أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الرديني - حبل الغسيل















المزيد.....

حبل الغسيل


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1923 - 2007 / 5 / 22 - 07:05
المحور: الادب والفن
    


انا بصراحة اكره الريح القوية، انها تجعلني اتمايل يمنة ويسرة وحين تهدأ - اقصد الريح-اكون قد بذلت جهدا كبيرا في العودة الى موقعي الاول ، وما ان اعود حتى تهب الريح مرة ثانية واتمايل يمنة ويسرة واحس بعد ذلك بالتعب الشديد رغم ان البيت الذي اسكنه - فوق السطوح طبعا- جديد الى حد ما.
واعتقد ان صاحبة هذا البيت لاتعرف ماهو سبب سقوط الثياب من على متني، انها لاتدري اني متعب من هذه الريح.. اتدرون ليس الريح وحدها هي المسؤولة بل صاحبة البيت ايضا ، فهي مثلا لاتستعمل "ماسك" الملابس بشكل جيد وحين تسقط الثياب من على ظهري تغضب وتسمعني كلاما جارحا. انا لست غاضبا منها حتى هذه اللحظة فهي زوجة مخلصة وطيبة وتستخدمني كل يوم تقريبا. انها تعمل بشكل جيد ولكن ماذا افعل مع الريح؟ اني اكرهها، فعلا اني اكرهها.
حدث ذات يوم ان هبت ريح قوية وكان ذلك في بداية ليلة ظهر فيها القمر ساطعا. انا احب القمر فهو صديقي الوحيد في الليل. حينما يرقد الجميع ويهدأ كل شيء استعد للسمر معه - اقصد تبادل الحديث- اسمع منه قصصا وحكايات ويسمع مني سوالف تجعله يبتسم الى النهاية. مرة سألته: لماذا يعجب فيك كل الناس، انهم ينتظرونك بفارغ الصبر وحين تظهريسرعون الى البحر مع زوجاتهم ليقولوا الى بعضهم كلمات جميلة او تراهم يجلسون على السطوح كما يفعل ابن الجيران وينظر اليك بسعادة او انهم يكتبون عنك في مذكراتهم كلمات رقيقة حلوة تسمى "شعرا".
كان القمر لايجيب، يظل فترة طويلة ساكتا.. ربما يفكر بالاجابة او ربما لايريد ان يجيب او ربما.. لا اعرف .ولكنه في هذه المرة اجابني قائلا: ان الناس يحبونني لاني اظهر كل اسبوعين من كل شهر، وخلال هذه الفترة يتغير اسمي من هلال الى محاق الى بدر وحينما اكون بدرا ارى الناس على الارض يتمشون بهدوء وهم ينظرون الي ، ابتسم اليهم ولكنهم لايرون ابتسامتي ولا اعرف السبب في ذلك.
بصراحة انا لم اقتنع بما قاله القمر ولا ادري ما السبب ولكني افكر بامنا الشمس فهي مثلا تحتضن الارض يوميا بضيائها، صحيح ان هذا الضياء يأتي حارا في بعض مناطق الارض ولكنه يضيء كل شيء على الارض، يبعث فينا الحياة نحن والنباتات والحيوانات ، بل لقد قالوا ان كل كائن حي لايستطيع العيش بدون ضياء الشمس ومع هذا فالناس لايكتبون عنها اشياء جميلة كتلك التي يكتبونها عن القمر، بل حتى انهم يهربون من ضيائها في بعض الاحيان خصوصا حينما يكون قويا وساطعا، يختبئون في بيوتهم او في غرفهم ويتلهون بمشاهدة برامج التلفزيون حتى ولو لم يعجبهم ما يروه.
اوه... لقد ثرثرت كثيرا ونسيت ما اردت قوله في بداية حديثي .. آه صحيح انه ذلك القمر فهو السبب في نسياني ما اود ان اقوله دائما.
قلت لكم في البداية مايلي: حدث ذات يوم ان هبت ريح قوية ، كان ذلك في بداية ليلة ظهر فيها القمر ساطعا ... حسنا لن اتكلم عن القمر الان بل ساتحدث عما جرى تلك الليلة.
كان ظهري منحنيا لكثرة الملابس التي حطتها صاحبة البيت على ظهري ولكني لم اكن منزعجا تماما فهذه وظيفتي كما تعلمون . ولم تمض ساعة بعد منتصف الليل حتى هبت ريح قوية اسقطت قطعا كثيرة من الملابس خصوصا ملابس زوج صاحبة البيت ، ذاك الرجل الذي يغضب بسرعة ويحاف منه كل من يعيش معه في هذا البيت حتى الزوجة. لم اره يبتسم ابدا حتى في المرات القليلة التي يصعد فيها الى السطح ودائما كان يسمع زوجته كلمات لاتليق به بل رأيته ذات مرة يحاول ضربها حين كانت تنشر الغسيل على متني. كان يصيح ان الاكل مالح ، لماذا وضعت كل هذا الملح فيه اما عندك لسان تتذوقي فيه الاكل.
لم اكن ادري ماذا افعل فانا اتعاطف مع صاحبة البيت لاني كما قلت لكم هي امرأة تعمل بدون تعب ولم اسمعها تصيح على اولادها لاي سبب من الاسباب . وكل املي في ذلك الوقت الا تسبب هذه الريح الملعونة في خلق اي مشكلة معها من قبل زوجها.
فكرت اول الامر في ايقاظ صاحبة البيت ولكن من يضمن لي ان زوجها الغاضب دائما لايستيقظ ايضا وحين يعرف السبب سيصبح غاضبا علينا نحن الاثنين بل ربما سيرميني الى الشارع بعد ان يقطعني الى اوصال صغيرة.
لا .. لا انها فكرة غير مجدية ولكن ماذا علي ان افعل ان الوقت يمضي بسرعة والصباح مقبل لامحالة وحينها سيجد الزوج سببا مقنعا للعراك مع زوجته قبل ان يتناول فطوره.
نعم .. وجدتها، انها فكرة رائعة ، سارمي حجرا من على السطح ليصيب نافذة غرفة صاحبة البيت، حينها ستستيقظ وتأتي الى السطح وترى قطع الثياب على الارض. ولكن من سيضمن انها ستأتي الى السطح ، ربما ستتأكد من اغلاق الباب الرئيسي للبيت ثم تطل على غرفة الاولاد وتعود الى الفراش دون ان تفكر بالصعود الى السطح.
ياربي ماذا افعل؟ هل كتب علي ان افكر دون ان اجد الحل ... دعوني افكر قليلا . لو كان القمر معي الان لساعدني على الاقل في حل هذه المشكلة.. ماذا لو رميت جميع الثياب من على متني؟ حينها لاتكون المشكلة مقتصرة على ملابس الزوج فقط وبالتالي لن تسنح له فرصة للغضب. ولكن كيف استطيع ان ارمي كل هذه الثياب على الارض خصوصا وان الريح بدأت تهدأ.. اوه ايها القمر لو تساعدني قليلا، اني اشفق على هذه الزوجة التي تعمل ليل نهار من اجل راحة زوجها واولادها. ايها القمر ماذا سافعل الان ، ارجوك انجدني فانا في حيرة من امري ولم تبق الا ساعات قليلة ويأتي الصباح وملابس الزوج مازالت على الارض. ماذا سافعل الان ياالهي؟.
بدأت اشعر بالخوف وانا ارى اول خيط من خيوط نور الصباح يظهر ازداد خوفي كثيرا بعد ان انار الصبح كل ما حولي ثم بدأت الشمس تظهر.. كنت اصلي لكي تستيقظ صاحبة البيت اولا وتأتي الى السطح.
ولكن.. ليس من المعقول ان تتأخر صاحبة البيت في النوم الى مثل هذا الوقت انها تحب الاستيقاظ مبكرا كعادتها كل يوم... ترى مالذي حدث؟ .
الذي حدث عرفته بعد ان مرت اكثر من ساعتين على طلوع الشمس. لقد تفاجأت اول الامر حين اطليت من اعلى جدار السطح الى الشارع العام لاجده هادئا على غير العادة فالسيارات قليلة وماعدا بائع الخبز والحليب لم ار احدا من الطلاب يذهب الى المدرسة كما لم ار العم محمود وهو يقود عربته الصغيرة ذاهبا الى السوق.. لقد تذكرت ان اليوم جمعة وهو يوم العطلة الاسبوعي.
لقد شعرت بفرح كبير لسببين، الاول ان الزوج لن يذهب للعمل هذا اليوم ولا يحتاج الى ملابسه المنشورة على السطح والثاني هو اني اعرف ان صاحب البيت يحب ان ينام الى ساعة متأخرة في ايام العطلة الاسبوعية.
بعد قليل رأيت صاحبة البيت وهي تلتقط الملابس من على الارض ثم الملابس الاخرى التي على ظهري . ابتسمت لها ولكنها لم تر ابتسامتي تماما مثل القمر حين يبتسم الى الناس ولكنهم لايرونها، لماذا؟ لا احد يدري.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال صعب
- كنائسهم ومساجدنا
- عن مدينة الصدر
- انا وباسم وصائغ الذهب
- ميوشة والعنكبوت
- اربع حكايات اسيوية
- ميوشة تقص شعرها وتنثره بين النسوان
- اروع مخابرات في العالم
- خطبة ابوبريص
- الحجاب الحاجز
- شبعاد
- بمناسبة مرور 5 سنوات على انشاء الحوار المتمدن
- بغداد ... في عيون مي
- يوميات صحافي ... سائق تاكسي/ الحلقة الرابعة
- يوميات صحافي .. سائق تاكسي / الحلقة الثالثة
- يوميات صحفي ... سائق تاكسي- الحلقة الثانية
- يوميات صحفي ... سائق تاكسي
- اتمنى ان اصير امرأة
- حتى الكلاب
- ينتحرون حتى في الجنة


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الرديني - حبل الغسيل