|
رياح الساخطين الإيرانيين ، لا تشتهيها سفن أصحاب العمائم .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5745 - 2018 / 1 / 2 - 22:21
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
القوة العظمى لأية دولةٍ تكمن في قوة اقتصادها ، و استثمار ثرواتها الباطنية و الخارجية . فتصديرها للإنفاق على مشاريع تنمويةٍ ، تدر ربحاً و نفعاً للدولة و الشعب معاً . أما الإقدام على أية خطوةٍ تسير على غير هذا المنحى ، ستجلب الكوارث ، كما انهيار الدولة . مثلما جرى للاتحاد السوفياتي السابق ، حينما اتخذ الحزب الشيوعي السوفياتي قراراً عام 1953بإلغاء الخطة الخمسية الخاصة بالصناعات الخفيفة و الغذائية التي كانت تكفل الاستقرار الاقتصادي ، و تأمين العيش السليم على أكمل وجهٍ ، و استبدالها بالصناعات الثقيلة ( كالأسلحة ) . فزيادة نسبة حصة وزارة الدفاع ، و المعونات للأحزاب الشيوعية و اليسارية خارج البلاد . و في هذا السياق رد مكنمارا رئيس صندوق النقد الدولي في الستينات على سؤالٍ وجه إليه : ( سنهزم الاتحاد السوفياتي في عقر دارها ) . أي استدراجها و تورطها في المشاكل الخارجية ( كتدخلها عسكرياً بجيشها الأحمر في إفغانستان لحماية النظام الشيوعي فيها ) . فكان أخذ نسبة من مخصصات التنمية الاقتصادية و القطاعات الانتاجية بإضافتها إلى حصة وزارة الدفاع . و كان ذلك من أهم أسباب انهيارها المروع ، إن لم يكن السبب الوحيد .
و حكام إيران مذ أن أطاحوا بنظام الشاه ، لم يهدأ لهم بالٌ ، و لم يغمض لهم عينٌ ‘إلا و حشروا أنوفهم في شؤون بلدان المنطقة ، يمدون أذرعهم بتصدير السلاح و المال و الفكر و العقيدة و الرجال ، لتثبيت أقدامهم ، و فرض النفوذ ، و ابتلاع كل شيءٍ .
تباروا مع الدول الكبرى في صناعة الأسلحة ، و المفاعل النووي ، و خاضوا سباقاً محموماً لالتهام دول المنطقة . فحققوا مآربهم في ( لبنان و سوريا و العراق و اليمن ) على نارٍ هادئةٍ ، و ضاقت دول الخليج بهم ذرعاً . باتوا لاعبين محترفين على الحبال الدولية ، يفعلون الكثير بصمتٍ و بلا ضجيجٍ . فخير الكلام عندهم ما ندر . و كل ذلك بتصريف الأموال الطائلة و انفاقها على الحروب الخارجية و أذرعها العسكرية .
شحت البنوك من مدخراتها ، و واردات النفط تنفق خارجاً ، و الميزانية أوشكت تلامس الإفلاس , البطالة استفحلت ، و الغلاء الفاحش أثقل كاهل الشعب ، و حاصره الجوع و الفقر . رغم أن إيران من كبريات الدول التي تصدر النفط و الغاز في العالم ، غير أن مواطنيها انتشروا في الشوارع يحتجون على ارتفاع أسعار رغيف الخبز – و على مبدأ تأتيك الكوارث و المصائب من حيث لا تدري – تفجرت تظاهراتٌ من مدينة مشهد ، فسرعان ما اتسعت رقعتها لتعم معظم المدن فتصل إلى قلب العاصمة طهران بكثافةٍ شديدةٍ . المحتجون و الجياع هتفوا : ( الموت للدكتاتور – الناس يتسولون ، و رجال الدين يتصرفون كالآلهة ...) و طالت أياديهم لحرق صور ولي الفقيه . شعاراتٌ رفعوها ضد الفساد و الركود الاقتصادي ، كما نددوا برعاية الحكومة للميليشيات الشيعية ، و احتضانها في الخارج ، و توجيه كل أنظارها إلى ما وراء حدودها ، بعد إهمالٍ مفرطٍ للشعب .
رغم أن القمع ليس حلاً ، و لا الاعتقال يجدي نفعاً ، و القتل يزيد الطين بلةً ، و لا يكثف سوى عدد الساخطين و الغاضبين . لكن الرعب أرجف جوارح رجال الدين ، و الغضب أعمى أبصارهم ، فمارسوا العنف ضد الثائرين ، و وضعوا المئات خلف القضبان ، و تجاوز عدد قتلاهم عشرين من بينهم رجل أمنٍ أثناء هجوم الزاحفين على مخفر الشرطة . و الأنكى أنهم انهالوا عليهم شتى التهم بالعمالة ، و الارتزاق زوراً و بهتاناً ، كعادة كل الطغاة الذين تنتقد شعوبهم كل جرائمهم . ليس من باب التشفي ، أو الكيدية و الكراهية ، نقف مع المحتجين و الساخطين المستضعفين المظلومين الذين مثلما حملوا أصحاب العمائم على أكتافهم ، و أوصلوهم إلى سدة الحكم ، كذلك هم القادرون على رميهم ، و جلب البديل للجلوس على كراسييهم . و بناء دولةٍ مدنيةٍ حرةٍ عادلةٍ ، تخلو من اللصوصية الدينية و الطائفية فتضمن حقوق الجميع . أما و إن واظب الملتحون على نهجهم التقشفي بما لا يخدم الشعب ، و ثابروا لديمومة التدخل السافر في شؤون الدول الأخرى ... حتى إن نجحوا في إخماد هذه الاحتجاجات و الانتفاضات هذه المرة فإن الشعب لا يستكين ، بل سيستأنف انتفاضاته مرةً أخرى ، و إنهم سيفشلون إلى حد إزالتهم . طبقاً للمثل القائل : ( ليس في كل مرةٍ تسلم الجرة ) .
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عامٌ لم يتصرف على هوانا ، و مضى . و المقبل سيتصرف على هوى ال
...
-
الحب ألذ جنونٍ ، و ألطف سلطانٍ
-
هشاشة مجتمع المخيمات بؤرةٌ لانحراف المراهقين .
-
نفحاتٌ من همس الصحافة ، و أتون السياسة .
-
حقوق الإنسان كذبةٌ صبيانيةٌ .
-
عن العنف المزدوج ضد المرأة .
-
حروبٌ ترسم ملامح عهدٍ جديدٍ .
-
إمبراطورية الغرائز ، و وأد الطفولة .
-
الجلسات الحميمية تزيد الود ، و تعزز الوصال .
-
الهجوم على سياسة السيد البرزاني حجةٌ واهيةٌ و نفاقٌ
-
لوحةٌ سياسيةٌ ، ضبابيتها ستنقشع قريباً .
-
العبادي و مطرقة الحشد الشيعي .
-
ليلةٌ تنزف الرعب .
-
لا ضمير للسياسة .
-
المهم أننا سنصل .
-
كفاكم هرطقةً و سذاجةً .
-
سحقاً لك يا شرقُ .
-
هل الانتحار جبنٌ ، أم شجاعةٌ ؟
-
المعلم برسالته يخترق جدران كل الأزمنة .
-
النفوس اللئيمة تفتقد الوفاء .
المزيد.....
-
تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم
...
-
طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز
...
-
اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك
...
-
كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع
...
-
ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر
...
-
في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة
...
-
تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
-
-الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
-
تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص
...
-
جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل
...
المزيد.....
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
-
جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|