أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد راشد - حتى أنت يا أسامه















المزيد.....

حتى أنت يا أسامه


عبد المجيد راشد

الحوار المتمدن-العدد: 1942 - 2007 / 6 / 10 - 12:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أتى على أسامة أنور عكاشة حين من الدهر كان مقاتلا من الشارقة عن الهوية الحضارية لأمتنا من قطر عربى شقيق ، إحتضن إبداعه وقت أن كان مخطط عزل مصر عن أمتها فى ذروة الدراما أواخر سبعينيات القرن العشرين ، بث فى حواراته كل معانى العزة و الكرامة ، تطرق للحديث على لسان شخصياته الدرامية بكل ما يجيش فى صدور شعبنا العربى من ماءه الى ماءه ، و من جبال طرطوس إلى كردفان .

درس الدارسون و بحث الباحثون فى شفرات نصوصه ، و حللوا مضمون و محتوى الدراما التى برع فيها و لم يتجاوزه فى إبداعه إلا نفر قليل لا يتجاوزون أصابع خمسه فى يد أحدنا ، و هبطوا من سماء شام العروبة ، أجمع الباحثون و الدارسون و النقاد و جماهير المشاهدين من ماء الأمة المالح الى ماءها الأملح ، على أن العروبة كهوية حضارية و ثقافية لأمة توحدت عليها بلسان عربى مبين ، بعد أن كانت شعوبا و قبائل و عشائر ، و أرتضوها راية جامعة فرضتها ضرورة الحياة و البقاء على قيدها و الوجود على سطح كرتها الأرضية .

عنوان دراما مبدعنا الكبير قانون الصراع بين الخير و الشر و هو قانون الحياة ذاتها . ينطلق من الصراع العائلى حيث يسهل و بإقتدار ملء فراغات الحكى ، و يضيف العناصرالجذابة المشوقة و المرتبطة بالصراع العائلى ، و تراهم دائما من فواعل الكتلة التاريخية فى المجال القطرى و غالبا ما يكون المصرى تحديدا ، و لكنك كمشاهد و متابع تندهش من القدرة على إثراء أى موضوع و ربطه بكل المواضيع الأخرى ، ومن القطرى إلى إنعكاس العالمى عليه مرورا بالقومى العربى بالذات .

كانت هذه المعانى بالتحديد ، هى البنود المقدسة للعقد الذى أبرم بين المبدع الكبير و ملايين الحالمين المظلومين المقهورين الثائرين من محيط الأمة الثائر الى خليجها الهادر . تلك المعادلة المبدعة التى أستخلصها مبدعنا الكبير من معادلة واقع جماهير شعبنا العربى ذاته . فهم يجدون أنفسهم فى هذا العمل أو ذاك .و يجدون إجابات لكل ما تمتلىء به أذهانهم من أسئلة ، و يسمعون كلماتهم كما هى و طرائق تعبيرهم مثلما يفعلون بالتمام و الكمال ، فيجددون البيعة بعد كل عمل ، وفى انتظار القادم المعبر الدال المكثف الواضح .

هذا العقد المقدس هو الذى أعطى لمبدعنا توقيعا على بياض ، وقعته له ملايين غفيرة من معانى الحب و من دماء القلب و من وجدان جمعى ، كان صوتا للملايين العربية ، قابلته الجماهير العربية بكل آيات الإعجاب و الطمأنينة و الثقة فى قدرته على كتابتهم و ثكثيف واقعهم و تثويرهم و تحريضهم و بللورة حوافزهم الثورية فى استطاق ما استتر من تجارب حقيقية يستمد منها مبدعنا الوحى و الإلهام .

هذا العقد المقدس هو ذاته الذى وقعته جماهير شعبنا العربى مع دراما القادمين من شام العروبة منذ بضع سنين لتتكامل مع واقع معاصر صاغه بإمتياز و عبر عنه بروعة و دهشة و ابداع و تألق أسامه أنور عكاشة ، تتكامل معه و على نفس خطوط الطول و العرض ، بإستخلاص نقاط مضيئة من العروبة حضارة و تاريخا و ثقافة عبر ألف و نصف ألف من الأعوام إلا قليل . وتربعت دراما شام العروبة فى قلوب و عقول ووجدان نفس الملايين التى إحتضنت دراما أسامه ، الفارق الجوهرى أن دراما تاريخ العروبة فى كل ذرواته صعودا و هبوطا ، دراما تنشط ذاكرة العرب و تستنطق من نصوص تاريخنا كل ما يتناص مع الواقع المعاصر ، و لا يخلو واحدا منها من إسقاط على همومنا العربية الأن . بل تشاهد التاريخ كأنك تشاهد واقعنا اليومى ، تختلف الأسماء و الأحداث و لكن الجوهر واحد ، العام هو ذاته ، المجرد هو نفسه ، قوانين الحركة و إعمالها فى الواقع الاجتماعى السياسى الاقتصادى للأمة هى بعينها .

بالطبع كثيرون منا أصابتهم الدهشة ، و البعض منا أصابته الصدمة ، والبعض الآخر إجتاحت روحه حالة إمتعاض ، ليس من الدعوة الى شطب العروبة و إعتبارها فكرة عنصرية ، و العودة الى القومية المصرية ، فقد خاض الكثيرون تلك المعركة الخاسرة منذ زمن بعيد ، وحاربوا طواحين الهواء ، فهم فى الحقيقة لا يحاربون إلا معنى و مغزى وجودهم ذاته ، إن بالمصلحة و إن بالأمن القومى و إن بالضرورة التاريخة و التى أكدتها تجارب التاريخ من فراعنة مصر العظام فى معاركهم مع الهكسوس و الحيثيين مرورا بالفتح العربى لمصركقلب طبيعى للأمة وحتى معارك الناصر صلاح الدين و قطز و الظاهر بيبرس و التى تجلت مع محمد على و بالتحديد على لسان إبراهيم باشا ، ووصولا الى قائد معارك التحرر العربى الخالد جمال عبد الناصر و الخيط الممتد الموصول فى كل أعمال مبدعنا الكبير . و المعنى واضح ، إن لم توجد القومية العربية ، لخلقتها الضرورة التاريخية و الجغرافية المصرية خلقا .

و بالتأكيد نستطيع أن نحيل الأمر برمته الى إستنطاق نصوص كوكبة عظيمة من المبدعين المعجونين بعشق العروبة كهوية حضارية و ثقافية ، و على رأسهم العاشق الكبير جمال حمدان فى أسفاره كلها و بلا إستثناء ، و عصمت سيف الدولة و أنور عبد الملك و ساطع الحصرى و قسطنطين زريق ومحمد عمارة ، و غيرهم عشرات من أهم المفكرين و من مختلف إتجاهات مدارس الفكر و السياسة على إمتداد الأمة .

و لكننا فقط نكتفى بالإشارة الى المفكر الليبى العربى الكبير على فهمى خشيم فى واحد من أهم أسفاره و هو " آلهة مصر العربية " و الذى نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب فى 1998 و أهداه الى روح ابن منظور محمد بن مكرم الأنصارى ، الافريقى ، الطرابلسى ، المصرى ، العربى ردا لبعض فضله فى حفظ ( لسان العرب ) و الى روح أحمد كمال ، أول من رأى بعين اليقين عروبة لغة مصر القديمة وحضارة وادى النيل ، و قدم هذا الكتاب الى الذين فى قلوبهم مرض من دعاة الفرعونية .

و فى سفره هذا تطرق إلى تفنيد كل المزاعم التى تركز على أن حضارة مصر الفرعونية التى ظهرت و اذدهرت فى وادى النيل منذ آلاف السنين ، كانت حضارة لا صلة لها بما جاورها عن شمال و عن يمين .و خلص فيه الى أن علماء أوروبا " أوربوا " اللغة المصرية و حرفها بشكل جعلها تبدو بعيدة كل البعد عن أخواتها اللغات العروبية ، و العربية بصفة خاصة ، منفصلة عما حولها ، حتى أصبح العرب أنفسهم مقتنعين بأن هذه اللغة التى سرت تسميتها خطأ " الهيروغليفية " ، لا صلة لها بالعربية ، بإعتبارها تمثل " الحضارة الفرعونية " الغربية . و لا جدال فى أن وراء هذا الاتجاه غايات استعمارية مخططة آن لنا أن ننتبه إليها و إلى خطورتها على مستقبل الأمة العربية كلها .

بالطبع ليس من مهام هذا المقال الرد على كل ما أثاره كاتبنا الكبير فى أهرام العاشر من مايو ، و لكنها فقط إشارات فى صلب القضية ،المطروحة ، و دعوة عاجلة الى قراءة كتاب الدكتور على فهمى خشيم ليعرف من لا يعرف ، و يدرك من لا يدرك ، و يفهم من لايفهم ، أن عروبة مصر منذ قديم الأزل لا راد لقضاء الله فيها ، و لا معقب لحكمه عليها ، فقد ولدت مصر فى محيطها الذى تطور حتى إستقر فى أرقى أشكاله الجغرافية السياسية الإقتصادية الإجتماعية و إجمالا الحضارية بمفهومها المتعدد المركب ، منتجا أمة ، هى خير أمة أخرجت للناس .

و قد أميل إلى التفسير القائل بأن غضب مبدعنا تخطى ذروة الدراما داخل حدود روحه ووجدانه و ذهنه ، فآثر أن يقلب على الجميع منضدة الحوار ، لنعيد قراءة أسئلة الوجود الكبرى ، من نحن ؟ . و ماذا نريد ؟ . و ماهو مشروعنا ؟ . و ما السبيل الى تجسيده ؟ . و بمن ؟ . و بأى أداة ؟

إختار مبدعنا قلب الأمر رأسا على عقب ، خلط الأوراق نافرها بمبشرها ، لخبط الأثمان ، " أبو قرش على أبو قرشين " . ليدافع المؤمنون بعروبتهم عن عروبتهم و يشكك المتشككون من طابور مشروع الشرق الأوسط الواسع الخامس .

هكذا يا أستاذنا أتصور ، ويأبى ذهنى و تأبى روحى و خلجات نفسى ، إلا أن تتعامل مع هذا التفسير .

و إلا و كما قال لى أحدهم . لو هذا الكلام صحيح ، تبقى المصيبة كبيرة ، و " المشرحة مش ناقصة قتلة " ، " مش كفاية قهر النظام ، كمان هنتقهر و نتوجع و نتعذب من أسامه أنور عكاشة ، لاعب الدور المهم فى إيقاظ الحلم بالعروبة و النهضة و الحرية و العدل و العزة و الكرامة فى الملايين على مدار تلاتين سنة " .

ساعتها سنلخص الأمر و تنطق جراحنا و تمتلىء نفوسنا غما و هما و نكدا ، و يصير لسان حالنا يقول :ـ

ـ حتى أنت يا أسامه

ـ حتى أنت يا أسامه

ـ حتى أنت يا أسامه





عبد المجيد راشد



#عبد_المجيد_راشد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فى أوراق مصر 2020
- أول الغيث قطرات
- ما تيسر من سورة الغضب
- من مطروح إلى أسوان .. لنرفع راية العصيان
- المجد لمحمد خلف
- جوزيف سماحه : العابر من اليومى إلى التاريخى
- الخروج من النسق المغلق
- مقاطع من دفتر الأحوال
- ثنائيتان متضادتان
- من الحزن تولد حياة
- إرسم وطن
- رسائل الزمن المر2
- رسائل الزمن المر
- مواكب الحرية فى لبنان الصمود
- تكريس التبعية - من الانفتاح الى الاصلاح فى الاقتصاد المصرى -
- االفاتح من ديسمبر ..- يوم الحشر فى لبنان-
- عن حرب أكتوبر و الاصلاح الاقتصادى و نظام العولمة
- سياسة - الإنفتاح الإقتصادى - و نتائجه
- الفريضة الغائبة .. رسالة إلى مطلوبين للحضور العام
- آليات نظام العولمة


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد راشد - حتى أنت يا أسامه