أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - في بهاء المدن















المزيد.....

في بهاء المدن


فرات إسبر

الحوار المتمدن-العدد: 4803 - 2015 / 5 / 11 - 12:17
المحور: الادب والفن
    


في بَهاء المُدْن
حكايةٌ أوكلاند
مدينة ٌالأشرعة




المدن تشبهُ النساء . لكل امرأة صفاتها وملامحها وأسرارها ، تموج معها في عناق الحياة الدافقة بالأسرار كما المدن الغامضة .
ولكن ما الذي يجعلُ المدن تختلفٌ عن غيرها ؟
ما يقودني إلى هذه السّيرة ، سيرة مدينة الأشرعة "أوكلاند" هو فارق الزمن ما بينها وما بين مدنٍ سقطت وعلى انقاضها قامت دولا ً ودويلات .
مدينة الأشرعة الساحرة "مدينة أوكلاند " جزيرة تقع في جهة الشرق من المحيط الهادي مدينة مكونة ٌ من المرافئ، والخلجان، والشواطئ .
يحتفل النيوزلنديون بذكرى ميلاد مدينتهم العريقة "أوكلاند" أو كما يطلقون عليها أسمها المحببِ إليهم "مدينة الأشرعة .
ان أساطير الشرق تختلفُ عن أساطير هذه البلاد البعيدة عن العالم ،والتي خلقت نفسها بنفسها ،عبر عقل بشري واعٍ، شكلته ذاكرةٌ جمعية ،اعتمدت على الأسطورة في خلق معالم حياتها .
كيف ظهرت أوكلاند الساحرة ؟
زمنٌ الأسطورة مرتبطٌ بوجود إلا نسان ،بدونه لن يكون هناك أساطير تعيش في خيالنا . هي هذا النسيج المتوارث عبر الأزمان والقرون . كلُّ منها يختلف ُ من زمنٍ إلى زمن ٍ ومن رؤيا إلى رؤية، تنسجها مخيلة الكائن البشري ،القادر على استشراف الكون عبر خياله العميق الواسع الذي ولَّدَ لنا أعظم الأساطير ومنها :
أساطيٌر شعوب الماوري أو "الماورية " هم فئة من البشر ،لهم لغتهم الخاصة بهم وهي اللغة الماورية . كانت تعيشُ في جزرٍ بعيدة ٍعن العالم حتى تم اكتشافها .
بعضٌ الكتب تذكرُ أن أول من اكتشف هذه البلاد هو جيمس كوك وكانت رحلته ما بين 1768-1771 وهو بحار أمريكي . وبعضهم يقول أن من سبقه إليها هو البحار الهولندي" كوب " الذي حارب التنين العملاق وغلبه حتى وصل مع زوجته ليجد هذه القبائل التي تسكن اليوم ما يسمى نيوزلندا والتي يطلق عليها باللغة الماورية
" Aotearoa "
أو ما ُيدعى ببلاد الغيوم البيضاء الطويلة.
هذه البلاد "بلاد الغيوم البيضاء الطويلة " تجعلنا ندرك بأن العقل هو محور هذا الكون، والخيال صانعٌ للجمال.
هناك مدن تُخلق بالعقل والحجارة وهناك مدن تخلقها الاساطير والخيال ،كما ُخلقت هذه المدينة على يدي طفل" ماوري" تحدى كل ما يحيطه من مصاعب وأهوال المحيط ليأتي بسمكةٍ كبيرة ٍ تدعى اليوم ، نيوزلندة.
علاقة الأنسان بالمكان هي أهمٌ ملامحَ وجودهِ. وما كان على شعب الماوري ،
هذا الذي وجد نفسه في جزيرة بعيدة ونائية وموحشة بين المحيطات سوى أّن ُيبدع أرضه ويخلقها من خياله الجامح .
ومن قلب الأسطورة وبصنارة ِ طفل صغير ،تظهر هذه الجزيرة الساحرة .
أوكلاند هي مدينة الأشرعة ، أحد ى وأهم المدن النيوزلندية تتقاطع فيها الحكايات والروايات والأساطير التي كانت وما تزال تحيط بهذه الجزيرة التي تقع في المحيط الهادي وتحفل بحكايات تسلب الخيال واللّب بجمال ما ابدعته قدرة الأنسان فيها في الحفاظ على هذا الجمال الطبيعي الخلاب ،المسكون بالسحر منذ لحظة خلقها على يد صيد ٍبارعٍ من السكان الأصليين الماورّي ".
والماورّية كما تقول الحكاية هم الشعب الأصلي لهذه الجزيرة وتختلف الآراء في اصولهم ومن اين قدموا إلى هذه الجزيرة
أكبر مدينة في المحيط الهادئ ، سكانها من أصول أوروبية، و 11٪-;- من الماوري وهم السكان الأصليين وحسب الاحصائيات هناك ما يعادل 13 بالمئة من السكان قدموا من جزر المحيط ومن دول أسيا .

حياة المدن تشبه حياة البشر، بها تظهر ملامحهم وابداعاتهم وعلى جدرانها تقرأ اساطيرهم .
سّير ٌ غامضة ٌ عن أساطير هذه القبائل التي خَلقت الحكاية ومن ثم ُخلقت المدينة ليشع سحر الأسطورة في اكتشاف عالم غامضٍ يسرده ٌ البشر عبر حيواتهم وما يزال سحره إلى اليوم قائما ،يشع بملامح مدن ٍ تسحرك بماضيها العابق بالسحر وبحاضرها الغني المبهج، بعمرانها وحركة التطور والنمو فيها مما يجذب إليها الملايين من السياح في العالم .




تقول الحكاية وبشيء من الخيال الجميل الواسع و الذي لم يُتعارف عليه أبداً في نشأة المدن وكل الدراسات التي قدمها ابن خلدون عن تورايخ المدن لم يكن هناك حكاية تشبه حكاية نيوزلندة .
تقول الحكاية أن
ماوي Maui
وهو أصغر أخوته كان يطلبُ منهم كل يوم أن يصحبوه معهم في رحلة الصيد اليومية التي يقومون بها وفي كل رحلة يعودون بلا صيد ٍولكنهم كا نوا يقولون له بأنه صغير السن ولا يمكن مرافقته للصيد في المحيط حتى أن الأخوة يتمازحون "أنت صغير الحجم وقد نرميك طعماً للاسماك ."
لكن "ما وي" لم يقتنع بما يسمعه من أخوتة وكان يشعرُ بان لديه طاقة عظيمة للصيد فبدأ سراً بتحضير صنارته وطعوم الأسماك والخيوط التي ورثها من جده واحتفظ بها إلى أن أصبح يافعا ً.
و بدأت تجربة "ماوي " في الصيد . ألقى شباكه بينما أخوته من حوله يضحكون والأسماك تتقافز من شباكهم ولكن" ماوي "عانى كثيراً من حجم الأسماك الضخمة الهائلة التي علقت في شباكهِ والتي لم يستطيع الأخوة تقطيعها ، كانت أسماكاً هائلة الحجم ، هكذا ظهرت نيوزلندة في صنارة ماوي وأصبحت هذه الاسماك نيوزلندة أو "أوتياروا" كما هو اسمها الماوري والتي تعني بلاد الغيوم البيضاء الطويلة. وهي كما نعرفها اليوم منقسمة الى جزر و أهمها الجزيرة الشمالية والجزيرة الجنوبية وهكذا ظهرت اوكلاند بعد تقسيم الأخوة لأسماكهم الكبيرة.

في مفارقات عجيبة ومدهشة هناك مدن ٌ تصنعها الحروب والفتوحات والغزوات ومدن أخرى يصنعها الخيال باساطيره فهل يمكن أن نصنع جسرا ًنعبر عليه ما ببن مدن الخيال التي تصبح واقعاً ببشرٍ لهم أنفاس ٌ يعمرون بهاالمدن لتزهو بساكينها وتحتفظ بارثها الغني من الاساطير كما هي اليوم أوكلاند" والتي اصبح عمرها 175 سنة هذه المدينة الكبيرة ابنة ماوي " الصغير الذي لم يثق اخوته به ، فخرج عنيداً وقويا ًمحملا ًبشباك خياله ليصيد لنا مدينة عمرها اليوم مائة وسبع وخمسون عاما ،لنرى في سمائها الأنوار وتزينها الالعاب النارية احتفاءً بها وبجمالها .هذه هي مدينة الاشرعة .!
أوكلاند ،ابنة نيوزلندة "الأم" خرجت من قلب السحر ،من قلب الطبيعة عندما غضبت الأرض خرجت البراكين والزلاز ل وحدث الانفجار الكبير لتظهر على شط ساحل كبير تزينها سماء واسعة كبيرة ، تغطيها غيوم بيضاء طويلة .
جمال الأسطورة ينبع من خلال تفوق البطل .هذه هي ،
أوكلاند مدينة الأساطير تحتفل بميلادها السابع والخمسين بعد المائة تحتفي بهذه الذاكرة العظيمة لبلاد قد لا تعرف الهرم كما يحدد العلامة ابن خلدون عمر المدن ويقيسها بعمر الانسان إذ يقول أن " المدن تهرم كما البشر .. ولكن هذه المدينة الأسطورية كيف لها أن تهرم وهي التي جاءت من الرياح والعواصف والبراكين والزلال ، أليست الطبيعة خالدة ؟ وتجدد نفسها بنفسها .
هذه المدينة الساحرة الخلابة بجمالها الطبيعي البكر وكأنها امرأة لم يمسسها رجل رغم عناق البحر والجبل فيها ترى قمم الجبال مغطاة بالخضرة حتى حدود السواحل .


اوكلاند مدينة الرياح والعواصف وألاشرعة والأساطير تحتفل بعيد ميلادها وما تشهده هذه البلاد ينطبق عليها ما قاله ابن رشد عن عمران المدن وذلك بأن" يتعاقب على هذه المدن وفي أزمان طويلة ملوك فضلاء، فلا يزالون يرعون هذه المدن ويؤثرون فيها قليلا قليلا إلى أن تبلغ في نهاية الأمر أن تصير على أفضل تدبير"
يبدو ان احلام الفلاسفة قد تتحق في هذه المدينة الفاضلة مدينة الأشرعة التي تتربع في احضان المحيط الهادي. وحيدةً وعاريةً امام أمواجه العاتية ولكنها في النهاية امرأة عنيدة وفاضلة ولدت من اسطورة ماورية لشعبٍ تحدى المحيطات ليخلق منها مدينة يسكنها وتسكنه .



















#فرات_إسبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع الموت
- نشيدٌ الصَّباح
- لترمي كل ٌّ واحدةٍ منكن بحجر ٍعلى داعش
- كوباني ليست عين العرب
- الجّحيمُ يهبط ُ من الأَعلى
- الشعر يفتح الأبواب المغلقة
- لا طريق سوى الظلًّام
- هل يغّير الشعر العالم ؟
- لأنها الحربٌ
- الموسيقا ليست عمياء
- لا بلاد لي
- مثل شجرة
- يا أيها الناس
- صباح الأنباري يضيء أماكن شيركو بيكس الشعرية
- في الظل تنام إمراة
- صياد المجرات
- ملامح الذّات الشّاعرة بين غياب الكينونيّ* وكثافة الأنطولوجيّ
- كأني شجرة ذات هوى
- عذراء مثل الضوء
- أمسكُ ذيل الظلام


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات إسبر - في بهاء المدن