أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نادية خلوف - سجن الرّوح -15-














المزيد.....

سجن الرّوح -15-


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5852 - 2018 / 4 / 21 - 12:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أبحث عن قصص الفرح كي أغبّ منها وتنصهر في داخلي فيتعدّل لديّ مزاج الحزن الأزلي الذي يسكنّني.
أبحث عن الحياة الجميلة علّها تعالج ذلك الشّرخ العميق في روحي وتجعلني أمضي بسلام.
أبحث عن الصّداقة التي لا تسلّط مرآتها عليّ كي تسلبني جمال جلسة عفوية.
أبحث عن الحبّ الذي توهمت أنّني مررت به فكان ناراً وجمراً ثم رماداً.
أبحث عن وطن قرأت عنه، ثم بحثت في الخارطة عن مكانه فلم أجده، فكل ما أراه على الشّاشات لا يمت لما أعرفه بصلة.
أبحث عن العائلة ويصدمني الأمر، قرابة الدّم أصبحت قرابة بالرضاعة، فلا حبّ، ولا تعاطف، وربما ينظر لي أخي كابنة زوجة أبيه وليس كأخت شقيقة.
أبحث عن الحقيقة، وتصرخ بي: لا تقولي، فإنّ الأمر جلل.
ومن الأمر الجلل ما ليس له تفسير، فهل أنت مع أم ضد عمل ما؟
لا تحكم على شخص من فعل واحد، فذلك الذي ترك أمّه تتسول ربما ينتظر منها أن تعطيه بعض ما تحصل عليه. لا تشتمه، فهو نفسه سوف ينتهي به المطاف كمتسوّل.
أحاول أن أعرّف الرّفاه، أصطدم بالمرفهين من أبناء عشيرتي، وأنا أعرف كيف كانوا يكافحون لبناء غرفة تستطيع حمايتهم. بنوا الغرفة ومضى الشّباب، لكنّهم لا زالوا في مرحلة الاحتفال بإنهاء بناء الغرفة. لم يروا من هذا العالم الكبير سوى تلك الغرفة، والكفاية من الخبز وبعض الطعام، وهو أمر كبير حقاً في عشيرة يحكمها زعيم طائفة، وزعيم مجتمع، وزعيم إدارة ، ولكلّهم يعرفون معنى الرّفاه ويباركون الفقر بحركات جسدية ، او كلمات بوهيميّة مثل طوبى لكم، وأبنائي الروحيين، أو أيها الشّعب العظيم.
وتسألني الكوابيس: لمَ لم تحبّي نفسك؟ أليس الدّفاع عن حقّ البقاء هو السّلوك الفطري للإنسان؟
ربما كوابيسي منصفة عندما تناقشني في موضوع البساطة والغباء، ورغم عدم قناعتي بشكل كامل بما قالته، فأنا لا أحبّ أن أوصف بالسّاذجة أو الغبيّة إلا بيني وبين نفسي.
عشيرتي متعدّدة الطوائف، والأناشيد، وطريقة الكتابة. أصبحت أعرفهم من خلال قراءة ما يكتبون. فعندما يلفّ أحدهم ويدور في موضوع ما، ولا يقول الحقيقة صراحة يكون من طائفتي، حيث تقف الأغلبية المهمّشة منها في الوسط بين النّعم و لا، فلا يريدون الخروج عن نظام العشيرة وبنفس الوقت لا يحبونه، وبينما يشتمون علانية المخالفين لهم في المعتقد ، فإنّ زعماءهم الطّائفيين تملآ صفحاتهم الافتراضية، وقد اكتشفت في وقت مبكّر أن العيش في الوسط بين النّعم ولا هي مشكلة اجتماعية تضعك تحت أقدام الزّعيم فتتمتم بعبارات ضده وعندما يحاول أن يسمعك أحد المريدين تبسمل باسمه وترفع وتيرة البسملة إلى الصّراخ بالتمجيد. أما الطّائفة. التي يديرها ابن عمّي، فعندما يجلس المدير مع أبناء عمومته يرفعان نخب الحبّ ، ويكتبون عن الجلّسة مع الإشارة إلى أنّهم أكثر تميّزاً. هؤلاء يقفون على بعد فاصلة من النّعم. تلك الكتابة تشبه كتابتي عندما كنت في سنّ المراهقة. هي تربية الطّفولة الأولى، لكنّني تخلّيت عن حروف الدّغم وحروف الغنّة فأصبح لي أصدقاء بالآلاف يقبعون تحت سقفي، وعندما أظهر في مقال ما يبثون كرههم بأسماء مستعارة، وهؤلاء هم الصّنف المحترم من البشر، هناك الصّنف الذي يقول علانية أكرهك وأغلبهم من الأقارب، وربما الطّائفة.
لا أخشى أن أقول فكرة ما، لكنّني أعدّ لها كثيراً ثم أختفي بعدها عن المكان، فأنا لست محاربة، ولا أحبّ التّهديد والوعيد.
بينما كنّا نجلس في سهرة ولاء لأحد أفراد عائلتنا المستبدين من الدرجة الثالثة، وأبدى فلسفته التي لا تخطئ، وبصّم له المستبد الأكبر-وهنا لا أفرّق بين المؤنّث والمذكر، فالمستبد صفة حيادية- وكنت في ذلك الوقت أعتبر نفسي قد حقّقت إنجازاً بأن أصبح لدي بيت في دمشق وأنا في سن الخامسة والعشرين، وعادة عندما تحقّق إندازاً ولو تافهاً تقلّ قيمتك ضمن العشيرة ويهمشونك، وفي تلك الليلة كنت مهمشة، وكان الغمز واللمز قائم على شخصي ، وربما أردت فقط أن أدافع عن نفسي عندما تحدّث المستبد الصّغير عن حرّية المرأة ، وعندما انتهى قلت له لا يوجد حرية امرأة في عشيرتنا. المرأة ربما في أفضل الحالات خادمة، وبدأ ربعي يشتمونني وعندما أصبح الضجيج كبيراً. اختفيت من السّهرة، ولم أعاود الجلوس إلا بعد مدة طويلة بعد أن نسوني، وجاء دور شخص آخر في العائلة حصل ابنه على درجة جيدة في البكالوريا فانصرف المجتمع إلى ذم النّاجح ووصفه بالدريس، والغير اجتماعي، ووصفوا والده ووالدته بأوضع الأسماء، ولم تنته قصّته حتى بدأت قصّة الرجل الذي سجن ، وأجمعوا على أنّه يستحق.
تغيّر الأمر الآن. أصبح يحق لنا أن نكره بعضنا وفق قانون العشيرة، وهؤلاء الذين همّشوني يوم نجحت في شراء بيت في دمشق- مع أن البيت باعه أحد ما فيما بعد بموافقتي – هم يقفون اليوم لي بالمرصاد . يحاولون التقليل من شأني. وعندما تركت لهم الفيس تبعوني إلى المقالات فصوتوا بصفر على المقالة المترجمة علماً أن بعض المقالات تحمل نفس رأيهم. بل إن بعضهم وصفني أنّني مع الإرهاب وترك تعليقه تحت مقالة ليست لي، بينما الآخر أشار إلى أنّ الترجمة ضعيفة مع أنني أترجم منذ خمسة وقت طويل، وإنني متأكدة أنه لا أحد قرأ إلا بضعة سطور.
وبما أنّني أقول كلمتي وأختفي لما بعد ردود الفعل، فقد أختفي يوماً إلى الأبد، لكنّ لاشكّ أن كتاباتي سوف تأخذ قيمتها من جيل قادم من أبناء العشيرة يجيد التّقييم.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يوجد احتمال نشوء حرب عالميّة ثالثة؟
- سجن الرّوح -14-
- اجتماع مجلس الأمن غير الرّسمي في السّويد
- سجن الرّوح -13-
- عن عثرات ترامب وشخصه
- أيضاً عن سورية
- حول الضّربة العسكرية على سورية
- سجن الرّوح -12-
- عودة للحرب الباردة
- سجن الرّوح-11-
- مابعد دوما
- بشّار الأسد
- وطن الفقراء المقتولين
- سجن الرّوح -10-
- حول قانون زواج الأطفال في السّويد
- حول تويتر
- سجن الرّوح -9-
- مارتن لوثر كنغ
- حول قيامة المسيح
- سجن الرّوح-8-


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نادية خلوف - سجن الرّوح -15-