إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1934 - 2007 / 6 / 2 - 11:19
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
هل مشروع الحكم الذاتي سيشكل فرصة للبعض سيسعون لاستغلالها؟
الداعي إلى هذا التساؤل هو أن بعض الأمازيغ رفعوا في مسيرة فاتح ماي الأخير بالناظور لافتة كتب عليها "الحركة الثقافية الأمازيغية بشمال المغرب تطالب بالحكم الذاتي بالريف.." وهي المرة الأولى التي تظهر فيها لافتة من هذا النوع في مسيرة جماهيرية، علما أن مطلب الحكم الذاتي برز لأول مرة سنة 2002 ضمن بيان صادر عن الكونغريس العالمي الأمازيغي.
كما أنه في بداية عهد الملك محمد السادس حاول "خوسي ماريا أزنار" تأليب الأمازيغيين على النظام الملكي كرد فعل على عدم قبول المغرب تجديد اتفاقية الصيد البحري.
إذا كان من الأكيد ارتباط هذا المطلب بنهج التعاطي مع ملف الصحراء، فإنه يبدو أن حمى الحكم الذاتي انتقلت إلى الريف، وقد تأكد هذا الواقع في عيد الشغل الأخير، حيث أن جملة من الأصوات طالبت علانية في المسيرة بتمتيع الريف بالحكم الذاتي، كما تم رفع العلم الأمازيغي في أكثر من تظاهرة ولقاء، وبدأت بعض جمعيات الريف المتحمسة لمطلب الحكم الذاتي بالريف تعمل على أن يشمل مطلبها هذا حركات أمازيغية خارج الريف، خاصة بمنطقة سوس وقد أثار هذا المطلب صراعا حادا بين جملة من فعاليات التجمع المدني، لاسيما بين جمعيات موالية لاسبانيا وأخرى موالية للرباط.
وإذا كان المتطرفون بهذا الخصوص يطالبون بالحكم الذاتي بالريف صراحة وبدون أي شرط، فإن المعتدلين وإن كانوا لا يعارضون هذا المطلب، فإنهم يرون أن هناك عدة أسباب لن ولم تسمح بتطبيقه، منها فقر البنيات التحتية وقوة نفوذ مافيات المخدرات والتهريب، علما أن الملك الراحل الحسن الثاني سبق وأن صرح بأنه يتمنى أن يسير المغرب على منوال ألمانيا الفيدرالية، وكان يستحسن كثيرا تجربة "البادير" بها، أي مناطق متمتعة باستقلال ذاتي.
ومن الأسباب التي ساهمت في الترويج لأطروحة الحكم الذاتي بالريف، كونه منطقة حكم عليها بالتهميش والإقصاء من دائرة السياسات التنموية المعتمدة، على علتها، على امتداد عهد الملك الراحل الحسن الثاني، لكن منطقة الريف لازالت تفتقر لأدنى شروط الاعتماد على النفس بفعل غياب البنيات الاقتصادية والاجتماعية الحيوية، ومنبع دخلها حاليا هو عائدات الأبناك، علما أن الأموال المودعة بها مصدرها الأساسي هو التهريب العالمي للمخدرات وباروناتها ومافيا العقار المتحالفة معهم.
ويرى أصحاب أطروحة الحكم الذاتي بالريف أن المعطيات والمؤشرات المتراكمة إلى حد الآن تفيد أن تاريخ المنطقة ظل مطبوعا بتضييع الفرص، لذا يرون في مطلبهم أنه ينطوي على إمكانية بالغة الأهمية لتفعيل وعي جهوي في اتجاه يشرعن أكثر من أي وقت مضى للتطلعات في المطالب للتمتع بحكم ذاتي، ولا يخفي هؤلاء قلقهم بخصوص لوبيات الفساد ومافيات الانتخابات والمخدرات التي تستعد منذ الآن لإعادة إنتاج تمثيلية يصفونها بالبائسة، نجاح أناس لا يهمهم إلا الفوز بالحصانة البرلمانية.
ويحاول أصحاب أطروحة الحكم الذاتي أن يستمدوا شرعيتها "التاريخية" من جمهورية الريف وانتفاضة 1958 ـ 1959، علما أن حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي لم ينخطر فيها الريفيون فقط، وإنما وصل صداها إلى مشارف مدينة فاس، كما أن نشيدها الوطني كان عربيا خالصا أبدعه الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان.
فإلى أين نحن سائرون؟
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟