أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - كوب شاي ساخن














المزيد.....

كوب شاي ساخن


علي قاسم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1944 - 2007 / 6 / 12 - 05:07
المحور: الادب والفن
    



الوقت كان مساء .. بدأت ملامحه مبتورة كالشكوى لها رنين ،وهو يتنقل من مقهى إلى أخرى ، يحلم بكوب من الشاي الساخن . إنها المقهى الثالثة على ما اعتقد التي رايته يجلس فيها ،في عينه تورمّ بالألم ،يتحرك بين لحظة وأخرى ،يرفع يداً نحيلة معروقة نصف مشلولة ثم يضعها دون أن يطلب شيئا . أدرك الجميع ما هو عليه ، مسكين لا يعرف ماذا يفعل بالضبط ؟ واخيرا طلب شاي بتودد عجيب كأنه لم يشرب شايا منذ زمن طويل . أشعل سيجارته وراح يغط بدخان كثيف بدأ يعلو فوق المقاعد الخشبية حتى تحول الجالسين إلى أشباح لم تر منهم سوى ظلهم . تقدم عامل المقهى نحوه يحمل كوب الشاي . راوده شعور غريب ومخيف ،تخيل المكان يهتز بقوة ، الأقداح ، الأثاث ،والصور المعلقة على الجدران
-تفضل شايك سيدي
قطع عامل المقهى عليه تخيله
-شكـــرا شكــرا
تأمل القدح بعد أن تركه العامل على الطاولة ،كان باردا كالموت ،دون طعم أو لون ، تسربت إلى رأسه من جديد أفكار يقودها هذه المرة قلق عجيب ، يضغطها نحوه بقوة ، سيطر عليه جعله يتيقن بأنه إذا لمس كوب الشاي سينهار المكان بكامله
- عليّ آذن أن لا اشرب منه شيئا ..انه قدح موبوء . تركه على الطاولة كرأس مصلوب ، راقب الوجوه بعين مندهشة ، وكأنه لن يراها بعد ألان أبدا ..وببطء زحف بجسمه منزاحا إلى الوراء يدفعه خوفه للخروج بسرعة من المقهى . أنا واثق أن ما يحدث وثيق الصلة بالقدر المشؤوم الذي رافقني طيلة حياتي . ترك المكان وانطلق بجسده النحيف يجر خطاه بملل فوق إسفلت
الطريق ، مرتعشا لا حول له ولا قوة . انعطف وتلاشى وسط الظلام الذي نزل على المدينة بصمت ، اخذ يذرع الشارع في بطء ، وبخطوات ضيقة وكان السكون يخيم على كل شيء ، لم يكن يقطع السكون سوى همسه الممزوج بالخوف أو صوت سيارة عابرة ، اصبح الجوء بارد والضوء خافت والسماء تملؤها سحابات سوداء . بدا يتساقط رذاذ خفيف مبشرا بليلة شتوية ممطرة .فتش في زوايا المكان عن ركن يحتمي فيه من البرد والمطر -لكم يكره الشتاء – أنا بحاجة إلى كوب من الشاي الساخن يدفء صدري ، اشربه على مهل ، كوب تقدمه زوجة ، أو حبيبة مع ابتسامة ، كم بودي أن اركض ألان عائدا إلى المقهى . حملق بالشارع المقفر واندفع في الظلام يشق لنفسه طريقا ، لا يفكر بشيء سوى الدفء الذي يوفره له كوب الشاي . ولحظة سمع صوت هــــز المكان من حوله ، تسمرت قدماه بقوة في الأرض ، حاول أن يتحرك ،لم يستطع ،تناثر زجاج النوافذ المطلة على الشارع ،امتلأ المكان برائحة الغبار .. الهي ما هذا ،اندفع يجري بخطوات حذرة جدا ، تعثر بحجر كبير كاد يسقط على الأرض ، بدأت ملامح ماجرى تتكامل أمام عينيه ،ولكنه مازال لا يعي شيئا مما حوله ،تقدم نحو المقهى بعد انقطاع الصوت ،فتح فاه ثم أغلقه . يا الهي إنها المقهى لقد دمرها الانفجار ،كان ما رآه حقيقة أليمة مرّة . لقد تحطم المكان بكامله ، الهي أين الجالسون ؟ أين المقاعد ؟ أين الصور المعلقة على الجدران ،لقد امتزج كل شيء صار قطعة واحدة من ركام ، بدأ الغبار ينزل ممزوجا بقطرات المطر ،تقدم وسط الحطام ، أدهشه مارأه ، الشيء الوحيد الذي لم يزل على حاله قدح الشاي الذي لم يشربه ، تقدم نحوه امتدت يده برغبة كبيرة ، يالها من أمنية عجيبة حقا .. أن يجد ما يبحث عنه كوب شاي ساخن وسط هذا الحطام الهائل .. جلس بصعوبة بعد أن امسك الكوب ، وبدأ يحتسي الشاي ،الذي اصبح ساخنا من شدة الانفجار



#علي_قاسم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدلالات الشعرية في قصيدة عبد الحسين فرج
- عراق
- الى خضير ميري
- فتح لاسلام والقاعدة
- المخطط الإقليمي الاستخباري ودور الإعلام
- قراءة في كتاب
- الارهاب اداة تخلف
- سنة جديدة تعطيل ام نهوض
- من يوقف فضائيات الارهاب
- العنف سياسة ام عقيدة
- قمة الانحدار العربي
- استراتيجية الانسحاب
- الخلافات السياسية عامل من عوامل نهوض المجتمع المدني
- قصيدة
- النفط العراقي وصراع القوى الستعمارية-القسم الثاني
- العقل العربي وممارسة النقد السياسي
- المرحلة الراهنة والدور الإعلامي المطلوب
- النفط العراقي وصراع القوى الاستعمارية-القسم الاول


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي قاسم مهدي - كوب شاي ساخن