أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - في جماليات النص الروائي















المزيد.....

في جماليات النص الروائي


جميل الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 1938 - 2007 / 6 / 6 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


الفريسة / نموذجاً
ان تناول رواية الفريسة للروائي لؤي حمزة عباس يحتاج إلى تمهيد صغير نطرح فيه فكرة نقدية نود أشاعتها في النقد العراقي عن أدبية وشعرية بعض الأعمال القصصية التي كتبت تحت قوانين الحرب الصارمة، في عهد لم يستطع احد فيه ادعاء البطولة من الذين بقوا تحت نير الدكتاتورية .
والأعمال الإبداعية المقصودة تلك قد كتبت بمعظمها نهاية الحرب العراقية الإيرانية امتثالا لنزعة ضد الحرب، وما خلفته من دمار في البنية الإنسانية وجغرافية المكان وقد تسترت ببنيات فنية وجمالية تحت سلطة التورية الشديدة بحيث تبدو التقنية وآلياتها واضحة وجلية نسبة إلى الثيمات التي تؤشر على وقائع الحياة وافرازات الحرب عليها. وفي تلك النتاجات هاجر بعض الكتاب بكتاباتهم باتجاه سجلات التاريخ بأنشاء مدن اليوتوبيا وبعضهم استثمر شخصيات وهمية أو تاريخية وعبر من خلالها عن احتجاجاته . والذي يعنينا هنا تلك البناءات بأشكالها وجمالياتها وكيفية تشكلها ،مع ملاحظة هامة تؤكد بأن استخدام هذه الأقنعة كان مرتبطا اشد الارتباط بنزعة احتجاجية أصلا وليست نزعة جمالية مقطوعة الأسباب .
ورواية الفريسة تنتظم ضمن هذه الأجواء فهي تتمحور على حدث مروي بوجهات نظر مختلفة تتحكم فيها تقنية التكرار باعتبارها سمة أساسية في ترتيب الحكاية والأحداث الأخرى .
ويتمثل الحدث المركزي فيها على حكاية تقترب من حكاية محاولة اغتيال عدي صدام حسين نهاية التسعينات وتقديمها كحكاية أساسية بالتواشج مع أحداث وأحلام يقظة وأماكن واقعية وإيهامية .
ومن أهم إشكاليات هذه الرواية كيفية تقديم هذه الحكاية بالشكل الذي يحافظ عليها ويشير إلى غيرها في آن واحد ، وبهذا المعنى استخدم القاص تقنيات متنوعة تتحكم بها التورية بأشكال وتنويعات منها : التكرار، تكرار الحدث ونفي حدوثه ، تكرار الاستباق بتنويع دال على توقعات مبهمة او إيهامية ، تكرار مشهد محدد يختص بعيني السائق باستثمار تقنية النفي والإثبات كتقنية تعمل على خلخلة المعنى المحدد وفتح فضاءات التأويل على أوسع أبوابها .
ومن أهم الإشكاليات في هذه الرواية اشكالية السارد المحايث للشخصية والمفارق لها الذي يسمح بأستدعاءات متنوعة للمنظور السردي واستخدام هذا المنظور في إضاءة المناطق المعتمة لدواخل الشخصية المحورية وكشف أقنعتها التي تتستر بها ثم الانتقال إلى الأخر المختفي في ثنايا الأحداث .
وقبل الدخول في تفاصيل المشاهد المختلفة للرواية نلاحظ ان القاص قد قسمها إلى أجزاء تحمل أرقاما على وفق تسلسلاتها الاعتيادية المعروفة وليس على أساس الفصول أو الأقسام متجنبا الاستخدامات المألوفة في التقسيم مما يعني ان القاص يعمد إلى المفارقة حتى في تشكل الفضاء الخارجي للرواية وهو طموح ونزعة واضحة في التأليف المغاير.
ويمكن تحديد آليات التكرار وتحققها عبر النسيج المعقد للسرد بالأمثلة التالية:
بنية الحكاية : تبدأ الرواية بتضمين حكاية (طريفة الكاهنة) المأخوذة من مروج الذهب للمسعودي وتعتمد هذه الحكاية على تكرار المشاهد بطريقة التلخيص والتفسير عبر تجسيد الحدث من وجهة نظر السارد ثم بإعادة سرده بحوارات طريفة ونبوءاتها وهي إشارة واضحة من المؤلف باستثمار التراث الحكائي العربي وتقنياته البسيطة في نصه كما نلاحظ ان نبوءة الكاهنة تلقي بظلالها على المصائر المحتملة للشخصية الرئيسية في الرواية بل هي تمضي إلى أكثر من ذلك حين تجعل حدث الاغتيال واقعا مرسوما في الماضي والمستقبل (.... كأنها تبينت في لحظة مبهمة ان ما سيقع على وجه اليقين واقع منذ زمن بعيد ... صفحة 37 من الرواية ) وهذه النبوءة قريبة الشبه بنبوءة الكاهنة طريفة ( قالت: اجل ان لي الويل ، وما لك فيها من نيل ، فلي ولك الويل، مما يجئ به السيل... صفحة8) .
وهذه قراءة اولية لرواية( الفريسة )تستكشف بعضا من جماليات التأليف فيها بأمل العودة اليها في فرصة قادمة .
تبدأ الرواية بمشهد يستغرق الصفحة بكاملها يرصد ( القفزة الخفيفة الرامحة ) للنمر المرافق للشخصية من وجهة نظر الشخصية وسوف يتكرر هذا المشهد عدة مرات وفي صفحات مختلفة باعتبارها احد مكونات الشخصية أو جزءا مكملا لها . والنمر هنا دالة واضحة على معنيين اولهما هاجس التسلط والقوة وثانيهما هاجس الخوف المتأصل في ذات الشخصية المحورية فيوظف لصالح الاطمئنان المؤقت للشخصية ( .. فتوقظ في نفسه شعورا بالأمان مبعثة التفاتة الحيوان اليقظة وهو يحرك رقبته لجلبة مبهمة .. ص 11) أو هاجس الخوف ( .. يحاول في مشية الهادئ المتصل ان يكتم قلقا ملحا من لحظة غامضة .. ص11) .
وتتجسد الحادثة / الحكاية بمشهد يتكرر في صفحات أخرى بأضافة أو حذف يعملان على التوكيد أو النفي وهي تقنية قارة لمعظم المشاهد الأساسية: ( كان وحيدا بلا نمر ، حينما أطلق الرصاص ، بصلابة وعنف ، فتهشم زجاج الواجهة وقطعت شظايا دقيقة باشطة في فداحة هواء الرصيف ..ص13) وتتكرر نفس العبارة في الصفحة 26 بتغير طفيف هو ( .. في فداحه هواء الساحة ..) حيث يتم نفي المكان الأول( الرصيف) . أو ( كان يحاول في الوقت الذي التفت فيه قامته و انفتحت أصابعه بمواجهة الرصاص ان يرتفع أعلى اللحظة نفسها ويشتق من نفسه شبيها فيراه وقد انحنى إلى أمام واضعا يديه على السياج ..ص 39) في الصفحة نفسها ينفي ذلك ..( في قوة اللحظة وعنف انبثاقها عرف ان لا رجل في الشرفة ولا زجاج خلف الرجل ..).
ان تكرار المشهد ونقضه لا يتعلق بالحكاية فقط بل بكل الأحداث المصاحبة: الحلم ، أحلام اليقظة، حركة عيني سائق السيارة الخاصة به والتي تعطي دلالات مختلفة ومشخصة في الرواية .
بنية السارد : يبنى السارد في هذه الرواية بناء ملائماً لتقديم الحدث ونفيه بوجهات نظر متنوعة أساسها مصاحبة الشخصية ثم الافتراق عنها والعودة أليها مرة أخرى ... ونلاحظ في بنية السارد المحايث للشخصية أنها مبنية على أساس اللقطة المكبرة حيث تبدو الأشياء و الهواجس مرصوفة على شكل تجسدات واضحة قريبة من عين الشخصية بأستثناء العوالم الخاصة بالآخرين حيث تبدو غامضة أو مختفية وراء حجب : (رفع رأسه ونظر إلى الأمام ، التفتت عيناه في المرآة المستطيلة والمحدبة بعيني السائق فانفلتت الأخيرتان من فورهما في المجال المفتوح أمامها ... ص14.
( ستطلع في حذر تجاههما عشرات العيون ، من دون ان تراها : عيون لا ترى اذ ترى ولا تتبين ، عيون خائفه من تبدد شعورها بالخوف ... ص18) وفي اللقطات المكبرة تتجلى وجهة نظر السارد بالاتفاق مع وجهة نظر الشخصية أما اللقطات البعيدة فتكشف وجهة نظر سارد عليم يشخص ويعلق على الحدث.
ان تقنية السارد المرافق للشخصية والمفارق لها تستثمر هنا في تضييق وجهة النظر أو توسيع مجالها لتشمل الآخر المبهم في حركته وتخفيه وابتعاده عن مجال الرؤية وبذلك يتم الكشف عن تلك العلاقة المرمزة بين الشخصية والمحيط كعلاقة تضاد بأنعكاساتها المظللة والمكشوفة التي تلخصها العبارة التالية: ( أنها اللحظة المناسبة لانسحاب الستائر .. ففي الوقت الذي تتوقف فيه السيارة ( ...) تكون الآذان قد تسلمت اشارة الرعب الخفية وحولتها إلى الأدمغة البشرية الممتزجة وقتئذ بمشاغلها ...ص17.
ويستثمر السارد القفزة في ( فضاء أم البروم) ص18، بانتقاله واضحة من مكان الحدث الحقيقي للحادثة / الحكاية إلى مكان إيهامي هو ساحة أم البروم باستثمار عين الكاميرا المتحركة وهي تضيء موجودات الساحة في حركة تتجه من الساحة إلى تلك الموجودات ، بأستثمار الجملة الاسمية الدالة على المشاهد الجامدة ، تظهر وتختفي بتحكم واضح وصريح للنقطة كوقفة دالة على الشيء و بداية شيء جديد( أم البروم، كازينو، كافتريا ، شركة العشار لنقل الركاب ....ص 16) .
ولا تكتفي عين الكاميرا في التسلسل (4) على استدعاء الموجودات بأسمائها وإنما تستثمر ايضاً في تكثيف الإشارة إلى الأجزاء ( انزلقت حروف الواجهات بأستدارتها اللينة والصلبة وبقواعدها الألمنيوم ، الخشب، البلاستيك ، ص 21) بأستثمار الوقفة القصيرة للفارزة بين هذه الأجزاء .
ان تقنية التكثيف في السرد عبر منافذ عديدة
ان اشتغال الرواية على وجهات نظر متنوعة يعني من وجهة نظرنا نزوعا للتمرد على وجهة النظر الوحيدة القارة وتجلياتها في منجز السرد القصصي العراقي القصير ، وتقنية وجهة النظر الوحيدة هي تقنية قارة في معظم القصص القصيرة في العراق وقد ظهرت تمردات واضحة على نمطية هذا السرد، في القصة العراقة القصيرة نهاية الثمانينات في قصص القاصين : محمد خضير ، محمود جنداري ، جهاد مجيد ، جليل القيسي ، وغيرهم .
ان وجهة النظر هذه المتعلقة بأستثمار تقنيات القصة القصيرة في الرواية تحتاج إلى تأصيل نقدي يستشرف نتاجات روائية أخرى وهي ضمن سعينا النقدي القادم.



#جميل_الشبيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل الشبيبي - في جماليات النص الروائي