أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سالم جبران - كتاب أبراهام بورغ يتحول إلى عاصفة!















المزيد.....

كتاب أبراهام بورغ يتحول إلى عاصفة!


سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1946 - 2007 / 6 / 14 - 13:07
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


أبراهام بورغ كان رئيساً للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) خلال ثماني سنوات، وكان رئيساً للوكالة اليهودية، كما كان وجهاً بارزاً ولامعاً في حزب العمل وتوقع الكثيرون له أن ينتصر يوماً ويصل إلى رئاسة حزب العمل.
أبراهام بورغ هو ابن الدكتور يوسف بورغ زعيم حزب "المفدال" (الحزب القومي الديني) خلال عشرات السنين. وكان بورغ الأب معتدلاً سواء في رفضه للتطرف الديني أو في موقفه من القضايا المجتمعية عموماً، كما كان معتدلاً في موقفه من العلاقات اليهودية- العربية.
بورغ الإبن، مع أنه متدين لم ينضم إلى حزب والده، بل انضم للعمل، من شبابه المبكر، ويقال إن أبراهام بورغ، منذ كان في الثانوية كان شديد الإعجاب بالبروفسور يشعياهو ليبوفيتش الذي كان متديناً وعدواً لدودا للمؤسسة الدينية، كما كان عدواً لدوداً للاحتلال الإسرائيلي واعتبر حرب حزيران 1967ً، مع كل انتصاراتها "لعنة رهيبة" تهدد مستقبل الشعب اليهودي.
أبراهام بورغ اعتزل السياسة منذ ثماني سنوات. ويتبين الآن أنه عكف خلال هذه السنوات على مراجعات فكرية وسياسية موجعة جدا، وعاش "عاصفة صامتة" طول الوقت وهو يفكر بالتاريخ اليهودي وبالمصير اليهودي. وكان هذا التفكير يزيد عنده القلق، وكانت الأسئلة تقود إلى أسئلة أكبر وأكثر خطورة.
ًوكل هذه "العواصف الصامتة" في وعي أبراهام بورغ صدرت قبل شهر في كتاب "حتى ننتصر على هتلر". الكتاب طغى على كل الكتب الأخرى في "أسبوع الكتاب العبري"، وكل يوم يقف الناس طوابير طوابير أمام هذا الكتاب لكي يشتروه ممهوراً بتوقيع المؤلف.
قال أحد النقاد "إن أبراهام بورغ عندما صار مواطناً فقط، غير منتسب إلى أي حزب أو حركة تمكن أن يصوغ بشكل باهر ودقيق ومدهش كل المخاوف الدفينة وكل الأسئلة القاسية، إنه يقف حائراً وكئيباً أمام المصير اليهودي".
يقول أبراهام بورغ في الكتاب " إن الشعب اليهودي ليس قادراً أن يكون شعباً عادياً". وقال إن الكارثة اليهودية الفظيعة في ألمانيا النازية ما زالت تشكِّل عقدة مركزية ومحوراً حاسماً في الوعي اليهودي، ولكن مع فارق أساسي:"لسنا مرعوبين مما حدث فقط، بل نحن مرعوبون، بحق أو وهماً، من الآتي". وبهذا المعنى-يقول بورغ، ما زال هتلر يقرر مسار تفكيرنا ونسيج هواجسنا والقضية المصيرية، قضية القضايا التي أمامنا هي أن نعيش حياة عادية مثل كل البشر.
يقول أبراهام بورغ "العالم ليس مقسوماً إلى يهود وغير يهود، وكل غير اليهود أعداء لليهود. وسُلَّم أولوياتي هو: أنا مواطن العالم أولاً، وفقط بعد ذلك أنا يهودي أو إسرائيلي".
بل أن بورغ يقترح على اليهود الذين يعيشون في إسرائيل أن يتزود كل واحد منهم بجواز سفر آخر، ويقول: أنا مثلاً معي جواز سفر إسرائيلي وجواز سفر فرنسي وقد شاركت في الانتخابات الأخيرة للرئاسة الفرنسية.
يقول أبراهام بورغ في كتابه: ثيودور هرتسل مؤسس الصهيونية، السياسية اعتقد أن اليهود يجب أن يجتمعوا في دولة لم يكن مُصِّراً أن تكون في "أرض إسرائيل" (فلسطين). أي أنه أراد "أمة يهودية مستقلة". بينما المفكر والكاتب اليهودي "إحاد هعام" قال إن اليهودية هي قِيَم روحية وليست بالضرورة قيماً سياسية، وليس اليهود بالضرورة يجب أن يهاجروا إلى أرض إسرائيل لكي يمارسوا اليهودية. "اليهودية هي مناخ روحي"، يقول أبراهام بورغ، والسياسة والاحتلال والعسكرة، تقتل شيئاً فشيئاً روحية اليهودية!!
ويُعبِّر أبراهام بورغ عن غضبه وقلقه من تراجع القلق وتجذر النزعة العسكرية وعبادة القوة، ويسخر من ذلك بقوله: "لنقتل عربياً، وعربياً آخر. يا الله! لا بأس، وفي النهاية نرى أكواماً من الجثث الفلسطينية!".
وبعد هذه النزعة النبوئية للغضب العارم يقول بورغ: "اليوم الأهم في حياة دولة إسرائيل عندما نعقد صفقة جيدة مقبولة علينا وعلى أعدائنا-جيراننا، ولا نحتاج إلى القنبلة".
ويطالب أبراهام بورغ في كتابه بإلغاء الهوية اليهودية والصهيونية للدولة كما يقول إن "قانون العودة" (الذي يسمح لكل يهودي في العالم أوتوماتيكياً بالهجرة إلى إسرائيل) هو مثير للجدل، فأنا لا أريد أن يقرر هتلر لي ما هي هويتي، نحن نفعل كل ما نفعل ولا نرى غير هتلر في المرآة!!
وبلغة أدبية مدهشة وبلهجة غضب نبوئي، يقول بورغ: "نحن أموات. لم يقولوا لنا، ولكن نحن أموات". ويهاجم بنفس النظرة النبوئية المتشائمة السوداوية المجتمع الإسرائيلي ويقول إن الفساد يتغلغل في كل عروق المجتمع الإسرائيلي كما أن الغطرسة تتفشى كأنما هي الجواب على ضَعْف اليهود خلال قرون، ولكنها ليست جواباً على الضعف، فالغطرسة هي شكل آخر من أشكال الضعف.
لقد قامت في إسرائيل عاصفة هستيرية إرهابية ضد أبراهام بورغ، وصار المتطرفون يتنافسون مَن يكره بورغ أكثر إلى حد أن أحد المهووسين اقترح أن لا يُدْفن أبراهام بورغ، عندما يموت في مقبرة "عظماء الأمة" على جبل هرتسل في القدس الغربية، مع أنه كرئيس كنيست سابق محفوظ له مكان في تلك المقبرة.
كما طالب الكثيرون أبراهام بورغ بالرحيل من إسرائيل إذا كان إلى هذا الحد ليس متماثلاً مع أهدافها القومية العامة.
بغض النظر عن الحملة الهستيرية يُسأل السؤال: لماذا يتراكض الناس على المكتبات ومعارض الكتب لشراء كتاب بورغ الذي أثار العاصفة؟
هناك في إسرائيل أزمة حادة مركبة، تبدأ من انهيار الوهم بأن "القضية الفلسطينية قد ماتت" ومن الوهم الساذج أو الخبيث "بأننا على حق دائماً" وأننا "عدنا إلى أرض الآباء " بدون أن نقصد الإساءة إلى الآخرين" وغير ذلك من الخرافات الصهيونية التي كانت تخدر الضمير اليهودي، بين "معسكر الشعور بالذنب" تجاه "الكارثة الفلسطينية" والمعسكر الكولونيالي الذي يعتقد أن القوة والمزيد من القوة هو الضمان، ولم يعد يبحث عن مبررات "أخلاقية" و"تاريخية".
ربما كان كتاب أبراهام بورغ قد أثار عاصفة كبرى، لأن الكاتب هو شخصية كبيرة وابن لشخصية تاريخية، ولكن في السنوات العشر الماضية نشاهد المزيد والمزيد من الكتب العلمية التي تفضح الأكاذيب الصهيونية، مثل الزعم بأن "الفلسطينيين هم الذين رحلوا ولم نرحلهم"، ومثل القول بأن الجيش اليهودي "كان دائماً رحوماً وإنسانيا" وأن "العرب يريدون أن يتمموا ما لم يتمكن هتلر من تحقيقه بالكامل".
في الحروب الكولونيالية، كان المعتدون دائماً يلبسون "لباس الحضارة والإنسانية" ويتهمون الضحايا بأنهم "قتلة وبربريون وعقبة في طريق الحضارة".
إن كتاب أبراهام بورغ هو كتاب تاريخي، بكل المقاييس، فهو يفضح أكاذيب "عريقة"، ويطرح أسئلة كبيرة وموجعة، ولكن أهم ما في الكتاب هو صرخة أبراهام بورغ: أنا إنسان أولاً، وفقط بعد ذلك أنا يهودي أو أنا إسرائيلي.
هناك مَن قال إن أبراهام بورغ مثل أشعيا النبي، يحذر ويصرخ ويندد ويؤنب، وما هي قدرة بورغ، بالمقارنة مع المؤسسة العسكرية والحربية والسياسية الحاكمة؟
ولكن كل الثورات الإنسانية تبدأ بصرخات شبيهة بصرخة أشعيا، ثم تتحول إلى حركة إنسانية لا يمكن قتلها وبالمنظور البعيد الأمد، هي حركة لتجديد الحياة.
وأخيراً أقول كعربي فلسطيني إنه سيكون خطيراً وغير مسؤول الاستنتاج من كتاب بورغ أن نهاية إسرائيل قريبة. المطلوب حوار فلسطيني وعربي إنساني مع الحوار اليهودي الإنساني الذي يمثله كثيرون آخرون بالإضافة إلى أبراهام بورغ.



#سالم_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الورطة الديموغرافية لإسرائيل-في القدس
- أنظمة الحزب الواحد والحاكم الأوحد حوَّلت شعوبنا إلى أسرى وأو ...
- متى تحاسب الشعوب العربية حكامها كما يحاسب الشعب الإسرائيلي ح ...
- كتاب ضخم، لائحة اتهام ضد النظام السياسي-الاجتماعي الإسرائيلي
- إسرائيل: من الحلم القومي إلى عبادة البورصة والدولار!
- الأخطار الاستراتيجية التي تواجهها دولة إسرائيل
- الوطني الحقيقي- إنساني بالضرورة
- هل نأخذ مصيرنا بأيادينا ونصنع مستقبلنا أم نواصل رقصة العجز و ...
- هل دم العربي أقل قيمة؟
- دولة عندها مخابرات أم مخابرات عندها دولة؟!
- النظام العربي المهتريء والفاسد لن يسقط من تلقاء نفس
- طلاب كلية الطب
- أية دولة يريد شعبنا الفلسطيني
- -وادي الصليب-في حيفا-الحاضر.. والغائب الحاضر
- قضية المرأة قضية المجتمع كله
- طاعون الفساد والرشوات يأكل جسد النظام الإسرائيلي!
- نوال السعداوي-مناضلة
- المواطنون العرب داخل إسرائيل
- - -دولة ضحايا النازية- تُمجِّد- اليهودي النازي- مئير كهاناّ
- نتنياهو وبراك- قديمان.. جديدان؟


المزيد.....




- ما هي صفقة الصواريخ التي أرسلتها أمريكا لأوكرانيا سرا بعد أش ...
- الرئيس الموريتاني يترشح لولاية رئاسية ثانية وأخيرة -تلبية لن ...
- واشنطن تستأنف مساعداتها العسكرية لأوكرانيا بعد شهور من التوق ...
- شهداء بقصف إسرائيلي 3 منازل في رفح واحتدام المعارك وسط غزة
- إعلام إسرائيلي: مجلسا الحرب والكابينت يناقشان اليوم بنود صفق ...
- روسيا تعلن عن اتفاق مع أوكرانيا لتبادل أطفال
- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - سالم جبران - كتاب أبراهام بورغ يتحول إلى عاصفة!