أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - عذاب الناس















المزيد.....

عذاب الناس


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 1919 - 2007 / 5 / 18 - 06:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تبدأ فكرة تخليص الناس من العذاب من كثرة ما تعاني البشر من ظلم وإضطهاد حين تكون حجم المعاناة أوسع من كل الكلام عنها , وتتغيب هذه ألأفكار عن ألمجتمعات ألتي تنعم بألرخاء والعيش الهني وهي ألآن تنتشر في جسم الوطن العربي ولا تنتشر بالجسم والعقل الأوروبي وهنالك تعريف لبعض اللغويين العرب من أن تعريف التاريخ جاء من لفظ:أرخ وهي أنثى البقر, لأنها أكثر ألمخلوقات معاناة من آلام الولادة والمخاض وهذا يعني أن ولادة تاريخ المجتمعات مثله في ذلك مثل معاناة آلام الولادة .
وحين ننظر في تاريخ البشرية نجد أن المعاناة حاصلة أينما ذهبنا وحللنا وهذا يعني أيضا أن فكرة مجيئ المخلص تظهر مع وصول المعاناة إلى أعلى درجاتها في القسوة والبطش والظلم .
ويختلف موضوع ولادة المخلص ألذي يخلص الناس من ألعذاب عن فكرة موت الإله وبعثه من جديد فألموضوعيين متلازمين ولكن الإختلاف يكون في ألرؤية ألجديدة ألتي تغلف طابع بعث ألإله بطابع مرتبط بألزرع ونموه في الشتاء وموته في بداية شهر الحصاد.
أما موضوع بعث المخلص ألذي يخلص ألناس من ألعذاب فهو موضوع مرتبط إرتباطا وثيقا بقسوة الإنسان وتصرفاته مع أفراد جنسه من البشر .
أما موضوع عودة الإله فهو موضوع مرتبط بألإله نفسه وبعثه من جديد كما يبعث ألعشب والزرع في ألربيع .
فألأول إلهي خالص من شوائب البشر والثاني مرتبط بألبشر نفسهم .
وحين تكون حجم ألموآمرة كبير وألإمكانيات ضعيفة وقدرات البشر أقل من حجم الإشكاليت وألمعضلات الحاصلة فإن ألعجز سيظهر في حياة ألناس :
لذلك فهم يبدأون بألتطلع لقوى بشرية أعلى من كل قدراتهم وذلك حتى ينجيهم من ألعذاب ألذي هم فيه .
وكانت فكرة ألمخلص هي :ألمرحلة ألثانية من مرحلة بعث الإله وموته في كل عام بين فصلين من فصول ألسنة واحد هو ألصيف ألمؤلم بألإنتاج وحار جدا وذو قسوة على ألناس وواحد له زهوه ومنظره الخلاب والجميل يبدأ هذا الفصل من حنان ألرب على البشرية في بداية فصل ألشتاء وينتهي بآلامه المحزنة في بداية فصل الحصاد .
ومع كل هذه الأفكار فلم يستطع أحد من ألخلق ألطبيعيين من أن يعيد للعالم جنته وفردوسه ألضائع وعصره ألأمومي ألسمح .
لذلك كان الوهم بإعادة الصورة الطبيعية للناس متعلق ببشر -سوبر- ليس إنسانا عاديا وأخيرا ظهرت فكرة ألمخلص ألذي يخلص ألناس من ألشرور ويقيم العدل وينهي آلام ولادة التاريخ ألعصيبة ويضع حدا نهائيا لجبروت ألإنسان ألذي يبدو أنه قد تمادى كثيرا على حقوق ألخلق وسلب ألناس قوت يومهم وفرض الضرائب الباهظة على ألناس .
وأول فكرة للمخلص كانت قد خرجت من أذهان شعب منكوب ومغلوب على أمره خرج من مصر متعبا بلا أمتعة ومن ثم صار له دولة وكيان ومن بعد ذلك أضاع العصر الذهبي ووقع أسيرا في بابل والعراق مرتين .
إنه الشعب اليهودي ألذي أخرجه قورش من حكم العراقيين وأعاده إلى موطنه ومملكته ألمفقودة في يهودا والسامرة .
ولم يتعلم اليهود فقط لا غير عطلة السبت في المراكز الدينية البابلية ولكنه دمج التوراة بأفكار فارسية وشبه غنوصية ومن كثرة ما عانى هذا الشعب فقد وصل أخيرا إلى فكرة ولادة ألمخلص.
وأول تلك التعاليم كانت تعاليم :ألقبالةأو الحكمة المستورة وهي أفكار متصلة بألزرادشتية ألتي تهتم بالعلائم التي تدلل على ظهور المخلص أو المسيح على حد تعبير البعض من المثقفين .
وقد جمع اليهود تلك التعاليم في كتاب إسمه :ألزوهر : وهي كلمة عبرية معناها النور والضياء , ألذي يضيء للمعذبين في ألأرض الطريق ويعيدهم إلى مملكة ألأرب التي خربها ألإنسان بطمعه وظلمه وجشعه .
وحياة الناس بنظر المؤمنين بتعاليم كتاب ألزوهرماهي إلا صراع بين قوى الخير وقوى الشر ولا يمكن للخير أن ينتصر إلا إذا تمادى الشر كثيرا حتى يصبح في النهاية قنبلة موقوتة تنفجر في نهاية مرحلة ألإحتضان لها في صدور المؤمنين بأن قوى ألخير ستنتصر في ألنهاية .

ويصف بعض الكتاب من أن الذين ظهروا عبر التاريخ يدعون أنهم هم ألمخلصون كانوا قد وصفوهم أنهم دجالون وكذابون ونصابون وهم شخصيات مزورة وسوف يأتي المخلص الحقيقي وسيقضي على الدجالين وتصلي جميع ألناس من خلفه وهو أمامهم وإمامهم في ألحالتين .
وتكذيب المخلصين هو مثل تكفير المثقفين هذا اليوم , فأولئك ألذين أعلنوا أنفسهم أنهم هم ألمخلصون-بتشديد اللام-ليسوا كما علمونا في المدارس من أنهم كذابونودجالون والحقيقة :أن لكل عصر دعاته وعملية الإصلاح الإجتماعي لم تكن معروفة ببرامجها كما كانت اليوم وكانت الطريقة الوحيدة لإستعادة الحياة الطبيعية لا يمكن أن تتحقق إلامن خلال نبي أو بشر له مواصفات غير طبيعية يخلص الناس من عذابهم وقهرهم وكان إدعاء النبوة أو الرسالة هو أمر طبيعي فالأنبياء هم بمحل المثقفين اليوم .
والذين إدعوا أنهم هم ألمخلصون للناس من آلامهم ليسوا دجالين فقد كانوا مصلحين إجتماعيين مثل المثقفين هذا اليوم .
وإن معنى عذاب الناس هو أكبر من ألوصف والتحليل ,فقد قرأنا في الروايات أن عمليات الصلب الكثيرة كانت تسبب أزمات نفسية خانقة لأصحابها وكانوا من كثر المعاناة يتخيلون أنهم رأوا المسيح أو المخلص او يتبادر إلى أذهانهم أنهم هم ألمخلصون المنتظرون .

وقد إدعى يهودي من بيت آراميا بالفلوجة سنة 640ميلادي من انه هو المخلص فآمن به 400 شخص وحرقوا الكنائس وكان ذلك في نهاية خلافة عمر بن عبد العزيز وبداية خلافة يزيد , وقد أحبطت الدولة الأموية هذه المحاولة وقتات جميع المعذبين الذين آمنوا إيمانا وثيقا بمخلصهم .

وفي أواسط القرن السابعة عشر الميلادي ظهر في تركيا -ساباتاي زيوي كمخلص لليهود من العذاب وقد ضغط عليه السلطان العثماني محمد الرابع وأجبره على إعلان إسلامه وأطلق عليه إسم -محمد أفندي :
وهنا علينا أن نقرب وجهات النظر بين اليهود والمسلمين فجميع المناهج التربوية تعلم ألأطفال في المدارس من أن هؤلاء مخربون ودجالون ويتجاهلون حجم المعاناة للشعب اليهودي ألذي إدعى به القاصد الرسولي للعثمانيين من أهنه المخلص وعلينا أن نعلم أنه كلما كثرة المعاناة النفسية للمظطهدين والمعذبين في ألأرض تعمل هذه الأضطهادات على توجيه المعانين والمعذبين إلى إتجاهين :
ولادة فكرة المخلص كمصلح إجتماعي -
-وألإرهاب
وإذا فشلت دعوة المخلص كمصلح إجتماعي يؤدي هذا الفشل الذريع إلى إستمرار الظلم وألطغيان وهذا سيعمل ويعمل على ولادة الإرهاب ألذي يبدأ بالعصيان المدني ومن ثم ينتهي إلى ثورة مسلحة .

وإن حال ألأمة اليوم لايختلف عن حالها في السابق وما زلت أسمع من كثير من الناس هذا اليوم :من أن الآلام قد زادت على الناس وإعتلى صوت الأنين في بغداد ولبنان وفلسطين وإسرائيل وهذه -على حسب تعابير الناس ووجوههم - تشير إلى العلائم والدلائل على قرب بعث المسيح ودنو ساعة الأجل وقرب يوم القيامة .
وإن الشيء المقنع والذي أقتنع به هو :أن هؤلاء الناس لم يقرأوا كتاب الزوهر ولا تعاليم جماعة القبالة السلفية اليهودية على ألإطلاق ....نعم لم يقرؤها ولكن السوآل الذي يطرح نفسه هنا هو : من أين للناس العرب مثل هذه التعاليم ؟

وألجواب:
إنها من معاناة الحياة اليومية حيث يفترض أن تتقدم البشرية من أجل إسعاد الناس وينتهي الصراع الديني وتبدأ الناس حياة جديدة وينتهي ألأنين والبكاء إلا أن الناس أصيبة ومصابون بالإحباط والفشل وتكدر صفوها وعملية السلام في الشرق الأوسط تتراجع من حيث يفترض بها أن تتقدم والفقر الفاحش مثله مثل الثراء الفاحش فأي عالم هذا الذي سيتقدم والمناهج التربوية على حالها وحجم الموآمرة كبير وإمكانيات الناس قليلة .
لقد تعلمنا درسا قاسيا من التاريخ وهو :أينما حل الظلم وألإضطهاد تزداد ألأفكار المشبعة بعودة المخلص لإنهاء العذاب والمعاناة وإنه من الملاحظ جدا أن الشعوب التي تتمتع برخاء إجتماعي لبا تأتي على بالها وفكرها فكرة ولادة المخلص والمسيح المنتظر فهذه ألأفكار هي فقط في عقول المتعبين نفسيا وإجتماعيا وإقتصاديا ومعنويا
من هذا المنطلق يجب على جميع الحكومات العالمية أن تعزز الديمقراطية والحرية وتعمل على توسيع قاعدة الحوار والمشاركة بين أفراد المجتمع وتتوقف عن تكفير المثقفين الذين يسعون إلى تغيير الوضع القديم وإستبداله بوضع أكثر ملائمة للعصر الحاضر ومتطلباته لقد فشلت حكومات العالم المستبدة من تحقيق التنمية والرفاهية لشعوبها وعليها وعلينا أن نجرب الوضع الجديد فالديمقراطية هي المخلص من العذاب وألأنين والبكاء



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألوعي بالتاريخ
- الانسان ألذي يحيا وألإنسان ألذي يعيش
- حياة ألناس
- تحديد النسل 2
- التاريخ والحكمة والتزوير
- لغة ألمجتمع ألمدني ألحديث
- رسالة الى ابي
- تحرير العبيد
- القيم الأجتماعية وتفسير الظواهر
- الزكاة كلمة غير عربية
- الكفار والمجانين
- العقاد من قمة رأسه الى أخمص قدميه
- جهاد علاونه ليس كافرا
- المجتمع العربي مجتمع الحظ والصدفة
- عباس محمود العقاد
- عباس محمود العقاد:من قمة رأسه الى أخمص قدميه
- سيد درويش
- المجتمع العربي مجتمع غير سوي
- التكفير عن خطايا الرأسمالية
- أم كلثوم وهيفا وهبي


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - عذاب الناس