أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - نظرية الذاكرة بين التلاعب والتماسك















المزيد.....

نظرية الذاكرة بين التلاعب والتماسك


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 5502 - 2017 / 4 / 25 - 02:19
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    



"ليست الذاكرة تخزينا للماضي. فالذي مضى قد مضى ولا يسعه أبدا أن يصبح راهنا من جديد. الذاكرة هي أقرب لأن تكون نوعا من اختبار التماسك. مع العلم أنه ليس من الضروري تذكر متى تم تعلم شيء ما أو لم يتم تعلمه"1

تمر المنطقة العربية مثل بقية البلدان في العالم التي شهدت اضطرابا سياسيا بعد اندلاع الحراك الاجتماعي وبذلت محاولات للخروج من نظرة شمولية للعلاقات البشرية إلى نظرة ديمقراطية للفضاء المواطني بفترة صعبة وظروف مضطربة وذلك لبقاء العالم القديم على حاله وعسر ولادة العالم الجديد وقد أثر هذا التوتر على نظرة الذات الجمعية لنفسها وتعاملها مع موروثها الرمزي ومخزونها النضالي وذاكرتها الوطنية.
لقد تحول الصراع حول احتلال المواقع وجلب المنافع وتعزيز مكانة الأحزاب السياسية والهيئات المدنية في المشهد الديمقراطي إلى صراع حول الذاكرة النضالية للشعب واندلع تنافس حول أحقية كتابة التاريخ والإمساك بمطلب العدالة الانتقالية ضمن المسار الثوري وبرزت عدة مواقف حول هذه القضية الحساسة:
- الرأي الأول ينادي بالمحاسبة الشاملة والمجاهرة بالحقيقة قبل المصالحة المحدودة
- الرأي الثاني يتبنى خيار المحاسبة الدقيقة والمساءلة العلنية قبل المصالحة المشروطة
- الرأي الثالث يدعو إلى الصفح بغية المصالحة الاقتصادية عبر آلية هيئة الحقيقة والكرامة
- الرأي الرابع يؤكد على ضرورة التسريع بالمصالحة الشاملة من أجل الوئام المدني
من البديهي أن يتم تثمين المجهودات المبذولة من الهيئات الدستورية في إنارة الٍرأي العام وإنصاف المظلومين والمطالبة بإرجاع حقوقهم وجبر أضرارهم، كما يمكن الدعوة إلى المزيد من الشافية والعقلنة والإجرائية والتشاور مع هيئات المجتمع المدني في العديد الملفات وخاصة جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان ونقابات العمال ومختلف الجمعيات المدنية والحقوقية التي شاركت في النضال ضد المنظومة الشمولية. كما يجب الحرص على التمييز بين صيانة الذاكرة الوطني من كل تلاعب واستعمال خاطئ وسيء وبين إعادة كتابة تاريخ الحركة النضالية التي شارك في كتابة ملحمتها شريحة واسعة من القوى التائقة إلى الحرية والكرامة والعدالة من الشعب وخاصة من الشباب والنساء والمثقفين. من هذا المنطلق يبدو التلازم بين المسارات الأربع (المحاسبة ، المساءلة، المجاهرة، المصالحة) أمرا ضروريا ومطلبا شعبيا يسمح بالبلد من الخروج من المنحدر الخطر وتتمثل في استكمال أهداف الثورة ضمن جدلية سيادة الدولة واستمرارها من جهة واحترام منظومة المواطنة والحريات من جهة أخرى.
" هناك قراءاتان للظواهر الذاكرية نتركهما تتنافسان. الأولى تميل نحو فكرة النسيان النهائي: وهذا هو النسيان عن طريق محو الآثار، أما الثانية ، فتميل نحو النسيان الذي يستعاد بل حتى فكرة الذي لا ينسى ، أنه نسيان الاحتياط"2 .
علاوة على ذلك يرى الفكر الملتزم بأن العديد من الأسئلة تنظر أجوبة تفسيرية والعديد من الإشكاليات والقضايا ما زالت عالقة ويمكن ذكر البعض منها على النحو التالي: ما المقصود بالعدالة الانتقالية في الحالة العربية؟ وهل بغلت درجة المأسسة من خلال تركيز هيئات دستورية وانطلاق أشغالها؟ والى أي مدى جسدت الجلسات التي تم تنظيمها حقيقة الانتهاكات التي حدثت في الماضي الشمولي؟ وكيف يمكن فحص بشكل دقيق جراحات الذاكرة الجمعية والإهانات التي تعرضت لها الكرامة الوطنية ؟ وماهو الرهان الذي تسعى إليه المجموعة الوطنية ضمن مناخ تعددي وتشاركي من وجود هذه الهيئة؟ ألم يقم الشعب بالثورة من أجل تحرير الأفراد والمجموعات من الاستبداد والاستغلال والفساد؟ أليس الأجدر أن يعطى كل ذي حق حقه وأن يتم إنصاف الجهات المحرومة والفئات المهمشة والمعطلة والأقل حظا؟ متى يتم تجاوز منطق الثأر والقصاص والتشفي ويقع تبني منطق إيتيقي يكرس الصفح والعفو والتفاهم؟ أليس المطلوب من القوى الفاعلة هو تدبير اختلاف رحيم يجمع بين عدالة النسيان والذاكرة السوية؟
" حين يتعلق الأمر بالنسيان النهائي المنسوب إلى محو الآثار فإنه يعاش كتهديد : ضد مثل هذا النسيان نقوم بعمل الذاكرة كي نؤخر مساره، بل وحتى إفشاله. إن الأعمال الخارقة لفن الذاكرة كانت تهدف إلى رد مصيبة النسيان عن طريق نوع من المبالغة في الاستظهار كي يأتي نجدة إعادة التذكر"3 .
كما أن الرد على هذه التحديات ومعالجة هذه الإشكاليات المطروحة حول علاقة الذاكرة الوطنية بتحقيق العدالة الديمقراطية يتطلب توزيعها ضمن جملة من الأبعاد والمجالات:
- محور تشريعي قانوني يتنزل في باب فقه القضاء الدستوري
- محور بسيكولوجي اجتماعي يرتبط بالضمير المشترك
- محور سياسي اقتصادي ينصف الأغلبية بتوفير الخير العام
- محور أنثربولوجي يطرح استعمال علاجي وقائي للذاكرة
" هناك صلة وثيقة دائما بين نظرية الذاكرة من جهة وبين توجه براغماتي نحو المستقبل من جهة أخرى، بحيث يتسنى ربما القول بأن الذاكرة ليست إلا اختبار متواصلا لتماسك المعلومات مختلفة انطلاقا من توقعات معينة، أكانت ما يود المرء التوصل إليه، أو التخوف من شيء ما ، أو أكانت توقع المرء بحدوث شيء ما رغبته بالرد على ما قد يحدث."4
لكن ما الضامن الذي يمنع الفاعل السياسي من جهة الحكم من معاودة انتهاك الكرامة البشرية؟ وماهي الشروط التي يلزم توفيرها قصد الكف عن التلاعب بالذاكرة النضالية ومنح الاعتراف التام للمناضلين المنسيين بالمساهمة الفعلية في الدفاع عن المجتمع وتضحيتهم بالغالي والنفيس من أجل راية الوطن؟ وكيف يشهد المصالحة والصفح تأجيلا بتأخر مسار المحاسبة والمساءلة وتعطل مطلب العدالة الانتقالية ؟
الهوامش:
[1] لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، ترجمة يوسف فهمي حجازي، منشورات الجمل، كولونيا ، ألمانيا، بغداد، العراق، طبعة أولى، 2010، ص127
[2] ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، ترجمة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بنغازي، ليبيا ، طبعة أولى ،2009، ص608
[3] ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، مصدر مذكور، ص619.
[4] لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، مصدر مذكور، ص127
المصدر:
لومان ( نيكلاس)، مدخل الى نظرية الأنساق، ترجمة يوسف فهمي حجازي، منشورات الجمل، كولونيا ، ألمانيا، بغداد، العراق، طبعة أولى، 2010.
ريكور ( بول)،الذاكرة، التاريخ، النسيان، ترجمة جورج زيناتي، دار الكتاب الجديد المتحدة، بنغازي، ليبيا ، طبعة اولى،2009.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية المواطنة وشرعية الحقوق
- تجديد التربية من خلال إيتيقا الفكر المركب
- فلسفة الحياة اللاّفلسفية
- مخارج التجارب التعاونية من الأزمة الإقتصادية
- بنية الواقع الافتراضي ومعايير الموضوعية العلمية
- ثقافة الذكاء بين اللغوي والإرادي
- وسائطية التربية بين إعداد الفرد وتنمية المجتمع
- ينبغي أن يحطم العلم في البداية الرأي
- راديكالية التدمير وإستراتجية التجذير
- رحلة الفيلسوف من تحرير الحقيقة الى تحقيق الحرية
- تجذير الممارسة النضالية ضرورة نقابية
- أزمة الوعي الديني بين ملجأ الهروب وتضامن الالتزام
- الوعود الثورية للحدث الشعبي 14 جانفي
- غياب المصلحة من التفاوت وضرورة الدفاع عن المساواة
- إعادة تشكيل الفضاء الفلسفي السياسي
- تاريخية تفوق الغرب وراهنية الاستئناف
- النظر الداخلي إلى الذات بين لوك وريكور
- فن الإصغاء إلى الذات وتنمية الاهتمام بالعالم
- النزعة اللاّمادية ونقد الأفكار المجردة عند جورج بركلي
- حال الحرية في اليوم العالمي لحقوق الإنسان


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - نظرية الذاكرة بين التلاعب والتماسك