أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد كشكار - كلمة حق في جار حق: جمنة الخمسينيات تعطي درسا في الجيرة الطيبة.














المزيد.....

كلمة حق في جار حق: جمنة الخمسينيات تعطي درسا في الجيرة الطيبة.


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6043 - 2018 / 11 / 3 - 10:12
المحور: سيرة ذاتية
    


جارٌ جارَ عليه الزمن، توفي ابنه البكر بلڤاسم ذو الخمسة وعشرين ربيعا، منحه الزمن مهلة فسيحة عاش فيها حياة كريمة سعيدة ثم غدره الزمن مرة ثانية وسرق منه حرمه المَصون الحاجة خديجة بنت الخليل، وقرب النهاية غرس فيه الدهر أنيابه حتى اللثة، فقد البصرْ وأقعده الكبرْ.
هزمه الزمن، ككل أبطال الملاحم الكبرى، هزمه بعد طول جهاد بحلوه ومرّه، لكنه في النهاية انتصر على الزمن بصفاء عقيدته وقوة إيمانه وصلابة التزامه ودوام صلاته وصيامه وورعه وتقواه حتى اليوم الأخير من حياته، بفضل الله وفضل مساعدة الملاك الأرضي زوجة ابنه وفي الوقت نفسه ابنة أخيه فاطمة بنت عبد الله بن الهاني.
اسمه الحاج نصر بن الهاني، وأنا أدعوه بكل حب ومودة واختصار عمي نصر. لم يكن لي عم غيره. لا توجد صلة قرابة دموية بيني وبينه، لكن توجد جيرة طيبة وقرابة ربّانية بيني وبينه ترتقي فوق صلة الرحم بين الابن وابنه.
مات أبي وأنا في سن الخامسة عشرة فلم أجد أمامي أبا سواه، طَلْق المحيّا جميلُه، قمحي اللون، قوي البنية، باسم الثغر، حلو الكلام، عطوف حنون، ينبثق من وجهه نور كنور الملائكة.
لم أسمع منه يوما كلمة قاسية، لا في حقي ولا في حق أندادي الأطفال. فلاح جنوبي يتمتع بأخلاق رقيقة لا تتوفر عادة في رجال الصحراء القساة، رجال ذاك الزمن القاسي مثلهم.
يزورنا في المناسبات ويعطينا من دڤلة نخيله الكثير رغم أننا لم نكن من المعدومين.
في عيد الأضحى، يمر على الجيران صباحا، الواحد تلو الآخر، يذبح الشاة ويسلخها، يأكل قطعة من كبدها ويسلّم ويمضي وفي الغداء يجمع كل الجيران حول مائدته، عادة ورثها عن أبي.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، وبكل نية طيبة وصادقة مع حفظ المقام العالي للرسول صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الصحيحة في مسلم والبخاري، أعمّم المقاصد من الحديث الصحيح وأضيف: "أو جار وفيّ يدعو له".
سوف أذكر عمي نصر وأتذكّره دوما وأبكيه كما يبكي الشيعة الحسين بن على، رضي الله عنه، لكن دون مغالاة أو هرطقة.

جمنة: قرية جميلة مزروعة في الجنوب الغربي التونسي. أعشقها. ولدت فيها سنة 1952. ترعرعت في مائها وترابها وكبرت تحت شمسها وظلها ودرست في جامعها ومدرستها الابتدائية. تنشقت عطرها وتحمّمت بأخلاقها وتنشفت بنورها وما زالت تلاوة البردة في الجامع القديم ترن في أذني وتسكن قلبي وتدفئه حتى اليوم.
قرية تتمتع تقريبا بمرافق المدن العصرية، لم تلوّثها المدنية بسلبياتها وما زالت تحافظ على أخلاق الريف الأصيلة من جيرة طيبة وكرم وصدق ووفاء وعدم رياء وبراءة الأطفال وتزاور وتكافل وتحابب وعدم تكبّر وبساطة في الملبس والمأكل والمسكن، وتسامح في العلاقات البشرية، ورحابة صدر في قبول الآخر مهما كان هذا الآخر متطرّفا يمينا أو شمالا، وبحول الله ستواصل نبذ القبلية والعروشية والحزبية الضيقة والتعصب الإيديولوجي.


إمضائي
أجتهدُ فإذا أصبتُ فلي الأجرُ الموعودُ، وإذا أخطأتُ فلي بعضُه!
و"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران
Aimer, c`est agir. Victor Hugo



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة على العصر: تجربتي كأستاذ تونسي متعاون في الجزائر.
- دعوة ثقافية
- جمنة وكل قُرَى تونس الستينيات تعطي درسًا في التنمية المستديم ...
- بعضُ مسبّبات الغش والعنف التلمذي؟
- حذار من مرض السكري؟
- الحزب الشيوعي والبوكت والوطد، هم وحدهم تقريبًا الذين يتحمّلو ...
- الضريرة المستنيرة.
- إهمال العامل الداخلي العربي المتسبب في الاستعمار و الإمبريال ...
- و الأذن تري قبل العين أحيانا.
- تكوين المدرسين في الإعلامية قبل تكوينهم في الإبستومولوجيا و ...
- هل العلم موضوعي أم متحيّز؟
- التلميذ لا يتحمل مسؤولية الغش في الامتحانات وحده.
- خطأ التلميذ في القسم يفيد المعلّم و المتعلّم.
- بطاقة تعريف لعلم نسبيا جديد يسمّى -التعلّميّة - [ la Didacti ...
- هذا ما أقوله لتلامذتي في الحصّة الأولى.
- استغفلونا
- التعليم في تونس: هل هو هرم مقلوب؟
- الإسلام المقاتل: من يقاتل, أين يقاتل و لماذا يقاتل ؟
- تبسيط المفاهيم العلمية قد يجر التلميذ إلى الخطأ.
- هل يستطيع التلميذ بناء معرفة علميّة جديدة فوق معرفته غير الع ...


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد كشكار - كلمة حق في جار حق: جمنة الخمسينيات تعطي درسا في الجيرة الطيبة.