أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - نهاية عصر الدجل القومي














المزيد.....

نهاية عصر الدجل القومي


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1925 - 2007 / 5 / 24 - 13:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما تزال هناك شخصيات، وأحزاب، وهيئات، وحركات، وفلول شلل باقية متعيشة، ومبعثرة هنا وهناك، تلعلع بخطاب قومجي ناري، برغم تناسل وتوالد الحروب العربية العربية يومياً من المحيط إلى الخليج، وبرغم أن الحروب، والمناوشات، والمهاوشات العربية العربية قد أصبحت حقيقة واقعة تدحض، وبمرارة، كذب ورياء ذاك الخطاب، إذ يبدو أن الحروب العربية العربية الحالية والقادمة هي الأهم والأكثر حسماً، ولها أولوية على ما عداها من أولويات. ولا يكاد يمر يوم إلا ويصحو العربي على اشتعال بؤر جديدة في هذه الأرض اليباب، أو ينام على تباشير اندلاع واحدة أخرى في غير مكان. وبرغم أن آخر مذبحة في حروب التصفيات العربية العربية لم تسفر، وللأسف، سوى عن عشرات القتلى، ومئات الجرحى من النساء والأطفال، فقط، وبكل دم بارد في مخيم نهر البارد، ناهيك عن فرار الألوف من فردوس العروبة الوارف الظلال، وبقاء عشرات الجثث المكشوفة في العراء تنتظر تدخل النسور والعقبان لنقلها للعالم الآخر حيث تنتظرها الملائكة والحور العين الحسان*، فما زال رجل مثل السيد هيكل، وحتى اللحظة، يطرب ويتغنى برومانسية شعرية زائدة يحسده عليها ابن زيدون ونزار، لهمروجة القومية العربية، وتجاربها الفاشلة، والتي افتتح عصرها "الزاهي" رائد القومية العربية جمال عبد الناصر مؤذنا ببدء حقبة الماريشالات العرب التي أشادت صروح التوتاليتاريات العسكرية والبوليسية الجائرة، التي أهلكت الحرث والضرع، وأحرقت الأخضر واليابس، وأذاقت الشعوب المر والشوك الحنظل، بدل أنهار العسل والخمر واللبن التي وُعـِد بها المغفلون والسذج ورعاع الصالونات السياسية المسترزقون والمصفقون لهذا التيار.

إن المذبحة الأخيرة التي ارتكبها الجيش اللبناني "البطل" ضد فتح الإسلام، وأياً تكن اتجاهات هذه الأخيرة الفكرية والعقائدية، تظهر، وبوضوح لا يقبل التأويل والجدل، آخر تجليات أخوة الدم العربي المسفوح على عتبات المصالح والحسابات السياسية، وعلى مدى الشرخ والهوة العميقة، والعدوانية المطلقة التي تكنها هذه الشعوب "العربية" بعضها لبعض. وبالمناسبة فقد قام أحد جنرالات نفس هذا الجيش الأشاوس بتقديم الشاي لجنود الاحتلال الإسرائيلي في أوج حرب لبنان الأخيرة، وآواهم من خوف، بينما كانت طائرات سلاح الجو تقصف البيوت والأهداف المدنية "الشقيقة" في ذات اللحظة، وفي أكثر من مكان، في لبنان.

لقد أظهرت الحروب العربية العربية المتعاقبة، وعلى طول الأرض العربية وعرضها، بأن ما يضمره العرب للعرب من شر وانتقام، هو أكثر عدوانية، وأشد قساوة مما يضمره مثلاً السيخ للهندوس، والتاميل للسيريلانكيين، والهوتو للتوتسي، والهنود الحمر للغزاة الأوروبين، والشيشان للروس، والباسكيين للإسبان. وبأن كل الخطط الاستراتيجية والسياسات القومية الخارجية العربية مصممة وموجهة، في الأساس، ضد العرب أنفسهم وليس ضد أي كان. والدليل على ذلك علاقاتهم المتميزة والطيبة مع جميع دول العالم، بما فيها إسرائيل، فيما يشوب التوتر والحرن والحرد والحذر والشك والتوجس والارتياب علاقاتهم العربية الثنائية. وتظهر مثلاً، آخر فضيحة قومية تهدر اليوم في أرجاء "الوطن العربي الكبير" المعنى الحقيقي لهذه المشاعر القومية، والتي تجلت برفض الرئيس المؤمن محمد حسني مبارك لإقامة جسر يربط المملكة الوهابية بمصر لـ"دواع" أمنية، وعلى خلفية خوف من استشراء وتصدير المد الوهابي، وتعكير صفو السياح اليهود والنصارى، وهو الأهم من رؤية مناظر السلفيين والوهابيين، في شرم الشيخ مثلاً، والحفاظ على أمن إسرائيل بنفس الوقت. فيما يبقى أمر جسر البحرين – قطر معلقاً لأجل غير مسمى، وحبراً على ورق بالرغم من تلك الاحتفاليات المهرجانية المدوية التي رافقت بروتوكولات التوقيع عليه والتي تحدثت عن أخوة "الدم العربي"، ناهيك عن عشرات المشاريع العربية والوحدوية الأخرى المتعثرة والمؤجلة هنا وهناك والتي تحولت لفضائح مجلجلة تثب استحالة تحقيق ولو جزء يسير من هذا المشروع الوهمي الضبابي، إذ ما تزال الحدود العربية العربية مقفلة أمام "المواطنين العرب"، ومفتوحة على مصراعيها لبقية القوميات الأخرى.

ولنعترف بادئ ذي بدء، أن فكرة القومية بشكل عام، وليست العربية منها استثناء، هي عملية تأطير وقولبة لمجمل المشاعر العصبية لقوم ما، والتي أشار إليها ابن خلدون. وهي بهذا المفهوم إعادة إنتاج وبشكل معمم وأكثر أدلجة لتلك العصبيات القبلية، والعشائرية، والعرقية، وحتى الدينية، منها. (في بعض الأحيان تتماهى أحياناً القومية مع الدين في الكثير من الخطوط العريضة والمضامين العامة). وتقوم فكرة القومية بمجملها، وبالمحصلة، على نزعة فاشية متأصلة تعمل على تميـّز ما لقوم بعينهم، لا يكاد يخلو من عنصرية، أحياناً، على بقية الشعوب والأقوام وتفردهم عن باقي الخليقة بسمات لا يمتلكها سواهم من الناس. وتتجلى سذاجة الطرح وسطحيته، هنا، بأن هذه القومية العربية هي الحل الأمثل والسحري لأكوام المشاكل والملفات العالقة والتي تكتظ بها أمتنا المجيدة من أمية، وجهل، وتخلف، وبطالة، وإسكان، وفقر، وكوارث ومجاعات.....إلخ.

لقد انتهى عصر الدجل القومي وذهب معه كل هذا الخطاب الآسن الأفاك ويأتي بعد ذلك كله من يحاول أن يسوق ذاك الخطاب. ولقد آن الأوان للحديث عن عوامل، ومصالح، ومشتركات تجمع بين هذه الشعوب والناس وتوحدهم. وعلى القوميين، وحفظاً لماء الوجه، أن يغيروا من هذا الخطاب بعد أن بارت تجارتهم، وكسدت بضاعتهم، وانفضحت نواياهم. وصار من الواجب، والأجدى لهم، ولغيرهم، أن يبحثوا لهم عن "شغلة"، وعمل آخر غير هذا العمل الذي يبدو أنه لم يعد أحد يصدقه، أو يعول عليه ولو بقشرة بصلة، أو حتى بقرش "مصدي"، بعد الآن.
* لا يوجد حتى اللحظة إحصائية دقيقة، ومحصلة نهائية عن عدد القتلى والجرحى في المواجهات الأخيرة لذا اقتضى التنوي



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يستهدفوننا؟
- أمة إرضع !!!
- مبروك لإسرائيل
- لا حياء في السياسة
- خرافة الدولة الدينية
- لا لتركيا الإسلامية
- شكراً فينو غراد
- من يشتري الهوية العربية؟
- حوار مع آفاق
- لماذا لا يكرهوننا؟
- هل العولمة شريرة؟
- هل كانت الأديان ضرورية؟
- الاتجاه المعاكس
- وزير تربية سوري بحاجة لتربية!!!
- توضيح حول مؤتمر زيوريخ
- أنظمة الاستبداد: من يزرع الرياح الأصولية يحصد العواصف الإرها ...
- حوار مع أصولي
- حذارِ من الضحك والابتسام !!!
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح - 2
- أقليات الشرق الأوسط بين الواقع والطموح 1


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - نهاية عصر الدجل القومي