أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - إسرائيل إذ يحكمها سليل جابوتنسكي وريغان















المزيد.....

إسرائيل إذ يحكمها سليل جابوتنسكي وريغان


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 12:04
المحور: القضية الفلسطينية
    


ثمة أزمة اقتصادية اجتماعية في إسرائيل، أظهرتها للسطح موجة احتجاجات شعبية، آخذة في التوسع، ديموغرافياً وجغرافياً، تحت مطلب "العدالة الاجتماعية"، كشعار ناظم. ويمتنع المنظمون، والمشاركون في هذه الاحتجاجات، عن ربط هذه الأزمة بسياسة الصرف الخيالي على الأمن والحروب والاستيطان والتهويد، كسياسة شاركوا في تنفيذها، ولا يزالون. أما قادة إسرائيل، فيهربون، كأسلافهم، من هذا الربط، كما يهرب خائف من طاعون، خلقه بيديه، وما زال ينشره كوباء معدٍ. هذا رغم أن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الإسرائيلية، وما أفضت إليه من احتجاجات، تشكل حدثاً نوعياً لصيقاً بسياسة التطرف الصهيوني، أي بسياسة رفض التسوية السياسية واحتراف الحروب، وانتهاج وتكثيف عمليات الاستيطان والتهويد، وانتهاج وزيادة ترسيم العنصرية ومأسستها في قوانين، ما انفكت "الكنيست" تثابر على تشريعها.
وأكثر من ذلك، فإنه يصعب سبر غور الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الراهنة في إسرائيل، من دون الإحاطة بالتحولات التي طرأت على البنية السياسية الاجتماعية الصهيونية، التي قادها، قبل، وبعد، تأسيس إسرائيل عام 1948، جناحان:
الأول: جناح صهيوني براغماتي، بزعامة بن غوريون، استعمل تراث الحركة الاشتراكية العالمية، ووظفها، في بناء كيان رأسمالي استعماري استيطاني، بطابع إجلائي إحلالي، يتمتع المستوطنون فيه بحدٍ من العدالة الاجتماعية، قادر، (مع صندوق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة)، على طحن التناقضات الداخلية، وصهرها في بوتقة التناقض الخارجي.
الثاني: جناح صهيوني متشدد، (الصهيونية التصحيحية)، بزعامة جابوتنسكي، المُتأثر، منذ أوائل القرن المنصرم، بالأفكار الرأسمالية، وبأفكار الحزب الليبرالي البولندي، المعادي للحركة الاشتراكية وفكرها، أيام كانت بولندا جزءاً من الإمبراطورية الروسية.
في إطار الصراع بين هذين الجناحين، تشكلت، وتحولت، البنية السياسية الاجتماعية الصهيونية، وبالتالي الإسرائيلية، وإن ساد جناح بن غوريون، المعبَّر عنه في حزبي: مباي، (حزب العمل لاحقاً)، ومبام، (حركة ميرتس لاحقاً)، من خلال تمكُّنه من استمالة غالبية البنية الاجتماعية، عبر بناء نظام اقتصادي تعاوني أقرب للنمط الاشتراكي، (الكيبوتسات)، وكسب غالبية العمال الإسرائيليين، من خلال السيطرة على نقابتهم العامة، "الهستدروت". فيما لم يستطع امتداد جناح جابوتنسكي، المُعبَّر عنه في تكتل الليكود،( تكتل حزبي: حيروت بزعامة بيغن، والأحرار المستقلين بزعامة يتسحاق مودعي)، من كسب الغالبية الشعبية للمبنى الاجتماعي الإسرائيلي، رغم منافسته عليها، من خلال تأسيس "الموشافات"، كشكل تعاوني تقليدي، رأسمالي في الجوهر.
ظل جناح بن غوريون الصهيوني البراغماتي مسيطراً لمدة ثلاثين عاماً، (نصف عمر دولة إسرائيل تقريباً)، حتى تمكَّن تكتل الليكود، بقيادة بيغن، (امتداد جناح جابوتنسكي)، عام 1977، من الفوز بالسلطة في إسرائيل لأول مرة. وقد شكل هذا الفوز، الذي سماه الإسرائيليون انقلاباً، بداية لمرحلة جديدة من التطرف السياسي اليميني، بالمعنيين الخارجي والداخلي. وقد زاد هذا التطرف اندفاعاً بسبب ترافقه مع سيادة سياسة رأسمالية اقتصادية ليبرالية متوحشة، ومنفلتة العقال، في كل من "أمريكا الريغانية"، و"بريطانيا التاتشرية"، ناهيك عن تأثر باقي الرأسماليات الغربية بهما.
وحتى في فترة التوازن بين تكتل الليكود وحزب العمل، (1984-1992)، واضطرارهما لتشكيل حكومات الرأسين المتناوبين، ظلت سياسة فلتان يد السوق الحر من كل عقال، ناهيك عن سياسة الخصخصة لكل شيء، هي السائدة، بل، وتبناها رابين، وإن بضوابط، لم يحافظ عليها باراك، (يسميه الإسرائيليون "ليكود ب"). وقد صاغ نتنياهو، (وزيراً للمالية في عهد شارون، ورئيساً للوزراء ووزيراً أعلى للإستراتيجية الاقتصادية حالياً)، القفزة الإسرائيلية الأكبر في السياسة الاقتصادية الرأسمالية المتوحشة، (تسمى الخنزيرية أيضا). وبذلك تمت إعادة صوغ جديدة لأجنحة البنية السياسية الاجتماعية الصهيونية، وبالتالي الإسرائيلية، على النحو التالي:
جناح أول، بقيادة نتنياهو، ضم "يمين الليكود"، (كممثل لمصالح القوى الصناعية العسكرية والمدنية)، مع يمين أكثر منه تطرفاً، بل وفاشية، "إسرائيل بيتنا" و"الاتحاد الوطني"، كممثلين لمصالح التجمعات الاستيطانية، التي أصبح منها ثلث الرتب المتوسطة في الجيش الإسرائيلي.
وجناح ثانٍ، بقيادة شارون، فأولمرت، فليفني، ضم كتلة من الليكود، ( تحت مسمى كاديما)، مع يمين حزب العمل. وهو جناح لا يقل عن الجناح الأول يمينية وتطرفاً،خارجياً وداخلياً، بل، ويتقاسم مع الجناح الأول تمثيل، والتعبير عن، مصالح ذات القوى الاجتماعية.
وجناح ثالث فاقد للوزن والتأثير، ضم "يسار" حزب العمل الخائب مع قوى يسار أكثر منه خيبة وتلاشياً.
وجناح رابع، تمثله قوى صهيونية دينية، أبرزها اليوم حركة "شاس"، التي تحظى بدعم قطاعات واسعة من اليهود الشرقيين، فيما يسميها الإسرائيليون حركة "شيكل وزير"، تعبيراً عن انتهازيتها ونفعيتها، وانخراطها في الائتلافات الحكومية اليمينية، تبعاً لما يقدم لها من رشاوى، تصرفها على ما تديره كحركة من مدارس لتعليم الناشئة على الأسس التوراتية، (البيشفاه).
بهذه الخارطة الصهيونية الجديدة، في السياسية الخارجية والاقتصادية الاجتماعية الداخلية، انتقلت قوى الرأسمالية الاستعمارية الاستيطانية، ذات الطابع ألإجلائي ألإحلالي، في إسرائيل، من مرحلة التأسيس، إلى مرحلة السيادة والانتشار، وذلك عبر تغيير بنية الاقتصاد وتحريره من أية قيود، إنتاجاً وتشغيلاً وتبادلاً، بهدف المشاركة في النظام الرأسمالي المعولم، كشريك غير "طرفي"، يسعى للتخلص من الاعتماد على الدعم الخارجي، والأمريكي منه بخاصة. وفي السياق يلفت الانتباه تركيز الاقتصاد الإسرائيلي على الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة، وعلى تصدير المعرفة، (براءات الاختراع)، التي تنتجها المعاهد التكنولوجية، ما خلق طبقة جديدة من التكنوقراط، يحظى أفرادها برواتب فلكية.
لقد انعكست لبرلة الاقتصاد الإسرائيلي وتوحشه، فضلاً عن صرف الموازنات الخيالية على الأمن الحروب والاستيطان والتهويد، علاوة على انتشار الفساد وسيادة الرشاوى الحزبية والاثنية في صرف الموازنة العامة، وبالاً على "قاع" مجتمع الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي. وهو "القاع" الذي فقد الأمان الاجتماعي، في الغذاء والصحة والتعليم والسكن، ما قاد إلى تفجُّرِ الاحتجاجات الاجتماعية الشعبية الأخيرة المتصاعدة، التي لم تفعل سوى تظهير أزمة اقتصادية اجتماعية بنيوية، تعود إلى الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية للبنية السياسية الاجتماعية الصهيونية، وخاصة بعد تحولاتها اليمينية المتطرفة، التي تدرجت حتى بلغت أكثر أشكالها وحشية، بقيادة حكومة نتنياهو ليبرمان، التي أفرزها، وتماهى معها، مجتمع الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، الذي يدفع اليوم ثمن ما اقترفت يداه، بل، وما زال يمتنع عن ربط الأزمة الاجتماعية، التي أفرزت احتجاجاته، بسياسة الصرف على الأمن والحروب والاستيطان والتهويد. قصارى القول: إن قاع، بل "حطب"، مجتمع الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، يدفع اليوم ثمن تماهيه مع التطرف الصهيوني عموماً، ومع امتدادات تطرف جابوتنسكي وريغان وتاتشر، ويمينيتهم المتوحشة، في السياسة والاجتماع والاقتصاد، خصوصاً.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطرُّفٌ يغذيه تهالك
- إسرائيل: احتجاجات ضمن النظام السائد
- حول القبول الإسرائيلي الأمريكي بمبدأ الدولة الفلسطينية
- القضية الفلسطينية بين -تدويلين-
- الهجمة على الأسرى الفلسطينيين سياسية بامتياز
- إلى متى يتواصل تجريب المجرَّب؟؟!!
- هل ولَّى زمن الحروب الإسرائيلية الخاطفة؟؟!!
- -فذكِّر، إن نفعت الذكرى-
- وتتواصل المجازر الإسرائيلية
- إسرائيل -الدولة القلعة- إلى أين؟؟!!
- استحقاق مفروض قبل ما قبل خطاب أوباما
- أحلام شبيبة بلا حدود
- اضاءات على إنهاء الانقسام
- ابن لادن: صنعوه فاستعملوه فقتلوه
- الحراك العربي: تخصيب للمجتمع السياسي والمدني
- محاكمة مبارك سابقة عربية تاريخية
- الأسرى الفلسطينيون في يومهم: ما أضيق السجن لولا فسحة الأمل
- نعم، وسوريا بحاجة للديموقراطية والحريات
- الأرض في يومها الفلسطيني
- خصوصية فلسطين في الوطن العربي


المزيد.....




- لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م ...
- توقيف مساعد لنائب ألماني بالبرلمان الأوروبي بشبهة التجسس لصا ...
- برلين تحذر من مخاطر التجسس من قبل طلاب صينيين
- مجلس الوزراء الألماني يقر تعديل قانون الاستخبارات الخارجية
- أمريكا تنفي -ازدواجية المعايير- إزاء انتهاكات إسرائيلية مزعو ...
- وزير أوكراني يواجه تهمة الاحتيال في بلاده
- الصين ترفض الاتهامات الألمانية بالتجسس على البرلمان الأوروبي ...
- تحذيرات من استغلال المتحرشين للأطفال بتقنيات الذكاء الاصطناع ...
- -بلّغ محمد بن سلمان-.. الأمن السعودي يقبض على مقيم لمخالفته ...
- باتروشيف يلتقي رئيس جمهورية صرب البوسنة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - إسرائيل إذ يحكمها سليل جابوتنسكي وريغان