أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - بـلال خـبـيـز - الرقابة في سـوريا وملف "الآداب"















المزيد.....

الرقابة في سـوريا وملف "الآداب"


بـلال خـبـيـز

الحوار المتمدن-العدد: 210 - 2002 / 8 / 5 - 01:17
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 
الأحد 04 أغسطس 2002 05:02

 
يزخر العدد الخاص الذي نشرته مجلة "الاداب" اللبنانية، عن الرقابة في سوريا، بشهادات الكتّاب والسينمائيين والفنانين عن تجاربهم مع الرقابة. الشكوى التي يشترك فيها الجميع في علاقتهم بالرقابة، هي القوانين المطاطة التي لا تضع للكاتب او الفنان حداً لا يمكنه تجاوزه في عمله تحت طائلة المنع. ثمة كتب كثيرة مُنعت حيناً واعيد نشرها حيناً آخر. كتب أخرى نُشرت ثم مُنعت ثم اعيد نشرها، الحكايات تكاد تكون اكثر من ان تحصى. وربما يتوجب إفراد حيز كبير لقص هذه الحكايات جميعاً. كل الحكايات تستحق ان تروى، لأنها تملك كلاً ما يجعلها قابلة للقص. ثمة هناك المفاجأة التي لا تخطر للكاتب على بال. مسارات الكتب والافلام غامضة ويصعب ضبطها وفق منطق مفهوم ومعقول. ما الذي تريده الرقابة السورية تحديداً؟ سؤال يصعب على الكتّاب، او هم ربما يدّعون ذلك، الاجابة عنه، امعاناً في تفكيك المنطق الذي تقوم الرقابة في هديه بمنع ما ينشر ويذاع.

 
تحجيب المجتمع
الملاحظة الاولى التي يتوجب على المرء ايرادها في هذا المجال، ان كل الحكايات التي يقصها الكتّاب تمت بصلة ما الى وزارة الثقافة السورية واحيانا الى اتحاد الكتاب السوريين او احدى المؤسسات الرسمية او شبه الرسمية، التي تشكل الناشر الاكبر والاقوى، وتكاد تكون الناشر الوحيد في فترة من الفترات. تتغير وتتعدل حدود المسموح به والممنوع، بحسب الوضع العام سياسياً واجتماعياً وفق رؤية السلطة السياسية لهذا الوضع، وتقديرها لما يعتمل في داخل المجتمع السوري عموماً. فطوراً تشجع تناول الجنس في الاعمال المعروضة عليها وتارة تمنعه، وذلك كله يجري بحجة الحفاظ على الصالح العام. واحياناً تفرج عن بعض الافكار وفي احيان اخرى تحجر عليها حجراً مطلقاً. ما يتفق عليه الجميع في مجال المنع والمصادرة يتعلق بانتقاد السياسة العامة التي تنتهجها الحكومة والسلطة السياسية والامنية في سوريا. لكن هذه الحدود مطاطة أيضاً. فليس ثمة ما هو محدد في دقة، فيجتنبه الكتاب والفنانون ويعملون على التحايل عليه.
لا يقتصر الامر في حالات المنع والمصادرة على الكتب والافلام والاعمال التلفزيونية المنتجة عبر وزارة الثقافة السورية او عبر المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية في سوريا. فثمة الرقيب الذي يسمح ويمنع التوزيع والعرض بحسب ما يرى ذلك مناسباً. الخلاصة التي يعرفها الجميع، ان شيئاً لا يمر إلى سوريا، التي تحاصر نفسها بنفسها، من دون رضا الرقيب ومباركته. لكن السؤال يتعلق برضا الرقيب نفسه. ما هي الحدود التي ترضيه وما الذي يمكن ان يحجبه؟  الكتّاب والفنانون يسرفون في شرح اللامنطق الذي يحكم الرقابة هناك، لكن هذا اللامنطق أو ربما المنطق الاعوج لا يجعله غير قابل للفهم. والارجح ان الكتّاب يفهمونه جيداً، لكنهم ينزعون عنه منطقه لئلا يقولوا قولاً صريحاً في استحالة قيام الدولة في سوريا، في ظل هذه السلطة وكنفها الابوي.
فلو حاكمنا الرقيب السوري بمنطق الدولة، كائنة ما كانت الدولة التي نتحدث عنها، بوصفها تحتكر العنف اولاً كمؤسسة، وبوصفها ثانياً تطمح إلى البقاء لكونها، أي الدولة، اطول مؤسسات العصر الحديث عمراً واكثرها قابلية للدفاع عنها، وهي على كل حال تولد مسلحة حتى اسنانها، لو حاكمنا الرقيب السوري وفق هذا المنطق، لبدا بلا منطق على الاطلاق. لكن الكتّاب والفنانين لا يستطيعون إلا توهم وجود الدولة، فمن دون وجودها يغامرون بوجودهم وصفاتهم على نحو واضح وجلي. 

 
الحرية... في مدح السلطات
على هذا النحو يبدو منطق الرقيب مختلفاً ومنطلقاً من مسلّمات اخرى غير تلك التي يتمسك بها الكتّاب والفنانون. فمن دون هذا التمسك يفقدون قدرتهم على البقاء. على نحو ما لاحظت حنة ارندت في الفارق الهائل بين عدد الكتّاب والمثقفين والفنانين الذين ينتجون، من دون ان ينشروا نتاجهم طبعاً، في عهد خروتشوف، مقارنة بما كان عليه الوضع ايام حكم ستالين، حين لم يكن ثمة كتّاب وفنانون بموجب القوانين القامعة التي تحدد لكل فرد دوره في دقة ووضوح. في سوريا ثمة فوران هائل في عدد الكتّاب والفنانين، وربما يفيض هذا العدد عن قدرة السلطات على الضبط والترتيب والتنميط، لكن ذلك كله يقع خارج اطار الفكر الذي يحرك السلطة ويمدها بأسباب القوة.
تريد السلطة من الكتّاب والفنانين، ان يصنعوا لها الغلاف المزدهي والقشيب لسياستها العامة، ذلك يعني بالنسبة اليها ان على الكتّاب ان يمارسوا دورهم العام اولاً، لكن هذا الدور يختصر في الدفاع معاً، كتفاً إلى كتف، ضد ما تراه السلطة أعداء لها. لذلك لا يجد الرقيب حرجاً في المنع ما دام يرى الكاتب او الفنان لا يقوم بالدور الذي رسمته له السلطة في معركة الدفاع عن وجودها. وحتى حين يكون الانفتاح على اشده في المؤسسات الرسمية السورية التي تعنى بشؤون الثقافة، فإن القيّمين على هذه الشؤون يبررون الانفتاح والسماح بضرورة التجديد التي لا بد ان يشوبها بعض الدلع والغنج الذي يحب الفنانون والكتّاب التمتع به على الدوام. هذا ما يعنيه تماماً منع الانتقاد المباشر في السياسة والسماح احياناً ببعض التعبير في مجالات اخرى. الرقيب هو الاب الذي يسمح ويمنع بحسب مزاجه، وعلى الكتّاب والفنانين ان يخضعوا لهذا المزاج. فمن كان حظه عاثراً ابتلاه الله برقيب سيىء المزاج، عكره. لكن الذي لا يحول ولا يزول ليس اكثر من تطلب السلطة الرعوية والابوية من رعاياها وابنائها القصّر   الاضطلاع بدورهم في خدمة المعركة العامة التي لا تنتهي فصولها. وعليه يقع الابتكار في حدود رسم افضل "امبالاّج" للسياسة السورية، ودون ذلك ممنوع بحسب قانون العائلة الحاكمة ووكلائها المحليين. الارجح ان السماح ببعض ما ينشر او يوزع يعود إلى اعتبار الكاتب والناشر والفنان قاصراً ومتفلتاً وولداً مدللاً لا بأس بإعطائه بعض الحرية اللفظية حتى يبلغ سن الرشد. 

 
سواد الشعب
لكن المعضلة الكبرى التي تواجه الكاتب والفنان، في ظل نظام كهذا، تكمن في اللحظة التي تقرر فيها السلطات الابوية والرعوية بلوغه سن الرشد، حيث توجب عليه، بحسب معاييرها وافكارها عن دورها، تدخلاً حميداً ومحموداً في الشأن العام، تدعوه السلطات النقد البنّاء. هذا النقد البنّاء يفترض بالكاتب ان يتدخل في شؤون مجتمعه داعماً التوجهات العامة للسلطة وناقداً في الوقت نفسه نقداً بناء. طبعاً لن يستطيع احد من الكتّاب والفنانين رسم الحدود التي تفصل فصلاً دقيقاً بين النقد البناء والنقد الهدام. هذا الاختلاط في الحدود لا يمكن جلاء غموضه إلا بحسب مزاج المسؤول السياسي. ذلك كله يعني ان المسؤول السياسي والامني يعتبر اعطاء الفنان والكاتب دوراً سياسياً او رسمياً معيّناً هو مثابة تكريم ينبغي له، على اساسه، حمد السلطة وشكرها ليل نهار والانفصال عن المعضلات والمشكلات العامة باعتبار انتقاله من مرحلة البنوة القاصرة إلى مرحلة المرشد والمحلل والناصح لمجتمعات قاصرة ومتخلفة.   لكن هذه المجتمعات لا تملك، بحسب توجه السلطة، من اسباب التقدم وامكاناته غير وعي السلطة للأخطار التاريخية المحدقة بالمجتمع والدولة، وحرصها المبالغ فيه على تقدم المجتمعات. ومن نافل القول انه في ظل مثل هذه الرعاية لن يتقدم غير شبح العودة إلى القرون الوسطى وجعل الشعب الذي يجري الحكم باسم مصالحه سواداً وعامة وجموعاً من الدهماء.
معضلة الكتّاب والفنانين في جو من هذا القبيل، تكمن في انهم لا يستطيعون ان يكبروا في اوطانهم من دون ان تفرض عليهم السلطة مشاركتها في تبرير حصارها لنفسها. كل كبير في الثقافة والفنون محكوم ان يغادر  سوريا ليتسنى له ان يكون حراً. وذلك يكاد يكون من آثار القرون الوسطى بالتعريف.
 (عن "ملحق النهار الثقافي")



#بـلال_خـبـيـز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - بـلال خـبـيـز - الرقابة في سـوريا وملف "الآداب"