أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جابر احمد - اسرار الثورة الايرانية بين ما هو معلن وما هو خفي 1-2















المزيد.....


اسرار الثورة الايرانية بين ما هو معلن وما هو خفي 1-2


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2234 - 2008 / 3 / 28 - 10:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تعد الثورة الايرانية التي اطاحت بالنظام الملكي في ايران من اهم الثورات التي شهدها القرن الماضي، وتكمن اهميتها كونها تمت على يد الجماهير الايرانية بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والعقائدية، كما شكلت قيادة الامام الخميني الكارزمية واصراره على اسقاط النظام ورفضه المطلق لجملة من العروض التي قدمت له انذاك من قبل اطراف عدة نافذة في النظام او من قبل الولايات المتحدة الامريكية او الدول الغربية هي الاخرى ظاهرة فريدة من نوعها، ولقد ظلت بعض اسرار هذه الثورة وما رافقها من احداث وحتى وقت قريب مقفلة ولم يتسنى للكثير الاطلاع عليه، الا ان التطورات التي حصلت فيما بعد في مسير الثورة والانحرافات التي اصابتها وانقلاب بعض افرادها ضدها، ساهم والى حدٍ كبير في كشف الكثير من اسرارها، خاصة فيما يتعلق بالدوافع التي جعلت الغرب يحتضن التيار الديني دون غيره وبالتالي مساعدته لاستلام زمام امور هذه الثورة التي ما برحت تأكل ابناءها الواحد بعد الآخر.
واليوم وبعد مرور ما يقارب من ثلاثة عقود على مسيرتها وما رافقتها من احداث مؤلمة نشاهد من يطلع علينا من هنا وهناك ليكشف لنا جانبا من جوانب ما كان خفي من اسرارها، ولعل اخر ما كشف من هذه الاسرار هو ما ادلى به الدكتور ابراهيم يزدي وزير الخارجية الايراني الاسبق للحكومة الموقتة التي تشكلت بعد الثورة والزعيم الحالي لحزب " نهضة الحرية في ايران" والتي تحدث عن ما عرف في حينه بمؤتمر " كوآدلوب " الذي انعقد في المنتصف الاول من ديما ماه من عام 1358 شمسية الموافق كانون الاول 1979 وضم اربع رؤساء دول هما:"كارتر، كالاهان، جيسكار ديستان واشميت" (الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا و المانيا) حيث يحتل اسم " كوادلوب " للمحللين السياسيين وخاصة فيما يتعلق باسرار الثورة الاسلامية في ايران مكانة خاصة في دراسة التاريخ السياسي الايراني المعاصر، وقد كتبتَ حينها يوناتيد برس قائلة: "لا تستطيع الولايات المتحدة الامريكية وبسبب المعارضة المتزايدة والشاملة للجماهير الايرانية ان تدعم الشاه " وبدوره كان جيمي كارتر يقول: "الجميع يقول يجب على الشاه ان يرحل فورا" كما ان الشاه بدوره قد ذكر في مذكراته:" ان مؤتمر كوادلوب وافق على ابعادي".
كان الدكتور ابراهيم يزدي من الشخصيات السياسية الهامة التي عاصرت الشرارة الاولى لهذه الثورة ناهيك عن انه من اهم السياسيين والمنظرين على الساحة الايرانية وذلك بسبب تواجده ونشاطه الفعال في رحم تحولات الثورة،وحتى استقالته بعد احتلال السفارة الامريكية بطهران من قبل ما يسمى انذاك بالطلاب الموالين لنهج الامام.
يقول السيد يزدي، ان اول اتصال بين قيادة الثورة وامريكا قد تم عبر السيد جيسكار ديستان الذي نقل رسالة القيادة الامريكية الى الامام الخميني ومن ثم اتصال وزير الخارجية الامريكية وتبادل الرسائل بينه وبين اية الله الخميني، حيث كنت اقوم بترجمة هذه الرسائل الى السيد الخميني وكان الخميني يرد عليها، كما انني كنت اترجم الردود واسلمها الى مندوب السفارة الامريكية في باريس وفي احد اخر هذه الرسائل المتبادلة اعرب الامريكيين عن قلقهم حيال احتمال قطع ايران لامداداتها النفطية عن امريكا و قد اجاب الخميني، نحن لا نريد قطع الامدادات النفطية ولكن لا نصرف عائداتها لشراء الاسلحة وانما سوف نصرف اموال النفط من اجل تهيئة الوسائل التي تفي باحتياجات الاغراض الزراعية والعمران والتنمية في البلاد .
ويقول يزدي ايضا: في اواخرعام 1978 اقتنع الامريكان رويدا رويدا ان الاصرار على بقاء الشاه امر لا فايدة منه، لذلك اخذوا يغيرون من مواقفهم. من جهة اخرى كانت الحرب الباردة في اوجها وكانت افغانستان محتلة من قبل الجيش الروسي والامريكان كانوا قلقون فيما اذا ذهب الشاه، من يملء الفراغ الذي يخلفه هذه الرحيل؟ لذلك وافقوا على رحيل الشاه شريطة ان يحل محله بختيار وان يتعاون الجيش مع الثورة حتى يجد له موقعا في الثورة، وكانت نظرية برجينسكي(مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر والمفكر الاستراتيجي زبغنيو برجينسكي Zbigniew Brzenski ) تقول انه في حال ذهاب الشاه فان القوى الوحيدة التي تسطيع الوقوف في وجه الخطر الشيوعي هي التنسيق والائتلاف بين المؤسسة العسكرية ورجال الدين، وكان استدلاله قائم على ان رجال الدين بطبيعتهم معادين للشيوعية ولديهم امكانية تعبئة الجماهير، كما ان المؤسسة العسكرية منسجمة فيما بينها وان الجيش الايراني المكون من 400 الف رجل مدرب على معادة الشيوعية وعلى مجابهة الانتفاضات، لذلك فان الائتلاف بين الجيش ورجال الدين من شأنه مواجهة الخطر الشيوعي بعد رحيل الشاه .
ويضيف يزدي، من وجهة نظري ان اهم وثيقة وحلقة مفقودة في العلاقة التي تربط الثورة مع الولايات المتحدة الامريكية هي تلك المباحثات التي اجراها المرحوم الدكتور آية الله بهشتي مباشرة مع سوليون(سليوان آخر سفير أمريكي في ايران) في طهران، وفي تلك الفترة كان قادة الثورة مرتبطين بالولايات المتحدة الامريكية عبر ثلاث قنوات: احدها في فرنسا وقد كشفت وثائقها، وواحدة اخرى في ايران من قبل قيادة الثورة، المهندس بازركان، اية الله موسوي اردبيلي والدكتور سحابي مع سوليوان، اما القناة الثلاثة هي العلاقة والمباحثات المباشرة بين الدكتور بهشتي مع سوليوان وقد شرح استمبل في كتابه قنواتي الاتصال في طهران الا انه لم يذكر شيئا بشأن المباحثات التي كان قد اجرها الدكتور بهشتي مع سوليوان. وفي المناظرة التي جمعتني في صيف عام 1378 هجرية شمسية 1999م مع السيد المهندس عباس عبدي(احد زعماء الطلبة الذين احتجزوا الرهائن بالسفارة الأميركية عام 1979 في طهران) التى نظمها اتحاد الطلبة المسلمين في جامعة اميركبير، قلت له لقد احتليتوا السفارة الامريكية، حسنا ولكن اين وثائق مباحثات بهشتي مع الامريكان؟ ولم يجب السيد عبدي في حينها اجابة واضحة على هذا السؤال، الا انه وفي مكان آخر اجاب وقال ما يقوله فلان كان صحيحيا، فعلا لقد حصلنا على وثائق مباحثات السيد بهشتي مع سوليوان وقد عرضناه على السيد الخميني حيث نظر اليها وقال: "السيد بهشتي الان عضو في مجلس قيادة الثورة وليس من الصلاح افشاءها في الوقت الراهن"، هذه الامور وغيرها تحدث عنها وكشفها يزدي في كتابه التي صدر مؤخرا تحت عنوان" مساعي الايام الاخيرة " وقد تم التطرق في هذه المقابلة والتي تناولت بالتفصيل الحديث عن مؤتمر كوادلوب وكذلك التحولات الكبيرة التي شهدتها الجمهورية الاسلامية من بداية تكوينها حتى احتلال السفارة الامريكية في طهران وتحدث عن اسرار يكشف النقاب عنها لاول مرة.
وقال يزدي لقد قلت واثناء لقائي في يناير من 1979 مع مسؤول العلاقات الايرانية في وزارة الخارجية الامريكية ان جميع رجالات الشاه وكل جنوده لايستطيعون جمع اشلاه المتناثرة، وكان استنتاجي من هذا اللقاء هو ان الامريكان يعانون نوع من فقدان المعلومات والضياع وحالة من الجهل بالاوضاع الايرانية، وباعتقادي انهم وحتى اللحظات الاخيرة كانوا يريدون بقاء الشاه وان حدوث اي تغيير يجب ان يتم بوجوده ومن خلاله، الا ان الدبلوماسيين البريطانيين والاسرائيليين لكونهم على علم كبير بالمسائل الايرانية، كانوا قد اوصوا الشاه بالتنحي لصالح ولده، كما كبار الدبلوماسين المخضرمين الامريكان الذين هم على علاقة بالاوضاع الايرانية، يدركون ايضا ان مشاكل ايران هي بسبب وجود الشاه.
وفي مكان اخر من المقابلة يقول يزدي لقد كان الجيش القاعدة الاساسية للامريكان في ايران، ولم يتمكنوا من بناء قاعدة او نفوذا لهم بين الاوساط المدنية وغير العسكرية في ايران، في حين ان مثل هذه القاعدة كانت موجودة لدى البريطانيين والاسرائيليين وفي سنوات الاخيرة من حكم الشاه! فنظرت كل من هذين الدولتين الى الاوضاع السائدة في ايران وخلافاً لامريكا نظرة اكثر واقعية وكانوا مقتنعين برحيل الشاه، وحتى عندما سافرت الملكة فرح ديبا الى الولايات المتحدة الامريكية استقبلت من قبل بعض اجنحة الحكم باعتبارها رئيسة دولة وهذا اذا يعبرعن شيء انما يعبرعن رحيل الشاه! وان تكون الملكة نائبة للملك في ايران. وان تمنح الحريات العامة لعدة سنوات وان تدير شئون البلاد بنفسها، الا ان العسكريين الامريكان عارضوا هذه الخطة لانه وفي مثل هذه الحالة سيفقدون قواعد الحكم في ايران. وقد كان البريطانيين موافقين على هذه لانه لو حصلت مرحلة انتقالية ديمقراطية سوف يتسنى لهم الحفاظ على قواعدهم خارج العسكر لا بل تقويتها ايضا.
الا انه بعد اواخر عام 1978 اقتنع الامريكا رويدا رويدا ان الاصرارعلى بقاء الشاه لا فايدة منه، لذلك اخذوا يغيرون من مواقفهم. من جهة اخرى كانت الحرب الباردة في اوجها وكانت افغانستان محتلة من قبل الجيش الروسي والامريكان كانوا قلقون فيما اذا ذهب الشاه من يملء الفراغ الذي يخلفه هذه الرحيل، لذلك وافقوا على رحيل الشاه شريطة ان يحل محله "بختيار"(اخر رئيس وزراء في عهد النظام الملكي) وان يتعاون الجيش مع الثورة حتى يجد له وقعا في الثورة. من جهة اخرى كانت نظرية برجينسكي تقول، انه في حال ذهاب الشاه فان القوى الوحيدة التي تستطيع الوقوف في وجه الخطر الشيوعي هو التنسيق والائتلاف بين المؤسسة العسكرية ورجال الدين، وكان استدلاله قائم على، ان رجال الدين بطبيعتهم معادين للشيوعية ولديهم امكانية تعبئة الجماهير، كما ان المؤسسة العسكرية منسجمة فيما بينها وان الجيش الايراني المكون من 400 الف رجل مدرب على معادة الشيوعية وعلى مجابهة الانتفاضات، لذلك فان الائتلاف بين الجيش ورجال الدين من شأنه مواجهة الخطر الشيوعي بعد رحيل الشاه. وكان الغرض من سفر" جنرال هايزر" (مبعوث الرئيس الأمريكي)، الى ايران هو ليس حث الجيش على القيام بانقلاب عسكري في ايران وانما جاء ليحذر الجيش بان لا يقوم بعد رحيل الشاه باعمال تفقدهم موقعيتهم بين اوساط الجماهير، لان الامريكان باتوا مقتنعين اذا حافظ الجيش على انسجامه ووحدته وتعاون مع الثورة فانه بعد انتصارها وبعد ان تخمد المشاعر العامة عندها بامكان الجيش ان يطالب بكل راحة والادعاء بنصيبه من الثورة باعتباره جزء منها وهو نفس العمل الذي قاموا به الامريكان في الفليبين، فعندما اراد "ماركوس" عبر تزوير الانتخابات ان يصبح رئيسا مزورا لجمهورية الفليبين دخل الجيش على الخط واعلن ان ماركوس ليس رئيسا للبلاد عندها فازت "السيدة اكينوا" وقاموا بترحيل ماركوس من البلاد وعلى هذا النحو اصبح الجيش جزء من العملية التغيرية ومن الثورة في الفليبينين.
وحول سؤلا وهو هل ان واشنطن نظرت وبموجب مشروع برجينسكي(ايجاد ائتلاف بين الجيش ورجال الدين) الى "رجال الدين في ايران" على انه البديل الذي يخلف النظام الملكي؟ اجاب بالقول نعم، انهم بمثابة القوة التي تستطيع ان تملء فراغ السطة السياسية بعد رحيل الشاه ولكي تمنع كذلك الشيوعيين من استلام السلطة في ايران. دعني اوضح اكثر وهوان الولايات المتحدة الامريكية ترى ضرورة سلطة رجال الدين وتعاونها مع الجيش هوباتجاه ردع الخطر الشيوعي لان اهم قضية بالنسبة للامريكان في تلك المرحلة وخاصة على ضوء الاحداث الافغانية، هي حرصهم الشديد على ان لا تقع ايران في احضان الشيوعية بعد رحيل الشاه! س: اذن نظرت واشنطن وبموجب مشروع برجينسكي(ايجاد ائتلاف بين الجيش ورجال الدين) الى "رجال الدين في ايران" على انه البديل الذي يخلف النظام الملكي؟
وحول وجهة نظر الخميني ومن حوله في باريس ، وماهي المواقف التي ابرزها "قطب زاده" في تقريره عن التحولات الداخلية الايرانية والتي اثارت اهتمام الفرنسيين؟ اجاب ابراهيم يزدي لم نكن بحاجة الى ابراز هذه المواقف وتشخيصها، لقد برزت الازمة الايرانية بكل ابعادها في اقصى شكلها السياسي، فالمظاهرات المليونية عمت الشوارع حتى ان الشاه نفسه قال" انني سمعت صوت ثورتكم!" فقد كان الشاه والمؤسسة الملكية المحوران الاساسيان في الازمة السياسية ولم نكن بحاجة الى اعلان موقف اخر نريد ان نبحثها معهم، فالامور كلها كانت واضحة، ولكن المواقف الذين يريدون الاطلاع عليها هي موقف قيادة الثورة حول المسائل الاساسية من بينها "العلاقة مع الغرب"، وهذا ما كنا بيناه، باننا لسنا بصدد النزاع مع الغرب واننا نريد استقلالنا، كما اننا على استعداد لبيع نفطنا لهم وان نشترى الاجهزة التي تحتاجها البلاد وليس الاسلحة. ان المسائل كانت واضحة وبما ان طبيعة الثورة الايرانية، كانت اسلامية ومعادية للشيوعية، فانهم من هذا الجانب لم يساورهم القلق، ولكن كانوا يريدون يعرفون ان نظام الحكم المستقبلي الذي سوف يحكم ايران هل بمقدوره مواجهة المخاطر الشيوعية ام لا؟
وحول سعي واشنطن الى الغاء دور القوى الوطنية و اليسار ودعم التيارات اليمينية لتستلم الحكم في ايران، من اجل تامين مصالحها في ايران اجاب يزدي قائلا :
في اوج الثورة واثناء انتصارها كان المثقفين (القوى غير الدينية) منقسمين الى عدة مجموعات، والغرب لا يستطيع ان يشارك النظر ايٍ من التيارات الماركسية التقليدية الايرانية المتواجد انذاك، مثل حزب التودة ومنظمة فدائي خلق ومنظمة مجاهدي خلق، كما لا يستطيع الاصطفاف مع القوى الوطنية المعتدلة مثل "الجبهة الوطنية" و"حركة الحرية" لان الجبهة الوطنية لديها حساسية من الدول الغربية ( خاصة بريطانيا وامريكا) وليس هناك لغة مشتركة بينهما بسبب تدخلات هذه الدول في انقلاب 28 مرداد سنة 1332 هجرية شمسية الموافق اب 1953 م ضد محمد مصدق رئيس الوزراء المعروف، لذلك فان لديهم مواقف تجاه هذه القوى، هذا اولا وثانيا ان الحرب الباردة كانت لاتزال في اوجها. وفي عهد الحرب الباردة لم تدعم الولايات المتحدة الامريكية دعما كاملا اي حركة او حكومة وطنية و اذا حصل ودعمت فهو في الدرجة الاولى كونه يصب في مواجهة الشيوعية، ومن وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية ان الحركات الوطنية ليس لديها القوة المؤثرة ولا القاعدة الشعبية للتاثيرعلى الاوضاع السياسية وبالتالي سوف تسلم السلطة الى الشيوعيين. وانني اعتقد ان ما ماذهبوا اليه انذاك من الناحية التاريخية يعني في ظل الحرب الباردة كان صحيحيا، والحقيقة هي القوى الوطنية لا تستطيع الحكم بمفردها ـ لكي لا تقع بيد الشيوعيين ـ خاصة وان محور النضالات الاساسي في ايران موجهة في الدرجة الاولى ضد الاستعمار البريطاني واعوانه التي نفذت الى الحركة اليسارية الماركسية والتي عملت بكل ما تستطيع لاضعاف الحكومة الوطنية ومن اجل تعديل هذه المعادلة من الضروري ايجاد ائتلاف بين الحركة الوطنية وبين رجال الدين رجال الدين ، نعم فعلا واثناء الثورة حصل مثل هذا الائتلاف وانتصرت الثورة الايرانية ، ولكن هذه لم يحول دون قلق الادارة الامريكية فيما يخص الشيوعيين وخوفهم بانه بمقدورهم ملء الفراغ الذي سوف يخلفه رحيل الشاه ، لذلك عندما وصل مسار النضال الوطني الى نقطة وهي على الشاه ان يرحل واصبح الحفاظ على نظامه عبئا على الغرب ، كان الطريق الوحيد للحيلولة دون الخطر الشيوعي هو الائتلاف والتعاون بين الجيش ورجال الدين ، وانني ارى من الضروري ذكر هذه المسألة وهي انه في بداية الثورة ابدى رجال الدين انعطافا اكثر تجاه المثففين ، وبعد انتصار الثورة الايرانية كانت الاحزاب الوطنية الذي لا تحضرني اسماءها الان اهتمت اهتماما متزايدا بيوم العمال العالمي ، كما ان تيارات المثقفين واليسار التقليدي اصدروا بيانات ايضا ، ومما يجلب الانتباه ان الحزب الجمهوري الاسلامي قد اصدر بيانا دعى فيه المواطنين الى التظاهر والاحتفال بهذا اليوم ، كما رجال الدين ابدوا استعدادا مماثلا للاحتفال بهذا اليوم لايقل عن استعدادا عن بقية القوى الآنفة الذكر
رد على سؤال لماذا لم يتم التركيز على الجيش لماذا لم تأتي واشنطن وتركزالجهود بشكل مباشرعلى الجيش؟ لماذا عارض الغرب، استخدام العنف الشديد؟ اجب يزدي بالقول
لا، الامر ليس كذلك، انه تم التركيزعلى الجيش وانني قد ذكرت في كتابي وثائق وبرامج من اجل الانقلاب العسكري، الا مساعيهم لم تكن موفقة،لانه اذا اريد من الجيش ان يمارس اعمال العنف والضغوط على الثورة، لانهارالجيش تماما. لقد كان بريجينسكي مع استخدام العنف والقمع. ولقد اوصى الشاه بذلك! وفي توصياته للشاه قال له ان بعض الملوك في القرن التاسع عشرالميلادي قد استفادوا من الجيش من اجل قمع الاحتجاجات في بلدانهم وبهذا التدبير تمكنوا من البقاء بقوا، اما من سايروا تلك الاحداث فقد انتهوا! وعندما وقعت مجزرة ميدان لاله زار في الـ 17 من شهريور(سبتمبر1978) ارسل بريجنسكي برقية الى الشاه مهنئا!! لذلك كانوا ينوون الاستفادة من الجيش ضد الثورة. لهذا عاد "اردشير زاهدي"( رئيس الوزراء العسكري في ابان اندلاع الثورة) وفي الاشهر الاخيرة التي سبقت انتصار الثورة الى ايران، وبذل قصارى جهده لكي يقوم الجيش بانقلاب على غرار انقلاب 28 مرداد1332(19 اغسطس 1953 ) الا انه من غير ممكن القيام بمثل هذا الانقلاب و ذلك لعدة لعدة اساب:
اولا: ان الشاه نفسه كان مريضا، وبسبب الاعراض الجانبية للادوية التي كان يتناولها لم يكن بمقدوره اتخاذ القرار، وكلما تقدم الوقت الى الامام، كان وضعه الروحي والجسمي يزداد سوء ولم يكن بامكاننا مقارنة الشاه في عام 1357 مثل ما كان عليه عام 1332 .
ثانيا: لم يثق الشاه بالجيش والدول الاجنبية، من بينها الولايات المتحدة الامريكية، لذلك فقد عمل في مديرية الجيش بشكل كان فيه قادة الجيش من ذوي الرتب العليا في حالة جدال وحرب ومنافسة حتى لا تكون لديهم القدرة على القيام بانقلاب عسكري ضده .
ثالثا: كان الرأي العام الاساسي للجيش الايراني متاثر بالجو العام للمجتمع انذاك، وقد ادى اتساع نطاق النضالات السياسية على معنويات جيش الشاه المكون انذاك من 400 الف شخص .
رابعا: هو انه منذ اواسط عام 1356 هجرية شمسية( 1977 ميلادية) بدأت نوع من الحرب النفسية ـ السياسية ضد الجيش. وفي تير ماه من عام 1356( يونيو1977م) و كنت بعد الانتهاء من مراسم دفن الدكتور شريعتي في الشام قد سافرت الى النجف وتحدثت الى الخميني حول الكثير من المسائل من بينها حول نمو واتجاه هذه النضالات والتي سوف تواجه في نهاية الامر الجيش وخلاصة بحثي، هو ان الحركة الثورية في نهاية المطاف سوف تتقابل مع الجيش وكان تحليلي انه في حال الموجهة المسلحة، سوف تكون الغلبة للجيش. لذلك يجب علينا وعبر شن حرب سياسيةـ نفسية عليه، ان نشله من الداخل والطريق هو ان ندعوا الجيش وعبر بياناتنا الى العصيان والتمرد ضد الاوامر. وقد قبل الخميني ذلك ومنذ تيرماه عام 1356 – 1977 نادرما تجد بيانا لا يتم التوجه فيه الى مخاطبة العسكريين وعوائلهم. ولكن الامريكان عندما توصلوا الى قناعة ان الشاه لا يمكن الاستفادة منه بعد، فقد طرحوا وكما اشرتُ سابقا بدل فكرة القيام بانقلاب عسكري، فكرة التناغم والتعاون، الجيش مع الثورة. البعض يقول جاء "هايزر" الى ايران ليقول للجيش ان لا يقف في وجه الثورة ويتركها ان تنتصر. في حين من وجهة نظري ان الامر ليس كذلك، فهايزر جاء الى ايران ليقول، اذا الجيش وقف في وجه الثورة فانه سوف يتلاشى وهذا تحليل نابع من الواقعية وليس من موقف سياسي.
وحول سؤال فيما يتعلق بعملية التغيير النظام السياسي وتبديل النظام الملكي الى نظام جمهوري اسلامي، هذه الانتقال من وجهة نظركم سواء كمثقف شارك في الثورة أوبمثابة شخصية مؤثرة في انتصار الثورة، هذا التغيير كان الخيار الوحيد؟ وهل كان النظام الجمهورية الاسلامية البديل الاوحد للنظام الملكي؟ لاسباب يمكن ان نعتبر حدث هذا الامر تلقائيا ماهي وجهة نظركم؟ هل من غير الممكن وفي ظل القرار الذي اتخذه الخميني في هذا الشان، بحث اشكال اخرى من النظم الجمهورية، كاقامة نظام جمهورية ديمقراطية اسلامية أوجمهورية بدون عنوان اسلامي، مثلا؟ اجاب بالقول من وجهة نظري توجد هناك علاقة وعلاقة متقابلة ( تفاعل). فان شعار" آزادي، استقلال ، جمهوري اسلامي" اي الحرية، الاستقلال، الجمهورية الاسلامية، قد رُفع لاول مرة في التاسع و العاشر من محرم ذلك العام "1979 " ولم ياتي هذا الشعار من الخارج ولم ياتي ايضا من الخميني، كان الامام الخميني يطرح في بيانته، ان الشعب لا يريد النظام الملكي، وموضوع طرح كون الشعب يريد نظاما جمهوريا الاسلاميا في خطاب الخميني كان كليا ومبهما ولم يكن معلوم ـ حسب هذا الخطاب ـ ماذا يريد الشعب؟! في البداية رفعت الجماهير شعارالحرية، الاستقلال، الحكومة الاسلامية، واثناء التحولات وفي مرحلة منها اصبح شعار الحرية، الاستقلال والجمهورية الاسلامية مطروحا، ولم يقل اي حزب او اي تجمع لماذا الجمهورية الاسلامية ولماذا لا تكون الجمهورية الخالصة (اي كسائر الجمهوريات الغربية مثلا). انظروا الى وثائق تلك الفترة لم يقل اي حزب او منظمة نحن نريد جمهورية لا جمهورية اسلامية وعندما قالت الجماهير الجمهورية الاسلامية فمن الطبيعي ان يقول الخميني ايضا، نريد جمهورية اسلامية



#جابر_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب العربي الاهوازي في ظل حكومة رجال الدين
- اليسار الاوروبي يعتذر للاهوازيين أين موقفكم ايها اليساريين ا ...
- اعدامات الاهوازيين بين الاستنكار الاوروبي والصمت العربي والا ...
- ماذادهاكم ايها الاهوازيين لا تكرموا ادباءكم؟!
- الاهوازيون واهداف العقاب الجماعي للسلطات الايرانية
- الاتفاقيات بين العراق وايران من ارض روم الى الجزائر
- تنوع جرائم نظام ولاية الفقيه في ايران تجاه الشعب العربي الاه ...
- الاهوازيون بين المباح والمحذور من التصريحات
- الاعلام الخارجي الناطق بالفارسية وتجاهل التنوع القومي في اير ...
- الحوار المتمدن وقضية القوميات المضطهدة في ايران
- يوسف عزيزي ومعركته من اجل الحرية في ايران
- النفط الايراني هل يصبح كعب آخيل ؟ *
- منظمة العفو الدولية تدين الاعدامات في ايران ، 244 حالة اعدام ...
- الشعب العربي الاهوازي؛ العين العربية تقاوم المخرز الايراني
- رجال الدين والدعوة الى الانصهارفي القومية الفارسية *
- رسالة الصحفي الاهوازي حسن فلاحية الى الامين العام لهيئة الام ...
- الصحفي الاهوازي حسن فلاحية يناشد العالم من خلف القضبان
- ترشيح الكاتب الاهوازي يوسف عزيزي لجائرة نوبل للسلام
- عائدات ايران النفطية بلغت 120 مليار دولار ، مشروع -مارشال لإ ...
- قراءة موجزة في افكار اقطاب الحبهة الوطنية الايرانية ، ورجاون ...


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جابر احمد - اسرار الثورة الايرانية بين ما هو معلن وما هو خفي 1-2