أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - عواء ذئب














المزيد.....

عواء ذئب


ايناس البدران

الحوار المتمدن-العدد: 1946 - 2007 / 6 / 14 - 09:51
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
في الهزيع الاخير من الليل فتحت عينيها على صدى عزاء مزق سكون العتمة رويدا بدأت حجب الظلام تنجلي لتسفر عن الاثاث القديم الثمين الذي نامت عليه الوحشة لسنين .
التفتت يمينا فوقع بصرها على الطعام المتروك بين زجاجات الدواء منذ الظهيرة حتى انكمش من البرد . مررت كفيها على الملاءات الساتان والوسائد المتناثرة الموشاة بخيوط ذهبية خشنة ، محاولة استجداء النوم دون جدوى .
تلك الليلة حل المساء باكرا مدثرا ببر د ثلجي ، البوابة الحديدية العالية اوصدت مع الغروب بالمزلاج وانصرف كل لشأنه لائذا بغرفته من البرد .
عاد صوت العواء قويا واضحا هذه المرة ، اقتلعها من سريرها الدافيء الوثير ، نهضت بخطوات متعثرة صوب النافذة ، ازاحت ستائر التفتا المعلقة بأستسلام ، لاحت لها الحديقة التي كانت تزهو بأزهارها وعرائشها وعشبها المجزوز بعناية الفتها ساكنة وقد استحالت سيقانا عارية ومساحات شاحبة . قربت وجهها من الشباك اكثر تستجلي ما تخفيه العتمة .. لامست انفاسها الدافئة الزجاج الثلجي مكونة غلافا ضبابيا اعاق الرؤية اكثر .
بأصابع مرتعشة فتحت مصراعي النافذة فدهمتها ريح قاسية تجاهلت سكاكينها وعبثها بالستائر .. مدت بصرها الى ما وراء البوابة وسياجها الحجري العالي ، وهناك لمحته في موضع غير بعيد يقترب بحذر ويرمقها بنظرات ودودة .
في تلك الساعة المتأخرة تمنت لو توقظ الحارس الكسول في تلك الساعة ، لابقصد توبيخه فقط وانما لترى علامات الدهشة على وجهه تقع عيناه على هذا الوحش الجميل .
- هنالك ذئب ايها المتناوم .
- هذا ما ستقوله له .. ولكن ماذا لو استخدم بندقيته الصدئة الغبية واصابه بعيار ناري ؟
- حقا لقد سمعت ان الذئاب تخرج من قلب البرية في الليالي المقمرة .. ولكن ان يحصل شيء كهذا امامها ! اخذتها الدهشة برهة وبدأت السماء تنث نتفا ضبابيا كالقطن المندوف .. لم يعرها جسدها المرتجف التفاتا ، احتل المخلوق الضخم بفرائه الرمادي وحضوره القوي مركز نظرها ومساحة تفكيرها وبدا مع حواشي الغيوم النحاسية والبدر من خلفه كلوحة خلابة مؤطرة بهالة تسلب الالباب .
انعكس شيء من ضياء البدر فوق سيقان الشجر العاري فشعت بألوان بنية كدماء ضحايا متيبسة . بحركة مفاجئة طوى المخلوق المخيف قائمتيه الخلفيتين كأنما استفزه طول الانتظار فرد الاماميتين في وضع استعداد ، ثم سلط على عينيها نظرة عميقة مغلفة بكبرياء لم تنل منها المدنية ، وحرك رأسه بفضول كمن يسأل .
- ماذا تفعلين هنا ؟
رفعت حاجبيها دهشة ، انها تقرأ عينيه وتفهم لغته ! قالت مخاطبة اياه
- لعلي ظللت طريقي الى الحياة .. وكأنه فهم ما ترمي اليه ، نظر مستفسرا
- أ تشعرين بالوحدة ؟
- حد البكاء ..
- وروحك أ هائمة هي كأنها في رحيل دائم عن الجسد ؟
تنهدت وهي توميء بالايجاب .. واشارت بتوجس :
- ما هذا الاحمر الذي يصبغ خطمك أ هو دم ؟
علت فمه ابتسامة فسقطت منه وردة حمراء .. ثم وهو يوميء لها برأسه
- لقد التقطتها لك يا اميرتي وسقيتها بدماء قلبي الا تعلمين اني اوفى المخلوقات ؟
قالت والدموع في عينيها :
- خذلني الجميع حتى نفسي ، ثم وهي مخنوقة بالعبرات
- لكنني ابدا لم اصبح ذئبة مثلكم ..
قاطعتها انفاسه البيضاء الغاضبة
- أضحكتني هل صدقت ما يروجونه عنا من اكاذيب نحن لانقتل الا لنظل على قيد الحياة . ونحرص ان يتم ذلك بأنسانية ، عفوا اقصد بذئبية تامة وخلال ثوان ، اما هم فأنهم يقتلون ببطء قد يمتد لأعوام طمعا او كراهية او حتى للمتعة . انبثق من عينيه شعاع شفيف ركز فيه كل عزمه وهو يناجيها
- تعالي معي .. سأحررك الى الابد من كل ما يخيف البشر او يعذبهم ، سنتحد بشعاع الشمس وضوء القمر بأديم الارض وقطرات المطر ، سأعلمك لغة النحل والسنبلة والسير فوق الغمام وقوس قزح ، سنعوم معا تحت شلال الابدية وسأطعمك عنبا بريا .. ألا تحبين العنيب البري ؟
حركت رأسها بمرح طفولي ، ثم كأنها تذكرت شيئا ، اشارت الى غلالتها الرقيقة وهي ترتجف من البرد اومأ لها بثقة قائلا :
- سينبت لك في دقائق فراء ابيض بلون الثلج لتتدثري بدفء لم تنعمي به طوال حياتك .
كانت اسنانها تصطك وهي تردد أبيات شعر حفظتها يوما عن ظهر قلب :
" على شاطيء النهر .. وسط أجمة .. هناك أحببنا بعضنا .. الاغصان المزهرة تقصفت تحت وطأة عناقنا .. كان ذلك منذ زمن بعيد .. قبل ان تستحيل عيدانا يابسة . "
مع او شعاع للفجر .. والشمس تطل باهتة على الوجود كقرص ابيض .. كانت ظلفات الشبابيك تصطفق .. والستائر تلوح هفافة خارجها .. ورآى السابلة وسط دهشتهم زوجا من الذئاب يحوم قرب البوابة المشرعة ، قبل ان ينطلق على عجل الى قلب البرية .



#ايناس_البدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - النمرة - قصة قصيرة
- حوار مع القاصة ايناس البدران
- أشارات ضوئية
- - على حافة الرحيل - قصة قصيرة -
- جدائل الشمس - قصة قصيرة
- الجدار - قصة قصيرة
- وجه السماء - قصة قصيرة
- -الاكتواء بثلوج كلمنجارو - قصة قصيرة
- -صورة من زيت وماء - قصة قصيرة
- - حين اكلنا التفاحة - قصيدة نثرية
- مقابلة صحفية مع القاصة ايناس البدران
- قصة - هذيان محموم-
- قصة قصيرة بعنوان - الحلزون -
- قصة قصيرة
- كلمة رئيسة منتدى نازك الملائكة الادبي في الاتحاد العام لادبا ...
- الاليات الداعمة لحركة المرأة المبدعة
- قصص قصيرة جدا
- انعكاسات امرأة
- مع أول خيوط الفجر
- مع أول خيوط الفجر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايناس البدران - عواء ذئب