أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - براهيم أمكراز - نحو خطاب أمازيغي متكامل/العلمانية















المزيد.....

نحو خطاب أمازيغي متكامل/العلمانية


براهيم أمكراز

الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


دفعني أمران من أجل صياغة هذه الأفكار المتواضعة، أولهما صدور كتاب "مظاهر الفكر العقلاني في الثقافة الأمازيغية القديمة" للدكتور عبد السلام بن ميس، كمشروع حضاري يهدف إلى إعادة الاعتبار للفكر الشمال الإفريقي عامة والمغاربي خاصة، حيث أنه دفعني إلى البحث عن مظاهر استمرارية الفكر العقلاني الأمازيغي في الوقت الراهن، فلم أجد مظهرا لذلك.
وثاني الأمران هو بروز سؤال السياسي على الساحة الأمازيغية في الآونة الأخيرة، في محاولة البحث عن أجوبة لأسئلة ظلت تراودني منذ مدة، منها على الخصوص:
- ماهي حدود مطالب الحركة الأمازيغية بالمغرب؟
- ما هي طبيعة الدولة التي تطمح الحركة الأمازيغية إلى تحقيقها إذا كانت لديها مطالب سياسية؟
- أي مشروع مجتمعي تحمله الحركة الأمازيغية بالمغرب؟ وماهو الإطار النظري/الإيديولوجي المؤطر لمشروعها؟
لكن للأسف الشديد لم أجد سوى دسترة الأمازيغية كلغة رسمية ووطنية، كسقف أعلى لمطالب هذه الحركة، ولم أجد سوى العلمانية والنظام الفيدرالي كشعارات تريد الحركة الأمازيغية أن تضفيها على شكل وطبيعة الدولة، دون أدنى تأصيل نظري لهما، وبالتالي لم أجد كذلك أي مشروع مجتمعي تناضل هذه الحركة من أجله، اللهم بعض الأوراق المحتشمة.
فهذه السطور ليست ببديل مجتمعي أقدمه للحركة الأمازيغية، بقدر ماهو محاولة إبراز أهمية الانتقال في التفكير السياسي الأمازيغي من الأسئلة الجزئية، إلى بؤر الفكر المساعد في بناء ميثاق جماعي جديد تتكتل به الحركة الأمازيغية "المستقلة" حول مشروع مجتمعي متكامل، وسط الأصوات المنادية اليوم بدولة الشريعة الإسلامية/دولة الخلافة، والأيادي المتمسكة بالدولة المخزنية والرافضة لأطروحة الدولة الوطنية العلمانية.
فإخفاق الأقطاب السياسية في تحقيق بناء الدولة الوطنية، وإخفاقهم في المشروع السياسي الديمقراطي، لم يكن دافعا "للنخبة الأمازيغية" لرفع قصورها النظري في المجال السياسي، "فالنخبة الأمازيغية" لم تقرأ بشكل جيد ثراتنا السياسي، رغم أنه شكل الأداة القادرة على تفسير كل ما جرى خلال تاريخ هذه البلاد، إذ أرى أنه لا يمكن القفز على السؤال السياسي، والاكتفاء بالعمل السياسي الصرف كما هو حال عدد كبير ممن كانوا يسمون ب "النخبة الأمازيغية" الفارين إلى ما وراء العمارات الزجاجية، فالعفوية السياسية تعني التبعية العمياء، والتبعية العمياء لا تمنح الذات مجال التعبير عنها، ولا يعلف الثور إلا ليذبح.
وكمساهمة أولى في فتح هذا النقاش ارتأيت أن أدلي بدلوي في مطلب علمنة الدولة بالمغرب.
تعتبر كلمة "الديمقراطية" من أكثر مفردات الفكر السياسي العالمي قدما، لتظهر كأبجدية الاجتماع السياسي المدني، وهي حاملة لدلالتها الاصطلاحية في ذاتها (حكم الشعب نفسه بنفسه)، وبالرغم من أنها ظلت على مدار تطور الفكر السياسي الإنساني بمثابة المطلب المستحيل التحقق، وعلى هذا ظلت الديمقراطية هي المعادل السياسي والاجتماعي والثقافي لسؤال الكينونة الإنسانية، لتظهر في هذه المرحلة من الوضع السياسي المغربي وكأنها أطروحة الموسم، ومع إمكانية التحقق/المستحيل تظهر مشتقاتها (مفاهيم أخرى)، كالحداثة، التعددية، العقلانية، الشرعية القانونية والدستورية، والعلمانية.. إلخ.
إن طرح الحركة الأمازيغية اليوم وحملها لمطلب علمنة الدولة المغربية، دليل على بدء انشغالها بالقضايا السياسية التي تهم الشعب ومصالحه، مما يمكن معه القول أن الأمازيغ استطاعوا اليوم التخلص من الدائرة الثقافية التي أرادت الدولة المخزنية حصرهم فيها، إذ لا يمكن التفكير في العلمانية واستخدامها في مجال الصراع السياسي خارج دائرة التفكير في السياسي، وبالضبط في استقلال المجال السياسي عما عداه، ليبدأ التفكير عند الأمازيغ في علاقات السياسي بالديني، وعلاقة المقدس بالتاريخ، فتستحضر الحركة الأمازيغية الصيرورة التاريخية لهويتها في كل نقاش للمفاهيم أو القضايا السياسية الراهنة، وقد دفع هذا إلى بعض الدارسين والمفكرين الأمازيغ إلى حد تسبق مطلب إعادة كتابة تاريخ المغرب، على مطلب الدسترة، كلبنة أولى للنهوض بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية.
وبهذا تكون إرادة فتح ملف العلمانية لدى الحركة الأمازيغية مقرونا في العمق بسؤال الحداثة السياسية.
إذا كانت العلمانية غريبة عن تربة شمال إفريقيا كمصطلح، فإنها لم تكن كذلك على مستوى الممارسة، إذ كان الشعب الأمازيغي شعبا علمانيا بامتياز على مر التاريخ و حتى حدود ظهور الحركات الاستعمارية في المنطقة مع بداية القرن العشرين، و قد عبر الشعب الأمازيغي عن خياره هذا من خلال مؤسساته السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، التي تشرع قوانينها العرفية بشكل جماعي يشارك فيه الجميع و تلزم الجميع بعيدا عن القدسية والتقديس، حيث كانت السيادة للشعب كاملة وعلى قدم المساواة.
يكون كل مطلب للديمقراطية ناقصا "الديمقراطية" وقياسا على هذه التجربة و تجارب البلدان حينما يسقط من حسابه مسألة العلمانية، بحيث أن هذه الأخيرة تفرض وجود شعب واحد يتصرف سياسيا وفق إرادته الحرة و العاقلة الموحدة، في حين يصعب إيجاد وحدة الشعب على أساس الدين بالمفهوم السياسي.
وإذا كانت العلمانية في أحد وجوهها هي فصل الدين عن الدولة، فإنها لا تعني في نظر الحركة الأمازيغية فصل الدين عن المجتمع أو الشعب، كما لا تتطلب من الفرد التخلي عن العقيدة أو الرأي، فالعلمانية ترمي فقط من خلال المطلب الأمازيغي إلى مجتمع متميز بحرية الضمير و المعتقد و الفكر و إلى عقلانية التعايش، و تنظيم المجتمع عقلانيا، بفك ارتباط مسائل الروح بمسائل الحياة اليومية السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية، أي فك الارتباط بين المقدس و الدنيوي، إذ بالاستمرار في هذا الارتباط يكون كل خطأ في الحكم و السياسة و التدبير اتخذ باسم الدين خطأ في المقدس، و يكون كل ظلم للشعب مورس باسم المقدس هو ظلم مصدره العقيدة، و هذه الصورة نجدها في كثير من مجتمعات ودول تبنت اليوم الإسلام كدين رسمي للدولة، و كأن الإسلام في هذه المجتمعات يمارس السياسة باسم حق إلهي، و الذي يمارس هذا الحق في الواقع هو بشر يخطئ و يصيب، فيحمل المقدس أخطاء ذلك البشر الغير مقدس، فيكون الإسلام بذلك كدين يتحمل عبئ شعوب ظلمت باسمه، في حين أن من ظلم تلك الشعوب هم الحكام والحكومات، لذا وجب هذا الفصل بين الدين و الدولة.
و يجب ألا تكون مسألة العلمانية مرتبطة في أذهان المغاربة بالإسلام فقط، إذ العلمانية تجربة إنسانية بلغها العقل البشري في مرحلة من مراحل تطوره المستمرة و التي لا يمكن أن تعرف التوقف، فالعلمانية مرتبطة بجميع الأديان و المعتقدات ارتباط الحماية، أي أن العلمانية تحمي جميع المعتقدات دون تمييز، فالعلمانية هي التي قامت بحماية الإسلام و المسلمين في مختلف الدول الغربية، كما أن العلمانية تحمي كذلك الإنسان و حقوقه، بإقرار أنظمة سياسية يكون محورها هو الفرد المواطن و تستمد شرعيتها و أساسها من الشعب.
و في نظري ليس في حق حكومات الدول و خصوصا" الإسلامية" أن تكون خارج نطاق العلمانية، في الوقت الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة واحدة، حيث مصالحها و مشاكلها واحدة، فإذا كان نهر الفرات يصب في العراق فإنه ينبع من تركيا، و ما أريد قوله بهذا المثال هو أن العالم و قضاياه أصبح كبيت مشترك، لا يستطيع طرف واحد التصرف فيه على هواه دون إشراك الآخرين ومثاله ذلك النهر الذي يخترق أكثر من بلد، حيث أن تلويثه في ناحية سيلوث سيؤدي إلى تلويث النهر بكامله وبالتالي إلحاق الضرر بكل الدول التي يمر منها.




#براهيم_أمكراز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكل الهوية بالمغرب
- الإنتقال الديمقراطي في المغرب بين الوهم والحقيقة


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - براهيم أمكراز - نحو خطاب أمازيغي متكامل/العلمانية