أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - في سيكولوجية الشيخوخة














المزيد.....

في سيكولوجية الشيخوخة


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 1937 - 2007 / 6 / 5 - 11:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من عيوبنا أننا نميل الى التطرّف في الحكم على الأمور والناس . فإذا أعجبنا بشيء أو شخص مثلا نصعّده الى السماء وإذا كرهناه مسحنا به الأرض " ولعنّا سلفه سلفاه ". وأننا حين يبلغ أحدنا الخامسة والستين ويحال على التقاعد ، أوحينا له نفسيا بأنه وصل المحطة الأخيرة وأن انتظاره قطار الموت مسألة وقت ليس إلا ، فيتلقى بذلك أول " كفخه – سطرة " يفهم منها أن " التقاعد " لا يعني قولا جميلا مثل : شكرا على خدماتك الجليلة للمجتمع الذي جاء دوره ليقول لك استرح وتمتع بحياتك ، إنما يعني له في نظر الآخرين أنه صار عديم الفائدة و" خارج نطاق التغطية " ، فنعمل نفسيا ليس فقط على تسّريع الشيخوخة بل على استعجال الموت لمن بلغ الستين . عكس العالم تماما ، الذي يعمل على إطالة عمر الإنسان بعد إن اكتشفت فرنسا " إنزيما " يجعل الشيخوخة تبدأ في الثمانين ، ووعد علمي بأن عمر الإنسان سيكون في المستقبل 400 سنة ، فيما نعده نحن بالموت قبل أوانه ، مع أنه عاش مثل عمر المدعو " جبر .. من بطن أمّه للكبر!" ..وهو مثل لحكاية عراقية عن عراقي دعاه صديقه بريطاني لزيارة لندن في آب اللهاب في بغداد . وكانا يتمشيان في مقبرة بلندن ، فرأى جبر أمرا غريبا هو أن القبور مكتوب عليها أعمار المتوفين بالسنين وكلها صغيرة تتراوح بين خمس الى عشرين سنة . فسأل صديقه الإنكليزي فأجابه أن العمر هنا لا يعني العمر الذي عاشه المتوفى فقد يكون سبعين سنة ، لكن قبل أن يموت الشخص يسألونه : كم سنة من عمرك استمتعت فعلا بحياتك ؟ فيجيبهم : عشر سنوات مثلا فيكتبونها على قبره . عندها ضحك جبر ساخرا من حياته وقال : إذن أنا حين أموت سيكتبون على قبري : "جبر ..من بطن أمه للقبر !".".
وأذكر أنني عملت فاحصا للنصوص الدرامية التلفزيونية فاستوقفني حوار بين امرأتين تسأل إحداهما عن عمر الذي جاء بخطبها وكان أربعين ، فتجيبها محذّرة : " لا عيني لا ، ما تكليلي شباقي بيه ، هذا رجليه على باب كبره " . سألت كاتب النص عن عمره فأحاب : 45 فقلت أمازحه : لكنك تقول عن الذي يصل الأربعين بأن رجليه على باب قبره ، وأنت 45 وما تزال عيناك تلاحق بنهم هذه وتلك من الممثلات! .
أجابني : أكتب ما يعتقده الناس . وهذا صحيح . فمجتمعنا العربي متخم بالخرافات ومنها خرافة من يصل الستين يكون من " الميتين " ، فيما الحقيقة السيكولوجية تقول إن الشيخوخة يمكن أن تكون سعيدة لصاحبها اذا ظل يعمل في نشاطات لها معنى عنده حتى لو تخطى الثمانين . فرائد جراحة القلب " ما يكل ديبكي " ظل يجري عمليات جراحية دقيقة وهو في الخامسة والتسعين . وبيكاسو ظل يعجن الطين وينحت وينتج أكثر من الفنانين الشباب وهو في أواخر ثمانيناته . وفرويد ظل يكتب بإبداع ونشاط وأنتج " موسى والتوحيد " وهو في الثالثة والثمانين . والآخرون المبدعون في تاريخنا العربي والكردي والإسلامي تعرفونهم أكثر مني .
وكنت اقترحت على وزير التعليم العالي السابق الأستاذ سامي المظفر،بوصفي رئيس رابطة أساتذة جامعة بغداد ، أن لا يحال الأستاذ الجامعي على التقاعد إلا من يطلب هو ذلك ، لأن الأستاذ حين يبلغ الستين يكون في قمة نضجه العقلي وأوج عطائه الفكري . ورجوته استبدال مفردة " الأستاذ المتقاعد " بـ" الأستاذ القدوة " أو " أستاذ الشرف " أو " الأستاذ المتفرغ " . وأن يبقى على اتصال بقسمه العلمي في التدريس والإشراف والاستئناس بالرأي .
نأمل من وزارتي التعليم العالي في بغداد وأربيل تبني هذا المقترح وطرحه على وزراء التعليم العالي في الدول العربية لمناقشته. واعادة النظر بفلسفة التقاعد فيما يخص الأستاذ الجامعي الذي يصل في الستين الى مرتبة " عالم " . فـ" العلم " هو الوسيلة الأكيدة التي تجعلنا نلحق بالركب الحضاري الذي نحن الآن في آخره ، بعد أن كنّا في المقدمة .




#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فنتازيا
- مذيعون ولكن ....مصيبة !
- ثقافتنا الجنسية
- الأوهام
- الشهيد قاسم حسين صالح!
- مزاجنا... ومزاجهم
- شيزوفرينيا العقل العربي
- بارنويا
- في مكتبي .. إرهابي !
- العنف.. والشخصية العراقية
- دماغ العراقي
- اسلامفوبيا
- ما للمجلس العراقي للثقافة وما عليه
- أسرار النساء
- المأزق الثقافي العراقي- تحليل سيكوسوسيولوجي لحالة الثقافة وا ...
- السياسيون أصحاء .... أم مرضى نفسيا
- ضحايا الأنفال .. والحق النفسي
- كبار الشيوعيين ...أبناء معممين - الحلقة الأولى -!
- الحكومة والبحث عن يقين
- الشعر الشعبي... ندّابة المازوشيا الممتعة!


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - في سيكولوجية الشيخوخة