أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم جبران - أنظمة الحزب الواحد والحاكم الأوحد حوَّلت شعوبنا إلى أسرى وأوطاننا إلى سجون!















المزيد.....

أنظمة الحزب الواحد والحاكم الأوحد حوَّلت شعوبنا إلى أسرى وأوطاننا إلى سجون!


سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال أكثر من شهر، قبل انتخابات الرئاسة في سورية، كنت أعذب نفسي وأشاهد يومياً برامج التلفزيون السوري. كنت أعيش انقباضاً أتعس من البكاء. دولة بكاملها تخرج إلى الشوارع للرقص الوثني تمجيداً للزعيم الذي لم يصنع مأثرة واحدة في حياته. تعلم الطب في بريطانيا وربما تخرج كطبيب عيون ناجح. ولكنه ورث الرئاسة عن والده، بمبايعة من المؤسسة العسكرية المخابراتية وبمبايعة من الطغمة السياسية المتمازجة مع الطغمة العسكرية المخابراتية.
ويقول العالمون بالسياسة السورية الداخلية إن الجميع اتفقوا على تنصيب الشاب –اللعبة بشار الأسد رئيساً، لتسهيل بقاء توازن القوى في النخبة السياسية العسكرية السورية، بدون تحريك، حتّى لا يزعل أحد، وحتى يأخذ كل واحد من الطغمة ما كان يأخذه،في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.
إن مجرد ترشيح شخص واحد للرئاسة، في عصر العولمة، وفي عصر الديمقراطية الواسعة،وفي عصر البرايمرز داخل الأحزاب في كل الدول الديمقراطية الراقية ليس تخلفاً فقط، بل هو ظاهرة معادية للحضارة، في عصرنا. وزعيم يصل إلى السلطة بعد أن كان مرشحاً واحداً وحيداً لا يمكن أن يحظى بالاحترام في العالم، كما لا يحظى بالاحترام في بلاده، وبقاء نظامه هو نتاج الخوف ولا شيء غير الخوف.
وأكثر النكت مثاراً للأسى القومي أن المرشح الوحيد في أغلبية الدول العربية يحظى ب 99.97 بالمائة. وهنا تحضرني نكتة سمعتها قبل عشرين عاماً ونيِّف عن الانتخابات الرئاسية في سورية، أيام الأسد الوالد، تقول النكتة إن وزير الداخلية جاء إلى حافظ الأسد ليزف له البشرى غير المفاجئة. قال: يا سيادة الرئيس البطل إن الشعب كله معك، ليس 90 بالمائة، ليس 95 بالمائة، ليس 98 بالمائة، ليس 99 بالمائة بل أكثر بكثير 99.99 بالمائة. ويمكن القول إن مَن لم يصوتوا لك ليسوا شريحة في حساب النسبة المئوية، بل مئات قليلة من الشاذين المارقين.
فقال حافظ الأسد لعبده الوزير: أنا أعرف ذلك. ولكن أطلب منك أسماء مَن لم يصوتوا لي!
إن النظام السوري لا يختلف عن بقية الأنظمة "الجهورية" في العالم العربي التعيس. هل القذافي أكثر ديمقراطية ونزاهة؟ هل النظام التونسي أكثر ديمقراطية ونزاهة؟ هل النظام المصري الذي يحضِّر لوراثة الابن بعد والده، أكثر ديمقراطية.
هل دولة ليست فيها حياة حزبية حقيقية وليست فيها إمكانيات حقيقية ودستورية للمنافسة يمكن اعتبارها دولة ديمقراطية؟ هل هناك رقابة حقيقية في أية دولة عربية تمنع الحاكم من السطو على المُلك العام؟ هل حدث مرة أن حوكم مسؤول كبير بتهمة السرقة؟
إن مفهوم الدولة العصرية معدومٌ في كل العالم العربي،كما أن القومية بمعناها السياسي والاجتماعي والثقافي والانتساب إلى الوطن المستقل، هي مفهوم غائب، مُغَيَّب، في العالم العربي.
إن تفشي الأصولية الدينية وتفشي الطائفية السياسية وتفشي القبلية، وتفشي الصراع الدموي بين الطوائف المختلفة (حتى عندما تكون كلها من طائفة واحدة) هو النتيجة المنطقية لخنق مفهوم القومية واغتصاب مفهوم المواطنة واغتيال مفهوم المنافسة الديمقراطية. ما الغرابة، بعد كل هذا إذا ظن كل حاكم، حتى لو كان قاصراً عقلياً، إن البلاد هي مُلك خاص له ولعائلته؟
إننا نقول بأعلى صوتنا إن الدول العربية الملكية تبدو دولاً عصرية أكثر من الدول "الجمهورية". وأعتقد أن رقعة التعبير والنقد في المملكة الأردنية أوسع بما لا يقاس من رقعة التعبير والنقد في سورية، مثلاً.
العربي العاقل هو عربي مرشح للجنون إزاء ما نراه من انحطاط النظام السياسي العربي وتخلفه وفساده وتدميره للدولة بمفهومها السياسي والاقتصادي والثقافي والقضائي والقانوني.
هل صدفة، بعد هذا أن كل شيء ينحط عندنا، الثقافة والتعليم والنظام، وهل صدفة أن الأموال العربية تهرب للتوظيف في الخارج؟ وهل صدفة أن الأدمغة الممتازة في أوطاننا العربية تستقر في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية، وأن المليارات الكثيرة لأنظمة النفط موظفة في البنوك الغريبة؟
يخيل لي أحياناً، وأنا أتمزق من المرارة أن الشعوب العريبة تعودت على هذه الحال إلى درجة لم تعد معها تدرك عمق المأساة العريبة. لسنا في أزمة حادة بل في حالة انهيار ربما لا تبقي أمامنا خط رجعة عن هذا التخلف.
أليس من العار علينا، أمة وحضارة، إن دولة إسرائيل التي هي نتاج خليط مهاجرين من أكثر من ثمانين دولة تحوّلت إلى دولة عصرية قوية علمياً وقوية اقتصادياً وقوية عسكرياً، بينما الدول العربية أجسام عاجزة ومشلولة؟ أليس عاراً على العرب جميعاً أن الإنتاج القومي السنوي الإسرائيلي أكبر من الإنتاج القومي المصري، بينما سكان مصر عشرة أضعاف سكان إسرائيل؟
لننظر حولنا ونتابع التطور الاقتصادي في تركيا وايران، لننظر ونتابع التطور في دول جنوب شرق آسيا ولنقارن بين تطور هذه الدول والدول العربية.
لقد كانت كل دول أمريكا اللاتينية ديكتاتورية فاشية ومزرعة خلفية للولايات المتحدة. أنظروا كيف هبَّت شعوب أمريكا اللاتينية على طريق الديمقراطية الإنسانية والتطور الاقتصادي. أين هي وأين نحن؟
إن النظام الدكتاتوري الوثني في العالم العربي ليس بحاجة إلى النهضة الاقتصادية- الاجتماعية- الثقافية- العلمية- التكنولوجية، فلديه ما يكفيه للسرقة من خيرات أوطاننا ومن "صيانة" النظام الإرهابي الفاسد المتخلف الذي يقهر شعوبنا العربية.
لقد ضحكوا علينا أكثر من نصف قرن وقالوا إن الدكتاتورية العسكرية "ضرورية" للصمود ضد "العدو الصهيوني" والانتصار عليه. ولكن النظام الإسرائيلي انتصر عسكريا على الدول العريبة، بالذات لأن الدول العريبة محكومة بأنظمة ديكتاتورية مجرمة، والشعوب العربية سجينة ومقيدة، وقديماً قال الشاعر العربي عنترة العبسي:"العبد لا يُحسن القتال والكر بل يُحسن الحَلْب والصّر".
لقد سقط الادِّعاء "القومي" للأنظمة لتبرير الديكتاتورية، والآن نشاهد كيف تتهافت الأنظمة العربية، لاهثة، للسلام مع إسرائيل، إرضاء لأمريكا، وعفى الله عمّا مضى، وليذهب الفلسطينيون إلى الجحيم، فهم "يعرقلون"ً السلام مع إسرائيل ومع أمريكا!!
مهما قلنا وحللنا أبعاد المأزق المأساوي العربي الراهن، فإنه يظل أكبر من تحليلاتنا. إن الوضع العربي الآن هو وضع نكون أو لا نكون. إن مطامع ايران في المنطقة العربية ليست أقل من مطامع إسرائيل، والولايات المتحدة التي تنهب الخيرات العربية لا تجد حاجة إلى احترام الأنظمة العربية وتعتبرها أنظمة متخلفة أحط مستوى من أن تستحق الاحترام.
قد يسأل سائل: حسناً، سمعنا. ما هو الاستنتاج؟ ما هو المخرج؟
أنا أعتقد أن اليأس والبكاء لا يحققان شيئاً. بل هما يعززان النظام العربي الفاسد والمتخلف، العميل للأجانب والمجرم ضد شعوبنا العربية.
آن الأوان للانتقال من النشاطات العبثية للمجموعات الصغيرة في كل دولة عربية. هناك حاجة مصيرية إلى تحالف قومي-ديمقراطي واسع في كل دولة عربية لمجابهة النظام وإلى تحالف قومي-ديمقراطي عام في المنطقة العربية.
إن النهضة القومية- الحضارية التي بدأت في القرن التاسع عشر في مصر وبلاد الشام والعراق ذبحها نظام الطغمة العسكرية.
هناك حاجة الآن إلى حركة قومية-حضارية- ديمقراطية متجددة تبث العزيمة والأمل في شعوبنا العطشانة إلى الحرية والديمقراطية والتقدم والتنمية. هذه الحركة قادرة أن تصد الأصولية الظلامية التي تؤدلج للتخلف وقادرة أن تستعيد شباب أمتنا العربية وتضعها على طريق التقدم والعصرنة والمشاركة الفعالة في الهم الإنساني العالمي، تجعل ملاييننا العربية شركاء لا متفرجين، في عصر لا يرحم المتخلفين المحبطين، بل يحترم المقاتلين النهضويين.





#سالم_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تحاسب الشعوب العربية حكامها كما يحاسب الشعب الإسرائيلي ح ...
- كتاب ضخم، لائحة اتهام ضد النظام السياسي-الاجتماعي الإسرائيلي
- إسرائيل: من الحلم القومي إلى عبادة البورصة والدولار!
- الأخطار الاستراتيجية التي تواجهها دولة إسرائيل
- الوطني الحقيقي- إنساني بالضرورة
- هل نأخذ مصيرنا بأيادينا ونصنع مستقبلنا أم نواصل رقصة العجز و ...
- هل دم العربي أقل قيمة؟
- دولة عندها مخابرات أم مخابرات عندها دولة؟!
- النظام العربي المهتريء والفاسد لن يسقط من تلقاء نفس
- طلاب كلية الطب
- أية دولة يريد شعبنا الفلسطيني
- -وادي الصليب-في حيفا-الحاضر.. والغائب الحاضر
- قضية المرأة قضية المجتمع كله
- طاعون الفساد والرشوات يأكل جسد النظام الإسرائيلي!
- نوال السعداوي-مناضلة
- المواطنون العرب داخل إسرائيل
- - -دولة ضحايا النازية- تُمجِّد- اليهودي النازي- مئير كهاناّ
- نتنياهو وبراك- قديمان.. جديدان؟
- روسيا تقود المجهود العالمي لإسقاط نظام القطب الواحد الأمريكي
- أسئلة صريحة للغاية موجهة للسيد حسن نصرالله


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سالم جبران - أنظمة الحزب الواحد والحاكم الأوحد حوَّلت شعوبنا إلى أسرى وأوطاننا إلى سجون!