أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الهيجاوي - الشاعر الذي رحل دون أن يقول وداعا














المزيد.....

الشاعر الذي رحل دون أن يقول وداعا


باسم الهيجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1945 - 2007 / 6 / 13 - 04:55
المحور: الادب والفن
    


لستُ هنا بصدد الحديث عن الحالة الشعرية لدى الشاعر الراحل خالد نزال .. ولست هنا بصدد الحديث عن أغراضه الشعرية التي تفتتح حدائق لا تعرف النسيان .. ذلك أن الشاعر خالد نزال .. واحدٌ من الذين غادروا الحافة .. وتسلقوا كل الوهاد بحثاً عن الحواف التي تليها في الأعلى .. مدركاً أنه يستميل الخطر وتاركاً الأمان خلفه عامداً .. إلا أنه مستعد من أجل تحقيق الأشياء المحتملة قبول المجازفة الحتمية ..
هكذا أيضاً هو حال الفيلسوف الألماني فاوست .. في وصف البشر الذين يتحدّون ويزدهرون في ظروفٍ أشد تحدٍ .. مثل شاعرنا الذي عاش لنا .. وما كان يعيش في عالمنا .. هذا العالم المصبوغ بالجبن والزيف والتقدم الدائم إلى الخلف .. فجاء يصنع حالة شعرية .. يرتب فيها أشياءها .. ويختزن في خوابيها ما يقيت الجياع .

عرفته كما عرفته .. يعرف أين يضع خطواته .. ويؤمن بأن الغد سيحمل دفئاً أكثر .. وحباً أكثر .. ومنازل تفرش حدائقها للذين يعودون من ظلال الانكسار .. ويتراجعون عن طريق سرقت بهجة الناس وبهجة ما حملنا من عناوين للفرح .. حين وُجدنا على مفترق .. نقترف شهوةً .. ونشم ورداً اصطناعياً غارقاً بكيمياء التراجع عن القيم .. فجاء صوته صارخاً في برية الروح .. ينادي جياد القوافي .. لتستل صهيلها من أعمدة الضوء للشوارع المعتمة .. فيضيءُ بالكلمة عناوين كثيرة .. هجرتها مدن الاسمنت الغارقة باكتظاظ التساؤل ..
ـ لماذا ؟ .. وأين اللغة التي حملنا ونشأنا على أنغامها في المهد ؟ وهل الطيور التي هجرت أعشاشها ستعود إلى الصدور بعد اللحظة المهاجرة ؟؟ .
وحين أدرك خالد نزال مثل هذه التفاصيل .. تقافز الحرفُ بين يديه مثل صغار الحجل .. يكشف صور الزيف التي أدمناها .. وتراكضنا على ضفافها حين استباحت فينا لغات الجمال .. فأسقطت من حساباتنا كل قيمة إلا قيمة الشيكل والدرهم والدولار .

وجاء يرسل أناشيده المخملية في فسحاتٍ للتأمل المتسع .. تصاعد على جنباتها أنفاس بساتين حافلة باكتظاظ آخر للتساؤل :
ـ لماذا نسرقُ غفواتنا من الليل .. ونبكي لأن طائر الصباح لم يحط على شباكنا ؟
ـ لماذا نُقتل كل صباح لننتحر قبل النوم ؟ .. ونرفض أن نبول في فراشنا لأن أحلامنا بريئة .. ولا تريد أن تكون سوى ما هي كائنة ؟؟ .. وعندما نشربُ ماء أعيننا .. نراهم يصخبون ويلعبون ويتضاحكون في تساقط المطر الموجع .. ألأننا رفضنا تقديم اعتذار على ما لم نقل .. ؟ .. أم لأننا نرفض أن نزجَّ في كلامنا حروفاً لا تسقط سهواً .. ؟ .. أم لأننا نرفض أن نوقع للدجال الذي يتغنى بقوتنا اليومي ؟.
ـ ولماذا تُكسر أباريق اللغة على أعتاب شفاهنا حين يندلق الكلام ؟ .. لنثير زوبعةً .. ونركضُ في ملابسنا عراةً .. نحتفي برجوعنا للأندلس ؟ .
ربما لا نستطيع تدشين شهوات بعض الناس في تقديم وردة تقتحم تربتنا .. أو شمعة تقتحم ليلنا .. لاستلاف قلوبنا دون اعتذار مسبق .. ربما لأننا لا نستطيع منحهم بطاقات لجوء .. ولا ندري .. لماذا الانصراف قبل أن يُدقَّ الجرس ! .

غير أن تلك المنازل التي لم تفارق شهوتها حين رقصت .. كتبت إلى قمر الحكايات ما أرّخ القادمون من البلاد المتعبة .. والنار التي أيقظت حطب أغانيها القديمة .. تصاعدت .. لكننا انكسرنا برداً لحظة اقتراب الدفء .. فعبرنا إلى ما لا نشتهي ! .. إيه .. حين كان السؤال وميضاً لاقتراب المسافات .. ونجماً طالعاً في قلب ليلٍ يبتعد ويبتعد إلى حدود التلاشي ..

إيه يا قمر المساءات التي تنتشي .. وما لم تقله العرافة .. حين كانت تمر من أمام بيتنا الصغير .. كان يدرك ملياً أن الصحو لن يمطر الغياب .. وأن الأطفال الذين يمرون في الصباح في حقائبهم ودفاتر أحلامهم .. سيكبرون .. ولن يكبر السياج الذي يحاصر الحقل مثلما يكبرون وتكبر الأشجار .. وسيان إن ظل لامعاً أو اعترى مفاصله الصدأ .
ومع أننا ندرك أن صباحنا الخجول على موعد مع القافلة .. لكننا نحاول الاقتراب .. فنقترب .. لعلنا نشعل من همنا سراجاً للظلمة .. ونوقد من فضة أحلامنا نهجاً بديلاً للتراجع .. لعلنا نكون .. لعلنا نبدأ .. لعلنا نكتب سيرة للأمهات وهن يؤرخن العذاب على صدور أحلامهن .. ويسكبن آخر دمعة في هزيع آخر ليل سينجلي إن شاء الله .

بقي أن أقول ..
خالد نزال .. هذا النسيج الذي يختزن أدق تفاصيلنا الموجعة فيما تقدم .. يتراكض في قصائده نحو انفجارات ينابيع .. لنرتوي .. ويفتش عن أرواحنا المثقلة بالانكسار .. ليدلي ببيان الفاجعة .



#باسم_الهيجاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث المسافات 8
- حكومة مؤجلة
- كاتي
- حديث المسافات 7
- حديث المسافات 6
- حديث المسافات 5
- حديث المسافات 4
- حديث المسافات 3
- حديث المسافات 2
- حديث المسافات 1
- مدمن مخدرات
- بلون الغربة
- نص الرؤى والمغادرة
- هيت لك
- نصوص ملونة بلون الفجيعة
- وردة
- نشيد الوحدة الوطنية
- غريب الدار
- المتوفى والد الشهيد
- عَطِشٌ لنبعك


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باسم الهيجاوي - الشاعر الذي رحل دون أن يقول وداعا