أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم البيك - كالأطفال أعجنها.. كالأطفال لا أصدق














المزيد.....

كالأطفال أعجنها.. كالأطفال لا أصدق


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1921 - 2007 / 5 / 20 - 08:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


لامتني مرة صديقة من الداخل الفلسطيني، أرض الـ 48، في حوار عبر المسنجر، لامتني لصورة فلسطين فيّ. الصورة التي تعبتْ مخيلتي في تكوينها عبر ما قرأت، و ما رأيت من صور أُخذت هناك، و ما سمعت من حكايا جدي. قالت بأن فلسطين - أي الجليل في حديثنا - ليست كما الصورة اللتي اختلقتُها و عجنتها عبر نصوصي، و أنني سأعود و سأذكر كلامها حينها. و بعد أن يئستْ من محاولات ارغام الجليل في مخيلتي على الاقتراب من "واقعيتها"، قالت، و الاستسلام قد تسرب من خلال نبراتها: طيب خيا.. خلي فلسطين ببالك متل ما هي!
كذّبتُ ما قالت عن فلسطين، و عقّبتُ: بديش أصدقك.
أُصر إصرار طفل نزق على صورة فلسطين المختبئة و الملتجئة فيّ، في ذهني و وجداني. و لي أسبابي: أنا لاجئ، قد أعود و قد أموت لاجئا، إن عدت فهذا ما أكتب و أحيا لأجله. و إن متّ قبل ذلك، فما الذي يُلزمني بالواقعية، و حالتي هذه تسمح لي بالإقامة في مدن و قرى عجنتْها تخيلاتي الرومنسية؟ سأبقي صورة فلسطين و جليلها فيّ كما الجنة في وجدان المؤمن، و تكون مطهّرة من لوثات الحياة اليومية، إلى أن أعود و أذكر كلامها.
و لكن، حين تقترب فلسطين من الواقعية عن الرومنسية، في مخيلتي، تكون أجمل و أبهى و ربما أشدّ طهراً. فالصورة الرومنسية في المخيلة حين ترتقي تصل إلى واقعية الصورة ذاتها، بلوثاتها، لترتقي الصورة الواقعية قليلا قليلا إلى أن تقارب، واقعياً، الصورة الرومنسية السابقة..
أنا كلاجئ، افتقد و أشتاق للمشي في شوارع و أزقة فلسطينية تفترش الوحل و تلتحف أسلاك الكهرباء و الهاتف، و للوقوع في جورة حُفرت و نسيت البلدية طمرها. و أنتظر باب بيت فلسطيني يصفق على اصبعي فيُنزع اظفري عن لحمي. أشتهي أن تندلق القهوة على قميصي قبل خروجي فألعن ذلك الصباح الصيفي، أن أسب و ألعن حكومة فلسطينية و معارضاتها و جميع التيارات الثالثة، و مواطناً رمى كيس النفايات فأصاب حافة الحاوية، أن بنفزر الكيس بروائح لزجة و بعض من الذباب الأخضر الدبق، أن يكون الذباب فلسطينياً.
كم أشتهي أن ترتقي رومنسية الصورة المتخيلة فيّ إلى تلك الواقعية المبتذلة. أشتهي، كلاجئ، الروتيني و الممل و المقزز و المقرف و المنفر عند مواطن في بلده.
كنت مرة في حوار مع الروائي مروان عبد العال وأخبرته بما قالته صديقتي الجليلية، فروى لي التالي: كنت جالسا مع شفيق الحوت – الممثل السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان- و جاءته مكالمة تلفونية من الشاعر محمود درويش من يافا، بلد شفيق، حين استطاع محمود زيارتها. فطلب محمود من شفيق أن يرشده، عبر التلفون، الطريق إلى بيته في يافا، صار محمود يتكلم و يوصف الأمكنة لشفيق و شفيق يكمل عنه الوصف و يتذكر و يدله، إلى أن وصل محمود فقال: لا تكمل يا شفيق.. وصلت.. و بيتكم هذا حوّله اليهود مكاناً للدعارة. فقلت لشفيق – و الكلام لمروان: فلسطين التي عشتَها و رأيتَها منذ زمن، فلتُبقِها في بالك كما عرفتها، بعيدة عمّا تغير بعد النكبة، و لكن، نحن من لم نرها، دعنا نتخيلها كما نشاء، نصنعها كحلم جميل، و نحن أحرار كيف و بأي مواد نصنعها، ففلسطين كمعجون الأطفال في مخيلاتنا.
و أنا، لي الحق في أن أعجن فلسطين في مخيلتي المرهَقة، و أن أستعير من الطفولة اصرارها، إلى أن أنال حقي، فأعود، فأكبر هناك.
و حينها، أن أذكر كلام صديقتي أم لا أذكره، فهذا شأن آخر.



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبعد.. إلى طين المخيم
- كتحية ألقتها عند الباب، كنتُ، و خرجتْ
- مشاهد أقرب و أبعد
- ليش يا -رميش-.. ؟
- همس كحيفا.. أو أبرد قليلا
- بين حنين و جنون
- فيمينسونجي ... feminiswanji
- امرأة الرسالة.. لوحة تروى بالأمكنة
- من قال لم يقرعوا الجدران..؟
- تداخلات يوم واحد
- مضرّج بالأمكنة
- لقطة.. حرية
- هنا.. هناك
- عن الجليل و أيلول
- بيسارك.. على يسارك
- عالبيعة يا خيار
- قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى
- حبّ فلسطيني... في أربع ساعات
- موسيقى الكاتيوشا
- مع حبي.. ترشيحا


المزيد.....




- في نطاق 7 بنايات وطريق محدد للمطار.. مصدر لـCNN: أمريكا ستقي ...
- المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يستقيل ويعتبر أن -ل ...
- لجنة أممية تتهم إسرائيل بعرقلة تحقيقها في هجمات 7 أكتوبر
- فيديو: -اشتقتُ لك كثيرًا يا بابا-... عائلات فلسطينية غزة تبح ...
- برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
- رئيسي: ردنا المقبل سيكون أقوى وأوسع
- نتنياهو: حرب غزة جزء من تهديد إيرن
- -حزب الله- يستهدف مقرات قيادة ومراقبة جوية للجيش الإسرائيلي ...
- الجيش الأردني يكثف طلعاته الجوية
- مناورات تركية أمريكية مشتركة


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم البيك - كالأطفال أعجنها.. كالأطفال لا أصدق