أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف عطية - الأسوار














المزيد.....

الأسوار


سيف عطية
(Saif Ataya)


الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 22:51
المحور: الادب والفن
    


كان يجلس كل يوم كعادته على زاوية الطريق، يغوص بأفكاره العفوية ويتأمل كل إنسان بترقب شديد، كان يعرف كل من يمر وكان يحسب خطوات الشفق الأنثوي... يتابع تلك الخطوات الملائكية الجذّابة ، وعواطفه الملتهبة كشعاع جهنّم يخرق قلبه المتفجر بعذوبة الحب ولذة الشوق وحلاوة الحنين.
كان يحلم في أن يكتب قصيدة حب يسطّر فيها صوت الشعر الدافئ وبوحي يلقنه الحب ويعلمه الغوص في الأعماق بحب امرأة لم تذق طعم الفردوس من طعم شفتيها يخجل حتى الشهد ، وتزعج طلعتها كل بنات حواء.
خطوات تعزف أنغاماً تمزق أجنحة الشوق وترقص رقصة الملائكة. تزهرّ من آثار خطاها أغصان الورد، يحسده النخل الشامخ بظلال متكسرة فوق شناشيل الحي الصامت، يقتل صمته حتى الأموات.
كان عاشقاً في زمن الرعب، زمن القتل بالمجان، يخفي كل الآلام المتعفنة في صدر لا يملك غير الشوق ، ولسان لا ينطق حرفاً عند خطاها، يحفظها كصبي يقرأ نشيد الأطفال.
حيرته تخرق حنجرته وتبو بجنون الحزن الساكن في الأعماق، ترتعش أصابعه ويسقط في الآفاق حين تحييه، ويتلون وجهه بأكثر من ألوان القزح، وظل الحلم شقياً يداعب أحلام اليقظة، وعواطف الفجر القادم تقود كيانه المتهرأ نحو اللامعقول ، تحت سماء اليأس والتهميش والنحول، من المجهول الى المجهول.
شهيق الحب يأخذه عميقاً في أمواج البحر الهائج والإعصار، ويأمل يوماً أن تنبثق الحياة من الأعماق.
في لحظة صمت ، لايسمع الا نبض القلب وقطرات الندى تتراقص فوق الأزهار، يسمع صوتاً ينادي وينادي.. ليس من عادته أن يستلم النداء..
صوتاً ملائكياً يهمس في أذنيه، يرفع رأسه... يمسح عينيه ، إله الجمال يناديه، يتلكأ بل يفقد توازنه ويشهق بالمفاجأة ، وينعقد لسانه وينسى الكلمات! ويسمع النداء وساد الصمت للحظات وهدوءاً يسبق الشفاه.
قالت والقمر يشهد وحتى النخيل.. لماذا الصمت ، وكيف الحال يا إبن الحي وإبن الجار؟
تشجع وإنتفض من غبار الصمت والسرور يغسل وجهه ، ينظر بإمعان لتلك الجفون وتأتأ اللسان، ويخرج صوت مرتعش بغطاء الرجولة ، تتعانق العيون ويأخذ نفساً عميقاً ويبدأ الكلام..
اليوم عدتِ على غير عادتك؟
قالت، تعرف أوقاتي، إبتسمت ونظرت بسرور الى عيناه وقالت.. هل نبقى هنا حتى الفجر؟
ثم التفتت الى طرفي الشارع ونظرت اليه بترقب وحيرة.. ودون جواب!
كاد صدره أن ينفجر، تأمل قليلاً .. وسط كل عواصف التفكير بين الشك واليقين واليأس والسعادة بين زوابع الحزن وحلاوة المجهول..
تنهدت بعد شهيق طويل بكلمة رقيقة تخرج بغزل شفّاف.. أحب أن أحتسي الشاي ..
إبتسما يسبحان في بحر الخيال ، والعالم صار جميلاً وشعاع الشمس الذهبي يخترق الظلال ومشينا.. فقاطعت خياله قائلة، لقد سمع كل شئ!
ردّ مرتعشاً .. سمعت كل شئ!
إبتسمت، وقالت إخبرني عن أحلامك ، عن نفسك عن أوطانك عن الليل وعن نهارك!
قال: أنا حطمت الأسوار
أنا الحب وأكبر منه انا الشعر والدموع واليقين ، ونحن التحدي في زمن الجهل والتعصب والوشاية، زمن ذُبِح الحب الذي ترقى به الأمم وأُرسل الى الحاكم والجلاد، قتلوا الدفئ في الشتاء وحرموا الماء من العطشان ومنعوا النهر من السمك.. حرموّا الشوق والألم اللذيذ و... قاطعته وقالت: هل تقول الفلسفة والسياسة؟
قال: من يعرفه يعرف الحلم والأمل والحياة.. نعم يكون شاعراً وفيلسوفاً ومفكراً
قالت: أنا وأنت واليقظة والعالم بين يديك ..
إبتسمت ونشرت إنوثتها وإرتعشت شفتيها وأغلقت جفنيها لحظات وأحست كأنها تعرفه من سنين.
رفعت رأسها الى السماء، شعرت بوجودها، بعاطفة لذيذة صادقة تعانق المجهول ورغم الغبار واللثام. والغروب قد أسدل الستار وعصافير الحديقة تبحث عن أعشاشها التي نثرتها أصابع الغدر والتزييف بالحقيقة.
وضعت يدها على وجنتها الوردية لتستأذن بالذهاب لتدخل القضبان فالغروب قد جنى عليها والنجوم قد تتعقب آثارها والقمر قد يشكك في جمالها.
قالت: سأعود وسأبقى مع الحلم الجميل، لا أحب اليقضة من لذة اللقاء. أمسكت يده المرتعشة وزاد الصمت.. تنهدت بحزن وحيرة ، أرتخت أصابعها وسحبت أناملها وأقدمت على الوداع.
أحس بثقل الكون على صدره.. وكره الليل الذي سرقها والقلب مكبل بالحنين وأصبح كالجذع فارق الجذور والسماء بلا نجوم والنهر بلا ماء..



#سيف_عطية (هاشتاغ)       Saif_Ataya#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف عطية - الأسوار