أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عفيف إسماعيل - عازف البيانو الأعمي في ميدان فورست او ظل بلا اثر














المزيد.....

عازف البيانو الأعمي في ميدان فورست او ظل بلا اثر


عفيف إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 1938 - 2007 / 6 / 6 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


اللاجئون الجدد هم أكثر الغرباء تيه /كائنات حائرة تتوسط الما بين/ يقفون علي حواف البكاء بلا دموع في اعينهم حنين راعف للمستحيل وتوق حارق للخلود/ هل تكفي الابدية لتعويضهم زهر سنواتهم المسروقة وغدهم الغامض؟
بنصف ذاكرة يعيشون/
نصف هنا/
والآخر هناك في بلاد بعيدة/
دائماً يرتدون ملابساً لا تلائم الطقس/ بشغف من يريد ان يغيير العالم يتابعوا بنهم كل نشرات الأخبار العالمية ثانية بثانية تذبحهم عناوينها الدامية /فلا ينتبهوا لأحوال النشرة الجوية فيبللهم المطر/ فيهيمون في الطرقات مرتجفين مثل طيور يتيمة/يحاصرهم إرتباك شائك وبعض حرج/ يصبوا لعنات خرساء علي السماء الغريبة التي تمطر بلا بروق او سحب داكنة/ويعودون بنصف ذاكرتهم لإجترار لعنات ازمان دائرية اقتلعتهم فجأة من تحت سماء يطمئنون لها ويعرفون كل تحولاتها كاصابعهم المعروقة/
ذاك المارد الاسمر سليل آلهة النيل العظيم/ حقا انه ابن جدته العرافة وبخورها المعطر وذاكرتها البدائية/ يعرف الأماكن بروائحها/ ويشم تعب الآخرين عندما يعبرون من امامه/عندما تحدثه حبيبة الشقراء عن فاكهة لا يعرفها لا يتخيلها إلا استوئية/ واذا حدثته عن تنورة جميلة اعجبتها لا يتصورها إلا مشجرة مثل روحها التي يتوكأ عليها في بلادها الغريبة/
ويل للغريب بلا عشق /
الغريب لا يصادق إلا أرواح غريبة/
/ يري باذنه/
ويسمع بعينه /
يتخيل الاشياء بنصف ذاكرة ويسمعها كما يحب لها ان تكون في ابجديته الجديدة التي لا يعرف جيداً رسم حروفها وتتشابهه عليه الأصوات فيها/ عندما لوحت له بيدها اليسري مودعة وقالت له:
- نلتقي يوم الجمعة الساعة الثالثة مساء في ميدان "فورست" بوسط المدينة/ تخيل الغريب بذاكرته الاستوائية بانه سوف يعانقها في ميدان وارف اكثر من قلب أمه/ لكنه في ضحي الجمعة وجده صحراء موحشة مع بعض التحسينات الخرصانية تنبت من بلاط صخري قديم / وعندما قرأ تلك اللافتة Forrest Place تبخرت من ذاكرتة آخر واحة في امنياته ان يجد بعض أخضرار في ميدان السيد فورست او دوحة لهما/ اصطادته نغمات كانت تتصاعد في ذاك البوار من اصابع عازف بيانو أعمي في حلة سوداء كأنة قادماً للتو من العصر الفكتوري، كان يُنغم
(The Lonely Shepherd)
لم ينتبه المتعجلون بخطواتهم الراكضة امامه لتلك الارواح المستوحشة التي تبكي بقلبه ثم تخرج من بين اصابعه وتهيم في الفضاء، لم ينتبه احد منهم ان يرمي قطعة عملة معدنية صغيرة في قبعته السوداء المهترية الممدودة امامه كقدم فيل صغير محروقة/ بل تعالت صراخات مراهقين صاخبين يعبرون تلونت روؤسهم مثل اعراف الديوك وقهقهوا كثيراً وهم يشيرون باصابع فاحشة ويعرون موخراتهم ويضربون عليها بكف واحد ثلاثة مرات امام عينيه اللتان كانتا تحدقان في سواد الكون وتريان صلصالاً يتناسل أقماراً ذهبية/ علي ناصيه ميدان السيد فورست كتمثال روماني قديم كان يقف احد محترفي التمثيل الصامت متلوناً بالفضة من ظفره إلي شعره يدير كلعبة اكترونية وجهه باتجاه من يرمي له قطعة عملة فضية ويبتسم/ وعلي الناصية الأخري حاوي يبتلع سيفاً/ وآخر يتلفع بافعي ذات الوان براقة/ وبائعا لبلونات في هئية حيوانات أليفة يتوسط المكان / عشاق بمرح يتخاصرون ويبتسمون برضا من يملك الأرض والفضاء / في تلك اللحظات عازف البيانو الأعمي كان يعزف أحد مفضلات الغريب /
(If I Were a Rich Man)
فينجلي بعض من سخام الصدي بروحه فيري امامه غجريات مزركشات كحلم صبي يعبرن بصخب بلا خيام / حلقة صغيرة حول رسام يعطيك ملامحك بدقة فوتوغرافية في خمس دقائق/ من وشم لاعب كمال الاجسام يطل لسان تنين يكاد ان يلتهم من يقف قرب كتفه/ صبية تعبر نصف عارية كأنها في مسابقة عالمية للفوز بملكة عدد الحلقات المعدنية التي تتدلي با حجام مختلفة من انفها وقرب حاجبها الايسر وفي اذنيها وفي منتصف شفتها العليا وفي لسانها وأخري بحجم كبير علي سُرتها/ عازف كمان كوري يثرب نحيب ملائكة معذبة تريد الانعتاق /بملامح وديعة سرب من الاسويين الضامرين الطيبين يتلفعون بثياب برتقالية اللون يمرون بخطوات هادية كأنهم في صلاة بوذية لا تتنتهي /.
ينتبه الغريب انها الساعة الخامسة مساء!!!!!
ونصف ذاكرته نسيت انتظاره لحبيبته الشقراء / وصارت تتفرع مثل لبلاب تطارد مقطوعات "شوبان" السريعة التي جعلت عازف البيانو الأعمي فجأة ملك الميدان ضابطا لإيقاع الخارجون من نهارات العمل الطويل/ مسرعون كالناجون من الطاعون يفون نذورهم بوضع العملات الذهبية في قبعته، قلبه يجادل "شوبان" في سماواته البعيدة واذنه تتحسس برهافة فقيرة هل هذه رنة عملة بقيمة دولار أم دولارين؟! تلك الخشخشة لفئة الخمسة ام العشرة دولار؟ الغريب يتحسس جيبه فتطل من محفظة نقودة الجلدية صورة حبيبته الشقراء فيتذكر بنصف ذاكرته المثقوبة التي حلقت إلي ما فوق قوس قزح بانها لم تات!!!!
في أول الليل سار الغريب وحيداً مبللاً بالغياب مثل ظل بلا أثر لطيور يتيمة //.



#عفيف_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر المصري حلمي سالم.. وفقهاء الظلام
- نافذةٌ لا تُغري الشمس
- وتبقي طفلة العصافير الموسمية
- بيكاسو ماقبل وبعد الجرنيكا
- الوان
- عودة
- قبعات غير مناسبة
- نصوص
- الموسيقار عاصم الطيب قرشي في مهرجان ميلا بالنرويج
- رتقُ الهواء
- خيوط بين الأشياء
- ساورا- إنداكوا
- 000الرقم:
- الخرطوم عاصمة للثقافة العربية والإرهاب
- مركز الدراسات السودانية
- الشاعر الصادق الرضي في بلاد شكسبير
- مذبحة حديقة البؤساء بالقاهرة30ديسمبر2005
- وداعاً.. شاعر -عجاج البحر-
- وحده
- الكتابة في زنزانة*


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عفيف إسماعيل - عازف البيانو الأعمي في ميدان فورست او ظل بلا اثر