أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم نجيب - نحو إصلاح سياسي شامل في مصرفصل الدين عن سياسة الدولة العلمانية قضية ملحة لأنها هي الحل















المزيد.....

نحو إصلاح سياسي شامل في مصرفصل الدين عن سياسة الدولة العلمانية قضية ملحة لأنها هي الحل


سليم نجيب

الحوار المتمدن-العدد: 593 - 2003 / 9 / 16 - 02:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مونتريال في 15 سبتمبر 2003 
  

إن العلمانية تعني ببساطة فصل السلطتين الدينية والسياسية مع ضمان احترام جميع المعتقدات الدينية والهويات الثقافية والروحية للشعوب والمجتمعات. إنها تعني أن الدولة هي دولة قانون واحد يطبق على جميع المواطنين حقوقا وواجبات بغض النظر عن الدين. إنها دولة المواطنة والمواطن لا دولة مواطنين بدرجات (مسلم وذمي وكافر). إنها الدولة التي لا يذكر في الأوراق الرسمية الهوية الدينية. العلمانية هي المساواة التامة بين جميع المواطنين أمام القانون ومساواتهم في الفرص والمسئوليات والواجبات والحريات بغض النظر عن قناعاتهم الدينية وانتماءاتهم الطائفية.

 

إن أساس الدولة العلمانية يقوم على أن البشر جميعا متساوون أمام القانون بغض النظر عن أية فوراق وبدون وصاية من أحد إلا حكم القانون الذي لابد أن يساوي بين جميع المواطنين ويكفل حرياتهم في العقيدة دون قيود أو محاذير(1).

 

إن  العلمانية لا يمكن أن تتطور وتؤتي ثمارها من غير الديمقراطية فالعلمانية لا تتواجد في ظل الدكتاتورية والاستبداد(2).

 

الأقباط والدساتير المصرية:

 منذ حركة العسكر بقيادة جمال عبد الناصر في 23 يوليو 1952 التي قامت على تنظيم سري بحت للضباط الأحرار ولم يكن ضمن هذا التنظيم السري أي قبطي ينتمي إلى الصف الأول. تغلب على الأقباط التوجس وتحول التوجس هنا إلى قلق وبشكل خاص بعد أن استبعدت حركة العسكر قادة الرأي من الصفوة القبطية سواء بفعل قانون الإصلاح الزراعي أو بالتأميمات التي هدفت لتحطيم القوى الاقتصادية للأقباط بشكل خاص.

 

كما أن تغلغل الإخوان المسلمين وازدياد نفوذهم على رجال الانقلاب العسكري أثار شكوك ومخاوف الأقباط ولاسيما أن معظم أو كل ما يسمى بالضباط الأحرار كانوا من الإخوان المسلمين (3). فأصبح الأقباط بين مطرقة التطرف الإسلامي وسندان التعصب القومي للنظام السياسي.

 

أقر الدستور المصري المؤقت الصادر عام 1956 "بأن الإسلام دين الدولة" الأمر الذي يعني إلغاء مبدأ المساواة في حقوق المواطنة بين المسلمين والأقباط الذي لم يتنبه له أحد.

 

حينما تم اصطدام جماعة الإخوان المسلمين مع رجال الثورة بسبب التنافس على السلطة، أراد عبد الناصر أن يزايد على جماعة  الإخوان بإعادة الدولة الثيوقراطية الدينية بعد حوالي 150 عاما على ظهور المجتمع المدني العلماني في عصر محمد علي باشا الكبير. ولهذا يرى الكاتب المؤرخ غالي شكري أن بذور أسلمة الدولة وضعت في عهد عبد الناصر ولأن الدين كان حاضر لأداء وظيفته في عهد عبد الناصر ففي أثناء صراعه مع الإخوان المسلمين أخذ يزايد عليهم تكتيكيا وذلك بإصدار عدة قرارات نذكر على سبيل المثال لا الحصر: جعل الدين مادة أساسية في مختلف مراحل التعليم تؤدي إلى النجاح والرسوب – إنشاء جامعة الأزهر مقصورة على الطلبة المسلمين فقط وذلك لدراسة جميع فروع العلم على غرار الجامعات العصرية – إنشاء إذاعة القرآن الكريم تبث 24 ساعة في اليوم – إنشاء دار القرآن في 14/3/1964 لنشر التراث القرآني- قيام وزير التعليم كمال الدين حسين بأسلمة برامج التعليم – تأسيس جمعية الهداية الإسلامية بقيادة حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية، وقد لعبت هذه الجمعية دورا كبيرا في التغرير بالشعب القبطي وخاصة بالفتيات القبطيات لكي يتحولن إلى الإسلام- إنشاء 280 معهدا عاليا للعلوم الإسلامية فقط و 6000 معهد أزهري ابتدائي واعدادي وثانوي وأصبح عدد طلاب المعاهد الدينية في كل مراحل التعليم مليونا و 250 ألف طالب وطالبة وأصبح عدد الشيوخ نصف مليون تقريبا في 190 ألف مسجد وزاوية  في أنحاء  القطر حتى عام 1992 فقط.

 

أما إجراءات التأميم التي قام بها عبد الناصر في يوليو 1960/1961 والاستيلاء على الأراضي الزراعية فكانت خسارة الأقباط فيها بنسبة 75% وأعلن جمال عبد الناصر في خطبته للشعب "بأن رسول الإسلام هو أو من نادى بأسلوب التأميم وأنه أبو أول اشتراكية(4).

 

نتيجة لأسلمة الدولة تم تهميش واستبعاد الأقباط من الحياة السياسية ففي مجالس الشعب ليس للأقباط حضور وكذلك مجلس الشورى. كما انعدم تواجد الأقباط في أجهزة المخابرات العامة ومباحث أمن الدولة والجيش والجامعات والمعاهد التعليمية. فلا يوجد محافظ واحد قبطي ولا سفير قبطي ولا مدير أمن ولا مديري الشركات والبنوك والمؤسسات ولا وزير قبطي في وزارات السيادة والقيادة السياسية في صنع القرار(5).

 

فهكذا انتقصت حقوق الأقباط كمواطنين وانعدمت المساواة التامة في المجتمع باختفاء الدولة العلمانية وعدم فصل الدين عن السياسة.

 

ثم جاء عهد أنور السادات وهو ربيب وتلميذ الشيخ  حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين. كان التيار الناصري واليساري شبه مسيطر على البلاد كلها عقب وفاة عبد الناصر. وقد أراد السادات أن يضرب هذا التيار فارتمى في أحضان التيار الأصولي وأطلق على نفسه "الرئيس المؤمن" وقال قولته المشهورة "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة" وأفرج السادات عن جميع المعتقلين الإسلاميين وشجع بل ومول إنشاء تنظيمات إسلامية للجماعات الإسلامية وبدأت هذه التنظيمات الإسلامية تنشر في طول البلاد وعرضها ثقافة التعصب والكراهية والتكفير.

 

بدأ السادات بتعديل الدستور المصري –بضغط من الجماعات الإسلامية- بأن أضاف إلى المادة الثانية من دستور سنة 1971 "الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع" وفيما بعد عدلت هذه المادة عام 1980 لتكون: "الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"(6).

 

وبانتشار ثقافة التعصب والكراهية وعدم قبول الآخر وتكفير المسيحيين بدءا من مدارس الأطفال إلى أعلى مستويات الدولة اختفت شعارات "الدين لله والوطن للجميع"، "عاش الهلال مع الصليب" وحل محله شعار "الإسلام هو الحل". فهكذا انحدرت الأحوال في البلاد من الدولة الليبرالية الديمقراطية العلمانية إلى الدولة شبه الدينية الثيوقراطية مهمتها نشر التعصب والكراهية وعدم قبول الآخر.

 

إن الدولة التي تعتنق دينا خاصا ينص عليه دستورها فقد تعصبت لهذا الدين وبالتالي تكون الدولة قد استبعدت جزء من مواطنيها. فالدولة ثنائية الديانة- مثل لبنان ومصر وسوريا والسودان والعراق والأردن- يستوجب فصل الدين عن الدولة لكيما تكون دولة علمانية محايدة لا تفرق بين الأديان، دولة كل أفرادها مواطنون لا رعايا، دولة لا يشعر من يخالف دينها أنه مواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة، مواطن يساهم في صنع القرار ويستطيع أن يصل إلى أعلى المناصب القيادية في الدولة طالما كانت قدراته ومؤهلاته ومواهبه تؤهله لذلك بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية(7).

 

هل ننسى الفتوى الشهيرة التي أفتى فيها – المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين مصطفى مشهور- بإخراج الأقباط من الجيش وبإلزامهم بدفع الجزية.

 

فهكذا وجد الأقباط في مصر إقرار الطابع الثيوقراطي الديني والتمييزي للدولة الإسلامية الذي يقصى من حقوق المواطن غير المسلم من مزايا القانون الوضعي الذي حول الإنسان من رعية إلى مواطن ومن عضو في طائفة إلى فرد وفرض تمييزا دينيا مرفوضا- في عصر حقوق الإنسان- على مواطنيها غير المسلمين عندما تحرمهم من تقلد وزارات السيادة كرئاسة الحكومة ووزراء الخارجية والداخلية والعدل والتعليم والدفاع وقيادة الجيش. اللامساواة بين المسلم وغير المسلم تتنافى مع المساواة بين المواطنين في الحقوق كافة.

ما هو الحل
بناء عليه فان هذه المادة الثانية من الدستور المصري تنص صراحة على ثيوقراطية ودينية الدولة المصرية تميز بين المواطنين على أساس الدين، تفضل المواطن المسلم على المواطن غير المسلم، خاصة بالنسبة للسلطة والحكم الأمر الذي يلغي مبدأ المساواة بين المواطنين جميعا أمام القانون ويمنع تجسيد مفهوم "المواطنة" الحقيقية.

 

إن مطلب الدولة العلمانية، دولة المؤسسات المدنية والمجتمع المدني، هو الخطوة الأولى للإصلاح السياسي. فيجب إجراء إصلاحات شاملة عميقة في الدستور المصري ولا سيما المادة الثانية وذلك بإلغائها وإحلال محلها مادة جديدة تنص على أن "الدين لله والوطن للجميع". كما يجب إجراء إصلاحات جذرية في برامج الثقافة الدينية والخطاب الديني ومناهج التعليم والإعلام فنفصل بذلك الدين عن الدولة وعن السياسة وحصره في دور العبادة فقط. كما يجب إلغاء مادة التعليم الديني وإحلال محلها مادة التربية الوطنية والقومية المصرية وكذلك مادة حقوق الإنسان لكيما نخرج أجيالا تؤمن بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وحريات العقيدة والرأي وقبول الآخر.

 

إننا سنظل نطالب ونناشد قيادة النظام في مصر بإجراء هذه الإصلاحات الجذرية لقيام دولة علمانية تحترم حقوق الإنسان وتقوم على مبدأ العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون أي تمييز بسبب الدين أو الجنس وفي ظل نظام سياسي مدني ديمقراطي يطبق الديمقراطية الحقيقية لا ديمقراطية صورية، دولة علمانية تعترف بالآخر، تحترم حقوق الإنسان وتفصل الدين عن سياسة الدولة، دولة تؤمن بأن العلمانية هي الحل وليس الإسلام هو الحل كما ينادى به المتأسلمين الإسلاميين.

 

وفقنا الله جميعا إلى حب مصر وتأييد مصرنا الحبيبة.

 

 

المراجع:-

1-             د. عبد الخالق حسين: عراق الغد بين العلمانية والاسلاموية على موقع ايلاف

2-             د. عباس الشيخلي: فصل الدين عن سياسة الدولة – موقع ايلاف 18/6/‏2003

3-             د. سليم نجيب: الأقباط عبر التاريخ – الناشر دار الخيال بالقاهرة 2001 ص130،131

4-             الصحفي ملاك لوقا: الأقباط النشأة والصراع – مكتبة انجيلوس بالقاهرة 2001 ص64

5-             الأستاذ سليمان يوسف يوسف: المشكلة القبطية في مصر – موقع ايلاف 5/9/‏2003

د. سميرة بحر: الأقباط في الحياة السياسية – مكتبة الأنجلو بالقاهرة ص166،167

6-     المستشار محمد سعيد العشماوي: الإسلام السياسي – الناشر دار سيناء (القاهرة) 1987 – ص179، د. سليم نجيب المصدر السابق ص206-208

7-             منال أحمد طنطاوي: العلمانية هي الحل – موقع ايلاف 28/4/2003

 

 

د. سليم نجيب

دكتوراه في القانون والعلوم السياسية
قاض سابق

رئيس الهيئة القبطية الكندية

عضو اللجنة الدولية للقانونيين

E-mail:  [email protected]

Or: [email protected]

فاكس: 1533-485 (514)


 



#سليم_نجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضاء المُسَيَس فى مصر ... إلى متى وإلى أين يأخذنا
- نداء إلى الضمير العالمي
- نداء إلى ضمير الكتاب والصحفيين والمثقفين والمتنورين في مصر
- حقوق الأقليات وحقوق المواطنة-2
- حقوق الأقليات وحقوق المواطنة - 1
- أين ضمير مصر من المسئول عن إيقاف مسلسل خطف الفتيات المسيحيات ...
- نداء إلى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العرب ...
- المحكمة الجنائية الدولية وقضية الأقباط
- أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة يوليو 1952


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم نجيب - نحو إصلاح سياسي شامل في مصرفصل الدين عن سياسة الدولة العلمانية قضية ملحة لأنها هي الحل