أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - أريد الكتابة, لكني لا اريد ان اصبح قاصة , شاعرة او روائية














المزيد.....

أريد الكتابة, لكني لا اريد ان اصبح قاصة , شاعرة او روائية


نبال شمس

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 07:17
المحور: الادب والفن
    


كان يصرخ ويلطم وجهه, يشد ُّ ثيابه تارة وشعره أخرى:
دعيني ارسم كما شئت. حرريني من حرف الباء والنقاط على الجيم والخاء والذال. أريد حروفا مجردة بلا نقاط.
دعيني أخلط الألوان بمعرفتي ، وأبعثرها على الورق كما شاء داخلي وشاءت أصابعي.
دعيني ابتكر حروفي وبعد ذلك علميني فنون الاختيار, ازرعي فيَّ حب الاختيار, لأكون إنسانا حرا, أو لأتعلم كيف أكون إنسانا حرا.
سيرين ابن الثامنة لا يجيد الكلام, لكنه يجيد الحركة ولغة الأنامل ولغة الجسد, فهو لم يقل تلك الكلمات بلسانه بل قالها بتمرده وأصابعه التي لطمت وجهه. قالها عندما عض يده ولم يستطع إفلاتها.
كنت أنا المعلمة, ونِعمَ المعلمة والمعلمون والمتعلمون. نِعمَ النظريات التربوية وبلوم وجيكسو وغيرهم, نعم النظريات التي لا تُطَبق على سيرين, الذي لا يريد الخضوع لقوانين القراءة, يريد ابتكار طريقة أخرى, فقد أراد الكتابة على الأرض بقدمه الدائمة الحركة, لا يحب الكتابة في الدفتر ولا على اللوح, فهل سيرين لا يستطيع الإبداع أو الكتابة؟
كنت أرقب تمرده بشغف, تمرده هذا الذي أخذني إلى نفسي والى نصوصي المتواضعة القليلة, وأنا تلك التي لا تحسب نفسها في قائمة المبدعين والمبدعات, لكني أعد نفسي كاتبة, كاتبة غير ملتزمة بشروط, وغير متقيدة بقيود.
أرى نفسي كسيرين ورأفت وأدهم. أريد أن أكون مثلهم, أريد أن أبدع وابتكر, وأخرج كل طاقاتي على الورق وبأية صورة تحبها نفسي, فالكتابة هي "أنا" الكاتب دون أي عنصر.
أريد أن أكتب, لكني لا أريد أن أصبح قاصة.
أريد أن أكتب, لكني لا أريد أن أصبح شاعرة.
أريد أن أكتب, لكني لا أريد أن أصبح روائية.
أريد الكتابة كما شئت أنا , وكما شاء قامي , لا كما شاءت العناصر وكما شاءت السنن والقوانين.
أريد تحرير ذاتي في طريقة أحبها ... لا في طريقة اختاروها لي.
سيرين ما زال يرسم حرف الباء في قدمه.
أدهم ما زال يخلط الألوان ليستخرج ألوانا أخرى.
جودت يرسم بالصابون على الحيطان ثم ينحت الحروف, أما أنا فما زلت أرقبهم من بعيد سارحة الفكر وأوراقي مبعثرة على الطاولة. أرقبهم أحاول فهم الوعي الفونولوجي الذي ابتكروه لأنفسهم وأحاول فهم ما فعلَ وعيي بهم .
هل أدعهم يبتكرون ويخلقون, يبدعون ويتعلمون؟
لا أحب المقدمة والحبكة والحل. أكره دروس الثانوية, أكرهها جدا وأريد الكتابة كما شاءت أناملي. أريد أن أصرخ وأبكي وأضحك وأرقص كما شئت أنا وليس كمشيئة العناصر.
عندما كتبت إنشائي الأول كنت في الرابع الابتدائي, قبلتني أمي ووعدتني بهدية, وعندما كتبت إنشائي الثاني, هاتف والدي معلم اللغة العربية ليسمع منه كلمات ٍ ساحرة أراد سماعها هو.
عندما أصبحت في الإعدادية تأخرت في اللغات وإجتاحَ عقلي عسر الوعي الإدراكي بقواعد اللغة العربية, أصبحت أرى المربعات التي حوت القواعد ، كخلاصة كل درس, كأنها رموز وطلاسم وأعدادأ كبيرة لا استطيع قراءتها. بعض القواعد التي كان علي حفظها, حفظتها, وبعضها كان علي فهمها فهمتها ولكن ، بعد عشرين شرح وعشرين عقاب من أمي.
مشكلة القواعد لم تكن مشكلتي وحدي, بل أن أغلب الطلاب وقعوا بها بسبب الطرق الرديئة والمملة في الشرح, فرغم صعوبة القواعد إلا أني برعت في الكتابة بين أقراني, فعلاماتي بالإنشاء كانت عالية برغم تعسري في القواعد.
نصي الأول كان في مجال القصة القصيرة, لقد فُرض علينا كتابة قصة قصيرة تخضع لعناصر القصة القصيرة, فكان علينا أن نعتصر أقلامنا, والمعلم لا يدرك انه علمنا الكذب وانه استطاع تعليمنا الكذب الذي حملته في داخلي وأمارسه ألان مع طلابي المساكين.
الكتابة ضمن عناصر القصة القصيرة, فمن أين أتتني كلمة عناصر, وكيف قالها معلم اللغة العربية, فكم أرعبتني تلك الكلمة, فقد تذكرت عناصر الماء والهواء ثم تذكرت جدول العناصر كله من دروس الكيمياء, فكل شيء حولي أصبح عناصرَ .
المشكلة الكبرى واجهت أصدقائي في الكتابة, فانا كنت موهوبة, وخصوصا اني من برج الحوت ذلك البرج الخيالي الواسع الذي يختلق القصص ويصدقها, فالأمر لم يكن صعبا حتى أنسج وأكذب وأحني الصفحة وأرتبها بقصة من نسيج خيالي ثم تطبيق العناصر عليها, رغم أن خيالي وقتها لم يأخذني لمقدمة جيدة وسحبني إلى حل رديء وضعيف, فبقيت قصتي بدون حل وبمقدمة ضعيفة.
طلابي ما زالوا متمردين يبدعون وحدهم, متحررين مني, وأنا ما زلت أفكر لماذا وقتها لم يدعنا المعلم كتابة ما شئنا وكيفما شئنا, وبعد ذلك نتعلم بأنفسنا, فقد كرهنا عناصر القصة القصيرة قبل تجريبها وقبل ممارستها.
عدت من ذاكرتي صارخة: دعونا, دعونا ودعونا نخطئ ونصلح. دعونا نكون غامضين وسرياليين. دعونا أن نكون واضحين وغير واضحين, فالكتابة هي انتماء لنفسنا.
القوانين خدمت الكثيرين لكنها قتلت الكثيرين, واستعبدت الفوضى الكامنة في داخلي, لأني فوضوية أعشق الفوضى ألحبريه والفانطازيا الفوضوية, فهل لي أن أعشق ما شئت وأختار ما شئت وأكره ما شئت.
هل لي أن أكره عناصر القصة القصيرة وأتحرر منها, كما تحررت من قصص جدتي وما حوته من عناصر نار وخوف, مع مقدمة وحبكة محبوكة وحل مرعب؟
خلعت حذائي, اقتربت من الأطفال, وغمست أصابعي في ألوانهم وحروفهم وصابونهم دون مقدمة ودون حبكة ودون حل. طبعنا نفوسنا الثائرة في كل مكان بالصف وبطرق كل أرادها لنفسه.
سيرين أراد الكتابة لكنه لم يرد أن يصبح كاتبا.
أدهم أراد الرسم لكنه لم يشأ أن يصبح رساما.
جودت أراد الحفر بالصابون لكنه لم يبغ أن يصبح نحاتا.
أنا أردت أن أكون كاتبة لكني لم أرد أن أكون قاصة أو شاعرة أو روائية . أردت أن أكون أنا دون عناصر.



#نبال_شمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقتي والمتنبي
- حمامة, هاوية ونص
- كوني كما أنت
- علميني ما لا تعلمين
- الدخول من النهاية
- محاولات للتعالي عن أناها
- لغة الروح
- رثاء لرجال الثامن من اذار
- هل أنا ميتة فعلا؟؟
- ثلاثة ذكور من ضلع امرأة
- عشرة رسائل قصيرة, وثرثرة نسائية غير محمودة
- تداخلات وانتظارات
- جاك، جوليبير وحمار جحا
- سر -الجمعية لحماية الحمير-
- محاولة في نسيج كرة مجنونة
- طلابي وتجاوز رشاش الدم
- كفوا عن قتل الاطفال..صرخة بعيدة من انسانة قريبة
- كفوا عن قتل الأطفال - صرخة بعيدة من إنسانة قريبة
- أحذية ومقامات
- العودة من ارض النور


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبال شمس - أريد الكتابة, لكني لا اريد ان اصبح قاصة , شاعرة او روائية