الخالق حسين: لتكن تظاهرة البصرة السلمية نموذجاً يحتذى به
https://www.akhbaar.org/home/2019/10/263402.html

2- Coordinated drone attack cuts Saudi oil production in half
https://www.worldoil.com/news/2019/9/14/coordinated-drone-attack-cuts-saudi-oil-production-in-half

3- هل يستهدف متظاهرو العراق قطاع النفط؟ تقرير يحذر العالم من العواقب؟
4- هينيس-بلاسخارت في مجلس الأمن: العراق يقف على مفترق طرق... والمندوب العراقي يتهم مندسين بتعطيل المظاهرات السلمية
https://news.un.org/ar/story/2019/12/1044721
5- خضير العواد: كيف نصلح الفساد بأفسد منه
https://www.akhbaar.org/home/2019/10/263988.html



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجيير مطالب مشروعة لأغراض داعشية!
- هل تظاهرات تشرين..ثورة، أم ثورة مضادة؟
- (ثورة أكتوبر( وثياب الإمبراطور الجديدة!
- من المخدوع؟ اعرف الحق تعرف أهله
- العراق.. أين الخلل؟
- العراق يحترق
- تظاهرات سلمية أم حرب بالنيابة بين إيران وأمريكا؟
- من المسؤول عن الفساد في العراق؟
- العراق بين سندان أمريكا ومطرقة إيران
- لتكن تظاهرة البصرة السلمية نموذجاً يحتذى به
- يحرقون العراق باسم المطالب المشروعة!
- تظاهرات سلمية أم مناورة إنقلابية بعثية؟
- هل ترامب وجونسن في طريقهما للعزل؟
- النفط مقابل الدم!!
- الفرق بين العشائرية والانتماء العشائري
- الديمقراطية لا تولد متكاملة ولن تكتمل*
- هل في العراق الجديد من إيجابيات؟
- العشائر والدولة*
- هل ما حدث يوم 14 تموز 1958 ثورة أَم انقلاب؟
- لماذا ترامب لا يريد الحرب على إيران؟


المزيد.....




- بالأسماء.. 48 دول توقع على بيان إدانة هجوم إيران على إسرائيل ...
- عم بايدن وأكلة لحوم البشر.. تصريح للرئيس الأمريكي يثير تفاعل ...
- افتتاح مخبأ موسوليني من زمن الحرب الثانية أمام الجمهور في رو ...
- حاولت الاحتيال على بنك.. برازيلية تصطحب عمها المتوفى إلى مصر ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: قادة التكتل يتوعدون طهران بمزيد من الع ...
- الحرب في غزة| قصف مستمر على القطاع وانسحاب من النصيرات وتصعي ...
- قبل أيام فقط كانت الأجواء صيفية... والآن عادت الثلوج لتغطي أ ...
- النزاع بين إيران وإسرائيل - من الذي يمكنه أن يؤثر على موقف ط ...
- وزير الخارجية الإسرائيلي يشيد بقرار الاتحاد الأوروبي فرض عقو ...
- فيضانات روسيا تغمر المزيد من الأراضي والمنازل (فيديو)


المزيد.....

- ثورة تشرين الشبابية العراقية: جذورها والى أين؟ / رياض عبد
- تحديد طبيعة المرحلة بإستخدام المنهج الماركسى المادى الجدلى / سعيد صلاح الدين النشائى
- كَيْف نُقَوِّي اليَسَار؟ / عبد الرحمان النوضة
- انتفاضة تشرين الأول الشبابية السلمية والآفاق المستقبلية للعر ... / كاظم حبيب
- لبنان: لا نَدَعَنَّ المارد المندفع في لبنان يعود إلى القمقم / كميل داغر
- الجيش قوة منظمة بيد الرأسماليين لإخماد الحراك الشعبي، والإجه ... / طه محمد فاضل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية - عبدالخالق حسين - متى كانت السعودية نصيرة لثورات الشعوب؟