أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الأنصارى - رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الثالثة















المزيد.....


رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الثالثة


صلاح الأنصارى

الحوار المتمدن-العدد: 1952 - 2007 / 6 / 20 - 11:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رفضت العمل مع ياسر عرفات..ولطفى قال له "يوسف يهودى"

بكي يوسف درويش 3 مرات.

الاخيرة عندما ماتت زوجته.

اقبال حاسين (اكد اكثر من مرة علي الطريقة الصحيحة لكتابة ونطق اسمها).. فهي من عائلة اصلها مغربي تعيش في الاسكندرية.

يهودية.

وزميلته في التنظيم.

تزوجها بعد قصته مع الزوجة الاولي "اونيه"

وهي قصة درامية من وجهة نظره.

" كان عمري 31 سنة.. ابويا مات.. وكنت ابحث عن استقرار بشكل ما.. "

سألته:".. تقصد عن حب؟!"

لا.

كانت اجابته جازمة فسألته:".. هل تشعر بالخجل عندما تتحدث عن الحب.. ألم تعرف فتيات في سنوات المراهقة..؟!"

ابتسم.. وصمت طويلا ليوحي بانه يغير الموضوع.. وانتقل الي حكاية اخري تماما:".. تعرف انه كانت هناك بيوت دعارة رسمية.. في كلوت بك.. كان الشباب يذهبون اليها لتفريغ رغبات اجسامهم.. وهي حاجات طبيعية.. للرجل والمرأة.. لا افهم لماذا تكبل عندنا بهذه الطريقة.. نتيجة هذا التضييق.. الآن الزواج العرفي.. هو الحل.. زمان كانت بيوت الدعارة تحت اشراف الحكومة.. وبرخصة.. وكشف طبي.. انا اكلمك عن اواخر الثلاثينيات.. اوائل الاربعينيات.. ".

هل زرتها..؟!

خفت ان اسأله.. لكنه اجاب بدون سؤال:".. انا نفسي زرت هذه الاماكن.. ربما قبل سفري للدراسة في فرنسا.. ".

سافر يوسف درويش الي فرنسا بعد ان اقنع والده ان الدراسة هناك ارخص.. لكن الاب طلب ان يدرس التجارة.. فوافق وهناك درس الي جانبها الحقوق (لانها كانت مهنة السياسيين الكبار.. كما انها مهنة اخوالي..).

مدرسة الحقوق كانت في "اكس ايه برونانس".. هناك عرف فتاة لطيفة اسمها اندريه.. هي التي قادته الي عالم الماركسية والتنظيمات الشيوعية وقدمته الي المؤمنين بها.. وحضر لاول مرة كمستمع في اجتماع التنظيم.

لم تكن هذه هي الاولي في فرنسا.. " في مدينة تولوز (حيث مدرسة التجارة العليا).. عرفت فرنسية كانت معي في المدرسة.. ثم فتاة بولندية.. لكن اندريه هي التي لن انساها ابدا.. كانت من شمال فرنسا.. واتجاهها تروتسكي (تيار في الماركسية يسير علي مباديء تروتسكي الذي تمرد علي الثورة عندما تحولت الي دولة علي يد ستالين لانه يؤمن بان الثورة دائمة..).. "

علق:".. تعرف انني رأيت تروتسكي يجلس علي مقهي مثل مقهي الحرية في باب اللوق.. رأيته ولم اكلمه.. كنت «عيل صغير».. ولم اكن اعرف وقتها انه كان هاربا من ستالين وانه مطارد من الاتحاد السوفييتي..".

واكمل كأن حكاية الفاتنة الفرنسية لم تنقطع:".. احببتها جدا جدا.. وكان من المفروض ان نتزوج.. وتأتي لتعيش معي في مصر.. وتعمل مدرسة للغة الفرنسية.. لكن لم تكن عندي امكانات مالية وقتها.. "

وفي مصر بعد العودة..؟!

ضحك هذه المرة.. ".. عرفت واحدة يونانية كان اسمها صوفي.. حلوة جدا.. بعد ذلك كانت لي مغامرات مع بنات من سوريا أو لبنان.. لا اتذكر.. "

لا مصريات ابدا..؟!

قال بشكل تقريري تماما: ".. كان هناك مصريات.. لكن قليل.."

.. هذا قبل ان يعرف " اونيه ".




قابلها في ندوة.. .وأعجبته.

وكانت مناسبة له تماما (يهودية قرائية).. .وليست بعيدة عن الماركسية.

لكن التنظيم لم يوافق علي الزواج الا بعد 6 اشهر.

قالها.. وكان يريد ان يكمل باعتبار ما قاله شيء طبيعي.. فاستوقفته:".. هل يتدخل التنظيم في مسائل شخصية الي هذا الحد..؟!"

طبعا.. " قلت لك انه تنظيم حنبلي جدا.. فقد اعترضوا علي ان يكون لي نصيب في ميراث ابي.. لان جزءا منه كان نتيجة نشاط في رهونات الصاغة.. فبعت نصيبي لاخوتي.. "

وما وجه الاعتراض علي زوجتك الاولي..؟!

" الفارق الفكري بيني وبينها.. وايضا الفارق في النضال والعطاء.. لكنهم وافقوا في النهاية.. وتزوجتها.. ويبدو انهم كانوا محقين في وجهة نظرهم.. تزوجنا.. اثناء ازمة سكن في مصر.. سنة 1940 أو 1941.. وعثرت علي شقة بالصدفة في الدور الثالث في العمارة البلجيكية ببولاق الدكرور.. يمين بعد نادي الترسانة.. "

في هذا البيت خصص يوسف درويش غرفة كبيرة لتكون احد فروع مدرسة لمحوالامية:"كان يحضر في العادة حوالي 30 طالبا.. ولم تكن هذه هي الفصول الوحيدة.. كانت لنا فصول في ميت عقبة والسبتية وطنطا وكنت انا القي دروساً في اللغة العربية والحساب والمواد الاجتماعية.. اذهب 3 مرات اسبوعيا الي ميت عقبة الي جانب المرات التي كانت تتم في بيتي.. وفي إحدي المحاضرات سربت افكاراً ماركسية بشكل هاديء تماما.. "

هل هذا ماافسد الحياة بين يوسف واونيه؟!

هل كان النشاط السياسي يتجاوز حدود البيت..؟!

.. يحكي يوسف درويش نهاية العلاقة علي طريقته:".. كانت بيننا خلافات تنفجر من وقت الي آخر.. وفجأة اكتشفت اننا لابد ان ننفصل.. حدث الاكتشاف بعد 6 سنوات.. وبطريقة غريبة، فقد كانت مشيتي متوازنة جدا.. ولم يكن من السهل ان افقد التوازن واسقط حتي لو دفعني احد ما.. وفي يوم.. كنت امشي من بيتي في بولاق الي مكتبي في شارع زكي.. ووجدتني اسقط في الشارع بدون مقدمات.. فقلت لنفسي.. لا.. لابد ان اغير مسيرة حياتي.. ".




لم يلبس يوسف درويش دبلة اقبال حاسين الا في عيد زواجه الـ 50.

حكت بسمة لي هذه الحكاية بفرح طفولي.

" الروايات كثيرة عن اختفاء الدبلة.. منها انها سرقت في السجن.. أو انها ضاقت علي اصبعه.. أو ضاعت في حمام سباحة.. المهم انه لم يلبسها الا بعد مرور كل هذه السنوات.. وحتي الآن.. رغم انها ماتت منذ سنوات"

حدث الزواج سنة 1947.

هما زملاء تنظيم واحد.. لكنها بعد فترة يبدو انها اكتفت بالجبهة الداخلية (البيت) وتركت له الجبهات الخارجية.. استمرت في عملها بشركة فيليبس.. واهتمت بصنع استقرار عائلة.. يقيم رجلها اقامة طويلة في السجون.

لم تغادر السياسة نهائيا "اكتفت ربما ببعض نشاط خفيف في الاتحاد الاشتراكي.. "

او كما حكت لي ابنتها نولة:".. مرة عندما كانت جميلة بوحريد (مناضلة جزائرية حاكمها الاستعمار الفرنسي بتهمة اشتراكها في عمليات تحرير بلادها).. خرجت مظاهرة نسائية.. اشتركت فيها اسماء مثل انجي افلاطون..

وانجي رشدي.. وتظاهرنا امام العمارة التي يوجد بها الآن مقر مؤسسة فورد في جاردن سيتي.. انا كنت صغيرة جدا.. ويومها البوليس حبسنا في العمارة واغلق علينا البوابة وتركنا نهتف.. ."

هذه من المرات النادرة التي رأيت ماما تشترك في عمل نسائي.. "اعتقد انه في فترة من الفترات كان لها نشاط مع مجموعة نساء مثل (طنط) فاطمة زكي زوجة الاستاذ نبيل الهلالي.. لا اتذكر جيدا.. آه مرة اخري عندما وقعت حرب 1967 قالت لي: لازم تتعلمي تمريض.. ويبدو ان هذا كان جزءا من تكليفات الاتحاد الاشتراكي.. وفعلا ذهبت لكن لا اتعلمت ولا حاجة".

مهمة اقبال الكبيرة كانت تبدأ في غياب يوسف.. في السجن.

تقلب الدنيا وتتصل بكل المنظمات (في مرة كان الواسطة مصطفي المحامي شقيق حمزة البسيوني.. صاحب الماركة المسجلة باسمه في تاريخ التعذيب..)

وفي المرة التي خرج فيها من المعتقل بعد حل الحزب الشيوعي.. كان يوسف درويش مثل اسد جريح في غرفة ضيقة.. يدور في انحاء الشقة ويخبط رأسه في الحائط ويصرخ.. .وساعتها وقفت اقبال وقالت له:.. " طيب كفاية سجون.. .ونرتاح شوية "

ويومها.. بكيت للمرة الثانية.




بجوار صورة لينين المحفورة علي سطح معدني علي طاولة بجوار المكتبه.. لمحته: رجل ملامحه من النوع الذي تراه في احياء مصر الشعبية.. يضع علي رأسه الطاقية الشبيكة المشهورة في مواسم الحج.

سألته: ".. من صاحب الصورة "

قال بنبرة فخورة:".انه سعد عثمان.. مات من فترة قريبة.. "

هو واحد من 3 زعماء عمال اقتربوا بقوة من يوسف درويش:".. عندما عرفته اول مرة .. كان في كشافة الاخوان المسلمين.. نشيط جدا.. لكنه تغير تماما بعد ان عرفته.. لماذا..؟! لانني لا أبدا الكلام مع العمال عن الماركسية.. اخدمهم اولا.. وانا خدمتهم فعلا بصدق وامانة.. وكانت هذه هي قضيتي.. تعبت في الدفاع عن حقوق العمال.. وكافحت معهم لاسترداد هذه الحقوق.. وبدأوا يثقون بي.. فربطت لهم اهتمامي واخلاصي بالفكر الماركسي.. فقبلوا الكلام.. والمسأله ليست بسيطة.. لكن مفتاحها ان تدخل للناس من بابهم وليس من بابك انت.. "

العلاقة بالعمال كانت المرحلة الثالثة في مسيرة يوسف درويش السياسية بعد عودته من باريس.

".. نصحني الشيوعيون هناك بثلاث مهام:

1 ـ الاهتمام بحزب الوفد باعتباره الحزب الشعبي الحقيقي والوحيد آنذاك (وهم كانوا يرون ان الوقت لم يأت بعد لاعلان تنظيم ماركسي.. وكانت المرحلة بالنسبة لهم تعتمد علي التنسيق مع احزاب لها شعبية ووقع الاختيار علي الوفد.وبالتحديد علي الكتلة الوفدية بطابعها اليساري الي حد ما)

2 ـ الاتصال بحركة العمال (وقد ساهم يوسف درويش علي وجه خاص في انتزاع النقابات من الاحزاب التقليدية.. ونقلها الي مستوي آخر من العمل قبل ان تقتنصها تنظيمات ثورة يوليو)

3 ـ العمل في مجال حركة انصار السلام.

وحركة انصار السلام هذه وكما جاء في اوراق الدكتور رول ماير المنشورة عن المعهد الهولندي للتاريخ الاجتماعي: " كان لها فرعان في القاهرة والاسكندرية. تأسست عام 1935 لمقاومة الاحتلال الايطالي لاثيوبيا وقد ضمت العديد من الأجانب والأقليات التي تعيش في مصر. كان التنظيم يستخدم اللغتين العربية والفرنسية في اعماله واجتماعاته وقد اقتصر اهتمام حركة انصار السلام في البداية علي الحرب الأهلية الاسبانية لكنها بدأت بالاهتمام بالشئون المصرية أيضا ً ابتداءً من عام 1936، حيث عملت علي دعم النضال التحرري المصري ودعت مصر إلي الانضمام لعصبة الأمم في لاهاي ودعت إلي الغاء الامتيازات الاجنبية في مؤتمر مونتروفي عام 1937".

يوسف درويش عثر اولا علي مقر اتحاد نقابات العمال سنة 1934..في عمارة متاتيا بالعتبة الخضراء. هناك عرف اول زعيم عمال " محمد يوسف المدرك ".

هذا هو بطل واقعة ستحدث بعد اللقاء الاول بينه وبين يوسف درويش بحوالي 10 سنوات حين جمع توقيع 10 آلاف عامل ليسافر ممثلا للحركة العمالية في مؤتمر لاتحاد نقابات العمال العالمي.. هؤلاء العمال هم الذين دفعوا ثمن تذكرة السفر.. وتكاليف الاقامة.. وهي حكاية فريدة في تاريخ نقابات العمال.

".. عندما تعرفت علي المدرك.. كنت وقتها مهتما بتاريخ العمال في مصر.. كنت اذهب الي المكتبة الخديوية 3 مرات في الاسبوع وابحث في الصحف خاصة التي صدرت في 1919. وأدون واجمع معلومات عن النقابات والحركة العمالية وزعماء العمال.. "

كان هذا بناء علي توزيع ادوار بين الثلاثة المؤسسين:

يوسف درويش(العمال)

احمد صادق سعد (المثقفين)

ريمون دويك (الاوساط الوفدية).

3 يهود التقوا صدفة.. حين كان يوسف درويش يمر في شارع المغربي ولمح لافتة علي عمارة انطونيادس مكتوب عليها "عصبة انصار السلام".

هؤلاء الثلاثة هم المؤسسون الاوائل لتنظيم يتميز عن غيره بانه "حديدي " اي من الصعب اختراق اسراره.. وتتميز عضويته بانهم مثقفون جدا" احتجنا ان نقرأ كل تاريخ مصر لكي نفهم.. ونستطيع ان نقدم رؤية حقيقية".

في 1936 بدأت عصبة انصار السلام الاهتمام بالشئون المصرية (استقلال مصر وانهاء الامتيازات الاجنبية.. وعضوية مصر في عصبة الامم في لاهاي..)

ويحكي يوسف درويش:".. .ربما اكون قد تعلمت أو وعيت برفض الصهيوينة في عصبة انصار السلام.. وفي فندق الكونتيننتال التقيت بالحاج امين الحسيني قائد الثورة الفلسطينية وقتها.. كان ذلك تقريبا سنة 1936... وكان معه موسي الخالدي.. وكنت انا وريمون دويك.. "

ريمون دويك الوحيد من الثلاثة الذي لم يشهر اسلامه.

احمد صادق سعد.. كان يهودياً ربانياً وغير اسمه.. (وخفض صوته وهو يحكي عن زوجة صادق سعد وكانت ربانية هي الاخري وابنة حاخام لكنها اصبحت غريبة.. ويبدو انها تطرفت.. فقد رفضت مؤخرا ان تصافحني..).

شعرت بالخجل وانا ابتسم من الحكاية.. وهو كان يشعر بانها مأساة.

بل انها ذكرته بالمرة الثالثة التي بكي فيها.




سألته عن تفسير ظاهرة القادة اليهود (بل والمؤسسين) في تنظيمات اليسار (والماركسية بشكل واضح)..؟!

قال: "لان اليهود كانوا مرتبطين اكثر بالثقافة الغربية.. وكانوا يميلون الي تعليم افضل "

ربما ايضا لان هذه التنظيمات تمنحهم فرصة الاعلان عن مصريتهم.

سمعت من يوسف درويش اسم مارسيل اسرائيل.

لم تكن المرة الاولي، قرأت اسمه اكثر من مرة في تاريخ النضال ضد الانجليز.. (هو مؤسس اول منظمة شيوعية في مصر)

وعرفت من اوراقه التي نشرت مؤخرا انه ولد بعد يوسف درويش بثلاث سنوات في شارع تورسينا (بالضاهر)

ابوه ايطالي عاش في ميت غمر (من كبار ملاك الاراضي الاقطاعيين)..

وامه من اصل ايراني (امها كانت تتكلم العربية وترتدي حتي ايامها الاخيرة الملاءة اوالحبرة).

كان من الممكن ان يصبح مارسيل واحدا من اثرياء البورصة.

لكنه اختار ان يكون في صفوف الوطنية المصرية.. وبالتحديد في التنظيمات الماركسية.. (مهمته المميزة كانت في تربية كوادر التنظيمات السرية..).

وعندما القي القبض عليه سنة 1949..(كان ممدوح سالم وزير الداخلية في 1977 ومن بعدها رئيس الحكومة) ضمن ضباط في البوليس السياسي طلبوا منه افشاء اسرار التنظيم (كان ينتمي الي تنظيم حدتو.. ).. بعد الرفض حكم عليه بخمس سنوات.. انتهت بقرار من جمال عبد الناصر عندما كان وزيرا للداخلية سنة 1954..بابعاده الي ايطاليا.

حكي لي صديقه الفنان التشكيلي عادل السيوي انه كان ممنوعا من دخول مصر.. ومن فرط المحبة.. كان يسافر في رحلة عبر موانيء البحر المتوسط.. ليحظي بنظرة عن بعد الي الاسكندرية.

رومانتيكية من نوع خاص وفريد.

بل كان ضد اسرائيل.. اسس "الرابطة الاسرائيلية لمكافحة الصهيونية "

وكان اول ما فعله حين وصل ايطاليا تقديم طلب الي رئيس الجمهورية بالعودة الي اسم عائلته " شيريزي " ليتخلص من اسم اسرائيل.

ولا تلتصق به اي رابطة بينه وبين الدولة العنصرية.




يوسف درويش كان مختلفا حتي عن شحاتة هارون.

واحد من 120 يهودياً لم يغادروا مصر ابدا.

ظل يهوديا وتمسك بمصريته حتي ضد رغبة حكوماتها وانظمتها السياسية المختلفة.

ماتت ابنته الاولي (مني) لانها اصيبت بمرض يحتاج العلاج في الخارج.. ورفض لان هذا يعني انه لن يعود الي مصر.

ابنته الثانية (ماجدة) تزوجت من طبيب كاثوليكي ايطالي الاصل.

والثالثة(نادية) من مصري مسلم.

وسمي الاصدقاء بيتهم " محطة مصر "

وهو ظل يهودياً.. ضد خرافة اسرائيل (اشترك مع مارسيل في الرابطة ضد الصهيوينة).. واعتقل لانه ضد كامب ديفيد.. وفي نعيه كتبت عبارة تلخص فلسفته:".. لكل انسان اكثر من هوية.. وانا انسان مصري حين يضطهد المصريون.. اسود حين يضطهد السود.. يهودي حين يضطهد اليهود.. فلسطيني حين يضطهد الفلسطينيون ".




يوسف درويش كانت رومانتيكيته اقل.

انهي الاجراءات بشكل اسرع.

اكد جنسيته المصرية (بعقد بيع ارض عثر عليه بين اوراق عمه) يرجع الي القرن التاسع عشر.

واشهر اسلامه.

وكان بعيدا عن مزاج القلق في عائلته الكبيرة.

كان مشغولا بالسياسة.. يعيش كرجل صاحب مهمة.. لا حياة له بعيدا عن عالم اختاره بحسم كبير.

ولم يتأثر كثيرا بسفر عائلته كلها الي امريكا عام 1962.

عائلة زوجته اقبال سافرت قبلها الي فرنسا عام 1956.

في مرة حاربوه في الاتحاد الاشتراكي وقالوا له ان شقيق زوجته غادر بورسعيد علي بارجة فرنسية في العدوان الثلاثي.

وعندما وجد البوليس ذات مرة يخبط علي بيته عرف انهم يبحثون عن اخيه الكبير زكي (كان متهما مثل بقية اليهود بتهريب الذهب)..

هو كان في مكان آخر.

في تكوين "التنظيم "

هكذا كان اسمه في الايام الاولي (بلا اسم كنوع من الاحتياط) ثم اصبح طليعة العمال.. وهو الاسم الاشهر لهذه المنظمة إلا أنها اتخذت أسماءً عديدة خلال تاريخها القصير، فقد سمي بـ "التنظيم" من قبل أعضائه الذين أسسوه في أوائل الاربعينيات. وفي سبتمبر عام 1946 تبني التنظيم لفترة مؤقتة اسم " الطليعة الشعبية للتحرر" وكان أعضاؤها في تلك الفترة لا يتجاوزون خمسة وثلاثين شخصاً. وخلال أعوام 1945-1946 عادة ما كان يشار لهذا التنظيم باسم إحدي صحفه الواسعة الانتشار " الفجر الجديد " حيث كانت تسمي مجموعة الفجر الجديد وعندما اندمجت مع منظمة شيوعية أخري عام 1949 اتخذت اسم "الطليعة الديمقراطية " وبدلت اسمها إلي حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري في عام 1957 قبل أن تنضم إلي الحزب الشيوعي المصري في نوفمبر 1958 "(اوراق رول ماير)

في هذا الانضمام حدثت الواقعة التي يندم عليها يوسف درويش.. فقد كان من المفروض ان يكون في اللجنة المركزية (وكانت هذه هي الوحدة بين تنظيمه وتنظيم حدتو.. وتنظيم آخر اسمه راية كان من قادته فؤاد مرسي وزير التموين فيما بعد).. لكن تنظيم راية اعترض وقال "ان اصولي اليهودية يمكن ان يربك الناس تجاه التنظيم"

يومها بكيت لاول مرة.

لكنني وافقت لكي لا اكون السبب في " فركشةالوحدة.

وانا اليوم اري انني كنت مخطئا.. لانه كان لابد ان ادافع عن قيمة كبيرة وهي ان الماركسية لا تفرق بين الاديان.. وليست عنصرية.. ولم يكن مهما ان تفشل الوحدة.. لانها كانت فاشلة من الاساس وهذا ما ثبت بعد اشهر قليلة فقط..

ظلت فكرة اليهودي تطارد يوسف درويش (رغم حرص الاجراءات.. ورغم انه علي الورق لم يعد يهوديا..).

وفي مرة حضر اجتماعات منظمة التحرير بالجزائر كمراقب.

" كنت مع لطفي الخولي صديقي.. ووجدته يهمس في اذن ياسر عرفات:.. علي فكرة يوسف درويش يهودي اصلا.. " ابتسم عرفات وقال لي: ".. والله.. ما تيجي تشتغل معانا.. " فشكرته وقلت له:".. انا من المؤمنين بانه يجب ان احل مشكلة بلدي اولا.. ومصر مازالت تحتاج الكثير..

وبدا علي ملامح ياسر عرفات انه لم يفهمني.




سألته فجأة: ألم تحب بعد الزواج..؟!

سكت فترة.

ثم حكي عن ممثلة اسمها امينة نور الدين كانت تمتلك فندقا صغيرا بالزمالك.كان محاميها وعندما اغلق مكتبه في مرة من مرات الاعتقال.. ساعدته ماديا.

كانت جميلة..؟!

".. جدا.. جدا.. "

هل احببتها..؟!

رد بابتسامة:".. زوجتي كانت تغير منها جدا.."

(اكدت نولة الحكاية.. قالت انها كانت كابوس البيت.. وكانت تتعمد مضايقة امي.. ولا اعتقد ان كان الامر وصل الي الحب..)

انه رجل كبير.

متعالٍ علي كل التفاصيل الصغيرة في البيت.

هل كان " سي السيد "

ام كان هو المشغول بالقضايا الخطيرة..؟!







#صلاح_الأنصارى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة البحث عن الرجل الحديدى .. الحلقة الرابعة
- ملحمة عمال الصلب .. أغسطس 1989
- حقيقة الهستدروت الاسرائيلى
- روزا و الاضرابات الجماهيرية
- عمال الحديد والصلب ورفض زيارة نافون
- الكلمة الفعل والعودة الى الكتابة
- رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الأولى
- انا بحبك يا مصطفى - مصطفى عبد الغفار درة فى تاريخ الحركة الع ...
- حلم واحد .. درب واحد
- الحركة العمالية المصرية ..الواقع و أفاق المستقبل
- من يحمى العمال


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح الأنصارى - رحلة البحث عن الرجل الحديدى.. الحلقة الثالثة