أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ريما كتانة نزال - لنترك جدارا مدمرا من مقاطعة نابلس














المزيد.....

لنترك جدارا مدمرا من مقاطعة نابلس


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 2109 - 2007 / 11 / 24 - 11:37
المحور: حقوق الانسان
    


مع كل الخصائص التي تميز المشهد النابلسي، فانه يتميز عن باقي المشاهد الفلسطينية بوجود شاهدين اثنين يشهدان على همجية الاحتلال وعنصريته، يثمثل الأول بتمايزحالة وواقع الحصار المحكم المحيط بالمدينة كالسوار على المعصم؛ مغلقا كل المداخل والطرق المؤدية الى المدينة؛ الهادف الى منع دخول وخروج البشر والسلع منها واليها، والثاني يتمثل بحجم عدد الاجتياحات والتوغلات فلا يكاد يمر يوم دون توغل يذكر؛ وبحجم الدمار اللاحق بالمنازل والمنشآت الحكومية والخاصة؛ ويقف على رأس مشاهد الدمار أطلال مقر المقاطعة المدمرة الذي شغلته محافظة نابلس وبعض مقار السلطة في أعقاب استلام السلطة الوطنية الفلسطينية للمدينة بعد تطبيق اتفاق اوسلو.
حصة نابلس من الدمار كانت حصة الأسد؛ ورسالة استخدام القوة المفرطة والتدميرالمسعور في نابلس واضحين، ومفادها تكريس النموذج والعبرة لعواقب فكرة الصمود والمقاومة؛ وتدمير بنى السلطة الوطنية الفلسطينية لتقويض سلطتها المادية والمعنوية؛ وبلغ التدمير ذروته منذ عملية السور الواقي في نيسان 2004 ؛ عندما دأبت سلطات الاحتلال على نصب المدافع بين كل حين وآخرأمام مقر المقاطعة كرمز للسلطة وهيبتها لتمطره بوابل من القنابل على الرغم من أنه لم يكن مسرحا لعمليات عسكرية أو اشتباكات؛ ومن ثم لجأت الى تلغيمه لتحيله الى ركام وجدران وأطلال بناء بناه العثمانيون؛ واستخدمه الانتداب الانجليزي كما فعلت قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي وأجهزته.
لقد عرف التاريخ تدميرا شاملا لمدن عديدة اثناء الحروب بغرض الانتقام ولتحقيق النصر؛ نذكر منها تدمير قوات الحلفاء لمدينة "درزدن" الالمانية التي دُمرت تدميرا شاملا من قبل قوات الحلفاء؛ ولكن "درزدن" حافظت بعد ستين عاما على بعض دمارها لتروي قصة العداء للبشر والحياة؛ ولتبق ذاكرتها مفتوحة للأجيال كشاهد عتيق ينتصب ويشهد على همجية الحروب وصانعيها، وكذلك فعل السوريون الذين أبقوا مدينتهم "القنيطرة" المدمرة كما تركها الاحتلال؛ الذين عملوا على لغمها وتفجير مبانيها قبل انسحابهم من دون حرب او اشتباكات اثر مفاوضات الكيلو 101 في العام 1975؛ وقد أبقى السوريون المدينة المدمرة ليرى العالم حضارة الغزاة؛ وأيَ رسالة انسانية يحملونها للمنطقة والعالم في تدمير المدينة المهجورة.
الآن تشهد نابلس عملية تجريف لمقر المقاطعة من أجل إعادة بنائه؛ وهو المقر الوحيد في المحافظة الذي بقي شاهدا على الجريمة؛ فلماذا السعي لإزالة الأدلة على الجريمة؛ وقد أضنانا البحث عن سبيل لمحاسبة اسرائيل على انتهاكاتها وجرائمها؛ بعد فشل الأمم المتحدة بسبب المناورات الاسرائيلية والدعم الامريكي في حماية قرارها رقم 1405 القاضي بتشكيل لجنة تقصي الحقائق الدولية؛ للتدقيق في أحداث مخيم جنين اثر اجتياحه المدوي في نيسان عام 2002؛ بعد اتضاح مؤشرات على ارتكاب اسرائيل لجريمة حرب ضد الانسانية، لقد تم اعادة بناء مخيم جنين وأزيلت معالم جريمة كبيرة، فلماذا لا نبقي نموذجا واحدا لمجازراسرائيل ضد الانسانية؛ ولماذا لا نبقي وثيقة حيَة صغيرة عن عنف الانتهاكات الاسرائيلية، لعلنا نحفظ ونوثق بالحجارة المذبوحة لكل ذي ضمير يرغب بمعرفة الحقيقة من خلال رسائل الغزاة التدميرية؛ ونبين أي غطاء لا أخلاقي تمنحه لهم القوة المسيطرة على العالم.
وليس من اعتراض على قرار إعادة بناء المقرات الرسمية؛ فلطالما فاخرنا العالم بمسارعتنا الى البناء بعد كل اجتياح دون كلل أو ملل؛ فإعادة البناء من متطلبات الصمود، ومؤشر على إرادة البقاء؛ وعلى افشالنا لمخطط تقويض السلطة؛ لكن الاعتراض يتلخص بأننا لا نريد أن نجعل من إعادة البناء في مواجهة مع اخفاء الادلة على الجريمة؛ التي لا بد من الابقاء عليها للتاريخ والاجيال والذاكرة، دون الغرق بالشعارات والجمل الانشائية؛ طالما أن الأكثرية منا تعتقد بأهمية إعادة بناء وعدم ترك المكان لتسكن به الاشباح.
بين خروج الحياة مجددا من بين الأنقاض والحفاظ على الذاكرة هناك طريق ثالث؛ يتمثل في الابقاء على جدار واحد في ذات المكان محاطا بالزجاج كمتحف للذاكرة؛ وأن نجمع الحجارة العتيقة لنبني منها أحد جدران المقاطعة الجديدة؛ وأن ندعمه بمعادن من بقايا الصواريخ والقذائف والقنابل والرصاص الذي قذفنا به؛ ليكون البناء وثيقة تاريخية ورسالة المستقبل؛ وعنوانا للذاكرة وإرادة البقاء، وليبقى البناء الجديد يحتضن الدم الذي نزف في نابلس؛ كرمز حي يؤمه الوفود الانسانية والحقوقية الزائرة .



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة المرأة في مسلسل باب الحارة
- واحد وعشرون عاما على غياب خالد نزال
- زيارة اوبرا وينفري للمناطق المحتلة
- لنعط حكومة الوحدة الوطنية فرصة قبل الاضراب
- -لماذا تركت وزارة المرأة -لحماس
- في القدس
- نعبر الى العام2007 ممزقين
- دور الاعلام الفلسطيني في مواجهة العنف ضد المرأة
- مطلوب مبادرة للمرأة الفلسطينية لتحريم الاقتتال الداخلي
- من خواطر الحرب على لبنان
- ضوء على معاناة المرأة الفلسطينية اللاجئة
- أحمد سناكرة يخرج حيا من تحت الأنقاض
- وداعا ممدوح نوفل
- من يوميات الحصار في نابلس
- هل أصبحت الرواتب كأحد بنود وثيقة الحوار الفلسطيني!
- الدكرى العشرون على استشهاد خالد نزال
- هل تحرر الطفل نور من سجنه
- أجمل الأمهات-سمر صبيح-
- يوم قائظ في أريحا
- يوم المرأة كنقطة اشتباك في المجلس التشريعي الفلسطيني


المزيد.....




- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...
- أبو الغيط يُرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول الأونروا
- الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين لاستئناف تمويل الأونروا بعد إ ...
- مفوض حقوق الإنسان يشعر -بالذعر- من تقارير المقابر الجماعية ف ...
- مسؤول أميركي يحذر: خطر المجاعة مرتفع للغاية في غزة
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر خارج منزل تشاك شومر في مدينة نيويو ...
- مسؤولان أمميان يدعوان بريطانيا لإعادة النظر في خطة نقل لاجئي ...
- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ريما كتانة نزال - لنترك جدارا مدمرا من مقاطعة نابلس