أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 25 )















المزيد.....

منزلنا الريفي ( 25 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 16:35
المحور: الادب والفن
    



الوعي...

ما معنى الوعي ؟ المقصود بالوعي هو الوعي بالذات كذات مفكرة ومتيقظة إزاء شروطها، لكن هذا التيقظ ينطلق من الذات، ومعنى ذلك أن يسري النور والفاعلية من داخل الذات، غير أن هذا الوعي لا يمكن أن يفهم إلا في إطار الوعي من أجل الذات، ومؤدى ذلك أن يتمركز النور في الذات، ويمارس الإشعاع على بقية النقط الأخرى ؛ إن الوعي بالذات لا يمكن أن يكون كذلك إلا بالوعي من أجل الذات بمعنى أن يكون هناك التزام إزاء المواقف والشروط التي تنضوي تحتها الذات، وهذه الشروط قد تكون اجتماعية، أو سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية ....
إن المطلوب من الذات هو أن تتموقف حيال أوضاعها، بمعنى أن يكون لها موقف، سواء أكان هذا الموقف إيجابيا أو سلبيا ؛ ذلك هو الالتزام إزاء قضايا المجتمع، فالذات كذات مثقفة تنتمي إلى مجتمع ؛ عليها أن تبرز حضورها وموقفها نحو الأوضاع التي يعرفها المجتمع .
ما هو هذا المجتمع ؟ إن هذا المجتمع هو المجتمع القروي الذي تتنازعه أبعاد متعددة، بين هيمنة المدينة المغربية و من يملكون البث في قراراتها، وبين الهيمنة الإمبريالية التي تستغل مدخرات القرية بتواطؤ مع الكمبرادورية المحلية، ناهيك عن الأعيان والشيوخ الذين يمارسون الوصاية الروحية والمادية على القرويين، زيادة على الإرث القروي المتكلس، وما يتضمنه من حس انبطاحي . إن الوضعية التي ينضوي تحتها القرويون ؛ لا ينضوون فيها وحدهم، بل إنها نفس الوضعية التي ينضوي تحتها عموم الكادحين والمهمشين داخل المدينة، ولاسيما الذين لا يساهمون في الاقتصاد الوطني، ومن ثمة لا ينبغي خلق نوع من الاستعداء بين هؤلاء المهمشين سواء أكانوا قرويين أو مدينيين ؛ ينبغي للمثقف انطلاقا من الرسالة التي يحمل من أجل تحرير هؤلاء الذين جردوا من إنسانيتهم أينما وجدوا، وفي الوقت الذي وجدوا فيه،وأن يكون النقد منصبا ضد هؤلاء الذين يمارسون التعمية انطلاقا من السلطة المخولة لهم. ومن ثمة لابد أن يكون النقد جذريا .
إن وعي المثقف بذاته، وفي نفس الوقت وعيه من أجل ذاته هو الالتزام بعينه، فالمثقف عليه ألا يبالي بالنتائج المترتبة عن نضاله ؛ المهم أن يقول كلمته، فالدرس الذي تلقاه المثقف هو درس الإنسانية، ولكي يعيش كإنسان عليه أن يلتزم بما تتضمنه الإنسانية من نضال من أجل التحرر والوعي والمسؤولية والعدالة ...
من هنا، فلكي ينتقل المجتمع من مرحلة العبودية إلى رحاب الإنسانية ؛ على المثقف أن يكون هو القنطرة من أجل الولوج والمرور، بيد أن هذا الولوج لا ينبغي أن يحمل في طياته تجريد الناس من وعيهم ؛ على الناس أن ينتقلوا إلى رحاب الإنسانية وهم واعون بهذا الانتقال، ولهذا لابد أن يكرس المثقف النقاش والحوار والتعدد والاختلاف ؛ أي بمعنى تكريس ثقافة الفعل عوض الانفعال .
بغض النظر عن هذا الجانب، لا تكتمل مهمة المثقف إلا بالتزامه نحو المثقفين الآخرين، إنه جزء أساسي من الوعي، على المثقف أن يوحد الجهود مع المثقفين الذين يسيرون في نفس الدرب، وأن يقيم جهودهم، وأن يدعمهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ؛ على المثقف أن يوجه النقد بدون مهادنة للمتملقين والانتهازيين الذين ما فتئوا يتسلقون على حساب مصالح الجماهير وعموم الكادحين .
*****************
الالتزام...
ما معنى أن يلتزم المثقف ؟ لا يمكن أن نجيب عن هذا السؤال إلا على ضوء طرح سؤال ملازم له : هل يعتبر المثقف مثقفا إذا لم يلتزم حيال أوضاع مجتمعه ؟ الجواب : هو أن المثقف لا يكون مثقفا إلا إذا التزم بأوضاع مجتمعه، فالمثقف هو الذي يصف أوضاع مجتمعه، ويفهمها، ويسعى إلى تغييرها، أما إذا انزوى حول ذاته، فلا يمكن أن نعتبره مثقفا، إنه كلب حراسة يراقب ممتلكات سيده من أجل أن يترك له الفتات، إن المعرفة التي يحمل المثقف يتوجب أن تكون صالحة للإجابة على أسئلة واقعه، وفك شيفرتها، وإشباع رغبات الفاعلين داخل المجتمع .
إن هؤلاء الفاعلين ينتظرون من المثقف أن يكون الزعيم، وليس المقصود بالزعيم هو الارتكان في البرج العاجي، وممارسة السلطة، بل عليه أن ينزل إلى الواقع ليعايش أوضاع الجماهير لينصت إلى صوتهم، وملاحظة واقعهم، والدفع بهم نحو الثورة على بؤسهم، إن المثقف الحق هو ذلك المثقف الذي يعتبر أن حاله هو حال البؤساء والمنبوذين، وأن قضيته هي قضيتهم، فإخراج هؤلاء البؤساء من بؤسهم هو تحقيق لإنسانيته، وإنسانية الإنسانية جمعاء .
ليست مهمة المثقف هو تبرير أوضاع البؤساء، والذين يرزحون تحت العبودية، وما تتضمنه من تجريد لحقوقهم الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، بل مهمته هي توعية الجماهير من أجل حقها في الشغل، وفي التقسيم العادل للثروة، وكذلك المساهمة في الشأن العام، ناهيك عن الحق في الترقي الاجتماعي، والوصول إلى المناصب العليا، والقضاء على أحزمة الفقر والبؤس ...، ولا يتوقف الأمر عند حدود هذه الحقوق، بل إن المثقف عليه أن يكون صوت كل من جرد حقه في الوجود، بمعنى كل من حرم أن يعيش ممتلئ الوجود .
*********************
الأمل...
هل ما نتكلم عنه هو الواقع بعينه ؟ كلا ... ما هذا بالواقع ؛ إن تنظيراتنا لا تحاكي الواقع، لكنها نابعة من فهم و استشراف له، لكن هل هذا الواقع معطى أم مبني ؟ إن الواقع هو ما يتم بناؤه، وهذا الواقع الذي نتكلم عنه هو مبني، بناه هؤلاء الذين يتحكمون في زمامه، إذن على المثقف أن يبني واقعه، غير أن هذا البناء لابد أن يكون نابعا من الفهم الجيد للواقع، ومن ثمة لابد للمثقف أن يحمل مشروعا متكاملا يستوعب تمفصلات الواقع .
عن أي واقع نتكلم ؟ إن الواقع الذي نتكلم عنه هو الواقع القروي، فمادمنا قرويين، فإن علينا أن نلتزم بأوضاعه، بمعنى أن نفهمه على أمل تغييره . لكن هل يمكن تغييره ؟ يمكن تغييره شرط أن يكون هناك مثقف ملتزم حيال قريته، ومفاد ذلك أن ينتقد السياسات التي تمارس على القرية، فانتقاد هذه السياسة نوع من المواطنة، بمعنى الفاعلية داخل المجتمع .
هل هناك مثقف يحمل الهم القروي ؟ من الصعوبة العثور على ذلك، ولكن يبقى الأمل في انبثاق مثقف يحمل الهم القروي، فوضعية القرية لا تطاق، فما تنتجه القرية لا يستهلكه القرويون، وتوزيع خيرات القرية لا يستفيد منها القرويون، فأية حالة هاته ؟! لذلك يبقى الأمل في بزوغ قرويين متنورين يتجندون بالتزام في الدفاع عن القرية، وهي رسالة ليست موجهة للقرويين وحدهم، بل هي لكل المثقفين الملتزمين أينما وجدوا .

عبد الله عنتار – الإنسان-/ 16 دجنبر 2013/ واد زم – وسط المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (24)
- منزلنا الريفي (23)
- منزلنا الريفي (22)
- منزلنا الريفي ( 21 )
- منزلنا الريفي ( 20 )
- قناني الحياة
- شرارة وعي من داخل التيه من أجل التيه - قراءة تفكيكية في أعما ...
- منزلنا الريفي ( 19 )
- شحوب وغروب
- منزلنا الريفي ( 18 )
- منزلنا الريفي ( 17 )
- منزلنا الريفي ( 16 )
- دموع حبيبتي
- منزلنا الريفي ( 15 )
- الغروب
- منزلنا الريفي ( 14 )
- منزلنا الريفي ( 13 )
- المواطن - شعيبة - ( 3 )
- زوابع وخريف
- من واد زم إلى زحيليكة : رحلة في ثنايا الريف


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي ( 25 )