أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز الحاج - نكتب أم لا نكتب؟ تلكم هي المعضلة!














المزيد.....

نكتب أم لا نكتب؟ تلكم هي المعضلة!


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 10:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحدثت في مقالتي المعنونة "لماذا الكتابة؟؟!" عما أصابني مؤخرا، كما حصل في العام الماضي، من امتناع قسري عاطفي وفكري وإنساني عن مواصلة الكتابة عدة أسابيع، بسبب الأوضاع المأساوية في العراق وما تحدثه عندي من مرارة موجعة وخيبة آمال. أين تلك الآمال التي عقدناها بعد سقوط النظام السابق؟ أين هي نسائم الديمقراطية ولو أخف النسائم؟ أين نحن اليوم من عراق تمنينا أن نراه متآخيا، ديمقراطيا، مزدهرا ، آمنا بلا غازات ولا مقابر جماعية؟ أين منا هذا الوطن العزيز الذي كنا نتمنى ازدهاره وهو العراق ذو الحضارات والموارد البشرية والطبيعية الهائلة؟
خيبة بعد خيبة ومرارة بعد أخرى تشل إرادة الكتابة. إذ ماذا تكتب؟ ولمن؟ هل نحاور أنفسنا أو في حلقات الأصدقاء؟
إننا رغم بعدنا عن شعبنا، فنحن نعيش مع أهلنا في الوطن كل يوم وكل دقيقة،، متابعين أخبار التردي الأمني، وشراسة الإرهاب، وضحايا التفجير والتفخيخ بالمئات كل يوم، وانفجار التطهير الطائفي، واستفحال التطهير الديني الموجه لإبادة المسيحيين والصابئة المندائيين وبقية الأقليات الدينية، التي سكنت العراق منذ أقدم الأزمان. نتابع تفاصيل قمع المرأة بمختلف الأساليب، وإجبارها على الحجاب المزدوج، وملاحقة السافرات وخطفهن لتقطيع رؤوسهن.
ولكن! كلما قرأنا شهادات مؤلمة ومثيرة ممن عانوا فعلا أهوال العراق من الداخل، ولاسيما عندما تسجله كاتبة مبدعة عما لقيت من المعاناة والآلام حين وجودها في بغداد، فإن نازعا آخر أقوى ينتابنا، يدفع للكتابة للإعراب عن التضامن والمشاركة في الآلام مع أهلنا في الوطن ومع كل الهاربات والهاربين من الجحيم تاركين وراءهم كل ما يملكون.
لقد كتبت مؤخرا مقالا عن معاناة المسيحيين وبقية الأقليات الدينية متأثرا جدا بصرخات المراجع الدينية المسيحية من داخل العراق.
إن المعاناة بكل أحزانها، لا يشعر بها كل يوم وساعة، غير من اكتووا بها. وهذا ما تسجله الروائية المعروفة لطفية الدليمي في شهادتها المفصلة عن معاناة المرأة العراقية المثقفة والسافرة على أيدي محترفي الجريمة، القادمين من مستنقعات التخلف وكهوف الظلام لقتل المواطنات والمواطنين باسم الدين، ولنشر الرعب اليومي بينهم.
تقول الشهادة، المنشورة في موقع " الأوان":
" في وحدتي أعيش بين الموت والأنا، حين لا يعود أحدنا قادرا على رؤية الآخر، أو سماع نبرته، أو استقبال ريبته أو تساؤلاته... عندئذ ينكفئ كل واحد منا على وحوشه الشخصية نلتهمه ويلتهمها، ويرسل أي آخر إلى الجحيم...
" أغامر بالعيش وسط حدائق الموت المزدهرة بجثث مجهولة، ورؤوس مقطوعة، وصمت مطبق من المثقفين، وتصاعد نبرة التجهيل والتحريم... مجازفة شاقة وعبثية بالنسبة لكاتبة تحيى وحيدة وسط المجزرة، في بيت محاط بحشود المتطرفين وهجمات الساعين لفرض ثقافة واحدة على شعب متشابك الأنواع والأعراق والثقافات. أسمع عويل الرجال الجارح في المساء، حين أقدم المتطرفون على قطع سيقان تسعة من الشبان لأنهم يرتدون السراويل القصيرة بحكم عملهم مدربين في مسبح الحي. يفككني نحيب البنات اللواتي قتلت زميلاهن في الحافلة الصغيرة وهن عائدات من عملهن في أحد البنوك، مكشوفات الرؤوس بلا حجاب، فأطلق الملثمون المسلحون نيرانهم عليهن ثم عمدوا إلى قطع رؤوس ثلاث منهن وألقوا بها على الرصيف عند الظهيرة، نذيرا لسواهن من النساء العاملات..
" أبقى وحيدة محاطة بمكائد ومكالمات من مجهولين على الهاتف الأرضي، تنذرني بقطع الرأس إن أنا واصلت الخروج إلى عملي ونشر كتاباتي..
" أكدح في نهارات الموت من أجل رغيف خبز وبضعة لترات من نفط للمدفأة، في بلاد ينام جياعها على بحر من أكبر احتياطي للنفط في العالم!..."
هكذا تمضي هذه الشهادة من قلب بغداد، المدينة التي كانت يوما ما مثالا للتعايش بين الأديان والقوميات، ونموذجا لحرية المرأة. وأذكر بالمناسبة أنه في الكلية في أواسط الأربعينيات لم تكن بين الطالبات محجبة واحدة رغم كثرة عددهن. طالبة واحدة فقط كانت تلبس العباءة عند الخروج من البيت وتنزعه حال وصول الكلية.
عراق اليوم مستباح ومسحوق، ويعيش جحيما لا مثيل له في أي بلد من بلدان العالم.
إنني إذ أحيي الكاتبة، فلابد أنها تعرف أن أحرار المثقفين العراقيين في الغربة لا ينسون الوطن ولا الشعب، ولم يلتزموا الصمت في إدانة ما يجري، والإعراب عن تعاطفهم وتضامنهم القلبيين مع أهلنا في العراق.



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخات استغاثة وجريمة عدم المبالاة!
- مع الانتخابات الفرنسية (2/2)
- سركزي رئيسا: بضع ملاحظات [ 1 ]
- لماذا الكتابة؟!
- ما بين مظاهرات مقتدى وضرب البرلمان!
- العراق -الجديد- بين وحشية الإرهاب وجشع الفساد!
- القرصنة الدولية الإيرانية والسلبية العراقية
- ما قبل المؤتمر وما بعده..
- مع الانتخابات الفرنسية
- نيقولا بافاريه عن لبرالية قرننا -1
- هل تعود الحرب الباردة؟!
- الدعاة الإسلاميون وكرامة الأطفال..
- الالتباس والخلاف في تعريف -الحرب الأهلية-..
- برامج التعليم العراقية ورجال الدين!
- إيران بين شيراك والصحفي فريدمان!
- الفوضى بأي ثمن و-عظمة الله-!
- حول تجديد الدعوة لتقسيم العراق لمناطق…
- ملف فرنسي عن - النصوص الأساسية للبرالية
- مسؤولية حكام العراق!
- المحور الثنائي الذي هز أمريكا!!


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز الحاج - نكتب أم لا نكتب؟ تلكم هي المعضلة!