أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - نقوش من نار














المزيد.....

نقوش من نار


رحاب حسين الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 07:13
المحور: الادب والفن
    


" نقد|
قصيدتان يتجاذبان العلاقة نفسها في المضمون المتقارب والمعني لكل منهما في توافدها على العقل والخيال والروح، ومن نسيج تلك القصيدتين أجد صورة لا بد من التطرق لها.
الشاعرة: انتصار نادر. القصيدة ( إلى الذي كان بيني وبينه لقاء).
الشاعر: طارق الصيرفي. القصيدة ( اعتذار صريح لحبيبتي).
في البداية تقول الشاعرة انتصار نادر:
هنا لا بد أن نلتقي
كنا نغرق سوياً
كنا نغوص شوقاً
نتواعد ونخطط لهذا اللقاء.
أما الشاعر طارق الصيرفي أيضاً في بداية قصيدته يقول:
مطراً على جدران ليلتنا..
وما زالت عيون الليل باكية..
وكم أحتاج هذا الوقت أن أبكي
لكني عصي الدمع يا فردوسي المفقود.
الشاعرة انتصار نادر تؤكد في بدية قصيدتها على الشد في تبادل المشاعر بينها وبين الآخر من أجل إيجاد حل يضفي لقلبها المنكسر الفرح والإحساس لتكوين حياة جميلة مشرقة، صانعة من ملامح الألم ايطار جمالي، ولم تفقد الأمل في كمية الانتظار المستهلك من عواطفها بفهم صيغة المنسجم من المشاعر الجياشة، بلا تعجل للإسراع في تحطيم قيد الوقت.
أما الشاعر طارق الصيرفي على العكس منها حيث يجد على جدران ليلته المطر وعيون مازالت باكية ويتعبه الانتظار فيعود إلى نفسه ويهدئ شوقه ويدعي حاجته للوقت، وما أن يوعد نفسه المشتاقة للآخر يتذكر أنه نسي البكاء، وينتهي به الأمر بأن يوجه التهم لقلبه الفاقد الفردوس.
الشاعرة انتصار نادر لا ترضى بقبول اليأس ولا تعطي للفشل أي نقطة يدخل منها إلى قلبها، وتوعد الأمل بالأماني بقولها:
وكأنه قبلة وعد من أمانينا
وكأنه أول حرف من أماني
شاء القدر أن لا ألتقيه
ألا أعانقه إلا بالحلم
في هذا المكان
هي نسجت من حروف الأماني أزهاراً ملونة اختارتها وأعطت لنفسها حق العناق في الحلم، وللتأكيد تقول: ( في هذا المكان) أي إنها وضعت نقط للحروف ووصلت العبارة المفقودة، وهامت بحبها المسكون بالدفء والحنان، الحب الذي يبني ولا يحطم.
أما الشاعر طارق الصيرفي يتوسل إلى سراق عذاباته بقوله:
قد صادروا لغتي وحنجرتي
وعينيك اللتين اليهما آوي..
إذا ضاق الفضاء
مستسلم باسترسال مخيف، إذ هو يعلم من هم السراق ولا يستطيع البوح، ومن تكون تلك الحبيبة التي يعجز عن الوصول إليها، قد تكون حبيبته هي ليس ذات يعنيها، أو نفس تبادله المشاعر، هي شيء أكبر من ذلك كله، لذا أقول: لماذا هذا الركود والقبول بالألم؟ خاصة وإنه يقول (عيناك تحترقان في قلبي) أي درجة من التحمل يعيش ولا يعمل من أجل إطفاء نار الفقدان التي يعانيها.
بينما الشاعرة انتصار نادر لا تكف عن لف جرحها ومراعاة هموم ذلك العشق الذي تريد له العيش دون خوف أو رعب، تسقيه نسمات من نبع الأزهار، وتصرخ ليصبح البحر واحات حتى تتمكن من السيطرة عليه: حيث الشاطئ والنورس
والبحر واحات الجمال
والبحر الغارق بالهيام
كل شيء حولي كان يسأل عنك
حولت حلمها اليتيم إلى شعلة تتقد بالحركة والرغبة، نسجت أسلوبها بتميز وخفة، وأصبح الكل يسأل عن الحلم المراد له التنفس، كالفراشة تحط على الأغصان المبللة بفرح ربيعي، بدل أن تبقى مكتوفة اليدين منسابة في هم وحزن يقتل حتى الألوان الثابتة فنجدها تسأل بشغف شديد:
من شرد أركانه من قلص مساحته..؟
لماذا قتلت زواياه؟
كيف اعتقلت حدوده؟
وحدها العتمة قابعة في قلبي
غريق المكان دونك يا حبيبي
وأسأل؟
تحاول أن تعرف كل الأسباب، وتسأل لا تكف عن التملي من المراد صنعه، هناك عتمة تعيشها, المكان غارق في العتمة لكنها لم تفقد الحبيب بعد، فقد زرعته في الطريق المؤدي إلى السؤال لمعرفة المشكلة، والسؤال مستمر.
والشاعر طارق الصيرفي في المقطع الثاني من القصيدة يتلهى بالغزل ويحاول تشكيل رغبات يتغذى عليها حزنه بخفوت عجيب كأنه صادر عن شمعة وليس أحاسيس حارقة فيعود في المقطع الثالث إلى التشهي في جعل رؤياه باسقة بعض الشيء فيقول:
مري مرور سحابة بيضاء
فوق حقول قلبي
واهطلي برداً وثلجاً، طهريه من الفتور
تتراقص الكلمات فوق يدي
وبين أصابعي
وأنا أحاول أن أشكل منك أغنية
ولكن الحروف تضيع ما بين السطور
هنا هو من يحاول زعزعة الحلم الذي يعلن عن عدم الوصول إليه، وبفتور يهدهد الفكر ويطمسه دخل شظايا متفحمة مغتصباً حتى اللحظة، منساق للعدم تحت هياج الغضب البطيء التجاوب، وفي المقطع الرابع والخامس والسادس والسابع يتراجع بشدة على عكس الشاعرة انتصار نادر، ويقدم اعتذار مهمش بانكساره.
ما دفعني للمتابعة بين هاتين القصيدتين، أن الشاعر هنا مذكر ومؤنث، المرأة متمسكة وعندها الرغبة بالمطاولة من اجل إظهار الحق والبحث عن حل، مندفعة في اتجاه العقل المنفتح، لا ترضى الخضوع، تعمل على صقل أحاسيسها والحفاظ على فكرة الخلاص والإخلاص لها وعلى قدر كبير تسعى في تجميل الصورة لقضيتها بهيئات تجدها تستحق المحاولة ولا تمل وتصر. أما الرجل فهو يتكلم بشدة في مكان منعزل ويريد لصوته أن يسمع، ولا يأمل أن يستجاب له، لأنه لا يرى ولا يشاهد غير نفسه منذ الصغر تعود أن يتحرك داخل عقله، ولا يجد غير رجولته المعذبة، ويفهم الأمور أكثر من غيره، فيشرق وجهه في كل حديث وينتصب مداعباً الاختلافات، داخل انكسار يقيده ولا يفصح عنه.
القصيدتان للشاعرين تحملان نفس المعانات والرغبة في رمي المخلفات المعشعشة بدواخل الفرد العربي، والفارق بينهما، الشاعرة انتصار نادر عندها محاولة السعي والمثابرة في إغناء الفكرة بالعزم، وعند الشاعر الوقوف عند الفكرة ومداعبتها فقط.




#رحاب_حسين_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السفر في أغوار بغداد
- الطبيعة ترفض التكرار
- الشعر واشراق الحقيقة
- المدينة المتأركلة
- السياب وعاصفة التغيير
- العولمة والمصطلح
- قصة
- قصة شخصية تنمي الدهشة
- أنثى محاصرة
- حصاد غير مبتكر
- الصديق الاخرس والاكثر فهماً
- سونوغرافيا بلا حركة
- العنف قصور ذهني
- الإبداع والعولمة
- الحجاب بين المفروض والمرفوض
- طروحات ما بعد السيكو لوجية
- المشكلة تشابك التشبيهات
- الثعلبة والديمقراطية
- الانترنت حالة عقلانية
- نحت على نزيف الوطن


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحاب حسين الصائغ - نقوش من نار