أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (4)















المزيد.....


الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (4)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3858 - 2012 / 9 / 22 - 13:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963
القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (4)

ومن جانب آخر أشار وزير مالية حكومة عبد الكريم قاسم الأولى، محمد حديد إلى دور الكويت في هذا الموضوع بالقول "... إلى أن قضي على عبد الكريم قاسم في انقلاب 8 شباط / فبراير، وهو الانقلاب الذي ساهمت الكويت فيه بالتعاون مع أطراف عربية وأجنبية. ونتيجة لذلك التآمر اعترفت الحكومة العراقية الجديدة باستقلال الكويت ، لقاء ثمن قيل أن الكويت قدمته إلى المسؤولين في الحكومة العراقية...
وبحسب ما ذكر إسماعيل العارف فقد عقدت جلسات تفاوض كانت خاتمتها في أثينا ( يقصد بها المفاوضات بين حكومة قاسم والتي قادها عنها السفير قاسم حسن والكويت-الناصري)، في الوقت الذي كان وفد كويتي آخر يشترك مع المتأمرين في التخطيط لحركة 8 شباط التي أنهت بنجاحها قضية الخلاف مع الكويت. وقد تبين من مجرى الأحداث أن الكويت قصدت من المفاوضات القيام بلعبة دبلوماسية لتفويت الفرصة على عبد الكريم قاسم للقيام بأي إجراء ضجها من جانب وصرف الأنظار من جانب آخر عن التآمر الذي كانت ضالعة فيه... ". ويبدو أن صاحب فكرة المفاوضات مع قاسم كانت من بنات أفكار بريطانيا
- وفي الوقت ذاته يؤكد باتريك كوكبورن حول موضوع (القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة) العلاقة بين قادة الانقلاب والقوى الخارجية بالقول من أن: [... الوكالة (المقصود المخابرات الأمريكية - الناصري) لعبت دوراً رئيسياً في إعداد قوائم بأسماء الذين تمت تصفيتهم في أعقاب الانقلاب من قبل فرق الموت التابعة لحزب البعث، ويعتقد بأن عدد ضحايا الانقلاب بلغ الآلاف، منهم 600 من أطباء ومحامين ومعلمين وأساتذة جامعيين يمثلون النخبة العراقية المثقفة... وقد جرى وضع قوائم الموت في مقرات المخابرات المركزية في بلدان الشرق الأوسط بالتعاون مع منفيين عراقيين. وفي القاهرة استعانت الوكالة بضابط مخابرات مصري حصل على معظم معلوماته من صدام حسين أثناء إقامته في العاصمة المصرية. وأن أطول قائمة وضعها أحد عناصر الوكالة وهو ((وليم ماكهيل)) الذي كان يعمل تحت غطاء مراسل لمجلة ((التايم)) في بيروت. وحالما وصلت قوائم المخابرات المركزية إلى بغداد كانت النتيجة مجزرة استثنائية في وحشيتها، فقد قتل شيوخ ونساء وحوامل وعذب البعض حتى الموت أمام اطفالهم... ويُؤكد أن صدام حسين الذي عاد من منفاه في مصر لينضم إلى المنتصرين، تورط شخصياً في تعذيب اليساريين في مراكز اعتقال مخصصة للفلاحين وأخرى للمثقفين... ]. (التوكيد من - الناصري)
ويؤكد ذات المؤلف في أحدث كتاباته هذا الرأي بالقول: [... ففي الثامن من شباط أطاح انقلاب عسكري بقاسم، حيث لعب حزب البعث دوراً قيادياً. فقد كان الدعم للمتآمرين محدوداً، ففي الساعات الأولى من القتال كان بحوزة البعثيين تسع دبابات فقط و850 عضواً فعالاً، لكن يبدو أن قاسم تجاهل التحذيرات المتعلقة بانقلاب وشيك الحدوث، والذي أمال كفة الميزان أكثر ضده هو تورط الولايات المتحدة في هذا الانقلاب لأن قاسم أخرج العراق من حلف بغداد الذي أقيم لمحاصرة السوفييت. وفي العام 1961 هدد باحتلال الكويت وكذلك أمم جزءاً من شركة نفط العراق، المتألفة من اتحاد شركات نفط أجنبية ضخمة لاستغلال نفط العراق.
فعند إستعادة أحداث الماضي والتأمل فيها نجد أن الانقلاب العسكري كان مفضلاً ومحبذاً لوكالة المخابرات المركزية، حيث صرح جيمس كريستفيلد، الذي نصّب مؤخراً رئيساً لوكالة المخابرات المركزية في منطقة الشرق الاوسط، ((لقد غضينا الطرف عمّا كان يحدث في العراق حينها) ويضيف (فقد اعتبرناه أعظم نصرٍ لنا). وقد أكد المشتركون من الضباط العراقيين في الانقلاب ما صرح به كريستفيلد من تورط الامريكيين فيه، حيث صرح علي صالح السعدي، السكرتير العام لحزب البعث والذي كان على وشك إقامة حكم إرهابي لم يسبق له مثيل في المنطقة قائلا (لقد أتينا إلى السلطة على قطار وكالة المخابرات الأمريكية). فقد تضمن مساعدة وكالة المخابرات المركزية وبصورة رسمية على التنسيق مع مخططي الانقلاب عن طريق مركز الوكالة في سفارة الولايات المتحدة في بغداد (كان مدير المركز وليم ليكلاند - الناصري) إضافة إلى محطة الراديو السرية في الكويت، وفي نهاية الأمر، نجد أن قاسم احتفظ بشعبية بعد الإطاحة به، فبعد إعدامه رفض أنصاره التصديق بأنه ميت حتى عرض قادة الانقلاب من على شاشة التلفزيون وعلى صفحات الجرائد اليومية تُظهر جسده وقد اخترقته عيارات نارية... ].
-ويجسد مرة ثانية وزير العدل الاسبق رامزي كلارك، موقف الولايات المتحدة الأمريكية ونشاطها السري من أجل الاطاحة بثورة 14 تموز ونظامها بالقول:
"... لقد كان العراق هدفاً لنشاط سري منذ عام 1958 على الأقل عندما بدأ النفوذ البريطاني على المنطقة يضعف . ففي 14 تموز من تلك السنة أطاحت ثورة شعبية قادها عبد الكريم قاسم بالنظام الملكي القائم منذ 1921. وعملت الحكومة الجديدة على أنشاء منظمة البلدان المصدرة للنفط( أوبيك)، التي نشكلت عام 1960 لمواجهة نفوذ احتكارات النفط الغربية وقال قاسم : " نحن لا نحارب شركات النفط للحصول على 7 ملايين دينار أخرى في السنة، ، نحن نقاتل لإدخال جمهوريتنا عصر الصناعة ولإنهاء اعتمادنا على بيع النفط الخام...".
وتحدى قاسم سيطرة شركات النفط الغربية المطلقة على تسويق البترول العربي . ولم تكن الولايات المتحدة لتتساهل إزاء هذا التحدي الذي يعرقل نواياها التي طال التخطيط لها للحلول محل استعمارين البريطاني والفرنس كقوة وحيدة مسيطرة في الشرق الأوسط. ومنذ ذلك الحين خططت الولايات المتحدة لإضعاف العراق والسيطرة على نفطه. وبعد وقت قصير من ثورة عام 1058 شكلت المخابرات الأمريكية لجنة للتآمر بهدف إغتيال عبد الكريم قاسم. وفي الوقت نفسه وضعجنرالات أميركيون في تركيا خطط عسكرية تحت أسم ( عظمة المدفع) لغزو شمال العراق والاستيلاء على حقول النفط هناك. وفي عام 1963ذُبح عبد الكريم قاسموالآلاف من مؤيديه في انقلاب دامي دعمته المخابرات الأميركية ... ".( التوكيد منا- الناصري).
- كما كتب ميشيل ديبرا، حول علاقات الولايات المتحدة بانقلاب 8 شباط بالقول :
"... والحال أن تاريخاً أمده أربعون عاماً مضت، يطفح بالأمثلة عن تورط أشخاص غير عراقيين / منهم خمسة رؤساء أميركان ، وفي الأقل ثلاثة رؤساء فرنسيين وعدد من رؤساء الحكومة البريطانية وزمرة من المقاولين الغربيين ، كلهم متواطئين مع الدكتاتور (صدام حسين)، بل هم أحياناً شركاء في جرائم ارتكبها النظام البعثي تحت رئاسة جون كندي ، إبتدأت واشنطن بمساعدة المذابح في العراق . ففي عام 1963‘ انتاب الولايات المتحدة القلق من الرئيس عبد الكريم قاسم، لما أقترب من موسكو وهدد بتأميم نفط العراق ، فقررت الولايات المتحدة عندئذ التصرف حيال ذلك . وفي 8 شباط من العام 1963 دعمت الانقلاب الذي نفذه حزب مناوئ للشيوعية، ألا وهو حزب البعث . وبهذا الصدد يؤكد السيد جيمس أكنز وكان حينها مستشاراً سياسياً في سفارة الولايات المتحدة ببغداد بُعيد الانقلاب: (كنا نعطي البعثيين المال، مالاً كثيراُ، ونزودهم كذلك بالتجهيزات / ولم نكن نعلن عن ذلك بصراحة ، إنما كان الكثير منا يعلم ذلك ...).
بعد إعدام الرئيس قاسم، شرع البعثيون بتعذيب وقتل آلاف الشيوعيين والمتعاطفين مع اليسار من أطباء وقضاة وعمال : ( لم نكن نتلق إلا أمراً واحاً: غقصاء الشيوعيين) هذا ما صرح به أحد الفاعلين في المجزرة...ولطالما انكرت واشنطن ، لكن عدداًمن منظمي الانقلاب كشفوا أن (سي. آي. إي) لعبت دوراً دوراً فعالاً قس المذبحة وبخاصةً بتزويدها البعثيين قوائم بأسماء الشيوعيين. وفي العام 2003وجهت إحدى وكالات الأنباء سؤلاً لمسؤول سابق قي الدبلوماسية الأمريكية، فطلب عدم الكشف عن أسمه قبل أن يجيب قائلاً: ( بصراحة كنا سعداء جداً في التخلص من الشيوعيين!!هل تعتقدون بنهم كانواً يستحقون عدالةً أكثر إنصافاً مما فعلناه؟ أنتم تمزحون طبعاً فالقضية كانت بالغة الخطورة علينا...).
ثمة تقرير لم يكشف عنه حتى ذلك الحين يخص اجتماعاً عقد ببغداد في 9 من حزيران من العام 1963 بين الأمريكان والبعثيين يؤكد الرغبة( المشتركة لإحتواء الشيوعية في المنطقة ) كان العدد المستهدف يشمل أيضاً الأكراد الذين كانوا يقاومون السلطة البعثية في شمال البلاد. إذ أكد صبحي عبد الحميد الذي كان يقود عمليات الجيش العراقي في ذلك الوقت ضد الأكراد، أنه تفوض شخصياً مع الملحق الأمريكي على تسلم خمسة آلاف قنبرة بغية تحطيم المقاومة. ( ثم أهدى الأمريكان لنا ألف قنبرة نابالم لقصف القرى الكردية من دون أن يقدموا لنا فاتورة حسابها) وحسبما يفيد الأكراد الذين عايشوا عمليات القصف هذه، حرق النابالم قطعان الماشية وقرى برمتها. لكنهم في ذلك الوقت كانوا يتصورون أن هذه النابالم من عمل السوفييت... ".
- ويتطرق الكاتب العربي سعيد أبو الريش إلى الموضوع ذاته بالقول:
[... كانت مؤامرة /البعث C. I. A./ ضد قاسم أكثر حجماً من الاتصالات المتقطعة التي كانت قائمة مع صدام. لقد كانت خطة الإطاحة بالرئيس العراقي تحت اشراف وليم ليكلاند المتخذ من بغداد مقراً له في السفارة الأمريكية، تمثل واحدة من أكثر عمليات C I. A (سي. آي. أي) كثافةً في تاريخ منطقة الشرق الأوسط. لقد كان التعاون مع مراتب قليلة الشأن في حزب البعث جزءاً من الصورة الكبيرة لجريمة البعث - C. I. A. المشتركة. لقد كان هذا التعاون ثمرة عمل جيمس كريتشفيلد، الخبير في عمليات التخريب داخل الحركة الشيوعية، جُلب للشرق الأوسط من أجل التعامل مع تصاعد الحركة الشيوعية في العراق واحتمال استلامها زمام الأمور فيه. لقد مثل جهد المخابرات الأمريكية في إيجاد صلات مع المراتب الدنيا من حزب البعث في القاهرة عملاً إضافياً للجهد الكبير الذي قامت به المخابرات في إيجاد صلات مع عناصر مهمة من حزب البعث في دمشق وبيروت. رغم معارضة جمال الأتاسي (أحد أعضاء حكومة البعث في سوريا آنذاك). كان البعثيون العراقيين مصرين على أنه لا يمكن إسقاط عبد الكريم قاسم بدون مساعدة الأمريكان. لقد استطاع الأمريكان أن يضمنوا تعاون ناصر معهم، مع ذلك بقيت أجهزة الأمن المصرية تتابع تحرك صدام وجماعته، وهذا راجع بطبيعة الحال لسرية نشاطاتهم مع الأمريكان...].
إعداد القوائم
أما بصدد المصادر التي نظمت القوائم الخاصة بالشيوعيين، والواجب تصفيتهم فيقول ذات المؤلف: [... إن اغتيال أناس تركوا الحزب الشيوعي، تكشف منشأ القوائم التي نظمتها المخابرات الأمريكية. لقد كان مصدرها الأولي هو وليم ماكهال، عميل المخابرات الأمريكية، أشتغل تحت غطاء مراسل لمجلة التايمس، وشقيق دون ماكهال، الذي كان في ذلك الوقت موظف رفيع المستوى في المخابرات الأمريكية في واشنطن. لقد حصل ماكهال على الأسماء في بيروت من موظف سابق في مديرية أمن العهد الملكي، وكان وكيلاً سابقاً لبهجت العطية (مدير الأمن العام في العهد الملكي الذي تم إعدامه في 1958)، بطبيعة الحال كانت معلوماته قديمة. ولكن ماكهال لم يكن المصدر الوحيد لهذه المعلومات، فقد اشترك في هذه العملية الخسيسة ضباط كبار في المخابرات المصرية، بعثيون مسيحيون في لبنان، مجموعة صدام في القاهرة... لقد كان التعاون بين وليم ليكلاند وعماش وبقية الضباط يتم على المكشوف. رغم أن مشاركة ناصر في الانقلاب كانت بسيطة، مع أنه نصح علي صالح السعدي بالحذر من ليكلاند والمخابرات الأمريكية.. لقد كان ليكلاند واحداً من رجال الاتصال مع عبد الناصر عندما أطاح بالملك فاروق عام 1952... ].
- كما ذكر د.أحمد عبد الهادي الجلبي، في محاضرة له يقول فيها: "... أما تدخل أمريكا الحقيقي الأول في العراق فبدأ سنة 1962، حينما كلفت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي. آي. أي) من جانب رئيس الولايات المتحدة بمجابهة الاتحاد السوفيتي والحزب الشيوعي في العراق ، فعملت ال ( سي. آي. أي) بشكل مباشر وبتحالف مع النظام المصري حيتها بزعامة جمال عبد الناصر، وتعاونت مع حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق، خصوصاً كوادر الحزب في القاهرة ومن ضمنهم صدام حسين على تشجيع وتأهيل الحزب لتسلم الحكم. وقد ذكر لي أحد مسؤولي ال (سي. آي. أي) في فرانكفورت وأسمه جيم كريتشفيلد، كان مسؤول ال( سي.آي. أي)في أوربا، أن (الوكالة) أصدرت بالتعاون مع البعثيين قائمة بأسماء 1700 شخص تقريباً يجب تصفيتهم لدى قيام أي حركة ضد عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي في العراق. وفعلا نشرت هذه الأسماء عبر إذاعة سرية للأمريكيين في منطقة الشرق الأوسط... ".
- في الوقت نفسه "... تحدث جيمس آيكنيس الذي كان يعمل في السفارة الأمريكية في بغداد آنذاك عن قادة حزب البعث ويقول: ... عرفت كل زعماء البعث وأعجبت بهم . ويؤكد أن المخابرات الأمريكية C.I.A لعبت دوراً في انقلاب حزب البعث عام 1963. لقد اعتبرنا وصول البعثيين إلى الحكم وسيلة لاستبدال حكومة تؤيد الاتحاد السوفيتي بحكومة آخرى تؤيد لأمريكا. إن مثل هذه الفرص قلما تتكرر. ويضيق آيكنيس صحيح أن بعض الناس قد أعتقلوا أو قتلوا إلا أن معظم هؤلاء كانوا شيوعيين ولم يكن ذلك ليزعجنا... ".
- وقد نقل الصحفي ((جورج هربوز)) المبعوث الخاص لوكالة الأنباء الفرنسية في بغداد في 13 - 2 - 63 عن أوساط رسمية للنظام الجديد قولهم بشكل دائم:
[لدينا قوائم بأسماء جميع الشيوعيين، ولن نترك أحداً منهم يفلت من يدنا... ] .
ويعترف الفكيكي بهذه القوائم بعبارة مقتضبة ومخففة. عندما يقول: [... وقبل ذلك صدر الأمر إلى فرق خاصة من الحرس القومي الناشيء باغتيال قاسم ووصفي طاهر وجلال الأوقاتي والمهداوي وعبد الكريم الجدة وطه الشيخ أحمد فضلاً عن قائمة بسبعين اسماً لشيوعيين بارزين وضعت لغرض اعتقالهم... ] .
لكن الفكيكي عضو القيادة القطرية آنذاك لم يوضح في اعترافاته هذه، من أعد هذه القوائم وما هو مصدرها؟ وهل هي العناصر الحزبية القيادية فقط؟ أم بالتعاون مع الجهات التي أشار إليها كوابيرون وآخرون؟ وما سر التشابه بين فعل الإعداد المسبق لهذه القوائم بما تم في الانقلاب المضاد لمصدق في إيران 1952 والذي دبرته وكالة المخابرات الأمريكية، وتلك الانقلابات ذات الصبغة اليمينية التي دبرتها ذات الوكالة في أمريكا اللاتينية، ومن ثم لاحقاً في إندونيسيا 1965 - 1966؟ إذ قامت "... وكالة المخابرات الأمريكية بتسليم كشوفات تحوي أسماء اليساريين إلى القائمين على تدبير انقلاب بونيشيت في شيلي 1973، وقد أثبتت الوثائق في الفترة الأخيرة على وجود هذه الكشوفات... "
كما أن النص المذكور أعلاه يحاول قدر الإمكان تبرير وتخفيف واقع المسؤولية الجنائية للعناصر التي ساهمت في المجزرة التي حدثت. كذلك يحاول تلطيف الصورة الكالحة لتلك الفترة المظلمة والتي انطبعت في الوعي الشعبي الاجتماعي العراقي، كفعل ارتداد في مسيرته التطورية وارتقائه الحضاري اللذين انطلقا بصورة واقعية منذ ثورة 14 تموز 1958.
وترابطاً بالموضوع نُشير إلى أن إذاعة الانقلاب في بغداد أذاعت يوم 8 شباط وفي الساعة الثالثة وخمس وأربعون دقيقة ب. ظ.، بياناً يدعو مدير شرطة النجدة، فاضل السامرائي المُعين من قبلهم، إلى إلقاء القبض على الأشخاص المشتبه بهم والمُزود بقائمتهم. (راجع الملحق رقم 2). بمعنى أن القائمة كانت معدة سلفاً ولم تكن مرتبطة بمقاومة هؤلاء الأشخاص للانقلاب، كما يشير تبريراً الأغلب الأعم من أقطاب النظام آنذاك ومنهم الفكيكي وشبيب والخيزران وغيرهم.
ومع كل هذه الوثائق الدالة، ينشر الأمين القطري لحزب البعث في العراق آنذاك، يحرف الوقائع ويقول أن هذه الاعتقالات قد أبندأت "... من يوم العشرين من شباط / قبراير ... "، وقد سبق له أن كرر هذا الإدعاء في حلقة سابقة من أوراقه عندما قال: "... أنه لم يجر أعتقال أي شيء عضوا أو مناضراًلا في اليوم الثامن أو التاسع والعاشر وحتى اليوم العشرين من شباط/ قبراير... ". إن هذا الإدعاء لا يصمد أمام الوقائع المادية التي سادت آنذاك .. وتُدحضها حتى تقارير حزب البعث العراقي تفسه، ومذلك حركة القوميين العرب الشريك الأصغر... ".
في وصف الانقلاب، قال رئيس عمليات وكالة المخابرات المركزية في الشرق الأوسط ((جيمس كريتشفيلد)) بأنه [نتصار عظيم بالنسبة لنا]. إذ بالإضافة إلى مساهمتهم في تحقيقه، فقد رسم الانقلاب التاريخ اللاحق الجيو/سياسي للعراق والمنطقة، وفقاً للمنطوق الامريكي الذي تكرست هيمنته الأولية منذ ذلك التاريخ، والذي أصبح القوة المؤثرة فيها دون منازع يكبحه، وخاصة ما يتعلق بالثروة النفطية واستغلالها وبالقضية العربية المركزية (فلسطين) وسبل حلها، وهذا ما يثبته واقع الحال الراهن. وما تشهده القضية من تقزم يعود ببعض مسبباته، إلى ذلك الانقلاب.


الهوامش والتعليقات:

- محمد حديد، المذكرات، ص. 443، مصدر سابق. ويشير حديد من جهة ثانية في ص. 473، إلى أنه "... قد ذكرت بعض المصادر الموثوقة بها بينهم بعثيون ، أن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية CIA، برئاسة المستر آلن دلاس ، الذي كرس طاقته لمناهضة الشيوعية في فترة الحرب الباردة، كان مشاركاً في عملية الإطاحة بنظام قاسم ، وفي حالات غير قليلة زودت المخابرات الأمريكية الانقلابيين بإسماء ناشطين شيوعيين كان مصيرهم القتل...".
2 باتريك كوكبورن - انقلاب شباط 1963 مهد الطريق لصعود صدام حسين، مجلة رسالة العراق، العدد32، آذار، 1997، ص 27.
3- راجع أندرو كوكبورن و باتريك كوكبورن، صدام الخارج من تحت الرماد، ولادة صدام حسين من جديد، ترجمة علي عباس، ص 136 - 137، مكتبة مدبولي القاهرة ودار المنتظر بيروت/ عام 2000 ميلادية 1421 هجرية
4 - رامزي كلارك، ص. 23، مصدر سابق.
5- ميشيل ديبرا، صديقنا صدام.. أيام كانت الولايات المتحدة وفرنسا حليفتين للدكتاتورية، جريدة المدى، في 8/5/ 2005.
6 - سعيد أبو الريش، صدام حسين ((سياسات الانتقام))، الفصل الثالث. لقد ترجم النص لنا - وأنا مدين له - الصديق الودود عزام مكي من خلال متابعته للحدث السياسي في عراق تلك المرحلة.
7-- جريدة المؤتمر العدد 304 في 15/9/2002، مستل من د. عبد الخالق حسين، ثورة 14 تموز العراقية، ص. 152، مصدر سابق.
8- آلان تيل ( مراسل الشؤون الدولية لبي بي سي) عالم صدام الخاص، موقع الوكالة في الانترنيت بتاريخ 17/1/2003. مستل من عزيز سباهي عقود من تاريخ، ج.2، ص. 225، مصدر سابق.
9 - راجع نص التقرير مترجماً في مجلة أصوات، العدد13، مصدر سابق. ص 44. ويمكننا أن نضيف مصدر أخر لأصل هذه القوائم وهو قاعدة حزب البعث العراقي، وبخاصة في مديرية الأمن العامة و الشرطة. لكن هذه القوائم تنصب على القيادات الوسطى والدنيا من الحزب الشيوعي والقوى اليسارية. وهي تختلف عن تلك التي اعدتها المخابرات الامريكية من ناحية وجوب تصفيتهم جسدياً، لأنهم يمثلون الكادر المتقدم في الحزب. في حين ترك مصير الآخرين للقيادات الحزبية.

10 - هاني الفكيكي، أوكار الهزيمة، مصدر سابق. ص 224.

11 -جريدة الزمان ، العدد 1232 في 12/6/2002.
12- حازم جواد. من اوراق، القدس العربي في 24/2/2006. مصدر سابق.
13 - المصدر السابق، في 23/2/ 2006.
14- راجع للمزيد جمال باروت، حركة القوميين العرب، مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963 القطار الأمريكي وسباق المساف ...
- القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (1-10)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :4-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر : (3-4)
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر انقلاب 8 شباط 196 ...
- من تاريخية العنف المنفلت في العراق المعاصر :
- 14 تموز والتيار الديمقراطي
- حوار عن قاسم وتموز
- (8-8) من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (7-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- (6-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم ...
- (5-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (الجمه ...
- (4-8)من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر (3-8)
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثان ...
- من تاريخية الانقلابية العسكرية في العراق المعاصر القسم الثا ...
- رحيل آخر عمالقة رواد الفكر الديمقراطي في العراق المعاصر
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(5-5)
- من تاريخية الحركات الانقلابية في العراق المعاصر(4-5)


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - الانقلاب التاسع والثلاثون- 1963،القطار الأمريكي وسباق المسافات الطويلة (4)