أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق التميمي - مناكدات بين معلمين ومريد















المزيد.....

مناكدات بين معلمين ومريد


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 09:59
المحور: الادب والفن
    


الاولى:

يتكئان على جوهرة الابداع ويجلسان متجاورين تحت سحابة من الظلال دائما... ينقبان في شوارع مدينتهما عن حصاة اوحجر منقوش عليه تاريخ اسلافهما البصريين وخارطة المواقع المزالة بقهر تحولات الطبيعة وقوة السلاطين..
ناسكان يتجولان في معبدهما للعثور على واقعة منسية تصلح أن تكون نواة لقصة او حكاية مروية تؤسس الجمال علنا وتلعن القبح والشر تلميحا وضمنا لا تستفزهما الانباء العاجلة ولا يكترثان كثيرا بتبدل الحكومات والزعماء بقدر ما يعنيهما تحولات المقهى وتبدل ازياء الناس وفناء الاسواق القديمة.
ينفلتان على الدوام من المسارات المعدة سلفا وبمكر للايقاع بعمال الفن وصناع الجمال وجنرالات الحروف المتوهجة.... فينسلون دون ضجيج من حفلات الهتاف الجماعي والتحشيد التعبوي الى ظلالهم المفضلة ومناظيرهم الخاصة بهم ومن هناك يعزفون ايقاعاتهم المنفلتة عن تلك المسارات القهرية والاجبارية والترويضية ليصنعوا مجد الفنان وبريقه الذي لن يزول وكلماته المضمخة برائحة البحر ورفرفة النوارس وعنابر الموانئ وتاريخ هياكل السفن الصدئة والسفن الغاطسة نعوشا للبحارة والشعراء والعشاق العابرين من هلاك الحروب الى مملكة السعادة المفقودة.
المريد يسعى ان يتعلم منهما صنعة الصمت والتأمل حتى في الاوقات العصيبة وزمن اباحة الكلام وفرصة الانفلات من المعامل الدعائية ولكنهما يفضلان مواصلة العزف على الايقاع نفسه ايقاع النبوءة وايقاع الاستشراف وأيقاع الرمز وأيقاع التمويه احيانا والاستعارة والمجازات المموهة لتجنب الفخاخ المنصوبة من قبل الاخرين وعبورهما سالمين قدر الامكان لمدينتهما ومحراب القصة الذي ينتظرهما هناك حيث الافياء الاسطورية والظلال الوارفة وفينيق الانبعاث المتجدد للانسان الذي يكابرلوحده ليخطف المجد والبقاء رغم ضراوة القهر والاستلاب وتوالي النكبات.
فيسيران معا في رحلة الاستكشاف ويعبران البحر سوية ويرابطان عند بقايا المدينة القديمة ليعدا نوائبها وما ينتظرها من ايام غامضة في واقعة او مروية قد يمهلما بقايا العمر من انجازها او لايمهلهما الامل الذي يكفيهما مجدا وزهوا ما سيتركاه في قلب فتى مشاغب ومريد مشاكس يبدأ من نهايات سيرتهما الابداعية حصرا بعدما يطرح من تقاويمهما بقع السواد للخيبات المرة والهزائم الاجبارية والسطور الشاغرة في مساحات البوح المحذور ليكمل ما بدأه المعلمان سيمضيان معا او فرادى لقصة الموت الحتمي ولكنهما كما يقول المريد-المعلم:
هما اسمان لايمحيان واشياء لا تزول
وهذا ينطبق على المريد والمعلم معا.


الثانية:
يبحث المريد عن معلميه ويطارد ظلالهما القادمة من اقصى الجنوب من سخونته المبكرة واضطرابه الدائم وتحولاته العنيفة ويقبض عليهم متلبسين بالصمت والتأمل كعادتهما والصمت هو تقاعد المعلمين والمدرسين حينما يستبدلون مهنتهم بمهنة اخرى تقتنص الجمال وتسرق النار المخبوءة في سرة المكان البصري بعد التعليم ورسالته وهمومه ومناكداته تأتي القصة خيارا طوعيا وموقفا ابديا امام اضطراب الحياة وتحولات السياسة ونفاق طلابها واحيانا تأتي القصة درعا للوقاية من القسوة والقسر والفضاضة الجماهيرية عادة ما يتجاورون في مقاعدهم واسرة نومهم في الرحلات الداخلية والخارجية في مفارقة ضمن الصداقة والحميمية والتماس لتجربتهما الابداعية نفسها ولان ما يكتبانه يسبق الازمنةويسمو على تفاهات الامكنة فيصبحان دائما هم سادة للزمان العابر والمكان الممهور بالاضواء والمذيعين ولاقطات الفضائيات ولكنهم لايرغبون في هذا الضجيج ولايقتربان منه لدرجة التحاشي والاختباء

الثالثة:
في واحدة من تلك الانزواءات يطالبهم المريد المحب بما لا يطيقون، يطالبهم بالخروج من الايقاع الخاص بهم يسألهم بأستفزاز عن جدوى التجربة الابداعية في ظل موت الانسان وخراب الامكنة وتشويه بريق التاريخ ورونقه وبهائه.
يسعى لانتهاك صمتهما لبلوغ ذروة سر التجربة او لعله يعثر في ذلك الانتهاك عن حكمة لم يقلها المعلمان في اوراقهما المنشورة عن حكمة مطمورة بعذاب السنوات وخميرة الحياة... لعله يعثر عن توهج في الروح التي يعذبها قلق الاسئلة وعقم الاجابات الجاهزة لا يتردد المريد بهده الفواصل المتكونة من العمر وجوهرة الابداع ومهارة الصنعة الجمالية ليسألهما.
هل من الممكن ان يتجول المبدع في ازقة متسخة ومدينة منهارة ونخلة محترقة ويستمع لانات الناس وابطال القاع المسحوق دون ان يشعرا المعلم بعذاب الضمير ومسؤولية الترميم لهذا الخراب؟
هل يتحمل المبدع مسؤولية الاغتصاب الوحشي للمدينة وافول يوميات مجدها وانطفاء نهارات سعادتها هل ينفع الايقاع والتشبث به الانقاذ خرائب الاطلال المندرسة في بقايا ميناء تثقب سقائف مستودعاته رصاص الحروب وهياكل السفن الغاطسة في المياه الاسنة هل لا يملك المبدع حق الاحتجاج على زمن يتعاقب على قصص الموت وحكايات اللصوصية؟
هل يستبدل الايقاع الذاتي انغامه بالبكاءعلى أطلال حدائق الاندلس و وانطفاءغابات الاثل الاسطورية ؟
وبعد عناء الاسئلة وبعد ترادف الاستفزات المتواصلة وانتظار الاجوبة لا لا يتلقى المريد من معلميه الا امتدادا جديدا لصمتهما ونغمات متكررة من ايقاعهما ويتناهى لسمعه رنين الانفلات المستمر من مسارات الجريدة والسلطان والمسؤول الجديد والثرثرة العابرة والاستضافات القهرية لدوائر الامن وقصور النهايات الاخيرة لن يجد في كلامهما المباح الا الهروب المتواصل من ايوانات الامراء الى جيوب الفقراء والبحارة المثقوبة يتطابقان في الرؤية والقول والموقف فيقولان معا:
ما نكتبه وما سنكتبه هو صناعة للجمال لاعلاقة له بمستجدات الاحداث والعاجل من الانباء مروياتنا قصص للاجيال القادمة لاكتشاف شفراتها المطمورة باكسير الفن وصنعة الجمال نحن مبرئان تماما مما لحق المدينة من خراب فترانا لانطمح بالاتكاء على المقاعد الامامية من المشهد الراهن ولانستضل الا بفئ شجرة بصرية تحمينا من شرور الحاكم وحماقات المحكوم.
لا نطمع بنصيب من المجد الا ما تتركه مروياتنا في ذاكرة ابناء مدينتنا، لنا لغتهم ولنا لغتنا، لهم اصواتهم ولنا اصواتنا لنا قاماتنا ولهم قاماتهم، لنا ايقاعنا ولهم ايقاعهم، لنا رهاننا على الجمال وصدق الكلمة والايمان بالمستقبل والانسان ولهم رهانهم على غير ذلك.
هذا هو سر صمتهما.. هذا هو سر الانفلات من المسارات السابقة والمسارات التي ستأتي لاحقا.



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناصرية الشجرة الطيبة
- هوامش عراقية على المدى
- مراث لااصدقائي الاحياء وأولهم نصيف فلك
- انهم الحمراصدقائي الشيوعيين...يستفزون الارهاب بكرنفالاتهم
- الصعاليك الشعراء يغادرون لعالمهم الاخر...واخرهم كزار
- هل تصلح المذكرات ما افسدته الحكومات
- اشكالية المعرفة الشاملة والاستبداد الشعري
- بلاغة اسكات قناة الفيحاء العراقية
- حوار مع عزالدين باقسري الباحث في الديانة الايزيدية
- ماذا يعني حضور وزير الثقافة العراقي لمؤتمر اعلامي ؟
- النجيبان المصري والعراقي
- سؤال بحجم كارثة جسر الائمة
- تسامح ام تصالح في فضاء الثقافة العراقية الجديدة؟
- حوار مع رئيس اتحاد ادباء اربيل
- السطو الانترنيتي في صحافتنا الثقافية ...لماذا؟
- هل نقيض هوانا البغدادي باشباح ملثمين؟
- الشباب الكوردي ومحنة العربية الملغاة
- اعتذار متاخر للشاعر الصائغ عما بدر منهم
- مدراك وازمة المجتمع المدني الثقافي في العراق
- عهد الزعيم عهد للثقافة اللبرالية


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق التميمي - مناكدات بين معلمين ومريد