|
المجد لمن يقلق راحة الغباء
رشيد منيري
الحوار المتمدن-العدد: 1929 - 2007 / 5 / 28 - 10:11
المحور:
الادب والفن
المُفارقُ في الإتهامات التي أطلقها النواب الرجعيون بخصوص العرض الإفتتاحي لمهرجان ربيع الثقافة شهر مارس المنصرم بالبحرين، أنها أصابت شاعرا رقيقا مبتلا بالصدق و الرقة كقاسم حداد، وموسيقيا غنى بلسان ملايين الناس بمصداقية قلما كسبها موسيقي عربي مثل مارسيل خليفة. وبالمقابل يثير الإنتباه كم أحسنوا اختيار الهدف لما كانوا يستهدفون الحرية و الحب و الإبداع الإنساني، فالشاعر و الموسيقي هما حقا صوتان لكل ذلك. أجدني ميالا أحيانا للبحث عن أعذار للأغبياء. و يكفي هنا أن نتصور حجم الكارثة في أن يكون المرء برلمانيا عربيا و ظلاميا رجعيا في نفس الوقت. أكيد أنه سيفكر في إدانة الحب لأنه لا يُدركه، و الحرية لأنه يخافها ، و الإبداع لأنه لا يفهمه. الرجعي كائن مرعوب؛ يخشى أن يحب في الطريق إلى المسجد، أو أن تستفرد به فكرة بين آيتين ، يخشى أن تحِب ابنته أو ترقص زوجته. و لديه قوالب جاهزة لكل شيء، يخاف عليها كما يخاف على شرف بنات العائلة، و هو يعيب على الماء نفسه أن يسيح خارج قوالبه. خليفة و حداد يدافعان عن الحياة و يعملان لتستمر أرواحنا جميلة وعاشقة، كما الماء يعمل طول الوقت لتنبُت الأزهار و تتشابك خصلات الشعر وينوجد الخرير.. و هما ضروريان لعالمنا العربي الذي عاد مرعبا بما يعانيه من قحط روحي. ننصت إليهما بجوارح مفتوحة و ذلك ما لا يستطيع أحد أن يمنعنا منه. و حين يلزم الأمر أشكالا أخرى للفعل نكون جاهزين. إن دفاعنا عن الشاعر و الموسيقي هو دفاع عن الشعر و الموسيقى بما يحملانه من حقائق إنسانية عميقة لا يُدركها إلا ذوو القلوب المشرعة. الرجعية ضد الإبداع، هو خلخلة و هي تأبيد. لذا لا يحاكم في عالمنا العربي إلا الإبداع الحقيقي الذي يخلخل و يمضي نحو الجِدَّة بماض مفتوح على الحاضر و الآتي، فيما تطلق المؤسسة الرسمية العربية عشرات ممن يحسبون أنفسهم على الفن ليعيثوا تشويها في ثراثنا و أرواحنا. "أخلاقهم" تهتز حين يُحمل الحب محمل شعر و موسيقى و رقص، والأصابع التي لم تتصور قط أن الأصابع تعزف أو تكتب الشعر تشرع في القيام بأقصى ما يمكنها أن تبلغه: أن تكون أصابع اتهام. لكننا، من جهتنا الحُرّة، نرى الأصابع التي تقطر شعرا و موسيقى تشير إلى قلوبنا و أجسادنا فنكتشف فينا السماء، و نرى الحب ذائبا في الأزرق والحياة تهب كما ظلت تفعل منذ الأبد. و ننقر مع العصافير التي ماتزال تعنيها السماء قضبان القفص العربي الشاسع، بنظرة تلامس الأفق، وبإيمان مطلق بالحرية. كثيرون نحن، مجانين حرية و حب و جمال. نريد دائما من يذكروننا بإنسانيتنا حين يفتك بنا العصر، وبأجسادنا حين يحاصرنا العهر الرسمي، و بالحب حين لا ينظر إليه بعد أحد. نحب خليفة و حداد لأنهما معنا، واقفان جنبا إلى جنب مع أحلامنا التي تختلف لتقول الحرية. أخلاقنا الحب و الحرية والجمال..و نحن دائما نحميها. نحن نعرف قاسم حداد و مارسيل خليفة الذين اختارا دائما أن يحملا رسالة الإنسان و دفعا ثمن ذلك كلٌّ حسب حظه. و لا نعرف هؤلاء النكرات الذين يخافون الحب و يرعون الغباء. لدينا كثير من النواب البرلمانيين ، و هم من التشابه حتى ليمكن عدهم الرجل نفسه. و لدينا قاسم حداد واحد ومارسيل خليفة واحد، نحبهما ولانقبل أن يُمسا بسوء. المجد لكما، خليفة و حداد، إذ تقلقان راحة الغباء. المجد لكما و انتما تضعان الحب في واجهة الحياة.
#رشيد_منيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكاد أسمعها تعتذر
-
اعتراف
-
ملاح البحرين /زجل
-
الأشياء الأخرى
-
همس النزوة
-
مارسيل خليفة: صوت الحب و الحرية
-
العازف
-
ثلاث ساعات مع يوجيف أتيلا في مقهى فرنسا
-
مقبرة تدور حول الشمس
-
السفينة-شعر
-
الغرفة صباحا-شعر
-
رجل عار.. تماما
-
وطن-شعر
-
وردة واحدة من أجلها../شعر
-
خوف-شعر
-
المهمة......قصة قصيرة
-
رغم أخطاء العزف
-
واحد يكفي
-
حدائق النور لأمين معلوف: حكاية نبي أخطأ الزمن
المزيد.....
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان
...
-
الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل
...
-
فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل
...
-
-سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال
...
-
مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م
...
-
NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
-
لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
-
فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر
...
-
هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|