أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - مفهوم الفاشية من منظور أدبيات منظمة إلى الأمام















المزيد.....


مفهوم الفاشية من منظور أدبيات منظمة إلى الأمام


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تشتد حاجة الماركسيين في مثل هذه الظروف حين تطرأ على الوضع العام تحولات كالتي نعيشها حاليا، يكون الماركسيون اللينينيون أشد عرضة لاحتمالات الانزلاق في التحليل وتحديد المهام، ولارتكاب الأخطاء. ويكون لزاما عليهم حينئذ إعادة تدقيق رؤيتهم، تحليلهم للوضع وتقييم التحولات الطارئة عليه وتحديد المهام المطلوبة، وذلك عن طريق التشبث بالمنهج الجدلي العلمي في التحليل.

هذا ما أثبته بشكل قاطع عديد من الآراء الخاطئة التي تروج داخل حركة اليسار الماركسي اللينيني حاليا، وبشكل خاص حين انطلاق عمليات الجناح الاتحادي1 التي جرفت عديدا من الرفاق إلى الإعجاب والتبني وحتى محاولة اتهام اليسار بـ”الانتظارية“ و”الإصلاحية“.
وتزداد هذه الحاجة إلحاحا حين تكون الحركة الماركسية اللينينية في طور النشوء والتبلور، ويكون الخط السياسي العام والوضع النظري لمختلف قضايا الثورة في بلادنا ما يزال في أطواره الأولى، حيث يكون بناء تكتيك سديد لهذه المرحلة بأكملها في المسيرة الثورية، أشد صعوبة.

وبصفة عامة فإن معظم التحاليل لليسار الماركسي اللينيني لم تكن تتوفر فيها شروط الوضوح الدقيق للمرحلة التاريخية الراهنة من نمو الصراع الطبقي ببلادنا. فهي غالبا ما تظل مطروحة على مستوى الأحداث اليومية والأحداث الرسمية بصفة خاصة، وفي رد انفعالي اتجاهها، دون أن تربط الأحداث الجارية بالعلاقات الطبقية التي تعبر عنها. ولهذا فهي تتخذ شكل التحليل الصحافي، وتكون وقتية، لأنها لا تنظر إليها ضمن مرحلة تاريخية من نمو الصراع الطبقي لا تشكل الأحداث إلا تعبيرا عنه، ليس بشكل مبسط ومباشر، لكن بشكل معقد وملتوي. وهذا النقص كثيرا ما يضطر الرفاق محاولات الربط بين الأحداث بشكل متعسف وإيجاد الخطوط والعلاقات الوهمية التي تشدها بعضها إلى البعض.
إن الرؤية التي سنسوقها في الصفحات التالية للوضع الراهن، وبصفة خاصة لمهامنا العاجلة، هي محاولة للإسهام في الجهود المبذولة داخل اليسار الثوري من أجل الوصول إلى رؤية أوضح للوضع الراهن وللمهام التي يتطلبها. وبذلك فهي استمرار في نفس العمل الشاق الذي بدأناه من أجل قفزة كيفية في خط وممارسة الحركة الماركسية اللينينية بصفة عامة.


أولا : مميزات الوضع الراهن

يمكن إجمالها في المميزات الرئيسية الأربعة التالية : أزمة النظام، انحلال البرجوازية الوطنية، اندحار الجناح البلانكي البرجوازي الصغير، نمو الحركة الجماهيرية.

1 - أزمة النظام

تشكل أزمة النظام التي ما انفكت تتعمق باستمرار، الميزة الرئيسية الأولى للوضع الراهن. إن آراء مخالفة داخل الحركة الماركسية اللينينية تطمس هذه الأزمة وتطمس تناقضاتها، وترى أن الاتجاه الأساسي للنظام هو جمع قواه، حل تناقضاته وإلتفات مختلف القوى الإمبريالية حوله وتدعيمه، وتصعده للإرهاب والبطش الذي يمارسه ضد نمو الحركة الجماهيرية وضد اليسار الثوري والجناح البرجوازي الصغير البلانكي.
وفي نظرنا أن هذه النظرة خاطئة جدا وهي بعيدة النتائج حول تحديد مجمل الوضع الراهن ومهام الحركة الماركسية اللينينية، وهي غير جدلية - كما سنرى - لأنها لا تنظر لأزمة النظام وتناقضاته في أساسها الموضوعي، في ربطها بتناقضات الإمبريالية من جهة، والحركة الجماهيرية من جهة أخرى.

1 - لقد تردد كثيرا في تحاليلنا الأخيرة أن النظام قد أختار طريقه الفاشي. إن هذه الموضوعة صحيحة تماما، تؤكدها سياسة النظام تجاه الحركة الجماهيرية في الأسابيع الأخيرة التي تميزت بشراسة لم يسبق لها مثيل في قمع الحركة الطلابية، حل منظماتها المناضلة إ.و.ط.م. واعتقال مناضليها، إلى الطرود البريدية الملغومة وعشرات الاختطافات والاعتقالات، إلى إعدام الضباط والاعتقالات الأخيرة في صفوف اليسار الثوري والجناح الاتحادي الانقلابي، وتوقيف الإتحاد الوطني للقوات الشعبية، بالإضافة إلى حجز وقمع الحريات العامة (حجز الصحافة المعارضة، منع التجمعات...).
كل هذا في الوقت الذي يقوم فيه النظام بعملية تدعيم وبناء جهاز بوليسي فاشي بمساعدة خبراء الإمبريالية الفرنسية بصفة خاصة (تأسيس إدارة حماية التراب الوطني DST بقيادة إدريس البصري و”إدارة الوثائق السرية“ بقيادة الدليمي). بيد أن هذه الموضوعة لا تطرح إلا كوصف لسياسة النظام الإرهابية تجاه نمو الحركة الجماهيرية دون أن ترقى إلى مستوى التصنيف العلمي الذي تضمنته كلمة ”الفاشية“ تاريخيا. وهذا ما يتطلب مزيدا من دراسة النظام وتناقضاته الداخلية وارتباطاته بالإمبريالية، وتعميق طبيعة هذا الاختيار الفاشي وعلاقاته بتناقضاته وبنمو تجذير الحركة الجماهيرية وحدوده ضمن أزمة النظام الراهنة واستراتيجية الإمبريالية وتناقضاتها.

2 - لقد نشأت الفاشية تاريخيا في السنوات العشرين من هذا القرن، كحل للأزمة الشديدة للرأسمالية الاحتكارية، من جراء انطلاق المد الثوري البروليتاري الهائل الذي كان يهدد بالعصف بها، والذي دشنته ثورة أكتوبر 1917 الكبرى. وحين عجزت الرأسمالية ببنيتها الليبرالية أن تقف في وجه الزحف الهائل للبروليتاريا ابتداء من أكتوبر 1917، سلكت سياسة الإرهاب والبطش وسيلة لحل هذه الأزمة في صورة الديكتاتورية الاستبدادية.
هذه الأزمة المتعاظمة أيضا بفضل التطاحن بين مختلف الإمبرياليات. فالبرجوازية الألمانية كانت قد عجزت عن فرض إعادة تقسيم ”عادل“ بالنسبة لها للمستعمرات، كما أن البرجوازية الإيطالية واليابانية كانت تبحث عن حل جديد لنموها، إعادة تقسيم جديد للمستعمرات يناسب مطامحها، في وجه الإمبريالية البريطانية والفرنسة والأمريكية. كل هذا يتطلب بناء الديكتاتورية الاستبدادية. وقد استندت الفاشية بشكل أساسي إلى الطبقات الوسطى التي كانت تعاني من البؤس وتفاقم وضعيتها واستطاعت هذه الفاشيات أن تكسب طابعا وطنيا شوفينيا، وأن تملك جذورا اجتماعية أكثر ثباتا وأساسا جماهيريا، حين طرحت نفسه لحل الأزمة الثورية الناشئة التي لم يكن بمقدوره البروليتاريا أن تحسم فيها نتيجة خيانات الأممية الثانية.

3 - كما أن الفاشية الجديدة والنامية في عدة بلدان داخل ما يسمى بالعالم الثالث تملك هذه الجذور. فهي تدخل ضمن الاستراتيجية الجديدة للإمبريالية الأمريكية بصفة خاصة في بناء أنظمة إرهابية قوية، تلعب دور الإمبريالية في قمع وسحق نضالات الشعوب المتنامية، مثل البرازيل داخل أمريكا اللاتينية وإيران في منطقة الخليج العربي وجنوب إفريقيا وتركيا... وهذه الأنظمة ترتكز إلى دعم برجوازيات هذه البلدان، ذات الطبيعة الكمبرادورية، بحيث تتحكم في كل موارد البلاد، وتعتمد على جيش قوي وجهاز بوليسي لإرهابي منظم، يديره خبراء الإمبريالية بطريق غير مباشر عن طريق عملاء C.I.A. أو ”كتائب السلام“، وتدعمها اقتصاديا بالمساعدات والقروض، والبعثات... وتستند هذه البرجوازيات إلى نخب عسكرية منظمة تشكل أساس هذه البرجوازية الكمبرادورية.

4 - في بلادنا نمت الطبقة الحاكمة، بشكل مضاد للبرجوازية الوطنية نفسها، وفي اتجاه نسف أساسها الاقتصادي الموضوعي، بارتباط مباشر مع النهب الاستعماري الجديد. إن إحدى المميزات الرئيسية لدينامكية الصراع الطبقي في بلادنا هي الانحلال والتفسخ المتزايد للبرجوازية الوطنية اقتصاديا وسياسيا، وتمركز كل موارد اقتصاد البلاد في يد أقلية تتقلص قاعدتها الاجتماعية باستمرار - من المعمرين الجدد ووسطاء الرأسمال الأجنبي وعلى رأسهم الملكية المغربية التي تشكل رمز هذه الأقلية الحاكمة وضامن وحدة وتماسك فئاتها.

إن هذا الاتجاه في نمو هذه الطبقة الحاكمة يرجع إلى الإستراتيجية الموضوعة في إيكس ليبان في إطار استراتيجية الإمبريالية المتمثلة في الاستعمار الجديد. فقد استطاعت الإمبريالية الفرنسية أن تصحح خطأها بالتحالف من جديد مع الملكية والطبقة الحاكمة والبرجوازية الوطنية في شكل الاستعمار الجديد، وذلك حين بدأت الثورة الشعبية المنطلقة تحمل بذور نمو جذري لحركة شعبية ديمقراطية مسلحة تهدد بنسف مستقبل مصالح الإمبريالية الفرنسية في بلادنا كلية.

كانت تلك الإستراتيجية تقوم على بناء الطبقة الحاكمة العميلة وعلى رأسها الملكية، الإسمنت الذي يلحم مختلف فئات الطبقة الحاكمة. وتبع ذلك تكسير وتفتيت المنظمات الشعبية ذات الأفق الجذري المتزايد (حركة المقاومة، جيش التحرير) بالقمع الدموي من جهة، والمناورات السياسية من جهة أخرى، في غياب أي استراتيجية، فراغ سياسي هائل لدى هذه المنظمات. ثم إفراغ منظمات العمال النقابية، الإتحاد المغربي للشغل (إ.م.ش) المنبثقة في إطار المعركة الوطنية من مضمونها النضالي على يد البيروقراطية النقابية. كل هذا مع الضمانات الأكيدة للبرجوازية الوطنية بكل أجنحتها، وبتنفيذ من طرف حكوماتها الوطنية، وتحت غطاء الوحدة الوطنية والحماس الوطني .. وتوج ذلك بطرد البرجوازية الوطنية من الحكم على مرحلتين في 1960 و1962، والشروع بشكل لا مثيل له في عملية تصعيد النهب الاستعماري الجديد وتفقير وتشريد الجماهير الكادحة.

5 - ويشكل نمو جهاز الدولة الطفيلي وفساده أيضا الوجه البارز لعملية تكثيف النهب بشكل لا مثيل له، حيث يتوسع ويتضخم جهاز الدولة، نفوذه وهيمنته على كل القطاعات عن طريق ما يسمى بالمكاتب الوطنية بصفة خاصة، مكتب التسويق والتصدير، مكاتب الزراعة، مكتب الري، مكتب الشاي والسكر...

وتشكل سياسة السدود، القائمة على تطوير الرأسمالية في البادية بانتزاع الأراضي من أيدي الفلاحين الفقراء وتحويل المغرب إلى مزرعة لأوروبا، ونمو قطاع السياحة الذي يضمن أرباحا سهلة وسريعة ودون مصاعب للراساميل الأجنبية، أبرز مظاهر مجالات نشاط سياسة الطبقة الحاكمة الاقتصادية القائمة على التبعية المطلقة للإمبريالية ومعادات التصنيع الحقيقي للبلاد والتحرر الاقتصادي.

ويبلغ تضخم جهاز الدولة الطفيلي إلى الحد الذي يمتص في ميزانية سنة 1972 ما يقرب من 600 مليار فرنك من مجموع 1 500 مليار تشكل مجموع الدخل الوطني السنوي. إن نتائج هذه السياسة تتجلى في تمركز الثراء والبذخ لدى الطبقة الحاكمة، وتمركز الفقر والبطالة والجوع والجهل لدى الجماهير الكادحة. فالنظام عاجز عن أي تحسين لوضعية الجماهير ولو في حدود تخفيف حدة البطالة الشديدة أو تعميم ولو جزئي للتعليم من أجل امتصاص مؤقت لنقمتها. وينتج عن ذلك تعمق الأزمة الاقتصادية الدائمة للنظام الدائمة للنظام تسرع به نحو الإفلاس الاقتصادي، أبرز النتائج لهذه الأزمة :

• تراكم الديون بشكل مستمر لتغطية الأزمة.

• الارتكاز إلى إرهاق الجماهير الكادحة بالضرائب المباشرة أو غير المباشرة.

• العجز الدائم في الميزان التجاري.

وتؤدي سياسة النظام هذه إلى تفكيك وتفقير البرجوازية الصغيرة والمتوسطة وخنقها اقتصاديا، ودفع فئات منها إلى صف الجماهير الكادحة، ثم دمجها اقتصاديا وتحويلها إلى أطر في أجهزة الدولة المضخم باستمرار، ثم تفكيكها ودمجها سياسيا.

كل هذا يفقد النظام الأساس الموضوعي لبناء نظام فاشي ذو جذور اجتماعية وطيدة، وليس في مقدوره إلا استعمال الأساليب الفاشية في القمع والإرهاب، لوقف زحف الجماهير المسحوقة.

6 - كما أن محاولات النظام الرامية إلى عملية بناء أساس إيديولوجي لنظام فاشي تمنحه المشروعية في أعين الجماهير، محكوم عليها بالفشل.

إن ارتكاز هذه العملية في عملية الانبعاث الإسلامي، والهيبة الدينية الشعبية لـ”أمير المؤمنين“ و”الإمام“، خلق جماعات الإخوان المسلمين - هذه العملية التي يقودها الكاهن المكي الناصري - تفتقد أسسها الموضوعية، لأنها ترمي إلى إعطاء المشروعية إلى نظام يعيش يوميا قمع وامتصاص دماء الجماهير الكادحة. إن النجاح النسبي الذي لاقته حركة الإخوان المسلمين قبل 1952 بصفة خاصة، داخل الجماهير العربية في الشرق يرجع إلى كونها كانت إيديولوجية معارضة، إيديولوجية تنطلق من موقع نقد الأنظمة الخائنة والمتخاذلة في الشرق. كما أن أفراد الطبقة الحاكمة هم أول من يسيء إلى الدين في سلوكهم اليوم. إن الأوتوقراطية التي تزرع الاضطهاد في كل مكان ولا تحصد إلا الحقد (...) أدت إلى كون مفاهيم ”أمير المؤمنين“ و”الإمام“ تفقد مفعولها الإيديولوجي لدى الجماهير الكادحة (...)

7 - إن عجز النظام المتعفن عن وقف المد الجماهيري المتنامي يهدد مستقبل المصالح الإمبريالية، بحكم تضارب مصالحها في الوطن العربي وفي منطقة غرب البحر المتوسط ذات الأهمية الحاسمة بالنسبة لمختلف الإمبرياليات.

وهذه التناقضات ترتبط بتناقضات الطبقة الحاكمة بحكم عمالتها وتفانيها في خدمة مختلف المصالح الإمبريالية ببلادنا.

إن جوهر التناقض يكمن في الخلاف بين الإمبريالية الفرنسية التي تتمركز مصالحها الإقتصادية الضخمة في بلادنا عن طريق الأبناك الكبرى (وضمنها بنك روتشيلد الصهيوني الكبير) والإمبريالية الأمريكية التي يمثل المغرب بالنسبة لها في الدرجة الأولى موقعا استراتيجيا هاما في إطار الصراع حول مناطق النفوذ مع التحريفية السوفيتية وقمع كفاحات الشعوب المتنامية.

كما أن عملية نهب الصحراء الغربية الغنية بالمواد الهامة وذات الموقع الاستراتيجي الهام هو أحد عوامل هذا التناقض. هذه المنطقة التي تتراكم عليها المؤامرات من كل جانب. فقد تم اكتشاف حقول بترول ضخمة من حجم حقول الخليج العربي، وفي شروط مناسبة للاستخراج. وظل هذا الاكتشاف سريا إلى حين تسوية وضعية المنطقة سياسيا2.
وبالرغم من كون الإمبريالية الفرنسية، التي كانت تنهج في زمن ديغول سياسة شبه مستقلة عن الإمبريالية الأمريكية، قد بدأت تعود تدريجيا ضمن الهيمنة الأمريكية التي تقود المعسكر الإمبريالي، فإن ثقل المصالح الاقتصادية للرأسمالية الفرنسية في بلادنا، وضعفها النسبي من جهة أخرى يجعل منها السند الأساسي للنظام الملكي من أجل إصلاحه ودفعه في طريق ليبرالي أكثر، من أجل امتصاص حركة الجماهير المتصاعدة ونقمة فئات الطبقة الحاكمة نفسها، هذه هي استراتيجية الإمبريالية الرئيسية داخل العالم الثالث.
أما الإمبريالية الأمريكية، فبحكم دورها في قيادة المعسكر الإمبريالي في الصراع ضد المعسكر الاشتراكي وكفاحات الشعوب المتنامية، نتيجة الآلية الاقتصادية والعسكرية الضخمة التي تتوفر لديها، يجعل استراتيجيتها تنبني من جهة على التدخل المباشر (كوريا، الفيتنام، الاووس، الدومينيكان...) ومن جهة أخرى على بناء أنظمة عسكرية فاشية - كما أوضحنا سابقا - تكون قادرة، بقوة الدعم الإمبريالي، على وقف زحف الجماهير الكادحة وضمان المصالح الإمبريالية، والقيام بدور الإمبريالية في سحق بلدان أخرى مجاورة وتستند في ذلك إلى تدعيم وتقوية برجوازيات هذه البلدان سياسيا واقتصاديا، وبناء نخب عسكرية ذات جهاز فاشي ضخم يكون قادرا على تكسير الحركات الثورية وسحق انتفاضات الجماهير، وعلى امتصاص سخط الجماهير في إطار إصلاحات ”وطنية“ لا تضر بالمصالح الاستراتيجية الإمبريالية، والأمثلة الشهيرة واضحة في هذا المجال.
في هذا الإطار يجب وضع انقلابي 10 يوليوز 1971 و16 غشت 1972، الذين ليسا إلا تعبيرا عن استراتيجية الإمبريالية الأمريكية في قلب اوتوقراطية الحسن العاجزة عن القيام بدورها المطلوب في ضمان المصالح الإمبريالية الأساسية، بوقف نمو الحركة الجماهيرية التي يتحول تدريجيا شعار الجمهورية إلى مطمحها المباشر.
فالأوتوقراطية المتعفنة، وهي رمز الطبقة الحاكمة وضمان وحدتها، لم تعد قادرة على القيام بدورها المطلوب في تخدير الجماهير، وتوازن والتحام فئات الطبقة الحاكمة. حيث يقوم حسن وعبد اللـه بشره مخيف بتحويل المغرب إلى ضيعة لهما، وتضييق الخناق على كمشة الطبقة الحاكمة، مما يزيد في رغبة الطبقة الحاكمة في إزاحة عرقلة الأوتوقراطية الطفيلية، وتعويضها بدكتاتورية عسكرية فاشية تضمن مصالح الطبقة الحاكمة وضمان الهيمنة الإمبريالية وتوقف الزحف الجماهيري ونمو القوى الثورية المتزايد.
8 - على مستوى الوطن العربي، فإن عزلة النظام تتعمق بحكم كونه أحد الأنظمة الرجعية التي تمارس التآمر خفية ضد الثورة الفلسطينية طلعة الثورة العربية. أما مهزلة إرسال الجيش إلى سوريا فلن تستطيع ستر خياناته للثورة العربية (...) وتزداد هذه العزلة على مستوى المغرب العربي، أمام تخاذل حسن واتجاهه للمساومة على الصحراء الغربية مع الاستعمار الإسباني، مما يدفع النظام الجزائري والموريتاني الذين يعتبران أنفسهما من الأطراف المعنية باستثمار خيرات المنطقة، إلى الابتعاد عن النظام وبصفة خاصة النظام الجزائري (...) وبالرغم من التحركات الأخيرة (زيارة وزير خارجية الحسن إلى واشنطن..) لتمزيق طوق العزلة، والبحث عن علاقات اقتصادية ومساعدات من الإتحاد السوفييتي، فهي محاولات محكوم عليها بالفشل، ولن تحد من غضب هذه الأطراف على نظام الحسن المتعفن.

9 - كل هذه العوامل تجعل من النظام العميل، موضوعيا، مركز تناقضات متزايدة تتعمق باستمرار، وقابلة للانفجار والعصف به، وتجعل من عملية تغطية وجهه بقناع ليبرالي مزيف محاولة فاشلة. وقد عدل حسن نفسه عن اللعبة البرلمانية بعد أن انكشف زيفها. إلا أن اشتداد هذه التناقضات وانفجارها، لا يمكن أن يتعمق ويتوسع إلا بمقدار نمو الحركة الجماهيرية وجذريتها، واشتداد قوى الثورة العربية في المنطقة، مما يقرب نهاية النظام، ويجعل من مصلحة كل القوى الإطاحة به، وهو الاتجاه الذي بدأت تظهر بوادره لدى الإمبريالية الفرنسية نفسها (التهديد الأخير من طرف النظام بإعادة النظر في في المصالح الفرنسية وحملته على الأساتذة الفرنسيين..)... لا يكفي أن يكون النظام مفككا وضعيفا بل لا بد من تنامي حركة الجماهير حتى يتم تعميق وتوسيع أزمته وعزلته وهذا هو اتجاه الأحداث. وما دامت ساحة الصراع لم تفرز القوة البديلة للنظام ولكل الطبقة الحاكمة، فالبرجوازية الوطنية لا يمكنها أن تكون تلك القوة وفي الوقت الذي لم تبلغ فيه الحركة الجماهيرية - حركة الطبقة العاملة والفلاحين - مرحلة القدرة على الحسم ف الصراع مع النظام، فإن الطبقة الحاكمة سترمي بنظام الحسن العاجز، وستوفر الشروط لتحقيق استراتيجية الإمبريالية في المنطقة، في سحق مد الثورة المتنامي هنا في الجناح الغربي للوطن العربي.
مقتبس من وثيقة : الوضع الراهن والمهام العاجلة للحركة الماركسية اللينينية
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=87353



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة الطلابية المغربية على ضوء الأحداث الأخيرة 3
- الحركة الطلابية المغربية على ضوء الأحداث الجامعية الأخيرة 2
- الأمازيغية و الصراع الطبقي
- الحركة الطلابية المغربية على ضوء الأحداث الجامعية الأخيرة
- المهام النضالية للماركسيين اللينينيين
- السياسي و النقابي في علاقتهما بالمجتمع المدني في عصر الرأسما ...
- مهمات منظمات الشباب
- نجاحات السلطة السوفياتية و مصاعبها
- تثوير علاقات الإنتاج في ظل المجتمع الإشتراكي
- الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي ينعت اللينينية بالتايلور ...
- الماركسية اللينينية أعلى مراحل تطور الماركسية
- حزب النهج الديمقراطي و الماخية الحديثة في بداية الألفية الثا ...
- دحض الماخيين الجدد بحزب النهج الديمقراطي و بناء الحزب الثوري
- الماركسية اللينينية جوهر الدياليكتيك الماركسي
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الخامس عشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الرابع عشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثالث عشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الثاني عشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء الحادي عشر
- الماركسية أم الماركسية اللينينية ؟ الجزء العاشر


المزيد.....




- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...
- النيجر: آلاف المتظاهرين يخرجون إلى شوارع نيامي للمطالبة برحي ...
- تيسير خالد : قرية المغير شاهد على وحشية وبربرية ميليشيات بن ...
- على طريقة البوعزيزي.. وفاة شاب تونسي في القيروان


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - مفهوم الفاشية من منظور أدبيات منظمة إلى الأمام