أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد بن سعيد الفطيسي - الذين يكتبون السلام بأقلام الرصاص















المزيد.....

الذين يكتبون السلام بأقلام الرصاص


محمد بن سعيد الفطيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1924 - 2007 / 5 / 23 - 11:54
المحور: القضية الفلسطينية
    


في كل مرة تشعر فيها إسرائيل بأن العالم قد بدأ يقترب كثيرا من بعض الحقائق المرة والمخيفة ، التي تعمل على تحقيقها على أرض فلسطين , وتسعى إلى فرضها بالأمر الواقع وقوة النار والسلاح على الشعب المسلم العربي الأعزل , إلا وتسارع إلى تزييف الحقائق وقلب الصور وتشويه مسارات الخارطة الحقيقية لتاريخ شعب بأكمله , وما أن تتأكد بأن المجتمع الدولي مهتم بقضية دولية أخرى في مكان ما من العالم , إلا وتغافله , بل تستغفله لتبدأ بلعبة جديدة في الظلام الدامس الذي تعودت على العيش فيه , فتحاول من خلالها إكمال قصة العدوان الظالم على الأرض والإنسان , وإكمال كتابة الامتداد الحقيقي لرؤيتها الدموية إلى السلام في الشرق الأوسط بشكل عام , وعلى أرض فلسطين بوجه خاص.
ومن رواية إلى أخرى , تمتد الأكاذيب والألاعيب كسلسلة طويلة جدا , تبدأ من عمق تاريخهم الدموي الأسود الذي كللته أيادي الإجرام بقتل الرسل والأنبياء والإفساد في الأرض بكل الطرق والوسائل , كما يشير إلى ذلك الخبير بهم والعالم بسرائرهم وإسرارهم في القرآن الكريم , فيقول الحق عز وجل ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا , والله لا يحب المفسدين ) , لتمتد إلى حاضر لا يقل سوداوية ودموية ومرارة , ولا أقل إفسادا في الأرض , وانتهاكا لحرمة النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق , ومحاولات فرض سياسة الأمر الواقع على شعب عربي مسلم بنفس الصورة الإجرامية والمأساوية , وانتهاك لكل ما يمكن أن تصل إليه أيديهم الملوثة بدماء الضحايا الأبرياء في هذا الوطن المسلم العربي .
والواقع الراهن في فلسطين دليل واضح على ما أشرنا إليه , من امتداد الانتهاكات التي لا تحدها حدود بمكان أو زمان لكيان غاصب لا يعرف للرحمة طريقا أو منفذا , وخرقا واضحا لكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية والأخلاق الإنسانية والفطرية , فبداية من محاولات طمس الوجود التاريخي بشكل غير مسبوق لشعب بأكمله , وكأنه لم يكن موجودا على تراب هذه الأرض في يوم من الأيام , كما أشارت إلى ذلك رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير, حيث قالت بأنه :" ليس هناك شعب فلسطيني , ولم يكن الأمر أننا جئنا وأخرجناهم من الديار, واغتصبنا أرضهم , فلا وجود لهم أصلا " , وعمل على ذلك الأساس الأيديولوجي العديد من القادة والزعامات الإسرائيلية المتوالية , ولازال بعضها على تلك الرؤية التاريخية إلى يومنا هذا , وإن أظهروا لنا عكس ذلك .. إلى محاولات إلغاء حق الشعب الفلسطيني , والعمل على تهجيره وترحيله بالقمع والإرهاب وقوة النار والسلاح , بل في حقيقة الأمر أن هناك رؤية تاريخية سياسية صهيونية طالما سعى الساسة في هذا الكيان إلى تلميعها وإخفائها عن العالم بأسره , وهي حقيقة تزيد من صعوبة التعايش والجوار , بل تدل على استحالة بقاء الجاني بقرب الضحية , والغاصب مع صاحب الأرض , وذلك على عكس ما يشيرون إليه من رغبتهم في مبادلة الأرض بالسلام , وسعيهم إلى تحقيقه على أرض الواقع في فلسطين , وهذه الحقيقة الغائبة دائما هي قضية سياسية تاريخية قد أثيرت بشكل واضح في العديد من المحافل الصهيونية الدولية المغلقة , وأعادها إلى الأذهان الكثير من كتابهم السياسيين ومؤسسي تاريخهم السياسي الحديث بين الحين والآخر .
فعلى سبيل المثال وفي مقالة منشورة في الصحيفة الإسرائيلية الصهيونية " يديعوت احرونوت " بتاريخ 14 / يوليو / 1972 م , أشار احد ابرز كتابهم السياسيين في ذلك الوقت وهو " يورام بن بورات " إلى تلك الحقيقة, فيقول بأنه" يجب على المسئولين الإسرائيليين أن يوضحوا للرأي العام , بكل صراحة وقوة , عددا من الحقائق التي تنشأ بمرور الأيام , وفي مقدمتها أنه لا وجود للصهيونية او الاستيطان او الدولة اليهودية دون تهجير العرب ومصادرة أراضيهم".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد من الانتهاكات السافرة للحقوق التاريخية والسيادية لشعب مسلم بأكمله , بل امتدت أيادي الطغيان والظلم إلى ابعد من ذلك , فوصلت إلى انتهاك أبسط حقوق الإنسان في الحياة , وهو حق الحياة نفسه , والذي ضمنته له كل الشرائع السماوية والقوانين الأرضية , فاعتدت أيادي الطغيان الإسرائيلي على هذا الحق من خلال عشرات المجازر الدموية , والتي امتدت على مدى تاريخ وجودهم الظالم على هذه الأرض الإسلامية العربية , فبداية من أقدم مجازرهم التي تلت ظهورهم إلى الوجود بقرار ظالم من منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر 1947م , وذلك بتاريخ 1 / 1 / 1948 م بقرية بلد الشيخ وحواسة واللتين تقعان جنوب شرق مدينة حيفا , والتي قتل فيها جميع السكان بدون استثناء , إلى دير ياسين وعيلبون وصبرا وشاتيلا وقانا , ومذبحة المسجد الأقصى التي مثلت أصدق مثال على إجرام ودموية وجبن تلك الزمر الحاقدة وكان ذلك في الثامن من أكتوبر من عام 1990، وذلك على إثر( محاولة متطرفين يهود وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في ساحة الحرم حيث هب أهالي القدس لمنعهم من ذلك دفاعا عن المسجد الأقصى المبارك،).
لتمتد سلسلة الجرائم الإسرائيلية إلى أبعد من الاعتداء على الإنسان وعرضه وشرفه , لتصل إلى أطهر الأماكن وأقدسها على وجه الأرض ـ ونقصد ـ المسجد الأقصى نفسه , وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين , وذلك من خلال أعمال الهدم والدمار التي تقوم بها حكومة الكيان الإسرائيلي هذه الأيام , وعلى وجه التحديد تجريف التل الصغير الواقع عند باب المغاربة أحد أبواب البلدة القديمة والمؤدية إلى الحرم القدسي وإلى حائط البراق ، وذلك لأهداف سياسية وتاريخية يدركها العالم بأسره والصهاينة على وجه الخصوص , وأولها محاولات تغيير وتهويد المعالم التاريخية والإسلامية لهذا المكان المقدس , رغم إدراك حكومة الكيان الصهيوني الإسرائيلي فظاعة هذه الجريمة من الناحيتين القانونية والأخلاقية.
وختاما ومن خلال استقراء تاريخ إسرائيل الحديث والقديم , وبالمرور على أهم المراحل التاريخية السياسية لهذا الكيان الدموي الغاصب في فلسطين , وما يقوم به من اعتداءات وانتهاكات متواصلة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل , وبطرق وحشية ودموية غير مسبوقة , وامتداد تلك الاعتداءات على عدد من الدول العربية الأخرى كلبنان وسوريا , وذلك منذ ظهور هذا الكيان الوحشي إلى الوجود ، ورجوعا إلى أبرز كتابهم ومؤرخيهم التاريخيين والسياسيين القدامى والمعاصرين , والذين وضعوا حجر الأساس الأيديولوجي والتاريخي لرؤية هذا الكيان إلى الآخر , والى السلام في هذه المنطقة على وجه الخصوص , فإننا نود أن نشير إلى أهم واخطر الحقائق والاستنتاجات التي لا مفر من طرحها , والتي كان لابد أن ندركها منذ اليوم الأول الذي حاولنا فيه التقارب مع هذا الكيان الغاصب , وذلك من خلال العديد من الاتفاقيات والمعاهدات وغيرها , وقد أثبتتها لنا الأيام وواقع الحال اليومي لتعامل هذا الكيان مع الشعب العربي المسلم في فلسطين , من خلال تلك الانتهاكات المستمرة والمتواصلة لمقدراته وثرواته , ومن خلال الجرائم المتسلسلة والقمع والعنف اللامتناهي .
والحقيقة السياسية والتاريخية الأخطر والأبرز, والتي يتعامل بها الإسرائيليون دائما في جميع أطروحاتهم المستقبلية للسلام في الشرق الأوسط بشكل عام , ومع الفلسطينيين على وجه التحديد , وستظل القاعدة التي لا يمكن أن تغيب مطلقا عن واقع هذا الكيان , وهي رفضهم للسلام , واختيارهم للعنف والقوة كبديل لتحقيق أهدافهم , وكوسيلة للابتزاز والحصول على أكبر قدر من التنازلات السياسية والسيادية في هذه المنطقة , واللجوء إلى الإكراه والقمع والإرهاب لتحقيق تلك الغايات , وعليه فإن تلك الرؤية السياسية التي تعتمد على القوة العسكرية هي رؤية تاريخية متجذرة في أسلوب تعاملهم لحل قضاياهم المعقدة , وخصوصا تلك التي يعلمون بأنها خاسرة من الأصل , وعلى رأسها قضية استيطان الأرض الفلسطينية العربية واحتلالها , والسلام مع العرب والفلسطينيين , وعليه فان هذه الرؤية لن تتغير بسهولة ومهما كانت محاولات التقارب والتعايش مع هذا الكيان الذي لا يؤمن بالسلام في حقيقة الأمر.
ويشير إلى هذه الحقيقة كذلك و بكل صراحة وتجرد , احد ابرز المؤرخين والدارسين لتاريخ الصهيونية الحديث , وبشكل لا يترك مجال للشك في ذلك , وهو الكاتب دافيد هرست في كتابه البندقية وغصن الزيتون فيقول واصفا ثيودور هرتزل وهو المؤسس الحقيقي للصهيونية الحديثة , وواضع حجر الأساس للقاعدة الأيديولوجية الصهيونية المستقبلية للسلام في هذه المنطقة , والعالم بشكل عام , "بان نبي الصهيونية قد أدرك بأنه لا مفر من الإكراه والقوة الجسدية , وانه على الصهاينة أن
يحصلوا على هذه الأرض التي اختاروها بقوة السلاح

كاتب وباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
سلطنة عمان



#محمد_بن_سعيد_الفطيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإمبراطورية الأمريكية واستراتيجية السيطرة على النفط الاسيوي
- مطاردة الظلال وفكرة صناعة الأعداء
- القوة الاميريكية ووهم السيطرة على العالم
- الشعب الفلسطيني والسلاح الديموغرافي
- أبعاد خارج النص السياسي
- مصادر الطاقة بين السياسة والبقاء الإنساني
- الدبلوماسية القائمة على الإكراه
- علم التحليل السياسي بين الإخفاق والإهمال العربي
- العالم في مواجهة الإرهاب النووي
- ظلم الديكتاتورية أم فوضى الديمقراطية؟
- إلا حق العودة للوطن الفلسطيني
- نحو سيناريو شبيه للحرب الباردة
- الحتمية التاريخية للصراع الجيو استراتيجي على العالم
- الفوضى , الاداة التي ستنهي العالم وتدمر الحضارة
- معوقات الدبلوماسية وإدارة الأزمات الدولية
- المتسللون من خلف الخطوط الحمراء
- السياسة بين الأخلاق والقانون والإرهاب
- الظواهر السياسية الحديثة وأثرها على العلاقات الدولية
- العودة إلى جذور العهود الكلاسيكية للسياسة
- تأملات في البناء الإنساني للسياسة الدولية الحديثة


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمد بن سعيد الفطيسي - الذين يكتبون السلام بأقلام الرصاص