أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار ديوب - في نقد الديمقراطية والعلمانية عند برهان غليون















المزيد.....

في نقد الديمقراطية والعلمانية عند برهان غليون


عمار ديوب

الحوار المتمدن-العدد: 1946 - 2007 / 6 / 14 - 13:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في المقالة المنشورة للمفكر برهان غليون " العلمانية والديمقراطية " على الحوار المتمدن في 6/6 /2007 يناقش غليون خوف " الأفراد الذين تغريهم الديمقراطية" من كون العلمانية شرط أساسي للديمقراطية وذلك حتى" يمكنهم التعبير عن اقتناعهم السياسي الجديد مع استمرار الوفاء لعقيدتهم الدينية" ويعلل غليون الخوف ب" بظروف سيطرة العقائديات الشمولية والنظم التسلطية والتعسفية" ..
يخفى هذا التحليل أن المشكلة ليست في افتقاد العلمانية للديمقراطية ؛ التي لم تكن هي موجودة أقصد العلمانية ، بل المشكلة في سيطرة النظم التسلطية والتعسفية بالتحديد ، حيث ضمن هذه العقائديات "الإسلام السياسي" ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى هناك الدعم السياسي الذي نظمته الدولة العربية بالارتباط الوثيق من الدولة الأمريكية في إطار توظيف سلطة رجالات الدينية وتسييسهم ضد الفكر العلماني والقومي والماركسي . وبالتالي لا تتمثل المشكلة في الأنظمة التسلطية فقط بل وكذلك في تحالف سلطة رجالات الدين معها بغض النظر عن الاختلاف اللاحق معها وهو اختلاف المصالح ، عدا عن أن الدين ولا أقصد هنا النص الديني بالمطلق ، اتسع وامتد في كل العالم العربي ولا سيما في "النظم التسلطية" بما يكرس تمييز عنصري بين الجماعات الدينية المتمايزة إبتدءاً من إدخال التعليم الديني في كل مراحل التعليم من الابتدائية إلى الثانوية إلى المعاهد الشرعية إلى الجامعات الإسلامية إلى دور النشر والمجلات إلى كثرة متنامية بشكل غير مبرر لدور العبادة وبشكل يتعدى ممارسة حق الاعتقاد الديني الذي هو حق طبيعي للبشر ولا بد من الحفاظ عليه ، وبالتالي المشكلة لا تكمن فقط في النظم التسلطية التي أصبحت ذريعة من اجل تعميم الشعار السياسي الديني " أن الدين هو الحل "....
في مكان أخر يشرط الديمقراطية بالعلمانية والأخيرة بالعقل كمبدأ للاحتكام في تقرير كل ما يتعلق بالشؤون العمومية ، وكل ما عدا ذلك مرذول ، وهذا ربط محكم وأمين لقيم الحداثة وليس لقيم الرأسمالية التي لم تربط بين المفهومين عبر سيرورتها إلا مع تصاعد نضالات الطبقات العمالية ضد الرأسمالية ومشكلاتها والفقر والاستبداد وانعدام الحريات ، فكان من جراء تلك النضالات أن تحولت أوربا نحو الديمقراطية ، والتي لم تتثبت كنظام ديمقراطي علماني إلا بعد الحرب العالمية الثانية .
وبالتالي لا سلطة فوق سلطة العقل ، وجميع الأفراد والأحزاب والمجموعات البشرية متساوون أمام القانون وفي العمل وفي السياسة وفي المواطنة بغض النظر عن الدين أو القومية أو الجنس ...
بعد ذلك ينتقد " الاستخدام السياسوي للعلمانية " من قبل العلمانيين وكذلك من الدين السياسي . ويقدم العلمانية باعتبارها " إطاراً لتجاوز اختلافاتهم العقائدية ، لا إلغائها ، في سبيل توحيد كلمتهم وإرادتهم السياسية" كأن غليون يلمح هنا إلى أن العلمانية ضرورية فقط في البلدان المختلفة الطوائف ، وهنا نؤكد أن العلمانية ضرورية كجزء من الحداثة ، ليس فقط للدولة ذات الطوائف المتعددة بل وكذلك للدولة ذات الطائفة الواحدة . بناءً على اعتبار أن العلمانية تنظر للإفراد كونهم مواطنين في الدولة بالدرجة الأولى ، وكون العقل هو الأصل وبغض النظر عن معتقداتهم الدينية ، بل وحماية حق ممارستها ..
ونضيف أن الإفساد الأكبر لمفهوم العلمانية لم يأتي من ممارسة العلمانيين – القوميين والشيوعيين- الذين لم يكونوا ملحدين ، وتألفوا مع الدين ، وتاريخياً توجد صلات وعلاقات حقيقة ( لاحظ إعجاب ميشيل عفلق بنشوء الدعوة الدينية والإسلامية بالتحديد) ونقصد أن الإفساد أتى من جهة الدين السياسي أي أن النقد الذي لا بد منه هنا هو نقد جماعات الدين السياسي ( لا فرق هنا بين الجماعات الجهادية وحركة الإخوان المسلمين في هذا المقام) وأيضاً دون أن ننسى توظيف الأنظمة التسلطية لسلطة رجالات الدين كأيديولوجية لتدعيم السيطرة والاستبداد وأخيراً القوى التي يمكن تجاوزاً القول عنها أنها علمانية ، وذلك لسبب بسيط أنها قوى لم تضع العلمانية على بساط البحث فعلياً ولم تناضل من أجلها ودون أن ننسى أن جماعات ( العقائديات الشمولية "القوميين والشيوعيين " لا يدّعون القداسة السماوية ، وإن كانوا يقدسون إيديولوجياتهم بطريقة تشبه طريقة الإسلام السياسي للدين . التفريق هنا من أجل الشجاعة في النقد لسلطة رجالات الدين التي يتم فرضها وكأنهم هم فقط حماة الدين ، مع أن الدين السماوي ليس له من حماة بالمعنى العقلاني . ويمكن لمن شاء أن يبدي رأياً ونقداً ومعارضةً في الأمر لذلك لا بد من خلع صفة القداسة عن ممارسات رجالات الدين واعتبار الدين قضية شخصية عند الأفراد ولهم وحدهم حق إختيار طريقة التعامل معه . وهو ما كان عبر التاريخ القديم حيث التيارات الكلامية والتصوفية والفلسفية وغيرها وإن دفع بعض مفكريها ثمناً عظيماً...
ثم يؤكد وبدون أي إلتباس ، وبصياغات واضحة أنه لا بد من " العودة إلى الموضوع والقبول بفتح النقاش المعلن أو المؤجل منذ عقود حول العلمانية وإعادة تعريفها وتحديدها في إطار بناء ثقافتنا السياسية الديمقراطية الجديدة ". وهذا يوضح في أنها لم تكن قيد الممارسة بقدر ما كانت مغيبة .
وإذ نوافق على هذا الطرح ونؤكد عليه ، نشير أنه في سوريا قد حاولت جماعات الديمقراطية في السنوات الأخيرة فصل الديمقراطية عن العلمانية - وبعضهم تأجيلها لمرحلة لاحقة عن الديمقراطية ، على طريقة القوميين الوحدة أولا أو الستالينين الديمقراطية الاجتماعية أولاً - واعتبار كل مَن يشرط الواحدة بالأخرى يعمل على حرف مسيرة الصراع ضد النظام وإفشال التغيير الديمقراطي وتشتيته ، وصولاً إلى اتهام أصحاب هذه الرؤية الفلسفية بدعم النظام السياسي أو الطائفية عبر ثوب العلمانية . وباعتبار السياسة ساحة صراع بين قوى متعددة ومختلفة المصالح فالتفكير السابق يمكن إيجاد مبرر ما له . أما في إطار الفكر والثقافة فإن السياسة لا بد من أن تستند إلى رؤية فلسفية تنتح ذلك الفكر وتلك الثقافة ، وبغياب ذلك تنتج الثقافة بلا رؤية فلسفية فتكون ثقافة سياسية أو فكر سياسي ، تنتمي لرؤية فلسفية مغايرة لما تستهدفه في إطار المستقبل .
الفجيعة هي في الأحزاب الديمقراطية حيث بتبنيها للديمقراطية فقط أو العلمانية فقط تصل لخدمة مشاريع لا علاقة لها لا بالديمقراطية ولا بالعلمانية كذلك وبالطبع هذه مفارقة ، ولكن الواقع العربي مليء بما طاب ولذ من المفارقات..
ثم يحدد العلمانية بأنها ليس لها معنى أخر "مختلف عن المدنية ، بما تعنيه ...الاعتماد على الرأي " وهذا أمر حسن . ولكن غليون يعيد لرجالات الدين حقهم بتشكيل مشروعهم السياسي الديني من جديد وهنا يعود لتفريغ العلمانية التي طرحها في مقاله من مضمونها المدني أو المواطني . حيث لا يكتفي بالقول أن حرية الاعتقاد الديني يجب أن تصان في العلمانية الديمقراطية وهذا ما اعتبرناه حق طبيعي كما هو حق غير المؤمن أن يمارس حريته أو اعتقاده العلماني والعقلاني بما يتضمن نقد التراث الديني باعتباره جزء من تاريخه أو موضوع معرفة للبشر في العصر الحاضر ، وهذا ما فعله كثيرون من علماء أوربا ، ولكنهم عندما ينقدون بعنف يصبحون ضد الدين الإسلامي وعند ينتقدون بموضوعية يصبحون مرجعاً للبحث وحجة على الأولين ؟؟!!
حيث يشير غليون " لا يمكن أن تنفي الدين ، ولاحق المتدينين في استلهام القيم الدينية عند صوغهم لأرائهم وأفكارهم السياسية ". هنا يعيد دمج الدين بالسياسة وبالتالي نعود للفتاوى في إطار السياسة والتكفير والحق الشرعي وتمثيل الله على الأرض وحصر الشرعية في الناطقين باسم الدين...
يسرع بعدها للتوضيح " أن ما يستبعد هو فرض الرأي ، سواء أكان من استلهام الدين أو العقل على الآخرين" . هذا التدقيق هام من مفكر له باع طويل في الثقافة ؛ إلى أنه غير ذات قيمة من رجل يستلهم رؤاه السياسية من الشريعة أو الدين السماوي الذي يريد به تحقيق شريعة الله على البشر ..
وهو ما يدفعنا للتأكيد أن مشكلات تقدم الديمقراطية والعلمانية كثيرة وأن تنامي الطائفية السياسية والجهادية والسلفية أمر واقعي ولكن هذا يجب ألا يعيدنا إلى " الاختلاط الهائل " بالمفاهيم بل أن تصاغ رؤية فلسفية واضحة في الفكر العربي الديمقراطي لعلاقة كل من العلمانية بالديمقراطية بالدولة بالدين بالسياسة ..
ثم ينتهي بالقول " أن الديمقراطية لا تقوم دون علمانية ...وأن العلمانية لا تعني تبني عقيدة لا دينية ، وأنها تعنى حياد الدولة ومؤسساتها تجاه الأديان" ونضيف تحييد الدين كذلك عن مؤسسات الدولة وقوانينها وعلى جميع المستويات وخاصةً السياسة التي هي أمر وطني عام . وبذلك فقط نضمن " المساواة بين مواطنيها- الدولة - بصرف النظر عن اعتقاداتهم".
لا يحتمل المقال التوسع في النقاش ولكن نشير أنه لا يمكن طرح الفكرة المنقودة على المستوى الفلسفي فقط ، بل لها مستويات أخرى لا يمكن أن تفهم بدقة بدونها كالعلاقة بين نشؤ العلمانية ونشؤ الرأسمالية أو العلاقة بين الديمقراطية وثورات ونضالات الطبقات العمالية ...
بالمحصلة هناك رزمة مفاهيم فلسفية كالعلمانية والديمقراطية والعقلانية والتفكير العلمي والاشتراكي جميعها تتعايش مع بعضها في دولة الموطنية وتفسح للدين بما هو حق الاعتقاد الحر بالاستمرار إلى جانبها شريطة عدم التدخل بالسياسة أو الدولة ..



#عمار_ديوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكل في سلم تصحيح مادة الفلسفة
- المشروع الأمريكي في نهر البارد
- قراءة في كتاب ما بعد الحداثة
- في الدولة العلمانية الديموقراطية
- نقد بيان ووثيقة تجمع اليسار الماركسي في سوريا
- انتخابات تحالف الجبهة والمال والعشيرة
- القرارات الليبرالية قرارات مميتة
- القومية، العلمانية، الديمقراطية
- قراءة في كتاب ما الماركسية، تفكيك العقل الأحادي
- القطري والقومي ومشكلة الهوية السورية
- المرأة في زمن العولمة
- الهيمنة البديلة للهيمنة الامبريالية
- قراءة في كتاب الماركسية والديمقراطية
- قراءة في فن الحب وطبيعته
- قراءة في التنمية المستدامة
- إستراتيجية الحرب وإستراتيجية التقدم
- ديمقراطية ممكنة ، وديمقراطيات بدون ديمقراطية
- أمريكا وصدام والاقتتال الطائفي
- الشرط الامبريالي وتشكّل الدولة اللبنانية
- بعض مشكلات سوريا في رأس السنة الجديدة


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عمار ديوب - في نقد الديمقراطية والعلمانية عند برهان غليون