أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - إنما الأمم الأخلاق ما بقيت














المزيد.....

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 1919 - 2007 / 5 / 18 - 12:24
المحور: المجتمع المدني
    


لا تتقدم الدول ولا تحتل مكانة متميزة لها بين الأمم إلا إذا تمتعت شعوبها بالأخلاق الكريمة كالصدق والإخلاص. يقول أمير الشعراء شوقى "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا". ومن علامات اختفاء الأخلاق الكريمة فى محيط أمة من الأمم هى انتشار الكذب والنفاق. وهاتان الخصلتان تأتيان فى مقدمة المثالب التى يعانى منها شعبنا. ومن المؤكد أن هاتين الخصلتين قد ساهمتا فى ضعف الانتماء للوطن وفى ازدياد معدل الأنانية وفقدان الثقة ومن ثم انتشار الفساد وتدهور روح الإخاء والمودة التى كانت شائعة فى الماضى. ولا نبالغ إذا قلنا إن هاتين الخصلتين تمثلان خطرا محدقا على كيان الدولة ووجودها ومستقبلها ومكانتها بين الأمم.

الكذب هو أن نأتى بأقوال مخالفة للحقيقة بهدف درء الخطر عن أنفسنا أو تفادى العقوبة التى قد تقع علينا أو نيل مكاسب مادية أو معنوية. والكذب لا يتوقف عند الأقوال فقط بل يمتد إلى الأفعال التى نمارسها بهدف خداع الأخريين. قد تستقل سيارة أجرة إلى مكان قريب فيتعمد السائق أن يتجول بين الحوارى والأزقة ليوهمك بأنه سار مسافة طويلة وهو يعلم تماما أن التعريفة التى سيقررها بدعوى تعطل العداد لا تتفق مع المبلغ المستحق. ولا أتذكر أننى استقليت سيارة أجرة فى القاهرة يعتمد قائدها على عداد السيارة عند تقدير الأجرة التى يستحقها. لقد زرت عدة دول عربية وأوربية منها الأردن وبريطانيا وأمريكا حيث لاحظت أن سائق السيارة الأجرة يحرص على تشغيل عداد السيارة دون تردد ولا يتوانى عن رد القروش القليلة المتبقية للراكب. فعندما زرت بريطانيا لأول مرة العام الماضى أخذت سيارة أجرة من موقف الأتوبيس حتى محطة القطار بمدينة لانكستر فى شمال بريطانيا، والجدير بالذكر أننى كنت حديث العهد بمفردات العملة المعدنية التى امتلأت بها جيوبى، فعندما توقفت السيارة أمام المحطة أخرجت كل ما معى من العملة المعدنية وقدمتها للسائق طالبا منه أن يأخذ المبلغ المطلوب وظننت أن السائق لن يكتفى بما قدمته بل ربما يطلب المزيد ففوجئت بالسائق ينتقى بضع عملات معدنية ويرد لى الباقى مصحوبا بإيصال فوجدتنى مندهشا للأمانة التى يتمتع بها رجل بسيط يعمل سائقا على سيارة أجرة. وقد تكرر هذا الأمر عندما توجهت لشراء كوب شاى فقدمت لفتاة المحل الصغير كل ما معى من عملات معدنية فإذا بها تختار قطعتين وترد لى الباقى.

أما النفاق فهو بلا شك صنف من صنوف الكذب، فالنفاق هو أن نأتى بأقوال وأفعال لا نقتنع بها ونهدف من وراءها إلى إرضاء غرور الآخرين. وقد يتعلم المرء النفاق من أسرته أو البيئة التى تربى فيها أو المؤسسة التعليمية التى تعلم فيها. لقد اعتاد المرؤوسون فى الدول النامية على ممارسة هواية النفاق لرؤسائهم سرا وعلانية بغية تحقيق مكاسب دنيوية زائلة كالحصول على علاوة أو مكافأة أو الوثوب إلى مناصب حكومية ونيل حماية الرؤساء إذا وقعوا فى أزمة فى محيط العمل. ومن المعروف أن المسئول قد يدرك أن الكلمات التى تنطق فى معيته أو الأفعال التى تحدث أمامه لا تعبر عن الحقيقة ولا تعكس المشاعر الصادقة للأخريين نحوه وقد يقاوم هذه المحاولات فترة من الوقت ولكنه سرعان ما يستسلم ويعتاد على هذه التصرفات ويسعد بها. لسنا بصدد الخوض فى تصرفات المنافقين فهم أحرار فى ممارسة النفاق ولكن ما يصيبنا بالألم والحزن الكبيرين هو أن يحاول هؤلاء نقل هذا المرض للأجيال القادمة، وهى أجيال المستقبل التى نحرص على أن تتمتع بقوة الشخصية والشكيمة لمواجهة التحديات القادمة. ففى مجال التعليم نجد أن بعض المسئولين يدفعون التلاميذ للوقوف فى صفوف لساعات طويلة انتظارا لموكب الوزير. ربما لا يدرك هؤلاء المسئولون أن ما تتعلمه هذه العقول اليانعة هو الرضوخ للسلطة والخوف من الرؤساء والاستسلام للقهر. وما يدعو للأسى هو أن إدارة إحدى المدارس شاءت أن تدخل السرور فى نفوس زوارها فقامت بإحضار تلاميذ مدرسة أخرى ليلعبوا دور تلاميذ المدرسة الحقيقيين الذين ينتمون لأسر فقيرة. ماذا تعلم تلاميذ المدرستين؟ بالتأكيد تعلم التلاميذ الأثرياء فنون النفاق وخداع الآخرين كوسيلة للوصول إلى الأهداف المطلوبة وتعلم التلاميذ الفقراء عقدة الشعور بالنقص واكتسبوا مشاعر الخجل من الفقر.

من الواضح أن الصدق مع النفس ومع الآخرين والبعد عن الكذب والنفاق يساهمان فى تقدم الأمم. أما التخلى عن تلك الخصال الطيبة فيؤدى إلى انتشار كل أنواع الفساد فى المجتمع ولا يبقى مكان لروح الانتماء وحب الوطن فى قلوب المواطنين ومن ثم تتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختفاء الرحمة من مستشفياتنا
- هل نعلم شيئا عن النوبة وأهلها؟
- هل نستطيع تحقيق مكانة إعلامية تليق باسم مصر؟
- مزايا طرح قضايا النوبة داخل أرض الوطن
- كيف نواجه جبروت المال والشهرة والسلطة؟
- حرية التعبير كضمانة للديمقراطية فى مصر
- حرية التعبير....أين الحدود؟
- إيران وسياسة حافة الهاوية
- موقف السينما والتلفزيون من أهل النوبة 2
- موقف السينما والتلفزيون من أهل النوبة 1
- صورة العرب والمسلمين فى السينما العالمية 2
- صورة العرب والمسلمين فى السينما العالمية 1
- د. وفاء سلطان ومبررات تخلف الأمم
- التعديلات الدستورية فى مصر وصوت العقل والحكمة
- ثقافة نكران الجميل
- القضية الفلسطينية: لغة الحل
- خصائص القصة والرواية النوبية 3
- خصائص القصة القصيرة والرواية النوبية 2
- خصائص القصة القصيرة والرواية النوبية 1
- نحو نبذ التعصب: دروس من الغربة


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - إنما الأمم الأخلاق ما بقيت