أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - سلام على أطياف روحك ...















المزيد.....

سلام على أطياف روحك ...


الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

الحوار المتمدن-العدد: 1943 - 2007 / 6 / 11 - 12:50
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


" إلى روح الشهيد عامر نوفل، مكبلاً بالتوق وفضاءات الحياة والحرية الشاسعة"

رشيد قويدر*

طالما رفضت الكتابة عن الشهداء ... وهاأنذا أكتب عن الصديق الشهيد الكبير عامر نوفل. رفضت بعد أن تحولت الكتابة عنهم إلى ما يشبه الروتين، مثلما هي حيادية مجازر أطفال فلسطين على غابة شاشات فضائيات العرب، ذلك العبث عديم الجدوى الذي جفف المآقي وحوّل القلوب إلى مقابر. ورفضت كي لا يكون الرثاء وفاءً لدين لا يمكن أن يوفى، إلا بالبذل والعطاء والكفاح، ورفضت بدافع الورع، وبعمق الإحساس بالعبء الوجودي ...
الشهيد عامر نوفل نموذجاً لمواجهة الذات لعبء الوجود، عبر الكفاح والمقاومة، نموذجاً لتوازن الحيوات ودون أي مخارج أخرى ـ وما أكثرها ـ سوى المقاومة. وباعتبار الموت المعضلة الوجودية الكبرى للخليقة منذ بدئها. وعامر نذر نفسه لثنائية الوجود الوطني والانبعاث الكفاحي المقاوم ... منذ صباه وحتى آخر رمقٍ في مرحلة الرجولة، رحل رافضاً الوصول إلى الكهولة. الفتى ـ الرجل الفلسطيني الذي لا تصلح روحه إلا للمقاومة، باسطاً كفيّه لها ... دافئتان على نحو تاريخ مضى ومقبل. نواجه به عاتيات الزمن في المدى القاحل والمحيط العربي، كذاكرة جماعية يمتلكها الناس، لا يقدر أحد على تجبيرها لأي شيء آخر. ومع تأكيد عمق التزامه الحزبي الكفاحي، وفي أشف صوره وأكثرها حنواً ... فقدت صديقاً كثيراً ما أشاكس واستفز بدعابة شفافة الصورة وعمق الالتزام.
هجست به كثيراً في محنته مع الرحيل وثقل ألمه، كم كان منهكاً ومنتهكاً بالعدوان على الجسد، وكم كان مكابراً مصراً على مواصلة العطاء ... حتى الرمق الأخير. سبق وأن غشيّ عليه. وتدخل الرفاق ملهفين مساعدين ومسعفين، وبعد يومين سمعت عتابه لأحد أصدقاءه بسبب خوفه عليه: "ماذا جرى ... ؟ لماذا كنت خائفاً ؟! الخ"، عتاباً رقيقاً رغم قسوة اللحظة، لقد غشي عليه ... ولم يكن غائباً عن الإدراك، شجاعته كانت تحميه حتى الرمق الأخير، مرحه الروحي وفكاهته الطيبة، وحنو غريب صافٍ جداً، وأمل دفاق وكأنه يعود غداً إلى هضاب رام الله، وإلى مسقط رأسه ـ قريته راس كركر ـ "الجنة" ... وكثيراً ما كنت استفزه: "أنت ستقص شريط الجنة" أي راس كركر ...
زرته في اليوم السابق لاستشهاده، ومعي الصديق أبو علي حسن، وللسلام على شقيقه أبو العبد، كان عامر قد دخل في سبات ممتد منذ فترة، آليت على نفسي قبل خروجي إلا أن أشاهده أتحدث معه، سألته إن كان يريد شيئاً، وبغفلة متناهية أجاب بلا، سألته إن كان لديه ألم فأجاب بلا، وإن كان يعرفني فرد بالإيجاب، تملكني إحساس داخلي أنه يطلب الوداع، تركني أنصت لروحاً أثيرية تحتضنه، قارعةً أجراساً كالابتهالات، في سماء وأرض بأشجار الزيتون المعمّرة، ذهب بي إلى ملاعب طفولته البريئة ... إنها طفولة الوطن الأبدية، تلك الصورة التي تقتلع منها الجدران العنصرية الهمجية، وعامر صاحب الروح العامرة والقلب التائق العامر ... والتوق إلى فضاءات شاسعة من الحرية والحياة ... ونحن في رحاب هذا الاستشهاد أي الحياة ...
أرهقه حبه لفلسطين ... أدمته لياليها السوداء، ولم يعرف لهذا الحب بديلاً، ففلسطين الأمنية الدائمة أبداً، مفتاح مواجهته للواقع وللعبء الوجودي، مفتاح التوازن الذي لا يمكن التملص أبداً منه، وفلسطين بوابة "المطهر" وسر الحياة ... الميلاد والموت في تداخل روحي دقيق وغامض وتائق معاً. فالاستشهاد يلغي فكرة الموت، ذلك الفراغ الأسود الكبير الذي يكتنفه الصمت الأبدي ... والاستشهاد هو بجماليته وقوته وحضوره الدائم في المعنى والدلالة في مواجهة هذا الصمت، وفي مواجهة جحافل الموت المتسللة في فراغات الحياة، عاصم منه وحامياً للروح من التصدع والشروخ. فهو الاعتصام بشجرة الحياة الشامخة، لشعب ذبحت أحلامه بالتساوي، فالاستشهاد هو طريق النضال للاندماج بالوطن، وبقاء شعلة الحياة خالدة وليس وطناً بديلاً، وفي مواجهة الدلالات الرمزية لمسألة الموت.
وعامر كما عرفناه منذ صباه الروح الغامرة المتمردة الكفاحية، لم يستسلم لسطوة الألم والحزن في هزيعه الأخير، فبدت الجلجلة بهية حمراء الآلام ... صاعداً حاملاً صليبه لترتاح الروح مع مجموع الشهداء، أسماء لصيقة بالقلب والذاكرة حتى التوحد، يعلوها الضوء، ولا نملك إلا رعشة الدهشة وذلك الحزن البهي ..
منذ عقدين؛ وفي كل عيد مرّ علينا صغيراً أم كبيراً، كان يسبقنا مع الفجر إلى قبر صديقه الشهيد أسد "عربي عساف"، يتحدثان ويفتحا الأبواب من مخاضة المندسة إلى الجنوب اللبناني حتى معبر صلاح الدين، ثم يفتحان شرفة المنزل في راس كركر للوهاد، والنوافذ نحو الأعالي، يقبلان تربة حمراء طالما ارتوت بدماء الشهداء، وطالما انفجرت كأعتى البراكين، حمراء راية الثورة ... وحمراء هي راية الإنسان ...
عامر رقيم فلسطيني، ومن وطن لم يعرف إلا الاستشهاد لأجل الزيتون، ومن شعب ينتمي إلى الأشجار، هي الأرض منزله ... حين يقتل أطفال الله تحت مشكاة النور الزيتوني ... ويقتل الزيتون وهو يسبح للعلى ... وعامر هو الجبل والزيتون والغيم والعشب المبتل والزعتر النفاذ وشميم الصنوبر واللوز الجبلي ... في بلاد ملاعبها كروم وزيتون.
وحين يعود مع آخر الليل ... ليلقي التعب المرّ ... سيرى النجوم تنهل من زيتنا لتضيء حتى منبت الصبح، ويرى أصابع سرورنا مثل نصل الرمح ... تقول له عندنا بندقية، وبضعة طلقات من دمنا، وحرقة اشتياق ... ودرب أنت تعرفه بلا نجم ... فانفض عنك غبار المعارك ... ما زال دم على الدرب مراق ...
أعد القول أن نصف الحنين مساومة، وأن نصف الحنين صفقة خاسرة، بين من قاتلوا ومن خاتلوا ... بين من استشهد فوق الصارية وبين ... أن نذوي موثقون على جدار ...
عامر وأنت البسيط الآسر المتواضع، والقريب من المدارك مثلما أي فلاح فلسطيني بكامل ارتباطاته الإنسانية المتشابكة، حملت معك سماؤك الأولى ... غطيت بها كامل حياتك. اندماج عاطفي عميق في وسط متوتر ومشحون، موالفاً بين الكفاحي واتساع الرؤية الجماعية، والشخصي الاجتماعي ببيئته الأصيلة التي لم يخرج منها ...
ونحن في قبضة الذكرى سجناء ... شعب ينتمي للأشجار، هي الأرض منزلنا ووطننا ...
فتعال إلى رفاقك الأشجار ... المدرسة الكفاحية التي حملت ملامحها ... بلورتك فانصهرت بها حتى الرمق الأخير ...
* كاتب فلسطيني



#الجبهة_الديمقراطية_لتحرير_فلسطين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواتمة يجيب على أسئلة -دير شبيغل- الألمانية
- حوار مع نايف حواتمة
- حواتمه يجيب على أسئلة -الصنارة-
- بيان صادر عن الجبهتين الشعبية والديمقراطية
- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين/ليكن الأول من أيار هذا العا ...
- مقابلة مع صالح زيدان وزير الشؤون الاجتماعية
- ملاحظات على برنامج حكومة الوحدة الوطنية
- نحو تجاوز الأزمات الداخلية الفلسطينية وبناء نظام سياسي فلسطي ...
- لا للصراع الدموي التناحري بين فتح وحماس
- مبادرة لوقف الاقتتال بين فتح وحماس
- مباحثات موسعة بين الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحزب الشع ...
- بيان بمناسبة ذكرى -وعد بلفور- المشؤوم
- تقرير مفصل حول جرائم الاحتلال الإسرائيلي خلال شهر آب/ أغسطس ...
- نداء إلى أحرار العرب والعالم
- إعلان سياسي صادر عن المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير ...
- حواتمه يبحث وبركة تداعيات حرب حكومة أولمرت على الشعبين اللبن ...
- حواتمه يرسل رسالة الى المناضل الاممي هوغو تشافيز
- حواتمه يجيب على أسئلة ال بي بي سي
- حواتمة في حوار شامل حول القضايا الساخنة الفلسطينية وتداعياته ...
- نص وثيقة الحوار الوطني الفلسطيني - وثيقة الأسرى المعدلة


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - سلام على أطياف روحك ...