أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الكفائي - الملك سنطروق الأول/ رسالتي لأهل العراق















المزيد.....

الملك سنطروق الأول/ رسالتي لأهل العراق


رياض الكفائي

الحوار المتمدن-العدد: 1920 - 2007 / 5 / 19 - 05:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



أيُّها العراقيون.... يا أبناء سومر وأكد وآشور، ياأبناء بابل والحضر وبغداد ، يا أبناء ذلك الينبوع الثرِّ الذي تستقي منه الاجيال...... عبر ذاكرة الزمان وسحره, وعبق ا لتاريخ ِ وزهوه ِ , ورياح المجد ِ وفخره ِ أبعث اليكم رسالتي ......
فأنا سنطروق الاول ملك الحضر (عربايا) .... أول مملكة عربية أسست في التاريخ , كان ذلك في بدايات القرن الثاني قبل الميلاد ، ولاتزال أطلالنا شاخصة جنوب الموصل ، تتألق تحت الشمس ، و تحكي حكايات الزمن السعيد ... يوم افترس الحضري عذرية الصحراء ، وانشأ مملكة الحضر التي تتوسط عرش السماء ، رغم القيظ والظمأ , وسطوة الجور في الملأ ، حتى جرت في الامثال مجرى القبس في دياجير الظلام . فلم يكن وهَجَها الزاهي سراب ، بل يعبق بالأبداع والثراء , فكانت تضاهي روما من حيث التقدم والعمران والرخاء .

كنت اخلد بهدوء وسلام في احد أروقة المتحف العراقي في بغداد , ذلك المتحف الذي يؤرخ تاريخ الانسانية منذ نشوء الحضارة, فداهمته الريح الصفراء, ودنّسته اقدام المحتلين الأوغاد , ونالته ايادي اللصوص الجهلة والغوغاء .
ومع تقادم التاريخ لم يبق من جسدي سوى رأس صخري اختطفته ايادي الغدر والجهل إبان سقوط بغداد في 2003 , فأضحيت أسيراً أتنقل بين البلدان وأباع تجارة رخيصة بثمن بخسٍ قدره 275 دولار في لبنان , وساقني قدري فأمسيت سجين ذلك البيت المستوحش تحت وصاية إحدى المهندسات ، كأني لوحة رسام تزين ذلك المنزل الباهت بغرفه الذابلة ، وأجواءه الحزينة وهدوءه الساكن إلا من حفيف أشجار وطنين فراشات... بعد ان كنت اجسد شموخ الماضي وروعة الحضر التي كانت كوكباً ساطعاَ تضيء الآفاق بنورها .
وفي يوم قمري، وعند انسحاب خيوط الشمس , تغطت الارض بلونها الرمادي ، قأبتسمت لي برتقالة الشمس، واغدقتني بنفحةٍ من جلالها ، وهي تتلاشى بحمرة المغيب....
ومن قلب الهدوء تثور عناصر الطبيعة كي أجد نفسي ضيفا لاحدى الفضائيات التي كانت تقدم برنامجا يُعنى بالديكور .
ورغم سخرية القدر، وتداعي الرؤى، وظلمة الخطأ، أشرق نور الصواب، فرمقتني عبر التلفاز أعين الانتربول الساهرة ... ساهرة لتعيد كل ماسرق من تاريخ وحضارة وادي الرافدين , فتنفست حريتي عبق الأشذاء بعد أن أسدل اليأس نقاباً على وجهي المتكدر, وها انا في طريقي للعودة ثانية لأرض الاجداد التي دمرتها رياح المنافع والاهواء ، بعد ان كانت المرفأ الذي تأوي اليه الزوارق التائهة، والحضن الوديع الذي يهفو اليه كل المضطهدين والمظلومين والشرفاء .
ليتني أعود لسرد الحكايات..... قصة مملكتي ومدينتي ...... مدينة الشمس التي باركتها الآلهة , كانت البشرية طفلا ً لم يتجعد جبينه بالاف السنين , والفكر لازال في المهد يصرخ من قسوة الحياة وشظف العيش ، وفي تلك البيداء الجدباء سطع قبسٌ من جذوة الشمس ايذانا ببزوغ فجر عربايا.
لم يرق للاعداء هذا النشوء , فكنا بين حصارين ، من الروم والساسانيين , وبصمود الحضريين وبأسهم سطرنا الانتصارات, فأذقنا الامبراطور الروماني تراجان مذاق الهزيمة بعد ان فتحت له كل الامصار في اوربا وارمينيا وسوريا وبابل وآشور.
وهزمنا جيش الامبراطور الفارسي أردشير الاول الذي سيطر على الجزيرة بأسرها .
وكذا اليهود ، وقائدهم ازاط الذي شن حملته العسكرية لمحاصرة الحضر واحتلالها ، فأنبرى له ملك الحضر إيباس وافشل احلامه البلهاء.
كنا نعبد الشمس وآ لهتها لانها تنير العالم السفلي وتقشع عنه الظلام , وكنا نعبد اترعتا الحضرية ، ونقدس عشتار البابلية وهبل واللات الحجازية واثينا اليونانية، وكعبتنا تزدان بكل هذه الالهة ويؤمُّها العرب والحجيج من كل البقاع. هكذا كنا نعيش بهذا الرقي من التسامح الديني واحترام العقائد والذات .
وعندما تسللت الخطيئة عروش الكبرياء عبر مشاهد العشق وسلطة الشهوات, أعلنت الشمس كسوفها ، واطبقت الظلمة على كل كائن ، فذبلت أزاهير البراري، واحترقت أعشاب المسرات .
وكان ذلك يوم أن رمقت عيون بنت ساطرون ملك الحضر , سابور ذوالاكتاف امبراطور الفرس الذي كان يحاصر المدينة حولين كاملين ، وكان يرتدي ثيابه الديباج وتاجه المكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ وكان جميلاً ، فأهتز قلبها شغفاً ، وارتعش جسدها لهفةً ، فناداها ببوح الشوق فأرسلت اليه ان تزوجني وافتح لك الابواب ، فوافق سابور وفتحت له أبواب الحصن المنيع، فأستباح مدينة الشمس وقتل ساطرون الذي كان غارقا في نومه بعد ان امتلأ جوفه بكل اصناف الخمور المعتقة , احترقت مدينه الحضر ، ودمرت قلاعها ، وخفت ضوؤها ، وهلك اهلها .
ووسط الاشلاء الممزقة ، ورائحة الشواء ، وغبار الرذيلة ، وفوح الخيانة ، تزوج سابور ببنت ساطرون وفاءاً بوعده ، ثم تفنن في قتلها جزاءاً لغدرها وخيانتها ....فقال عدي بن زيد في ذلك.


ربيبة لم توق والدهــــــــــــا ******** لحينها إذ أضاع راقبها
اذ غبقته صهباء صافيــــــة ******** والخمر وهل يهيم شاربها
فأسلمت اهلها بليلتهـــــــــــا ******** تظن أن الرئيس خاطبها
فكان حظ الــــــــعروس إذ جشر ******** الصبح دماء تجري سبائبها
وخرب الحضر واستبيح وقد ******** أحرق في خدرها مشاجبها


وهكذا تضيع الاوطان ، فقد كانت أرض الرافدين عصية على الاعداء المارقين ، ولكنها لم تكن عصية على غدر وخيانة الأ ذناب ودسائس الحكام . وكذا بغداد سقطت... ولازال لهيب نارها يستعر يحرق اجسادكم ويحطم آمالكم ، و يستضيء به الاعداء ، لتبدأ مرحلة بائسة مليئة بالاحزان ،متسربلة بالدماء.
كنت أرقب عبر نافذة الزمن الطويل، تطور الفكر الانساني والمدني والعلمي الذي تميز به عصركم, فلم نكن بهذا النضج الفكري ، فقد كانت البشرية تحبو خطواتها الاولى ولم يترسخ بعد الفكر الديني ، وكان جُلنا وثنيين او جاهليين كما يحلو لكم ان تنعتونا به , لكنني الان أ قرُّ وأعلن أ مام الملأ وكل الأجيال، وكأحد قادة التاريخ ، بأن للشمس إله ، هو خالقها وخالق الكون والكائنات ، وليتني آمنت برسل الله لأنهل منهم ذلك الدفق الروحي وقوة العقيدة والايمان وتلك السماحة التي تميزت بها تعاليم السماء .
فأيّةُ وثنية ٌ تعبدون...؟ ونور الله يسطع في كل مكان , فياليتني كنت ترابا ً في جوف الارض ولم أكن أبا وقائداً وملكاً لأمةٍ انتم أحفادها بعد ان رأيت الأوغاد يحتلون أرضكم ويسرقون تاريخكم وخيراتكم , وأنتم تعبدون الاوثان وتدّعون أنها بشائر السماء ، فتقتلون بعضكم وتلقون حتوفكم بخدعة مقاومة الأعداء, و تسفكون الدماء بعد أن صدأت ضمائركم، وتستحيون النساء بكل فخرٍ وحمدٍ ورياء ، تلك هي إستحضارٌ لقيم الجاهلية وسنّةُالأدعياء ، وليس كما بشرت به الرسل أ والأنبياء !!!!!!
إذا المرء ُ لم يدفع يدُ الجور إن سطتْ***** عليه فلا يأسفْ إذا ضاعَ مجدُهُ
وأقتلُ داءٍ رؤية ُ المرء ظالمــــــــا ً ***** يسيءُ ويتلى في المحافل ِ حمدُهُ
علا م يعيشُ المرءُ في الدهر خاملا ً**** أيفرحُ في الدنيا بيوم ٍ يعُّدٌهُ
يرى الضيمَ يغشاه فيلتذ ُّ وقعُهُ ***** كذي جَرب ٍ يلتذ ُ بالحكِ جلدُهُ
(محمود سامي البارودي)



#رياض_الكفائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلاح اللئام ، قبح الكلام
- التاريخ وإشكالية الحاضر
- إزدواجية المعايير حتى في الأحتلال
- الصرافيه والهارثه والبرلمان
- من الاستبداد الى الاحتراب
- الترادف والمعاصره


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الكفائي - الملك سنطروق الأول/ رسالتي لأهل العراق