أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - أغان لتراب الطفولة















المزيد.....

أغان لتراب الطفولة


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 1939 - 2007 / 6 / 7 - 05:22
المحور: الادب والفن
    



وها إنني..واحد..في الأزقة..أبحث عن جسدي..
وبين الرصيف هنا..والرصيف هناكَ..
تضيع خطى بلدي
ولاوقت لي..
فالطيور التي علمتني الغناء اختفتْ
والحقول التي قشرتني سنابلها ..
وانتشى مرجها بعيوني اختفت هي أيضا
ولا وقت لي..
والخطى ..صاعده
ولم يبق من كبدي..
مايضاهي الضبابَ..ولا..
أقول:سأمضي ..إلى جهتي..يعتريني الحنينِ
يعفرني بالترابِ
أقول:سأركض أكثرَ
تركض خلفي العيونُ
وتتبعني..جثتي..
ولا وقت لي..
أشد إلى الأرض كفي..
وأحفر لي ..حفرة..واحده
أقول:لعل التراب يعيد إلي الجبال التي لم أخنها..
الروابي التي جففت دمعتيَّ..
لعلّ
ويرجع تلك السهول التي وسدتني مداها
ويبدع لي لغتي
ولكنها ..وحدتي في الخرائط ..تتبعني..
وتتبعني..جثتي..
أقول:لعل السحابَ (…)..
أقول:سأمضي..كما الآخرين
ولكنها ..وحدتي..هاهناك/هنا…
والذي مر بي..
ورمى في طريقي سلاسلهُ ..
وغبار أزقة أيامهِ..
مر بي.. من زمانْ..
كان مد السواحل/شاغلني غيمهُ..
وحنين المواجع في شفتيهِ..
وأشياءه ..في السؤالْ
ثم مال إلى الزرقة الأبديةِ..
صيفا..مضى..
ترك الأرض غافيةً..
والبحار مؤججة ..بالصدى
والذي مر بي صوته..مستغيثا بكفي..
ومد حصار المساء ..هنا..
أوقف الخطو ثانيةً..
والشوارع..سيجها بالعيون الغريبةِ
ثم انتهى ..جهةً ..
هو أيضا ..مضى..
والذي لم يجد عشبه..هاهناكَ..
ولم تأت بعد حدائقهُ..
ونداهْ..
والذي ..جرني..لهواهْ..
كان أيضا..مضى..!!
ولا وقت لي ..
كلهم قد مضوا..
كلهن مضينَ ..
ولم يبق غيري ..هنا..في المكانْ..
النوارس من تعب البحر في ..
تتناثرغربتها..
والقطا بالرحيل ..يدثرني..
والصبايا اللواتي انتظرت سواعدهنّ..
وقلت:لعليَ بدءا أرمّ بهنّ عظامي..
وأفتح منهنّ إحدى جهاتي ..
انكسرن على باب قلبي ..
أمامي..
ورحن بعيدا..كما الآخرينَ..
كما الأخرياتْ
والجمال التي علمتني العطشْ..
هي أيضا..مضت..في حقول الرمالْ
تركت لدمي المتخثر في..صمتهُ..
للجراح التي غمرتني..نوارسها..هاهناكَ..
وللقلب أحزانهُ..
مدد الأرض في بدئهِ..
ورضوض السؤالْ
أيها الرملُ
لاوقت لي..
لاشموس لهذي الأغاني ..
هنا..جثتي..
وهناك..لساني..
أرى الأرض في جسدي..
وفي العمق وحدي ..أراني..
ولا وقت لي ..
والطيور التي غربت لونها..
غبش الليل في الخاصره..
صارت الآن تصطف بي.. في الحنينْ
والمباني التي هيأت قامتي ..
ركضتني..بعيدا..بعيدا..هنا..
تركت بردها ..
والأغانيَ صمتا ..تضيعُ..
أرى..
أرى الحمأ/الماء في الرئتينِ..
أرى الملح في الشفتينِ..
وفي العمق وحدي ..أراني..
يسف التراب دمي..
ويأكل دود المساءات لحمي
ولا وقت لي ..
سلاما على التربة الواجفه..
سلاما عليها يشقق فيها أبي كفهُ..
سلاما عليه أبي..
………………………………
…………………………
وكان أبي طيبا..وفقيرًا..
له عنزتانِ..
وجحش صغيرٌ..
وبعض الدجاج لأمي..
آه أمي التي تعجن الطين..كانتْ
وتصنع منه القدور..الطواجين..هذي الدمى..
والخيول الصغيرة..والعربات..
وتغني لنا.. خلف موقدها..
وتقص الذي.. كان فات

أيها البحر ..
لاوقت لي..
لاغيوم لهذي الخطى ..ها هناكَ..
ولا.. لم يعد جسدي من صداهُ..
وأمي تواصل رحلتها الباقيه..
سلاما عليها ..
سلاما عليه أبي..
حين كان إذا حل صيف القرى..
ومشى الظل.. في الشجره..
يكتري ناقة..للطريق..
ويأخذنا في اتجاه التلولِ..
وكنا نحط الرحال هنا ..أو هناك..
ونبني لنا خيمة نحتمي تحتها من غبار الهجير ..
وحين يمد المساء سواحلهُ ..
نستحم بأفق مداهُ..
سلاما عليه مداهُ

وكنا إذا انتصف الليل نخرج نحو الحقول ِ..
نوزعها ..جهة..جهة..وجهاتٍ..
نقبِّل بعض سنابلها بمناجلنا..
سلاما عليها.. مناجلَنا..
ثم نأوي إلى وجع الأرض حتى الصباح الخريرِ ..
نرى وترا ..وأغانيَ من وجل تشتهينا ..
وأشياء من ركضنا في الغدير..سلاما..
سلاما عليه الغديرَ

وكنا إذا ما انتهى الصيفُ ..
واشتد فينا الحنين إلى تربة البدء حيث صبانا..
ومر السحاب الجميلُ ..
يجيئ أبي ..خلفه ناقتانِ ..
ونلقي السلام على جرينا في الحقولِ ..
على المرج حين نطارد فيه فراشاتهِ..
وضفادعَه وصداه..سلاما..
سلاما على المرج في حدقات العيونِ ..
على السهل حين تعانقه دفقات السيولِ..
سلاما على البطِّ ..
والنطِّ..
والعشب..والحجَره
سلاما…………………على البقره
سلاما ..سلاما

ولا وقت لي..
هنا..جثتي..
وهناك ..مكاني..
أرى المرج في كبدي..
وفي العمق وحدي..أراني..
يسف التراب دمي..
ويحمل لون المدينة جسمي..
ويركضني..
سلاما..
عليه..
دمي.
***
وها إنني..واحد..في صهيل المدينة..أعدو..
خطاي بلا جهةٍ..
والطريق التي زحفت خلف كفي..
تغربني..
في لهيب الظنونْ
أملأ الكأسَ..
ثم الكؤوسَ..
أرتلها آية ..آيةً..
ثم أعدو..غريبا..وجارحْ
وها إنني ..في الضغينةِ ..
لاغيمَ للأرضِ..
لاشمسَ للبحرِ..
لاعشبَ لي..
وحيدا.. أبدد وجهي ..هنا..
والوجوه التي علمتني الغواية..غابتْ..
كما الأولينَ..
ولم يبق غيري ..يجر الصدى
وها إنني واحد ..في المدينةِ..
لادفء للونِ ..
لاحَرَّ للخطوِ..
لاوجه لي..
محتني الوجوهُ..
وشد الخناق عليّ الرصيفُ الذي لايجيبُ..
الفضاءُ/الرجاء/المساء
واحد في الجزائرِ..
لاحلم للرملِ ..
لاوقت للكف تحضن صمت المدى..
ولا بدءَ لي..
والمباني التي حاصرت جثتي ..
تهرب الآن مني ..
إلى شفتيَّ
وتتركني..
والمقاهي التي شربتني كثيرا..
كثيرا..
تمر إلى الأزرق المستطيلِ..
سلاما على الأزرق المستطيل .. سلاما

سلاما..عليكِ..
خديجه

وكانت خديجة تاتي إلى بئرنا..
تملأ الدلو من مائهِ ..وترى..
تفر إلى جهة في الحقول ِ..
تسابق كفي التي انتظرت وردها..
ـ سلاما على البئر في عمقه ـ
وخلف الجدار تبادلني البسماتِ ..
تمدد أغصانها..
ويبدأ فصل اللعبْ
ـ سلاما على الفصل والنصل والجمرات اللهبْ ـ
وكانت تمر أمامي ..
تبدد فيّ السُّكونَ
وأركض..أركض حتى أصير غريبا..
وتنضجَ فاكهة الرب فيها..
وإذ تحتويني..
تشق على صدرها..ترتويني..
تريني العجبْ..
ـ سلاما عليه الندى في العجب ـ
وكنت ألاحقها في الحشائش بين الصخورِ..
أرش على جذعها تعبي..
وبالشفتين أخون/أكونُ..
ـ سلاما على الجرح في الشفتين سلاما ـ
وكنت إذا اشتدت الريح في القلبِ..
وانكسرت شوكة المستحيلِ ..
ونادى عظامي شذاكِ ..
ركضت سريعا إليكِ ..
وعانقت فيك بهاك الجميلَ ..
ـ سلاما.. عليه.. بهاك..سلاما ـ
وكنت أميل.. يل ..
على ساعديَّ تميلُ
تواصل فيَ سواحلها ..
وأسماكها الغجريةَ..
تركضني.. في الجنونِ..
ـ سلاما عليه..الجنونَ..سلاما ـ

سلاما عليك خديجه..
سلاما على الحرف والكف والجلفِ
والفيض والبيض حين أناملُك الوترية تجمعهُ..
سلاما على المُهْر والحَصْبة المشرئبة فيكِ..
على العَلْب حين السباقِ ..
سلاما على الزند والنهد والشهد والفهد والنخلة الباسقه
على الجرو والدلو والسرو والنظرة الحارقـه
سلاما على الجمروالتمروالصدرحين تعانقه البسملـه
سلاما عليك..خديجه
سلاما..على المنتهين حنينا إليكِ..
على الأرض في ذروة الإشتهاءِ..
على العشب في شقتيكِ..
على الجسد المتهيئ فيكِ..
على البحر في موجة الإرتماءِ
سلاما عليّ/عليك إذا جئت وحدي سنابلَك الباقيه
حين يجتمع المرتدُون ثيابك في سكرهمْ
ثم يقتسمون احتمالك جزءا.. فجزءا..
وينتشرونَ
سلاما عليك البداية والمنتهى..والرحيلَ
سلاما عليك العيونَ التي غربتني مسافاتها..
صمتَها المستحيلَ
سلاما عليك الجراحَ تهيئ أيامك الآتيه
سلاما عليك الصحارى..تمد اتساعاتها في العيونِ
سلاما عليك الجبال/السهول/الجنونَ هنا..
حين ينتظر المنتمون قوائم أسمائهم ..في السجونِ..
ويرتعشون من الصمتِ ..
من وجع الأغنيات حنينا إلى البدءِ
من جثة تتخبط في ظلمات السكونِ
سلاما عليك دمَ القلب والكفَّ نازفةً ..
عليَّ
على الأمهات يمرغن أثداءهن الثرى
والثكالى يعانقن فيك الحنينَ
سلاما عليكِ..
على الوصل فيكِ..
على الدم يعبق بالغيم في وجع النائحاتِ ..
سلاما عليك إلى مطلع الفجرِ..
والسمك المتوجس في البحر خيفةَ
..أشيائهِ
والصبايا يراجعن أيامه في الخفاءِ
سلاما
سلاما عليَّ
على الرأس حين تحاصره القنبله
سلاما على الجرح في قدميك تضمِّده السنبله
سلاما عليك الندى..
حين كنا صغارا..
وكان معلمنا في الكتّاب يحفّظنا آيهُ..
وكنت سريع المرور إلى السور الباقيه
سلاما عليه معلمَنا ..
حين كان يقابلني بالحنينِ ..
ويفرح بي..
وكنا..إذا حل صيف القرى ..
نحمل الغيم فينا ..
ونمشي حفاة إلى الأمهاتِ ..
نغني لهنّ الصدى (أعطيونا الحنه
سيدْنا رايحْ للجنه
أعطيونا الْحم
مرْت الطالب تتْوحّم
أعطيونا ارْوينه
مرْت الطالب راهي حْنينه)
وكنا يقدمن أكثر مما نظنُّ..
فنفرحَ..
ثم نعودَ إلى بيته مترفينَ ..
وعند الوصولِ يكون العشاء الجميلُ ..سلاما
سلاما عليكِ ..
على سيدي يقرأ آيته اللاحقه
على صمته حين نعرض آياتنا
سلاما عليكِ..
على الأمهات اللواتي انتظرن كثيرا مجيئ مباهجنا
على الكسكسيِّ تحضره زوج سيدنا..للعشاءِ..سلاما
سلاما على زوج سيدنا
سلاما عليكِ
سلاما لأمي
سلاما على الأمهات جميعا
سلاما على سيدي في الكتَّاب يحفظنا آيهُ
سلاما عليكمْ
عليكن أنتن أيضا
على الفم ينطق بالكلماتِ
على الأذن تسمع صمتي
على الطاولات/الكراسي
الورودِ..هنا..
وهناكَ..
سلاما ..على..
جثتي
سلاما عليه الترابَ يسف دمي..
سلاما على الدود يأكل لحمي..
سلاما.. عليه..المساء
وداعا..إليكِ..
وداعا..
وداعا..
مساء!



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العمدة
- أوتار للفرح الصعب
- أحزان المربي الذي..كان سعيدا
- لقاء مع الشاعر والقاص الجزائري الطيب طهوري
- الأصوليات الإسلامية وادعاءها تقليدنا الغرب
- !أيها الغرب، أنقذنا من تقليدك
- الموتى.. يهاجرون أيضا
- رحيق الأفعى
- الأصولية،الاستبداد والغرب الرأسمالي
- الطريق
- نهايات طللية
- مهاباد مهداة إلى عبد الله أوجلان
- العرب بيت الديكتاتورية والفهم المتخلف للدين


المزيد.....




- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...
- عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الطيب طهوري - أغان لتراب الطفولة