أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاخر السلطان - هل انتهت معركة المرأة؟















المزيد.....

هل انتهت معركة المرأة؟


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1924 - 2007 / 5 / 23 - 12:04
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


الثقافة الدينية المهيمنة على حياة الغالبية العظمى من العرب والمسلمين في الوقت الراهن، تستند إلى الفقه التاريخي، حيث ينبع جزء كبير منها من طبيعة العادات والتقاليد التي كانت موجودة في المجتمع الإسلامي آنذاك.
ومما لاشك فيه أن الخطاب الديني الراهن، المهيمن على المجتمعات العربية، قد تبدل من معين لبناء الحاضر، إلى منهج فكري حياتي يدعو إلى العودة للماضي لبناء مجتمع تاريخي بظاهر متسم بالحداثة، الحداثة الشكلية فقط. فالخطاب استفاد من وسائل الحداثة لكنه حذف معظم مفاهيمها ومضامينها التي شكلت الأساس النظري والقاعدة الرئيسية لولادة تلك الوسائل. فالهدف الأول لمنظري تلك الثقافة وذلك الخطاب هو الوقوف بوجه الجهود المبذولة لبناء مجتمعات حديثة الشكل والمضمون معا، حيث يبررون موقفهم هذا على أساس أن المشروع الحداثي يناهض، في أفكاره ومفاهيمه وسلوكه، مشروعهم التاريخي وفهمهم الفقهي الماضوي الضيق عن الدين، ويرون في مشروعهم هذا أنه صالح لكل زمان ومكان بزعم قدرته الإجابة على جميع أسئلة الحياة الراهنة كسؤال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، على الرغم من أن تلك الإجابات لن تكون سوى إجابات تاريخية لموضوعات حديثة.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن الاستناد إلى تلك الإجابات في بناء مجتمع حديث؟ وهل يمكن الاعتماد على فقه ذي أصول تاريخية وعلم كلام لا ينفع لمجاراة الحاضر، في تشكيل واقع حديث؟ وهل سؤال الواقع، حول المرأة أو غيرها، يحتاج إلى مفاهيم حديثة، أم إلى مفاهيم غابرة أكل عليها الدهر وشرب؟
غالبية الرؤى الفقهية الراهنة المنتمية إلى الخطاب الديني تعارض، من خلال سند نصي وفهم تاريخي، الحقوق الحديثة للمرأة، كحقّها السياسي الذي هو جزء لا يتجزأ من الحقوق العامة للإنسان، حيث تستند معارضتهم إلى اعتبار أن حقوق المرأة، وفق المنظور الحديث، لا تنتمي إلى النظرة الاجتماعية التاريخية للدين والمنبثقة عن فقههم. ومن جانب آخر فإن الفقهاء الذين أيدوا حقوقها السياسية، لم يؤيدوها انطلاقا من النظرة الحقوقية والاجتماعية الحديثة، وإنما انطلاقا من تفسيرهم للسند النصّي التاريخي الذي أيد وجهة نظرهم تلك، إذ لولا ذلك التفسير للسند لما أيدوا تلك الحقوق أيضاً. فالاثنان، أي مؤيدي ومعارضي حقوق المرأة، إنما اختلفت وجهات نظرهم انطلاقا من الحجة النصية لكل طرف، والفهم التاريخي للنصوص. إن الخلل في الخطاب الديني، المناهض بعضه لحقوق المرأة وبعضه الآخر مؤيد، أي تناقضه في طرح النص بوصفه حجة لرؤيته، باعتبار أن تفسير النص حماّل أوجه، وبالتالي كل جهة تعتقد بأنها تمتلك الحقيقة المطلقة ومن ثم تلغي رؤية الجهة الأخرى.. إن ذلك الخلل يكمن في أن الخطاب هو خطاب تاريخي يبتعد بمفاهيمه ونظرياته مسافات كبيرة عن مفاهيم ونظريات العالم الجديد الذي نعيش فيه. فالخطاب يصر على الاستفادة فقط من وسائل الحداثة ويتجاهل نظرياتها ومفاهيمها المولّدة والمؤسسة لتلك الوسائل، أي انه يمثل أعلى مراتب الاستغلال: الاستفادة من وسائل الحداثة ورمي مفاهيمها العلمية والإنسانية في سلة المهملات.
فحينما يشخّص ويقرّر الإنسان، من دون أي حيلة أو طمع، ومثلما يجري الآن في كثير من بقاع عالمنا الراهن الحديث، بأن حقوق الإنسان هي قضية لا يمكن لها أن تتجزأ، وأن حقوق المرأة هي جزء رئيسي من حقوق الإنسان وأمر مؤثر في حياة المرأة ما جعلها تتغير وتتطور، وأن حقوقها تلك لا يمكن فصلها عن صور الخير التي توصلت إليها البشرية من خلال عقلائها، فإن هذه النتيجة من شأنها أن تحقق لمبلغيها أمنية المرأة في الحصول على حقوقها في مجتمعاتنا الإسلامية دون انتظار حصولها على سند نصّي تاريخي لذلك. إن أنصار الخطاب الديني إنما سعوا لفصل قضيتين أساسيتين ترتبطان بحقوق المرأة، الفصل بين حقوقها كامرأة وبين حقوقها كمسلمة، واعتبروا هذا الفصل هو السلاح الذي من خلاله يستطيعون أن يواجهوا مفاهيم عالم الحداثة الجديد الداعية إلى تحرّر المرأة من أسر التاريخ ووصاية رجل الدين وإعطائها حقوقها الإنسانية كاملة غير مجزأة. فهم أثاروا مشروعهم الضيق بهدف التفريق بين حقوق المسلمة، وبين جميع نساء العالم، واستندوا إلى الفهم التاريخي الضيق القائل أن الإسلام قد طرح مشروعا متكاملا حول المرأة بما فيه حقوقها السياسية، لكنهم لم يتداركوا أن مشروعهم هذا لن يكون إلا سدا أمام مساعي تحريرها من الوصاية ومن الحرية التي كانت أحد أسس انبعاث جميع الأديان. إن هذا الطرح لا يهدف إلى التقليل من أهمية تاريخية الخطاب الإسلامي أو الإهانة إلى صورته، فهو كان يمثل صورة المجتمع بثقافته واجتماعه، في حين أن هدفنا هو الدعوة للتعامل بإيجابية وواقعية مع الراهن الحديث، ليس بأدواته ووسائله فحسب وإنما بمفاهيمه ونظرياته وعلومه الحديثة.
إن هذا المطلب لا يتعلق بالمرأة الكويتية فحسب، وإنما بوضع المرأة في عموم المجتمعات العربية الإسلامية، وبالذات في منطقة الخليج، التي تشترك خلاله المرأة بمشتركات حياتية وظرفية كثيرة يتحتم خلالها الدفاع عن مصيرها الإنساني المشترك. فعدم قدرة المرأة على قيادة السيارة في السعودية – مثلا - هي صورة مشتركة من صور الظلم الاجتماعي ضد المرأة والمتكئ على التفسير الديني. وهو أحد تجليات الوصاية الذكورية الدينية على المرأة ومشهد من مشاهد "سجن" النساء في المجتمعات العربية والإسلامية وصورة من صور الأغلال التي كبلت يدي مطالبها الداعية إلى الحرية والمساواة بوصفها إنسانة تنتمي إلى هذا الزمان.
إنّ من يدخل بيوت الأسر الكويتية سينبهر من مستوى الظلم الاجتماعي الواقع على الكثير من البنات والنساء، وسوف يستنتج بأن حقوق المرأة السياسية هي جزء يسير من حقوقها الحياتية العامة التي تفتقدها. فالمرأة حرة تماما مثل الرجل، وذات إرادة ومسؤولية، ولا وصاية لأحد عليها، مثلما يريد ويخطط و"يجاهد" الخطاب الديني، حيث يتحجج في تأييد موقفه هذا تارة بالفقه التاريخي الذي عفا عليه الزمن، وتارة بمبررات "المحافظة" و"العادات والتقاليد". فلقد آن الأوان لأن تقود المرأة العربية والمسلمة، وبالذات في المجتمعات الخليجية، نفسها في مختلف المجالات بدلا من أن ترضى بأن يقودها الرجل. ومثلما رفضت المرأة الكويتية – كبداية لطريقها الطويل والشاق - أن تنقاد من خلال مجلس أمة ذكوري، فعلى المرأة الخليجية أن تهدم الطوق الاجتماعي الديني الذي يمنعها من تنفيذ طموحاتها التحررية، مثل منعها من قيادة السيارة تحت حجة أن القيادة "تؤسس للفساد"، أو إجبارها على تنفيذ أوامر ذكورية بحجة المحافظة على العادات والتقاليد. وهذا الرفض والهدم لابد أن يسيرا انطلاقا من قدرة المرأة على تحقيق ذاتها ونجاح تجاربها المتعددة في ذلك بالساحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي، واستنادا إلى مبدأ حقوق الإنسان والمساواة بين الرجل والمرأة، ونبذا لمبدأ الوصاية الدينية المتدثرة بالعادات والتقاليد. فأخطر ما يهدد كيان المرأة وشؤونها، ومن ثم حياتها بشكل عام، هي الثقافة التي تريدها أن تكون متبوعة غير متحررة، قاصرة لا تملك الإرادة، وبالتالي مملوكة غير حرة، وهي ثقافة يتبناها أنصار الخطاب الديني وتيار الفقه الماضوي المنطلق من الرؤية الاجتماعية التاريخية للحياة، حيث يرفض أي رؤية لا تتوافق مع التاريخ ويعتبرها مناهضة للدين.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحجاب الإسلامي.. وفساد المجتمع
- الحجاب الإسلامي.. من عرضيات الدين
- الدبلوماسية تؤتي أكلها بين طهران وواشنطن
- من أجل دين يرفض الوصاية على العقل
- حول انفتاح الديمقراطيين على طهران ودمشق
- الدين ضحية لصراع -الهوية- السني الشيعي
- تاريخ الدين بين تقديسه ومقاطعته
- تأشيرة نجاد تزيد عزلة ايران
- عصر البدعة.. لا التبعية والتقليد
- الحداثة والتفسير الغيبي.. والتقليد
- . الفقهاء ورجال الدين مساهمون نشطون في تخلف المجتمعات
- لماذا يعارض الفقهاء التجدد؟
- الحب العنيف.. المتطرف
- الدين حينما يكون غير إنساني
- الفهم الديني الجامد.. والإنسان الجديد
- الفهم الديني غير المسؤول: الموقف من حزب الله نموذجا
- بوش يتخبط.. لكن ماذا عن الإسلاميين؟
- التعددية في بعدها السياسي
- التعددية في بحر وجودها وتعريفاتها
- مناخ التعددية عبر التاريخ


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاخر السلطان - هل انتهت معركة المرأة؟