أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كفاح محمود كريم - ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 4_4














المزيد.....

( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 4_4


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 05:59
المحور: حقوق الانسان
    


إن ضحايا الأنفال الحقيقيين ليسوا أولئك الذين هامت أرواحهم الطاهرة في صحاري نكرة السلمان أو النجف أو كربلاء أو الحضر فقط، بل تلك الآلاف المؤلفة من الكورد في بغداد والكوت والعمارة والفرات الأوسط ممن عُرفوا بالتبعية الإيرانية والكورد الفيليين الذين تم تصفيتهم بالكامل وتغييبهم منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، إضافة إلى آلاف البارزانيين وكورد غرب دجلة في كل من سنجار وزمار وتلعفر من المسلمين والايزيديين الذين تم تهجيرهم واعتقالهم في مجمعات قسرية بائسة أو إصدار قرار من مجلس قيادة الثورة في منتصف السبعينات باعتبارهم من القومية العربية هم وآلاف الكورد من سكان الموصل وغيرها.
إن ضحايا الأنفال تجاوزوا المليون إنسان تم تصفيته بتلك الأساليب البربرية المتوحشة منذ شباط 1963 ولغاية نيسان 2003 إضافة إلى عمليات الصهر القومي المخزية التي تدنت إلى مستويات منع الأسماء الكوردية من التسجيل أو الحصول على الوثائق الرسمية، كما حصل في ما سمي بقرار تغيير القومية في كل من الموصل وكركوك ومدنهما وبلداتهما، إضافة إلى تهجير مئات الآلاف من الكورد وترحيلهم وإجبارهم إلى مغادرة البلاد إلى أوروبا وأمريكا ودول الجوار.
وبذلك لم تعد هذه الجرائم قضية كوردية يتذكرها الكوردستانيون لوحدهم كل عام يمر، بل هي حدث عالمي وملك للبشرية اجمع، لأنها كانت بحق النوع الإنساني من وحوش بشرية لا تمتلك مقومات الإنسان السوي في فكره وسلوكه وأخلاقه. ولكي لا تتكرر مثل هذه المأساة والجرائم الهمجية بحق الإنسانية في أي مكان آخر من كوكبنا وضد أي مجموعة عرقية أو قومية أو دينية، ولأن الكثير من الذين اقترفوا تلك الجرائم والمآسي ما زالوا طلقاء وربما في مواقع التأثير في القرار أو التوجيه، ولأن الساكتين والمؤيدين والمدافعين عنها مازالوا لحد الآن على مواقفهم من تلك البربرية الهمجية، علينا أن نحولها إلى قضية عالمية لتشترك كل الحكومات والشعوب الديمقراطية والمتحضرة في تنبيه العالم إلى خطورة وجرائم هذا النهج البدائي والهمجي في التعامل بين البشر. وأن نبدأ هنا في العراق، سواء في بغداد أو في إقليم كوردستان وبقية محافظات واقاليم العراق الأخرى، بإنشاء مراكز متخصصة للبحث والدراسة في عمليات الأنفال بشكلها الواسع منذ شباط 1963 ولغاية نيسان 2003، ووضع آلية لكشف أسرار تلك العمليات والبحث عن مئات أو ربما آلاف المجرمين الذين اقترفوا تلك الجرائم واخفوا الآلاف من النساء والأطفال ممن لم يقتلوا، وتاهوا أو غُيبوا بين القرى و العشائر في أقاصي العراق خارج كوردستان.
علينا أن ننطلق وفق رؤيا علمية متحضرة وطريقة أكاديمية متقدمة للبحث عن آلاف الأسرار والقضايا التي لم تكشف لحد الآن لما يزيد على مليون من ضحايا الأنفال منذ أكثر من أربعين عاما وعلى كافة الأصعدة والمستويات الرسمية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني. إنها عملية في غاية الأهمية والضرورة، فإذا كانت حقب الزمن السحيق من تاريخ الكورد وكوردستان قد غيبته الأديان والانصهار في أممية مبكرة عاشها الكورد وكانوا عناوين الإيثار فخسروا فرصتهم المبكرة في إنشاء كيانهم ودولتهم أسوة بشعوب المنطقة، فالأجيال المعاصرة والقادمة لن ترحمنا إذا لم نعط إجابات وافية لكل ما جرى في أنفال القرن الماضي، إنها وثيقتنا إلى المستقبل، وشهادة تخرجنا من عالم الاستعمار إلى الحرية والاستقلال.
إن ما قدمه الكورد من قرابين في التاريخ المعاصر على مذبح الحرية والدفاع عن القيم الإنسانية العليا لا يضاهيه تضحية في كل الأرض وشعوبها قياسا لضروفه وعدد سكانه وقسوة تلك الهجمة البربرية عليه وما أنتجته من سمو في أخلاقياته ونبل في تصرفه بعيدا حتى عن نوازع الانتقام أو الثأر أو حتى التشفي بانكسار أعدائه، إذ طالما أعطى البشرية أروع الدروس بالتعامل حتى مع الأعداء، ففي أوائل عقد التسعينات من القرن الماضي وحينما كانت هناك فرصة للسلام مع من احرقوا كوردستان وقتلوا أكثر من مليون من سكانها، ترك البيشمه ركه السلاح جانبا وجرحاهم ما زالوا في المستشفيات ليحاولوا شق طريق إلى السلام، لأنهم لم يكونوا يحاربوا من اجل الحرب، وليست في أجندتهم منظومات للانتقام أو مركبات للنقص فهم فرسان للشمس ودعاة للمثل العليا، وفعلا ذهبوا إلى العدو وباشروا مفاوضاتهم رغم معرفتهم بان العدو لم يتغير في تركيبته الفكرية ومعالجاته للقضية الكوردية، إلا إنها دعوة للسلام ربما تحقق تقدما معين. وتعطي العدو درسا متحضرا في التعاطي مع الشعب الكوردستاني بعيدا عن عقد الحروب وإرهاصاتها.
إن الأنفال وجرائمها عبر أربعة عقود، تمثل تراجيديا الاندفاع الكوردي باتجاه الحياة الحرة الكريمة، وهي صفحات مهمة وخطيرة من تاريخنا المعاصر، علينا أن نوثق ونكشف كل أسرارها الآن وفي المستقبل، لا لكونها قضية كوردية بل لأنها أصبحت عنوانا ورمزا لإصرار الشعوب على الحياة ومقارعتها لأعتى دكتاتوريات العصر وأكثرها انحدارا وانحطاطا، وهي بالتالي صفحة من صفحات المأساة البشرية وإصرار الإنسان على الحياة برغم كل الضروف، وان الشعوب لا تفنى ولا تستبدل مهما بلغت قسوة الآخرين وهمجيتهم.
وإذا كانت الأنفال تسجل تاريخا مشرفا للكورد وكوردستان فهي قد سجلت عارا ما بعده عار عبر التاريخ لاؤلئك الذين تصوروا أنهم سيقضون بأسلحتهم الكيماوية ومقابرهم الجماعية على شعب تمتد جذوره في أعماق التاريخ وترتفع هامات رجاله البيشمه ركه الذين يستبقون الموت في صناعة الحياة، حقا كانت مأساة كبيرة وعظيمة قدمت فيها كوردستان قرابين الحرية والكرامة بما يجعلها تتباهى بين الأمم بتاريخها المجيد في المقاومة والإصرار على الحياة الحرة و الراقية، والاندفاع إلى المستقبل بتراكم عظيم وتاريخ مجيد من أعظم وارقى صفحات مقاومة الشعوب وإصرارها على الحياة والوجود.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 3_4
- عارات الانفال والتاريخ الاسود 2_4
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود !؟ ) 1_4
- ( وما أدراكم مالحيتان ؟ )
- ( ومَن لكم غيرنا إخوة وأصحاب ؟ )
- ( ذاك زرعكم وهذا حصادكم... فهل ستتعضون؟ )
- العراق بين الأزدواجية والنفاق - القسم الرابع
- العراق بين الازدواجية والنفاق - القسم الثالث
- ( العراق بين الأزدواجية والنفاق ) القسم الثاني: من تجارة الر ...
- العراق بين الازدواجية والنفاق
- ( المرأة بين الخطيئة والفضيلة )
- ( لا تقتلوا الرئيس... هذه المرة !؟ )
- التافهون ... وراية الرذيلة والخطايا
- ( ثلاثية الأنتقام: التأميم والسُم الأسود والسحت الحرام ) الح ...
- ( ثلاثية الأنتقام: التأميم والسُم الأسود والسحت الحرام ) الح ...
- ثلاثية الأنتقام... التأميم والسم الأسود والسحت الحرام !! - ا ...
- ثلاثية الأنتقام... التأميم والسم الأسود والسحت الحرام !! ( ا ...
- ثلاثية الأنتقام ... التأميم والسم الأسود والسحت الحرام !!
- العراق ... ونافورة الحزن والدماء
- العراق ومدرسة المزايدات


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كفاح محمود كريم - ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 4_4