أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن سعيد الفطيسي - البروبوغاندا.. العصا السحرية للقوة الإعلامية الصهيونية















المزيد.....

البروبوغاندا.. العصا السحرية للقوة الإعلامية الصهيونية


محمد بن سعيد الفطيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1936 - 2007 / 6 / 4 - 11:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعتبر وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأنواعها من أهم الوسائل الحديثة للاتصال بين الأمم والشعوب في مختلف أرجاء الأرض, وبالتالي فان تلك الوسائل ومن ذلك المنظور, لها من القوة والإمكانية ما يجعلها قادرة على الدخول واختراق أصعب الأماكن التي تعجز الوسائل التكنولوجية الحديثة الأخرى بشتى أنواعها من الدخول إليها بتلك السهولة والسلاسة, وعليه فان تلك الوسائل تتحول تدريجيا في حياتنا اليومية إلى نوع من عوامل البناء او الهدم, وبمعنى آخر تستطيع أن تكون وسيلة إنسانية وأخلاقية لخلق توازن بناء بين العلم والتعليم والإسماع والاستماع في مختلف المجالات والميادين الحياتية, او التحول إلى نوع من الوسائل الظلامية الهدامة لتفتيت العقول وتشتيت الأفكار, وذلك بحسب الهدف المراد من ورائها.
وقد تنبهت الصهيونية إلى تلك القوة الهائلة لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها في ممارسة اللعبة السياسية من خلال استغلال فن الخداع البصري والسمعي ـ الدعاية السياسية ـ على المشاهدين والمستمعين بمختلف مستوياتهم التعليمية والاجتماعية والسياسية, بحيث تم استغلال تلك الوسائل ـ التي يفترض أن تكون وسائل موضوعية وحيادية لنقل الحقائق بكل مصداقية ـ لتزييف الحقائق وتشويه الصور على ارض الواقع, وذلك من خلال إعلام مضاد ودعاية سياسية موجهة لقلب الواقع وتغيير ملامحه الحقيقية لتوازي وتواكب الهدف الصهيوني المراد توصيله إلى المشاهد والمستمع في مختلف أرجاء المعمورة, وفي هذا السياق يقول الكاتب اليهودي ويليام تسوكرمان (في رأيي أن قوة البروباغاندا الحديثة المخيفة والمرعبة والقادرة على احتلال أذهان الناس وحياتهم, وعلى التلاعب بعواطفهم, وتحويلهم إلى حيوانات, وليست في أي مكان على هذا الوضوح كما هي في البروباغاندا الصهيونية... فقد نجحت هذه البروباغاندا حرفيا في تحويل الأسود إلى ابيض, والأكاذيب إلى حقيقة, والظلم الاجتماعي الخطير إلى عمل عادل يمتدحه الكثيرون, كما حولت أناسا قادرين من ذوي الألباب إلى مغفلين وأغبياء).
لذلك جند الإعلام الإسرائيلي لخدمة القضايا الإسرائيلية الرسمية بشكل عام, ووجه ليقف مع الأهداف السياسية والقومية التاريخية للصهيونية بشكل خاص, ومن هذه الرؤية الإسرائيلية لقوة الإعلام في التأثير على المتلقي في العالمين العربي والغربي, انطلقت البروباغاندا الصهيونية لتلعب دور (الحاوي السياسي) الذي يعرف كيف يتلاعب بالألفاظ السياسية والمصطلحات الإعلامية بهدف خدمة الأجندة الصهيونية, وخصوصا على مستوى القضايا الحساسة كقضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, الذي لعبت الدعاية الصهيونية الإسرائيلية دورا كبيرا في تشويه معالمها وصورها الجميلة والنضالية, وعليه فإننا نستطيع أن نطلق على ذلك الإعلام الإسرائيلي بأنه إعلام رسمي موجه, يعتمد الموقف الرسمي في كل تحركاته وسكناته، وكأنه موقف لا جدال عليه، والرأي الآخر يأتي على شكل موقف مشكوك بمصداقيته (ولهذا الأمر عدة أمثلة، فلم يشكك الإعلام الإسرائيلي أبدا في رواية واحدة من تلك التي يرويها الجيش الإسرائيلي، ـ في وقت تعتبر فيه ـ الرواية الفلسطينية هي رواية مشكوك بها، فالجيش مثلا (يقول) أما المصادر الفلسطينية فإنها (تزعم)، والجيش (يطلق النار ردا على اعتداء)، والفلسطينيون (معتدون), بحيث تتحول الحقيقة فيه إلى كذبة, والواقع إلى خيال, وبمعنى آخر تكون الضحية هي الجزار والإرهابي, والمحتل المستعمر هو الضحية البريئة المغلوب على أمرها, وبالتالي تتغير صور الحوار وواقع الحال وكل ما يكون من آثار ومشاهد إلى مصطلحات محورة ومزيفة, ومنطق عذب يخفي وراءه عنقاء الانتقام وغول الحقد والكراهية وأسوأ مظاهر الكذب والخداع الإعلامي السياسي على الأذقان واللحى.
كما امتدت تلك الرؤية الإسرائيلية التي استغلت من خلالها البروباغاندا السياسية الإعلامية لخدمة المصالح الصهيونية في الخارج الإسرائيلي, وذلك في عدة قضايا دولية, وخصوصا تلك التي تخص العالم العربي وتدخل من ضمن خصوصياته او سيادته الإقليمية, كاللعب على وتر الطائفية السياسية في العراق من اجل إثارة الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار, وبالطبع فان الهدف من وراء ذلك معروف, وعلى رأس تلك الأهداف بقاء الاحتلال الاميركي الإسرائيلي في ذلك الجزء الغالي من وطننا العربي إلى أطول أمد ممكن, كذلك من خلال إثارة الفتنة والعداوة ما بين الشقيقين العربيين الجارين الجمهورية العربية السورية ولبنان, وتأجيج الملف النووي الإيراني, وغيره من الملفات العربية الحساسة.
نعم... لذلك تميز اغلب الإعلام الإسرائيلي الصهيوني الموجه ـ مع الاحترام للمبدأ ـ الذي ترتكز عليه الإيديولوجية الإعلامية القائمة على الوقوف مع جل القضايا الإسرائيلية بكل قوة وشراسة بتلك الميزة السابقة, تلك الميزة الوطنية القومية التي يفتقدها الكثيرون في عصرنا هذا, وذلك من خلال ممارسة إعلامية مشوهة المعالم والصور, واستغلال تلك الوسائل بطرق مقززة يغلب عليها التشويه الإعلامي والدعاية السياسية او (البروباغاندا) والتي بطبيعتها تتميز بنقص الحقائق وربما معدوميتها في كثير من الأحيان, وقد شاهدنا كثيرا من معالم تلك الدعاية السياسية الإعلامية الصهيونية الخاوية من الموضوعية والحيادية في العديد من المواقف التي مرت بهذه التي يطلقون عليها اسم الدولة الإسرائيلية في عصرنا الحديث, كما برز ذلك من خلال قضية اللاجئين الفلسطينيين, وانتفاضة الأقصى الشريف, وغيرها من القضايا التي برع في تشويهها الإعلام الإسرائيلي الصهيوني, في وقت لم يجد فيه إلا القليل من الإعلام العربي المضاد, والذي كرس نفسه لمواجهة تلك البروباغاندا الصهيونية, لدرجة أننا نستطيع أن نصورها ـ أي إسرائيل ـ بأنها قائمة على قوة الإعلام المزيف بالدرجة الأولى, وان قوة الكيان الإسرائيلي الراهنة ومعالم هيمنته وسيطرتها الكرتونية, ما هي سوى قبضة لذراع إعلامي عالمي حديدي تقوده الصهيونية العالمية ومنظمات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة الاميركية وأوربا بشكل عام وفي إسرائيل بشكل خاص.
وفي حقيقة الأمر ليست البروباغاندا الإعلامية الصهيونية بما تحتويه في مضمونها من خداع وأكاذيب وتشويه لمعنى ومضمون حقيقة الإعلام, نتاج الوجود الصهيوني الإسرائيلي الحالي في عالمنا العربي, او نتاج الصراع العربي الإسرائيلي على وجه التحديد, وإنما هو نتاج وامتداد تاريخي لايديولوجيا بشرية غريزية مبنية على الكراهية والحقد والكذب وفن الخداع على الآخرين منذ الأزل, وقد ورد في كثير من الكتب التاريخية السماوية اليهودية كإصحاح اشعيا وعاموس وارميا وغيرها من الكتب والاصاحيح اليهودية ما يدل على هذه الحقيقة التي طالما تنصل منها اليهود الصهاينة, فهذا ارميا يتحدث عن غضب الله ورفضه جيلا بكامله من اليهود لان الحق قد باد وتمزق بسببهم فيقول: (فتكلمهم بكل هذه الكلمات ولا يسمعون لك, وتدعوهم ولا يجيبونك, فتقول لهم هذه الأمة التي لم تسمع لصوت الرب ولم تقبل تأديبا, باد الحق وقطع عن أفواههم, جزي شعرك واطرحيه وارفعي على الهضاب مرثاة, لان الرب قد رفض ورذل جيل رجزه) (ارميا 7: 28 ـ 29).
وبالتالي فان البروباغاندا الإعلامية السياسية الصهيونية الحالية هي جزء لا يمكن فصله عن التاريخ اليهودي الصهيوني القديم والحديث, كما أنها من أسس بناء المشروع القومي الصهيوني العالمي القائم على بناء وتأسيس إسرائيل الكبرى او إسرائيل التاريخية, الذي يتم توجيهه وإدارته من الولايات المتحدة الاميركية, وعلى وجه التحديد من قبل اللوبي الصهيوني الذي استطاع أن يسيطر على العديد من المراكز الحساسة في تلك الإمبراطورية, بل ان ينشأ فيها المركز الرئيسي للدعاية الإعلامية السياسية الصهيونية او البروباغاندا الإعلامية الصهيونية في العالم, وذلك من خلال ذلك الكم الهائل من الصحف والدوريات والقنوات الإعلامية الفضائية ومراكز البحث والدعاية وغيرها الكثير من وسائل الإعلام الحديثة.
وختاما فإننا لابد أن ندرك وتدرك أجيالنا القادمة, بان هذا الوطن العربي وطن عظيم بكل ما تحمل الكلمة من معنى, وبان ما يحدث في الوقت الراهن من تشويه إعلامي عالمي مستمر لمعالمه الخالدة, وقيمه النبيلة الفاضلة, وبطولات أبنائه في العراق وفلسطين ولقضاياه العربية والإسلامية, والزج بها دائما في دائرة الإرهاب والعنف والطائفية, وتغيير معاييرها الوطنية والقومية, وتشويه صورها الجميلة والبطولية, وتحوير وتزييف قيمها النضالية, ما هو سوى فصل من فصول اللعبة الإعلامية الصهيونية العالمية التي تسمى البروباغاندا, واستمرار لفكرة إيديولوجية صهيونية مريضة تعاني من الحقد والكراهية تجاه عالمنا الإسلامي والعربي ودون استثناء, وهذا ما نلاحظه على امتداد الأفق العربي الذي لم يسلم جزء منه من ذلك التشويه والتزييف الإعلامي الصهيوني.
لذا وجب أن يبرز إعلامنا العربي كأحد الخطوط المناعية الدفاعية عن قضايانا العربية الإسلامية, وان يجند الإعلام بكل فئاته وأشكاله لخدمة تلك القيم الفاضلة النبيلة, وان يبتعد قدر المستطاع عن دائرة النقل الأعمى للمواضيع والأفكار والأطروحات القادمة لنا من الخارج, ولن يكون ذلك ممكنا سوى بإعلام عربي خالص يحمل بين طياته هموم هذا الوطن العظيم, ويرفع شعار الوحدة والتراحم والتآخي والعدالة والمساواة بين أبنائه, وان يقوم بنبذ الطائفية والعرقية والخلافات المذهبية, وان يقوم بالتصدي لتلك الحملات الصهيونية الغربية الحاقدة تجاه هذا الوطن العربي الغالي, وبهذا فقط سنستطيع أن نخلق إعلاما حقيقيا نابعا من قيمنا الإسلامية العربية, إعلام إنساني قومي عالمي له كلمته وقيمته بين ملايين الأطياف الإعلامية الدولية.
كاتب وباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
سلطنة عمان



#محمد_بن_سعيد_الفطيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل أن ينقرض الجنس البشري !
- أهمية مراكز الدراسات السياسية لمواجهة التحديات المستقبلية
- الذين يكتبون السلام بأقلام الرصاص
- الإمبراطورية الأمريكية واستراتيجية السيطرة على النفط الاسيوي
- مطاردة الظلال وفكرة صناعة الأعداء
- القوة الاميريكية ووهم السيطرة على العالم
- الشعب الفلسطيني والسلاح الديموغرافي
- أبعاد خارج النص السياسي
- مصادر الطاقة بين السياسة والبقاء الإنساني
- الدبلوماسية القائمة على الإكراه
- علم التحليل السياسي بين الإخفاق والإهمال العربي
- العالم في مواجهة الإرهاب النووي
- ظلم الديكتاتورية أم فوضى الديمقراطية؟
- إلا حق العودة للوطن الفلسطيني
- نحو سيناريو شبيه للحرب الباردة
- الحتمية التاريخية للصراع الجيو استراتيجي على العالم
- الفوضى , الاداة التي ستنهي العالم وتدمر الحضارة
- معوقات الدبلوماسية وإدارة الأزمات الدولية
- المتسللون من خلف الخطوط الحمراء
- السياسة بين الأخلاق والقانون والإرهاب


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بن سعيد الفطيسي - البروبوغاندا.. العصا السحرية للقوة الإعلامية الصهيونية